الخميس، 11 يونيو 2009

المنحة الإلهية في شرح متن الأربعين النووية من الأحاديث الصحيحة النبوية ج 4

الحديث السابع والعشرون:
الِبرُّ والإِثْمُ
ترجمة الراوي ، درجة الحديث ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-معرفة الحق من الفطرة 2-علامتا الإثم 3-إنزال الناس منازلهم ) ، ما يستفاد من الحديث
عن النّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ t عن النَّبي r قَالَ: " الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ ، وَالإِثْمُ مَا حاكَ في نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ". رواه مسلم .[1] وعن وَابصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ t قالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ r فَقَالَ: "جِئْتَ تَسأَلُ عَنِ الْبِرِّ والإثم ؟ ". قال : قُلْتُ: نَعَمْ. قال : فجمع أصابعه فضرب بها صدره وقَالَ: "اسْتَفْتِ نَفْسَكَ ، استفت قلبك يا وابصة ـ ثلاثاً ـ ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إلَيْهِ الْقَلْب، وَالإِثْمُ مَا حاكَ في النَّفْسِ وَتَردَّدَ في الصَّدْرِ وَإنْ أَفْتَاكَ النّاسُ وَأَفْتَوْكَ". حَدِيثٌ حَسَنٌ رُوِيْنَاهُ في مُسْنَدَي الإِمامَيْنِ: أَحمَدَ ابْنِ حَنْبَلٍ ، وَالدَّارِميِّ بإسْنَادٍ حَسَنٍ.[2]
ترجمة الرواة : النواس بن سمعان : هو نواس بن سمعان بن خالد بن عمرو بن قرط بن عبد الله بن أبي بكر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الكلابي t ، له ولأبيه صحبة ؛ معدود في الشاميين[3]، كان من أصحاب الصُّفَّةِ ، وسكن الشام وأقام مع رسول الله r بالمدينة سنة ؛ لأجل أن يتفقه في الدين ، ورُوي له (17 ) حديثاً[4].
وابصة بن معبد : هو وابصة بن معبد بن عتبة بن الحارث بن مالك بن الحارث بن قيس ؛ ويُقال : بشير بن كعب بن سعد بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان t ، يُكنَّى أبا سالم ، ويُقال : أبو الشعثاء ؛ ويُقال : أبو سعيد الأسدي ؛ له صحبة ، قدم على رسول الله r في عشرة رهط من قومه بني أسد سنة تسع فأسلموا ورجع إلى بلاد قومه ثم نزل الجزيرة وسكن الرَّقَّةَ وقدم دمشق وكانت له بها دار بقنطرة سنان ، وأقام بالرَّقَّة إلى أن مات بها ، روى عدداً من الأحاديث ، وكان كثير البكاء لا يملك دمعته ، وكان له بالرَّقَّة عَقِبْ [5] .
درجة الحديث : حسن .
أهمية الحديث : هذا الحديث من جوامع كلمه r وعليه مدار الإسلام ، لأنه يبحث في أمرين عظيمين : الأول : عن الخُلُق الحسن ، والثاني : عن الخُلُق السيئ[6] .
مفردات الحديث:
البرُّ : بكسر الباء ، اسم جامع للخير وكل فعل مرضي.
حسن الخلق : التخلق بالأخلاق الشريفة ، وهو بذل الندى وكف الأذى وطلاقة الوجه .
والإثم : الذنب بسائر أنواعه.
جِئْتَ تَسأَلُ عَنِ الْبِرِّ ؟ : استفهام تقريري .
ما حاك في النفس : ما لم ينشرح له الصدر ولم يطمئن إليه القلب.
المعنى العام: فسَّر النبي r البر في حديث النواس بن سمعان t بحسن الخلق ، وفسَّره في حديث وابصة بما اطمأنت إليه النفس والقلب ، وتعليل هذا الاختلاف الوارد في تفسير البر : أنه يطلق ويراد منه أحد اعتبارين مُعَيَّنَيْن:
أ- أن يراد بالبر معاملة الخَلْق بالإحسان إليهم، وربما خُصَّ بالإحسان إلى الوالدين، فيقال بر الوالدين، ويطلق كثيراً على الإحسان إلى الخَلْق عموماً.
ب- أن يراد بالبر فعل جميع الطاعات الظاهرة والباطنة، قال الله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ}[7].
معرفة الحق من الفطرة: إن قول النبي r: "البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب"، دليل على أن الله سبحانه وتعالى فطر عباده على معرفة الحق والسكون إليه وقبوله، ورَكَزَ في الطباع محبته ، قال r: " كل مولود يولد على الفطرة ".[8]
علامتا الإثم: للإثم علامتان : علامة داخلية، وهي ما يتركه في النفس من اضطراب وقلق ونفور وكراهة ، لعدم طمأنينتها إليه ، قال r: " الإثم ما حاك في النفس " . وعلامة خارجية ، وهي كراهية اطلاع وجوه الناس وأماثلهم الذين يستحي منهم ، بشرط أن تكون هذه الكراهية دينية، لا الكراهية العادية .
الفتوى والتقوى : يجب على المسلم أن يترك الفتوى إذا كانت بخلاف ما حاك في نفسه وتردد في صدره، لأن الفتوى غير التقوى والورع، ولأن المفتي ينظر للظاهر، والإنسان يعلم من نفسه ما لا يعلمه المفتي، أو أن المستنكر كان ممن شرح الله صدره، وأفتاه غيره بمجرد ظن أو ميل إلى هوى من غير دليل شرعي، فإن الفتوى لا تزيل الشبهة.
أما إذا كانت الفتوى مدعمة بالدليل الشرعي ، فالواجب على المسلم أن يأخذ بالفتوى وأن يلتزمها ، وإن لم ينشرح صدره لها ، ومثال ذلك الرخصة الشرعية ، مثل الفطر في السفر والمرض ، وقصر الصلاة في السفر ؛ كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[9]. وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا والتسليم.
معجزة الرسول r : في حديث وابصة معجزة كبيرة لرسول الله r حيث أخبره بما في نفسه قبل أن يتكلم به، فقال له:"جئت تسأل عن البر والإثم ؟" إنزال الناس منازلهم: لقد أحال النبي r وابصة على إدراكه القلبي، وعلم أنه يدرك ذلك من نفسه، إذ لا يدرك إلا من كان متين الفهم قوي الذكاء نَيِّرَ القلب، أما غليظ الطبع الضعيف الإدراك فلا يجاب بذلك، لأنه لا يتحصل منه على شيء، وإنما يجاب بالتفصيل عما يحتاج إليه من الأوامر والنواهي الشرعية.
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ يكون البر في : أ ـ ما بين العبد وبين ربه ، وهو بالإيمان وفعل الأوامر ، قال تعالى : { ولكن البر من آمن بالله ..}الآية[10] .
ب ـ البر مع الخَلْقِ ، وهذا جماعه حسن الخلق . 2 ـ يرشد الحديث إلى التخلق بمكارم الأخلاق، لأن حسن الخلق من أعظم خصال البر. 3 ـ قيمة القلب في الإسلام واستفتاؤه قبل العمل[11]. 4 ـ أن الدين وازع ومراقب داخلي، بخلاف القوانين الوضعية، فإن الوازع فيها خارجي[12]. 5 ـ أن الدين يمنع من اقتراف الإثم، لأنه يجعل النفس رقيبة على كل إنسان مع ربه. 6 ـ من أراد الإقدام على عملٍ فليراجع نفسه[13] .
7 ـ اجتناب العمل الذي تضطرب النفس منه[14] .
8 ـ التزام العمل الذي يطمئن القلب فيه[15] .
9 ـ القلب المؤمن يطمئن للحلال[16] .
10 ـ القلب المؤمن يضطرب للحرام[17] .
قال ابن رجب رحمه الله : ” فدل حديث وابصة وما في معناه على الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه فما سكن إليه القلب،وانشرح إليه الصدر ، فهو البر والحلال ، وما كان خلاف ذلك فهو الإثم والحرام“.[18]
11 ـ في الحديث بعض علامات الإثم :
أولاً : قلق القلب واضطرابه ، لقوله : ( والإثم ما حاك في صدرك ) .
ثانياً : كراهة اطلاع الناس عليه ، لقوله ( وكرهت أن يطلع عليه الناس ) .[19]، قال ابن رجب رحمه الله : في قوله ( الإثم ما حاك في .... ) : ” إشارة إلى أن الإثم ما أثَّرَ في الصدر حرجاً وضيقاً وقلقاً واضطراباً فلم ينشرح له الصدر ، ومع هذا ، فهو عند الناس مستنكر بحيث ينكرونه عند اطلاعهم عليه ، وهذا أعلى مراتب معرفة الإثم عند الاشتباه ، وهو ما استنكره الناس على فاعله وغير فاعله ، ومن هذا المعنى قول ابن مسعود t : [ ما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله قبيح.[20]]“.[21]
12 ـ كان النبي r يخاطب كلاً من أصحابه على حسب حاله[22] . 13 ـ أن ما حاك في صدر الإنسان فهو إثم وإن أفتاه غيره بأنه ليس بإثم[23].
قال ابن رجب رحمه الله : ” فهذه مرتبة ثانية ، وهو أن يكون الشيء مستنكراً عند فاعله دون غيره وقد جعله أيضاً إثماً ، وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره بالإيمان ، وكان المُفْتِي له يُفْتِي بمجرد ظَنٍّ أو ميلٍ إلى هوى من غير دليلٍ شرعي ، فأما ما كان مع المفتِي به دليل شرعي ، فالواجب على المستفتي الرجوع إليه ، وإن لم ينشرح له صدره ، وهذا كالرُّخَصِ الشرعية ، مثل الفطر في السفر ، والمرض ، وقصر الصلاة في السفر ، ونحو ذلك مما لا ينشرح به صدور كثير من الجُهَّال ؛ فهذا لا عبرة به ، .... وينبغي أن يتلقى ذلك بانشراح الصدر والرضا ، فإنَّ ما شرعه الله ورسوله يجب الإيمان والرضا به ، والتسليم له ، كما قال تعالى : } فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً{[24] “ .[25]
14 ـ الفتوى لا تُزيل الشبهة[26] . 15 ـ فراسة النبي r ،حيث قال :( جئت تسأل عن البرِّ والإثم ؟ )[27] ، وهي من معجزاتهr[28].
16 ـ أنه متى أمكن الاجتهاد فإنه لا يُعدل إلى التقليد ، لقوله : ( وإن أفتاك الناس وأفتوك )[29] .







الحديث الثامن والعشرون:
لزومُ السُّنَّة واجتنابُ البِدَع
درجة الحديث ، ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-صفات الموعظة المؤثرة :أ- انتقاء الموضوع ب- البلاغة في الموعظة ج- عدم التطويل د- اختيار الفرصة المناسبة والوقت الملائم" 2-صفات الواعظ الناجح 3-فضل الصحابة وصلاح قلوبهم 4-الوصية بالتقوى 5-الوصية بالسمع والطاعة 6-لزوم التمسك بالسنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين 7-التحذير من البدع) ما يستفاد من الحديث
" عنْ أبي نجيح العرباض بن سارية t قال : صلى بنا رسول الله r ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. فقال قائل : يا رسول الله ! كأنَّ هذه موعظة مُوَدِّعٍ ، فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً ، فإنَّه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة " . رواه أبو داود[30] والترمذي[31] وقال: هذا حديث حسن صحيح [32] ، ورواه ابن ماجه بنحوه[33] .
درجة الحديث : صحيح . ترجمة الراوي : هو أبو نجيح العرباض بن سارية السلمي t ، أسلم قديماً ، وكان رابع من أسلم ، وهو من أهل الصُّفَّةِ ومن المشتاقين للقاء الله تعالى ، فكان يقول : اللهم كَبُرَ سِنِّي ووَهَنَ عظمي فاقبضني إليك ، مات في الشام سنة ( 75 هـ ) ومروياته ( 31 ) حديثاً[34] . أهمية الحديث: هذا الحديث اشتمل على وصية أوصاها الرسول r لأصحابه وللمسلمين عامة من بعده، وجمع فيها الوصية بالتقوى لله عز وجل، والسمع والطاعة للحكام المسلمين، وفي هذا تحصيل سعادة الدنيا والآخرة ، كما أوصى الأمة بما يكفل لها النجاة والهدى إذا اعتصمت بالسنة ولزمت الجادة، وتباعدت عن الضلالات والبدع.
مفردات الحديث :
موعظة : من الوعظ ، وهو التذكير بالعواقب .
وَجِلَتْ : بكسر الجيم : خافت .
ذرفت : سالت .
السمع والطاعة : ما لم يكن في معصية .
اختلافاً كثيراً : أي الاختلاف على الأمراء أو الاختلاف في الدين .
الراشدين : جمع راشد، وهو من عرف الحق واتبعه ، والرشد : العلم بالحق والعمل به .
النواجذ : جمع ناجذ، وهو آخر الأضراس الذي يدل ظهوره على العقل[35]، والأمر بالعض على السنة بالنواجذ كناية عن شدة التمسك بها.
محدثات الأمور : الأمور المحدثة في الدين ، وليس لها أصل في الشريعة .
بدعة : البدعة لغة : ما كان مخترعاً على غير مثال سابق ، وشرعاً : ما أُحدث على خلاف أمر الشرع ودليلِهِ .
ضلالة : بُعْدٌ عن الحق .
المعنى العام: ( صفات الموعظة المؤثرة : حتى تكون الموعظة مؤثرة ، تدخل إلى القلوب ، وتؤثر في النفوس ، يجب أن تتوفر فيها شروط :
1 ـ انتقاء الموضوع : فينبغي أن يعظ الناس، ويذكرهم ويخوفهم بما ينفعهم في دينهم ودنياهم، بل ينتقي الموضوع بحكمة ودراية مما يحتاج إليه الناس في واقع حياتهم، ولا شك أن غالب خطب الجمع والأعياد أصبحت اليوم وظيفة تؤدي لا دعوة تُعْلَن وتُنْصَر، فتسهم من غير قصد في زيادة تنويم المسلمين، وإيجاد حاجز كثيف بين منهج الإسلام، وواقع الحياة ومشاكل العصر.
2 ـ البلاغة في الموعظة: قال ابن رجب رحمه الله [36]: والبلاغة هي التوصل إلى إفهام المعاني المقصودة وإيصالها إلى قلوب السامعين بأحسن صورة من الألفاظ الدالة عليها، وأفصحها وأحلاها للأسماع وأوقعها في القلوب ، وكان r يقصر خطبه ولا يطيلها ؛ بل كان يُبْلِغُ و يُوجِزُ . 3 ـ عدم التطويل : لأن تطويل الموعظة يؤدي بالسامعين إلى الملل والضجر ، وضياع الفائدة المرجوة ، وقد كان النبي r يقصر خطبه ومواعظه ولا يطيلها ، بل كان يُبَلِّغ ويُوجِز ، ففي صحيح مسلم عن جابر بن سَمُرَة t قال: " كنت أصلي مع النبي r فكانت صلاته قصداً ، وخُطبته قصداً " .[37] 4 ـ اختيار الفرصة المناسبة والوقت الملائم: ولذلك كان r لا يديم وعظهم، بل كان يتخولهم بها أحياناً. قال عبد الله بن مسعود: ما يمنعني أن أُحَدِّثكم إلا كراهيةُ أَنْ أُمِلَّكُمْ ؛ إِنَّ رسول الله r كان يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهية السآمة علينا " .[38]
صفات الواعظ الناجح : 1 ـ أن يكون مؤمناً بكلامه، متأثراً به. 2 ـ أن يكون ذا قلب ناصح سليم من الأدناس ، يخرج كلامه من قلبه الصادق فيلامس القلوب. 3 ـ أن يطابق قوله فعله، لأن السامعين لموعظته، المعجبين بفصاحته وبلاغته ، سيرقبون أعماله وأفعاله، فإن طابقت أفعاله أقواله اتبعوه وقلدوه، وإن وجدوه مخالفاً أو مقصراً فيما يقول شَهَّروا به وأعرضوا عنه. )[39].
[ من صفات المؤمنين عند سماع المواعظ ، البكاء والخوف :
قال ابن رجب رحمه الله[40] : ” هذان الوصفان بهما مدح الله المؤمنين عند سماع الذكر ، كما قال تعالى : } إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً {[41]، وقال : }وبشر المخبتين * الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم {[42]، وقال سبحانه : } ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق {[43]، وقال تعالى : } الله نَزَّلَ أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهــم وقلوبهم إلى ذكر الله {[44]، وقال تعالى:} وإذا سمعوا ما أُنْزِلَ إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق {[45].
وللبكاء من خشية الله فضائل :
أولاً : سبب للنجاة من النار ، قال r : ( لا يَلِجُ النَّارَ رَجُلٌ بكي من خَشْيَةِ اللَّهِ حتى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْعِ ولا يَجْتَمِعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللَّهِ وَدُخَانُ جَهَنَّمَ ) رواه الترمذي [46]، وقال r : ( عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ عَيْنٌ بَكَتْ من خَشْيَةِ اللَّهِ وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ في سَبِيلِ اللَّهِ ) رواه الترمذي .[47]
ثانياً : البكاء مع الذكر سبب لإظلال الله للعبد ، قال r : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : .. ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ) متفق عليه .[48]
ثالثاً : أن البكاء من خشية الله سمة من سمات الصحابة ، كما في حديث الباب ، ولحديث أنس t قال : قال رسول الله e : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ، قال : فغطى أصحاب رسول الله r وجوههم لهم خنين ) متفق عليه ؛ واللفظ للبخاري .[49]
أمثلة على بكاء الصحابة :
ثبت في ترجمة عمر بن الخطاب أنه كان في وجهه خطان أسودان .[50]
وكان عثمان بن عفان t إذا وقف على قبر يبكي حتى يبل لحيته ؛ فقيل له : تذكر الجنة والنار ولا تبكي ؛ وتبكي من هذا ؟ قال : إن رسول الله r قال : إِنَّ القبرَ أولُ منازل الآخرة فإِنْ نجا منه فما بعده أَيسرُ منه ؛ وإِنْ لم ينج منه فما بعده أشدُّ منه ، قال : وقال رسول الله r : " ما رأيت منظراً قَطُّ إلا والقبرُ أفظعُ منه ".[51]
ثبت عن ابن عمر أنه ما قرأ قول الله تعالى : } ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله {[52] إلا بكى حتى يغلبه البكاء .[53]
فائدة : قال أبو سليمان الداراني : ” لكل شيء علم ، وعلم الخذلان ترك البكاء من خشية الله “[54] ][55].
فضل الصحابة وصلاح قلوبهم :
إن الخوف الذي اعترى قلوب الصحابة، والدموع التي سالت من عيونهم عند سماع موعظة النبي r، دليل على فضل وصلاح، وعلو وازدياد في مراقي الفلاح ومراتب الإيمان.
الوصية بالتقوى : التقوى هي امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، من تكاليف الشرع، والوصية بها اعتناء كبير من النبي r، لأن في التمسك بها سعادةَ الدنيا والآخرة، وهي وصية الله تعالى للأولين والآخرين، قال الله تعالى : {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[56].
الوصية بالسمع والطاعة:
والسمع والطاعة لولاة الأمور من المسلمين في المعروف واجب لقوله r : ( إنما الطاعة في المعروف)[57] وقد أوجبه الله تعالى في قرآنه حيث قال : {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[58] ولذلك أفرد النبي r الوصية بذلك . [ انظر الحديث : 7 ؛ النصيحة لأئمة المسلمين ] .
لزوم التمسك بالسنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين :
والسنة هي الطريق المسلوك ، فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي r وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال. وقد قرن النبي r سُنَّة الخلفاء الراشدين بسنته ، لعلمه أن طريقتهم التي يستخرجونها من الكتاب والسنة مأمونة من الخطأ. وقد أجمع المسلمون على إطلاق لقب الخلفاء الراشدين المهديين على الخلفاء الأربعة: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، y أجمعين.
وعمر بن عبد العزيز رحمه الله خليفة راشد ومعاوية t ملك راشد وهو أولى بوصف خامس الخلفاء الراشدين لما له من شرف الصحبة .
التحذير من البدع : وقد ورد مثل هذا التحذير في الحديث الخامس الخاص : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ " . فانظره .
ويرشد الحديث :
1 ـ إلى سنة الوصية عند الوداع بما فيه المصلحة، وسعادة الدنيا والآخرة[59].
2 ـ ينبغي للعالم أن يعظ قومه[60]، وأن يحرص على التأثير فيهم .
3 ـ طلب الوصية من أصحاب العلم[61] .
4 ـ أجمع وأكمل الوصايا الوصية يتقوى الله تعالى[62] .
5 ـ يجب السمع والطاعة لولي الأمر ما لم يكن في معصية[63] .
6ـ على العاقل أن يهتدي بسنة الرسول r وصحابته الكرام[64]، لا سيما عند الاختلاف والتفرق.
7 ـ يجب تعلم السنة حتى يلزمها .
8 ـ النهي عما أُحدث في الدين مما ليس له أصل يستمد منه[65].
9 ـ ظهور آية من آيات النبي r حيث قال : " من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً "[66] .
10ـ أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولاً وخالفه فيه غيره كان المصير إلى قول الخليفة أولى[67].
11ـ [ أن للخلفاء الراشدين سنة متبعة ، لقوله : ( وسنة الخلفاء الراشدين ) ، ولقوله e أيضاً : (اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر ) رواه الترمذي .[68]
والخلفاء الراشدون الذين أمرنا بالاقتداء بهم هم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي y أجمعين .
قال ابن رجب رحمه الله :” وإنما وصف الخلفاء بالراشدين لأنهم عرفوا الحق وقضوا به “ [69]].[70] 12ـ وجوب الحذر من البدع ، قال ابن رجب رحمه الله : والمراد بالبدعة : ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه،فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه،فليس ببدعة شرعاً ، وإن كان بدعةً لغة.[71]
13ـ أن كل بدعة ضلالة ، وأنه ليس في البدع ما هو مستحسن كما زعمه بعض العلماء ، بل كل البدع ضلالة ـ حيث هي زيادة في الدين ـ فمن ظنَّ أنَّ بدعة من البدع حسنة فإنها لا تخلو من أحد أمرين : إما أنها ليست بدعة وظنها هو أنها بدعة ، وإما أنها ليست حسنة وظنها هو أنها حسنة ، وإما أنها بدعة حسنة وهذا مستحيل ، لقول النبي r : " فإن كل بدعة ضلالة "[72] ، قال ابن رجب رحمه الله : ” فقوله r : "كل بدعة ضلالة " من جوامع الكلم ، لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل عظيم من أصول الدين ، وهو شبيه بقوله e : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " ، فكل من أحدث شيئاً ونسبه إلى الدين ولم يكن له أصل من الدين يُرْجَعُ إليه فهو ضلالة والدين بريء منه ، وسواء في ذلك مسائل الاعتقادات ، أو الأعمال ، أو الأقوال الظاهرة والباطنة “ . [73]
14 ـ فيه منقبة عظيمة للخلفاء الراشدين[74] .















الحديث التاسع والعشرون:
أبوابُ الخَير ومسالك الهدى وطريق الجنة
درجة الحديث ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-شدة اعتناء معاذ بالأعمال الصالحة 2-الأعمال سبب لدخول الجنة 3-الإتيان بأركان الإسلام 4-أبواب الخير :"الصوم - الصدقة-صلاة الليل" 5-رأس الأمر وعموده وذروة سَنَامه 6-ملاك الأمر كله حفظ اللسان 7-أفضل أعمال البر بعد الفرائض) ، ما يستفاد من الحديث
عن مُعَاذِ بن جَبَلٍ t[75] قال : " كنت مع النبي r في سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا منه وَنَحْنُ نَسِيرُ فقلت : يا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي من النَّارِ ؛ قال : لقد سَأَلْتَنِي عن عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ على من يَسَّرَهُ الله عليه تَعْبُدُ اللَّهَ ولا تُشْرِكْ بِهِ شيئاً وَتُقِيمُ الصَّلاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ، ثُمَّ قال : ألا أَدُلُّكَ على أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كما يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاةُ الرَّجُلِ من جَوْفِ اللَّيْلِ قال ثُمَّ تَلا { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عن الْمَضَاجِعِ } حتى بَلَغَ {يَعْمَلُونَ}[76] ثُمَّ قال : ألا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ قلت : بَلَى يا رَسُولَ اللَّهِ قال : رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ، ثُمَّ قال : ألا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذلك كُلِّهِ ؟ قلت : بَلَى يا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ؛ قال : كُفَّ عَلَيْكَ هذا ، فقلت : يا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فقال : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ الناس في النَّارِ على وُجُوهِهِمْ أو على مَنَاخِرِهِمْ إلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ " رواه الترمذي وقال : هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ[77] ،[ ورواه ابن ماجه بنحوه[78]].
درجة الحديث : صحيح ، صححه الألباني .
أهمية الحديث : هذا الحديث أصل عظيم متين وقاعدة من قواعد الدين[79] .

مفردات الحديث:
لا تشرك به شيئاً : يشمل كل أنواع الشرك .
الصوم جنة : الصوم وقاية من النار، والمراد به هنا صوم النافلة لأنه ذكر الصوم سابقاً .
الصدقة تطفىء الخطيئة : أي تطفىء أثر الخطيئة فلا يبقى لها أثر.
جوف الليل : وسطه، أو أثناؤه . تتجافى : ترتفع وتبتعد.
عن المضاجع : عن الفُرُشِ والمراقد.
ذروة سَنَامه : السَّنَام: ما ارتفع من ظهر الجمل، والذروة: أعلى الشيء، وذروة سنام الأمر:كناية عن أعلاه.
ثكلتك أمك : هذا دعاء بالموت على ظاهره ، ولا يُراد وقوعه ، بل هو تنبيه من الغفلة وتعجب للأمر[80].
كف عليك هذا : أي اللسان لأنه خفيف الحركة كثير الزلَّة . حصائد ألسنتهم : ما تكلمت به ألسنتهم من الإثم.
المعنى العام: شدة اعتناء معاذ t بالأعمال الصالحة[81] : إن سؤال معاذ t يدل على شدة اعتنائه بالأعمال الصالحة ، واهتمامه بمعرفتها من رسول الله r، كما يدل على فصاحته وبلاغته، فإنه سأل سؤالاً وجيزاً وبليغاً، وقد مدح النبي r سؤاله وعجب من فصاحته حيث قال: " لقد سألت عن عظيم " . الأعمال سبب لدخول الجنة وقد دل على ذلك قول معاذ t : " أخبرني بعمل يدخلني الجنة " ، وفي كتاب الله عز وجل : {تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[82] وأما قول النبي r : " لا يَدخلُ أحدكم الجنة بعمله " رواه الإمام أحمد[83] ؛ فمعناه أن العمل بنفسه لا يستحق به أحد الجنة ، وإنما لا بد مع العمل من القبول، وهذا يكون بفضلٍ ورحمةٍ من الله تعالى على عباده ، و [ قيل : النجاة من النار بعفو الله ، ودخول الجنة برحمته ، واقتسام المنازل والدرجات بالأعمال . ] [84].

[ وهناك أمثلة كثيرة تدل على حرص الصحابة على السؤال الذي ينتفعون به :
فقد سأله صحابي : أي الإسلام خير ؟[85]
وسأله آخر : أي العمل أفضل ؟[86]
وسأله آخر : أي العمل أحب إلى الله ؟[87]
وسأله آخر : أي الصلاة أفضل ؟[88]
وقال له آخر : علمني دعاء أدعو به في صلاتي ؟[89]
وكانوا يسألون ليستفيدوا ويطبقوا ويعملوا ، بخلاف كثير من الناس في هذه الأزمان .] [90]. الإتيان بأركان الإسلام: أجاب النبي r معاذاً عن سؤاله، بأن توحيد الله ، وأداء فرائض الإسلام : الصلاة والزكاة والصيام والحج، هي العمل الصالح الذي جعله بمنه وإحسانه ورحمته سبباً لدخول الجنة، وقد مَرَّ في شرح الحديث الثاني والثالث أن هذه الأركان الخمس هي دعائم الإسلام التي بني عليها فانظرهما .
أبواب الخير: وقد دلَّ النبي r معاذاً على أداء النوافل بعد استيفاء أداء الفرائض، ليظفر بمحبة الله ، فعن رسول الله r ، عن ربه عز وجل أنه قال : " وما تَقَرَّبَ إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّهُ ... " رواه البخاري .[91]
وأما أبواب الخير وأسبابه الموصلة إليه فهي: أ-الصوم جُنَّة : والمراد به هنا صيام النفل لا صيام رمضان، وهو وقاية من النار في الآخرة؛ لأن المسلم يمتنع فيه عن الشهوات امتثالاً لأمر الله، وهذا الامتناع يُضْعِف تحكّم القوى الشهوانية في الإنسان، فلا تسيطر عليه، ويصبح بالصوم تقياً نقياً طاهراً من الذنوب.
[ وللصوم فضائل :
أولاً : من أسباب النجاة من النار ،كما في حديث الباب ، وقال e : ( الصيامُ جُنَّةُ ) متفق عليه[92]، وللترمذي : ( الصوم جنة من النار ) [93]، وفي رواية للنسائي : ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ من الْقِتَالِ )[94]، ولأحمد : ( الصيام جُنَّةٌ وحِصْنٌ حصينٌ من النَّارِ )[95]؛والجُنَّة ُ: بضم الجيم الوقاية والستر ، وقال e :( من صام يوماً في سبيل الله بَعَّدَ الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ) متفق عليه واللفظ للبخاري.[96]
ثانياً : الصيام طريق إلى الجنة ، عن أبي أمامة t قال : ( أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r فقلت : مُرْنِي بِأَمْرٍ آخُذُهُ عَنْكَ ، قال : عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فإنه لا مِثْلَ له ) رواه النسائي .[97]
ثالثاً : الصوم فضله عظيم اختص الله به ، عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( قال الله تعالى : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) متفق عليه واللفظ للبخاري .[98]
واختلف : ما المراد بقوله : ( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) مع أن الأعمال كلها له وهو الذي يجزي بها ؟ فقيل : إن الصوم لا يقع فيه الرياء كما يقع في غيره ، وقيل : وأنا أجزي به ، أي أتفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته .
رابعاً : الصوم يشفع لصاحبه ، عن عبد الله بن عمرو t قال : قال رسول الله e : ( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يوم الْقِيَامَةِ ؛ يقول الصِّيَامُ : أي رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فشفعني فيه ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فشفعني فيه ، قال : فَيُشَفَّعَانِ ) رواه أحمد [99] ][100].
ب-الصدقة: والمراد بالصدقة هنا غير الزكاة، والخطيئة التي تطفئها وتمحو أثرها إنما هي الصغائر المتعلقة بحق الله تعالى، لأن الكبائر لا يمحوها إلا التوبة، والخطايا المتعلقة بحق الآدمي لا يمحوها إلا رضا صاحبها.
ج- صلاة الليل: وهي صلاة التطوع في الليل بعد الاستيقاظ من النوم ليلاً، والمراد بـ: صلاة الرجل:صلاة الرجل والمرأة. قال الله تعالى : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[101]، وعن رسول الله r قال : " أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل ؛ وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم " رواه مسلم .[102]
[ ولقيام الليل فضائل :
أولاً : أن الله مدح أهله ، قال تعالى:} تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً{[103].
ثانياً : أنه أفضل الصلاة بعد الفريضة ، قال e : ( أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل ) رواه مسلم.[104]
ثالثاً : من علامات المتقين ، قال تعالى : {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[105].
رابعاً : من أسباب دخول الجنة ، قال e : ( يا أَيُّهَا الناس أَفْشُوا السَّلامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الأَرْحَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ) رواه ابن ماجه .[106]
خامساً : أنه شرف للمؤمن ، قال e : ( جاءني جبريل ، فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب من أحببت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، ثم قال : يا محمد شرف المؤمن قيام الليل ؛ وعِزُّهُ استغناؤه عن الناس ) رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي .[107]
سادساً : لهم غرف في الجنة ، قال e : ( إنَّ في الجنة غرفاً تُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها ، فقام أعرابي فقال : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لمن أطاب الكلام ؛ وأطعم الطعام ؛ وأدام الصيام ؛ وصلى لله بالليل والناس نيام ) رواه الترمذي.[108]


من أقوال السلف :
قال محمد بن المنكدر : ” ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث : قيام الليل ، ولقاء الإخوان ، والصلاة في جماعة“ . [109]
وقال الحسن : ” ما نعلم عملاً أشد من مكابدة الليل ونفقة هذا المال ، وإن الرجل ليُذنِب الذنب فيُحرَمُ به قيام الليل “.[110]
وقال الفضيل بن عياض : ” إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم وقد كثرت خطيئتك“ .[111]
وقال أبو سليمان الداراني : ” أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا“ [112] ][113] .
رأس الدين الإسلام وعموده وذروة سَنَامه : وكأن الرسول r رأى في عيني صاحبه معاذٍ حُبَّ الاستزادة من عِلْمِ النبوة ، فزاده معرفة واضحة على طريقة التشبيه والتمثيل ، ولم يُسْمِعْهُ هذه المعارف إلا بعد صيغة السؤال : " ألا أُخْبِرُكَ ؟ " وهي طريقة تربوية ناجحة تزيد من انتباه المتعلم ، وتجعله سائلاً متلهفاً لمعرفة الجواب ، لا مجرد سامع ومُتَلَقٍّ .
أما هذه المعارف النبوية فهي :
رأس الأمر الإسلام: وقد ورد تفسير هذا في حديث معاذ الذي رواه الإمام أحمد ؛ عن النبي r قال : " إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله " .[114]
وعموده الصلاة: أي إن الصلاة عماد الدين، وقِوَامه الذي يقوم به، كما يقوم الفُسْطَاط ( الخيمة ) على عموده ، وكما أن العمود يرفع البيت ويهيئه للانتفاع ، فكذلك الصلاة ترفع الدين وتظهره .
وذروة سنامه الجهاد: أي أعلى ما في الإسلام وأرفعه الجهاد؛ لأن به إعلاء كلمة الله، فيظهر الإسلام ويعلو على سائر الأديان، وليس ذلك لغيره من العبادات، فهو أعلاها بهذا الاعتبار.
[ وللجهاد في سبيل الله فضائل :
أولاً : أنه ذروة سنام الإسلام ، لحديث الباب .
ثانياً : أن الروحة أو الغدوة في سبيل الله خير من الدنيا ، قال e : ( لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ) متفق عليه[115] ، ومعنى الحديث : أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة الله .
ثالثاً : أنه من أفضل الأعمال ، عن أبي ذر t قال : ( قلت : يا رسول الله ، أي العمل أفضل ؟ قال : إيمان بالله ، وجهاد في سبيل الله ) متفق عليه واللفظ للبخاري .[116]
رابعاً : أن المجاهد أفضل الناس ، عن أبي سعيد t قال : ( أتى رجل رسول الله e فقال : أي الناس أفضل ؟ قال : مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ) متفق عليه واللفظ لمسلم .[117]
خامساً : الجهاد لا يعدله شيء ، عن أبي هريرة t قال : ( قيل : يا رسول الله ، ما يعدل الجهاد في سبيل الله ؟ قال : لا تستطيعونه ، فأعادوا مرتين أو ثلاثاً ، كل ذلك يقول : لا تستطيعونه ، ثم قال : مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم ، القانت بآيات الله ، لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله ) رواه مسلم .[118]
سادساً : للمجاهدين مائة درجة في الجنة ، قال e : ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض ) رواه البخاري .[119]
سابعاً : الجهاد سبب للنجاة من النار ، قال e : ( ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار ) رواه البخاري .[120]
قال الحافظ ابن حجر : ” وفي ذلك إشارة إلى عظيم قدر التصرف في سبيل الله ، فإذا كان مجرد مس الغبار للقدم يحرم عليها النار فكيف بمن سعى وبذل جهده واستنفذ وسعه ؟ “ .[121]
ثامناً : من أسباب دخول الجنة ، قال تعالى : } إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقْتُلُون ويُقْتَلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن {[122] .
تاسعاً : المجاهد يكون الله في عونه ، قال e : ( ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد في سبيل الله ، والمكاتِب الذي يريد الأداء ، والناكح الذي يريد العفاف ) رواه الترمذي .[123]
عاشراً : الجهاد سبب لمغفرة الذنوب ، قال تعالى : } يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون * يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن {[124] .] [125].
ملاك الأمر كله حفظ اللسان: وقد بينَّا أهمية حفظ اللسان وضبطه في شرح الحديث رقم : 15 .
"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" ، قال ابن رجب رحمه الله : والمراد بحصائد الألسنة جزاء الكلام المحرّم وعقوباته ، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات ، ثم يحصد يوم القيامة ما زرع ، فمن زرع خيراً من قول أو عمل حصد الكرامة ، ومن زرع شراً من قول أو عمل حصد غداً الندامة . [126]
روى الإمام الترمذي ، عن أبي هريرة t قال : " سئل رسول الله r عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال : تقوى الله وحسن الخلق ، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : الفم والفرج " .[127]
[ فاللسان إن تكلم به الكلام المحرم من الغيبة أو النميمة أو السب أو الشتم فإن ذلك من أسباب دخول النار ، ويدل لذلك:
حديث الباب : ( وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم ) .
وقوله e : ( من وقاه الله شر ما بين لحييه ، وشر ما بين رجليه دخل الجنة ) رواه الترمذي .[128]
وقوله e : ( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم ) رواه البخاري[129] ، وفي رواية : ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يَزِلُّ بها إلى النار أبعد مما بين المشرق ) متفق عليه.[130]
من أقوال السلف في حفظ اللسان :
قال يونس بن عبيد : ” خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح ما سواهما من أمره : صلاته ولسانه“.[131]
وقال الحسن بن صالح : ” فتشت الورع ، فلم أجده في شيء أقل من اللسان “ .[132]
وقال الحسن : ” اللسان أمير البدن ، فإذا جنى على الأعضاء شيئاً جنت ، وإذا عفَّ عَفَّتْ “ .[133]
وقال عمرو بن العاص : ” الكلام كالدواء ، إن أقللت منه نفع ، وإن أكثرت منه قتل “ .[134]
وقيل : الكلمة أسيرة في وثاق الرجل ، فإذا تكلم بها صار في وثاقها .[135]
قال الإمام الشافعي :
احفظْ لسانَك أيها الإنسانُ لا يلدغَنَّك إنَّــه ثعبـانُ .
كم في المقابرِ من قتيلِ لسانِهِ كانت تهابُ لقاءَهُ الشجعانُ .[136] ] [137].
أفضل أعمال البر بعد الفرائض :
ذهب مالك وأبو حنيفة إلى أن أفضل أعمال البر بعد الفرائض العلم ثم الجهاد .
وذهب الشافعي إلى أن أفضل الأعمال الصلاة فرضاً ونفلاً .
وقال الإمام أحمد : الجهاد في سبيل الله .
وقد ورد أَنَّه r سئل أي الأعمال أفضل ؟ فقال تارة : إيمان بالله ورسوله [138]، وتارة : الصلاة في أول وقتها [139]، وتارة : طول القيام [140]، وتارة : العجُّ والثجُّ [141]، وتارة : الجهاد [142]، وتارة بِرُّ الوالدين[143]، وحُمِل ذلك على اختلاف أحوال السائلين ، أو اختلاف الأزمان .
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ ويفيد الحديث الشريف استرشاد الصحابة بالنبي r وعظته لهم .
2 ـ حرص الصحابة y على الأعمال التي تؤديهم إلى الجنة ، وسؤالهم عن مهام الأمور[144]، وهذا من علو همتهم ورفعتهم.[145]
3 ـ [ أن أعظم ما يسأل عنه هو أسباب دخول الجنة ، وأسباب الابتعاد عن النار ، لأن من دخل الجنة ونجا من النار فقد فاز الفوز العظيم ،قال تعالى: } فمن زحزح عن النار وأُدخل الجنــة فقد فاز{[146].
وقد قال تعالى في صفات عباد الرحمن :} والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً {[147] ، وكان أكثر دعاء النبي e : ( اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)[148] ، وكان e يدعو : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم )[149] ] .[150] 4 ـ أنه ينبغي للإنسان أنْ يسألَ الله أنْ يُيَسِّرَ له العملَ الصالحِ .
وقد أخبر الله عن نبيه موسى أنه قال : } رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري {[151] .
وأن يجتهد في تحصيل أسباب الهداية ، ومن اجتهد فقد وعد الله له بالهداية كما قال تعالى : } والذين جاهدوا فينا لنهدينهــم سبلنا {[152] .
قال ابن القيم رحمه الله : ” عَلَّقَ سبحانه الهداية بالجهاد ، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهاداً ، وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى ، وجهاد الشيطان ، وجهاد الدنيا ، فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سُبُلَ رضاه الموصلةِ إلي جنته ، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عَطَّلَ من الجهاد ، قال الجُنيد : والذين جاهدوا أهواءَهم فينا بالتوبة لنهدينهم سُبُلَ الإخلاصِ ؛ ولا يتمكنُ من جهاد عَدُوِّهِ في الظاهرِ إلا من جاهدَ هذه الأعداءَ باطناً فمن نُصِرَ عليها نُصِرَ على عَدُوِّهِ ، ومن نُصِرَتْ عليه نُصِرَ عليه عَدُوُّهُ “.[153]
5 ـ الأعمال الصالحة هي فضل من الله تعالى على العبد وهي سبب وطريق لدخول الجنة[154] .
6 ـ [ أن التوفيق بيد الله تعالى[155]، فمن يسر الله عليه الهداية اهتدى ،ومن لم ييسر عليه لم ييسر له.
قال تعالى : } فأمَّا من أعطى واتقى * وصدَّق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأمَّا من بخل واستغنى * وكذَّب بالحسنى * فسنيسره للعسرى {[156] ].[157]
7 ـ أولى شيء وأعظمه توحيد الله تعالى والإخلاص له[158] .
8 ـ أن أعظم الذنوب ، وأكبر الكبائر الشرك .
مباحث الشرك :
أولاً : تعريفه : هو تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائص الله . ( وهذا هو الشرك الأكبر ) .
وهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله ، كدعاء غير الله والتقرب بالذبائح والنذور لغير الله من القبور والجن والشياطين ، والخوف من الموتى أو الجن أو الشياطين أن يضروه أو يمرضوه .
ثانياً : هو أعظم الظلم ، قال تعالى : } إن الشرك لظلم عظيم {[159] .
والظلم وضع الشيء في غير موضعه ، فمن عبد غير الله فقد وضع العبادة في غير موضعها وصرفها لغير مستحقها وذلك أعظم الظلم .
ثالثاً : أنه محبط للعمل ، قال تعالى : ] ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون [[160] .
رابعاً : لا يغفر الله لصاحبه إذا مات عليه ، قال تعالى:] إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء[[161].
خامساً : أن الجنة حرام على المشرك ، قال تعالى : } إنه من يشرك فقد حرم الله عليه الجنــة ومأواه النار{[162]
9ـ كما يرشد إلى أن أداء الفرائض الخمس أول ما يعمله العبد وأنها سبب لدخوله الجنة والبعد عن النار[163].
10 ـ الصلاة عمود الإسلام ، وإذا سقط العمود سقط البنيان[164] ، ولذا قال بعض أهل العلم بكفر تارك الصلاة .
11 ـ فضل الجهاد[165] في حفظ الإسلام، وإعلاء كلمة الله.
12 ـ خطر اللسان على الإنسان[166] ، والمؤاخذة على عمله ، وأنه يورد النار بحصائده .
13 ـ على المؤمن أن يستعمل أساليب التشويق في الكلام[167] ، لقوله r:( ألا أدلك على أبواب الخير ؟ ).
14 ـ للخير أبواب[168] .
15 ـ الصدقة وقيام الليل تطفئان الخطيئة[169] .
16 ـ حفظ اللسان باب للخير الكثير .
17 ـ جواز التعليم بالإشارة ، لأنه r أخذ بلسان نفسه وقال : (( كفّ عليك هذا ))[170] .
18 ـ إثبات الجنة والنار ، وهما الآن موجودتان لا تفنيان أبداً[171] .
19 ـ تحري ما نقل في الحديث من أقوال رسول الله r حيث قال : ( على وجوههم أو على مناخرهم ) ، وهذا يدل على الأمانة التامة في نقل الحديث ، ولله الحمد[172] .



الحديث الثلاثون:
حدود الله تعالى وحرماته
درجة الحديث ، ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-وجوب المحافظة على الفرائض والواجبات 2-الوقوف عند حدود الله تعالى 3-المنع من قربان المحرمات وارتكابها 4-رحمة الله تعالى بعباده 5-النهي عن كثرة البحث والسؤال) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنيِّ جُرْثُومِ بن ناشِرٍ t، عن رسول اللهِ r قال : " إن الله تعالى فَرَضَ فَرَائِضَ فَلا تُضَيِّعُوها ، وحَدَّ حُدُوداً فَلا تَعْتَدُوها ، وحَرَّمَ أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها ، وسَكَتَ عَن أشيْاءَ - رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيانٍ - فلا تَبْحَثوا عنها ". حديث حسن رواه الدَّارَقُطْنِيّ [173]وغيرُه .
درجة الحديث : حَسَّنَه النووي رحمه الله تعالى ، ووافقه عليه الحافظ العراقي، والحافظ ابن حجر، و صححه ابن الصلاح وضعفه بعضهم ، قال الألباني : ضعيف ، في إسناده انقطاع [174]، وقال ابن رجب رحمه الله : وله علتان [175]، وقد روي معنى هذا الحديث مرفوعاً من وجوه أخر ، ومن وجه آخر مثله وقال في آخره : " رحمة منه لكم فاقبلوها ولا تبحثوا عنها " ولكن إسناده ضعيف[176] ، وورد في وجهٍ وفي آخره : "رحمة من الله فاقبلوها " , ولكن إسناده ضعيف .[177]
ترجمة الراوي : هو أبو ثعلبة جرثوم بن ناشر الخُشني t ، وقد اُختلف في اسمه واسم أبيه كثيراً ، وكان من مشاهير الصحابة ، شهد الحديبية وممن حضر بيعة الرضوان تحت الشجرة سنة ( 6 هـ ) ، مات في الشام وهو ساجد قيل : سنة ( 75 هـ) ، ومروياته ( 40 ) حديثاً [178].
أهمية الحديث : هذا الحديث من جوامع الكلم التي اختص الله تعالى بها نبينا r ، فهو وجيز بليغ ، ذلك لأن النبي r قسَّم أحكام الله إلى أربعة أقسام : فرائض ، ومحارم ، وحدود ، ومسكوت عنه .
قال ابن السمعاني : من عمل بهذا الحديث فقد حاز الثواب وأمن من العقاب ، لأن من أدى الفرائض ، واجتنب المحارم ، ووقف عند الحدود ، وترك البحث عما غاب عنه ، فقد استوفى أقسام الفضل ، وأوفى حقوق الدين ، لأن الشرائع لا تخرج عن هذه الأنواع المذكورة في هذا الحديث .[179]
مفردات الحديث : فرض فرائض : أوجبها.
فلا تضيعوها : فلا تتركوها أو تتهاونوا فيها حتى يخرج وقتها .
حد حدوداً : الحدود جمع حد، وهو لغة : الحاجز بين الشيئين ، وشرعاً : عقوبة مُقَدَّرة من الشارع تَزْجُرُ عن المعصية.
فلا تعتدوها : لا تزيدوا فيها عما أمر به الشرع، أو لا تتجاوزوها وقفوا عندها. فلا تنتهكوها : لاتقعوا فيها ولا تقربوها.
و سكت عن أشياء : أي لم يحكم فيها بوجوب أو حرمة ، فهي شرعاً على الإباحة الأصلية ، وليس المراد السكوت الذي هو ضد الكلام فإنه لا يُوصف الله تعالى به .
المعنى العام: وجوب المحافظة على الفرائض والواجبات : والفرائض هي ما فرضه الله على عباده ، وألزمهم بالقيام بها ، كالصلاة والزكاة والصيام والحج .
وتنقسم الفرائض إلى قسمين :
فرائض أعيان، تجب على كل مكلف بعينه، كالصلوات الخمس والزكاة والصوم. وفرائض كفاية إذا قام بها بعض المسلمين سقط الإثم عن الجميع، وإذا لم يقم بها أحد، أثم الجميع، كصلاة الجنازة، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر. [ انظر الحديث : 34] .
الوقوف عند حدود الله تعالى: وهي العقوبات المقَّدرة، الرادعة عن المحارم كحد الزنا، وحد السرقة، وحد شرب الخمر ، فهذه الحدود عقوبات مقدرة من الله الخالق سبحانه وتعالى، يجب الوقوف عندها بلا زيادة ولا نقص. وأما الزيادة في حد الخمر من جلد أربعين إلى ثمانين فليست محظورة، وإن اقتصر رسول الله r وأبو بكر على جلد أربعين، لأن الناس لما أكثروا من الشرب زمن عمر t ما لم يكثروا قبله، استحقوا أن يزيد في جلدهم تنكيلاً وزجراً، فكانت الزيادة اجتهاداً منه بمعنى صحيح مُسَوِّغ لها، وقد أجمع الصحابة على هذه الزيادة . [ انظر الفقه: كتاب الحدود حد الزنا والسرقة وشرب الخمر] .
المنع من قربان المحرمات وارتكابها : وهي المحرمات المقطوع بحرمتها ، المذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية ، وقد حماها الله تعالى ومنع من قربانها وارتكابها وانتهاكها فقال : {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[180]. ومن يدقق النظر في المحرمات، ويبحث عن علة التحريم بعقل نَيِّر ومنصف، فإنه يجدها محدودة ومعدودة، وكلها خبائث، وكل ما عداها فهو باق على الحل، وهو من الطيبات، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}[181] .
رحمة الله تعالى بعباده: صرح النبي r أن سكوت الله عن ذكر حكم أشياء ، فلم يَنُصَّ على وجوبها ولا حلها ولا تحريمها، إنما كان رحمة بعباده ورفقاً بهم، فجعلها عفواً، إن فعلوها فلا حرج عليهم، وإن تركوها فلا حرج عليهم أيضاً. ولم يكن هذا السكوت منه سبحانه وتعالى عن خطأ أو نسيان، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}[182] {لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى}[183].
النهي عن كثرة البحث والسؤال : ويحتمل أن يكون النهي الوارد في الحديث عن كثرة البحث والسؤال خاصاً بزمن النبي r، لأن كثرة البحث والسؤال عما لم يذكر قد يكون سبباً لنزول التشديد فيه بإيجاب أو تحريم ، ويحتمل بقاء الحديث على عمومه، ويكون النهي فيه لما فيه من التعمق في الدين ، قال r : " ذروني ما تركتكم ، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه "[184]، وقال r :" ألا هلك المتنطعون ثلاث مرات"[185]، والمتنطع : الباحث عما لا يعنيه ، أو الذي يدقق نظره في الفروق البعيدة .[186]
وقد كف الصحابة رضوان الله عليهم عن إكثار الأسئلة عليه r حتى كان يعجبهم أن يأتي الأعراب يسألونه r فيجيبهم ، فيسمعون ويَعُونَ.
ومن البحث عما لا يعني البحث عن أمور الغيب التي أُمرنا بالإيمان بها ولم تتبين كيفيتها ، لأنه قد يوجب الحيرة والشك ، وربما يصل إلى التكذيب ، وأخرج مسلم : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يُقال : هذا خَلَقَ اللهُ الخلقَ ؛ فمن خلقَ اللهَ ؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل : آمنت بالله " .[187]
ما يستفاد من الحديث:
1 ـ حسن بيان النبي r ، حيث ساق الحديث بهذا التقسيم الواضح البيِّن[188] .
2 ـ تقسيم أحكام الدين إلى أربعة أقسام : أ ـ فرائض حقها ألا تُضَيَّع . ب ـ محارم حقها ألا تُقْرَب . ج ـ وحدود حقها عدم مجاوزتها . د ـ ومسكوت عنه وحقه ألا يُبْحَثَ عنه ، وهو عَفْوٌ . وهذا يجمع أحكام الدين كلها[189] . 3 ـ أن الله تعالى فرض على عباده فرائض أوجبها عليهم على الحتم واليقين .
والفرائض قال أهل العلم : إنها تنقسم إلى قسمين : أ ـ فرض كفاية : وهو ما قُصد فعله بقطع النظر عن فاعله ، وحكمه أنه إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين ، مثل الأذان والإقامة وصلاة الجنازة وغيرها . ب ـ فرض عين : وهو ما قُصد به الفعل والفاعل ، ووجب على كل أحد بعينه ، مثل الصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج[190] .
4 ـ الأمر باتباع الفرائض والتزام الحدود ، واجتناب المناهي ، وعدم الاستقصاء عما عدا ذلك رحمة بالناس.
5 ـ لا يجوز تعدي حدود الله ومنه عدم المغالاة في دين الله تعالى[191] . 6 ـ تحريم انتهاك المحرمات ، والمحرمات قسمان : أ ـ كبائر ، ولا تُغفر إلا بتوبة . ب ـ صغائر ، وتكفرها الصلاة والصيام والحج والذكر وما أشبه ذلك[192] .
7 ـ لا يجوز لأي شخص أن يشرع حدوداً أو أحكاماً[193] . 8 ـ الأصل في الأشياء الإباحة[194] .
9 ـ يستحيل على الله سبحانه وتعالى النسيان[195]، وذلك لكمال علمه[196] و لقوله تعالى : { لا يضل ربي ولا ينسى }[197] وقال : { وما كان ربك نسياً }[198] ، [ وأما قوله تعالى : } نسوا الله فنسيهم{[199] فالمراد هنا : الترك ، أي تركوا الله فتركهم .][200].
10 ـ لا ينبغي في البحث والسؤال إلا ما دعت إليه الحاجة ، وهذا في عهد النبي r لأنه عهد التشريع ، ويُخشى أن أحداً يسأل عن شيء لم يجب فيوجبه من أجل مسألته ، أو لم يُحرَّم فيُحرَّم من أجل مسألته ، ولهذا نهى النبي r عن البحث عنها ؛ فقال : ( فلا تبحثوا عنها )[201] .
















الحديث الحادي والثلاثون :
حقيقة الزُّهدِ وثمَراته
درجة الحديث ، ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-معنى الزهد 2-أقسام الزهد 3-الحامل على الزهد 4-تحقير شأن الدنيا والتحذير من غرورها 5-الذم الوارد للدنيا ليس للزمان ولا للمكان 6-كيف نكتسب محبة اله تعالى 7-كيف نكتسب محبة الناس 8 – طريقة محبة الله 9-زهد رسول الله r وزهد أصحابه الكرام 10-الزهد الأعجمي) ، فوائد الحديث .
عن سَهْلِ بن سعْدٍ السَّاعِدِيِّ t قال: أتى النبيَّ r رجل فقال : يا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي على عَمَلٍ إذا أنا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي الله وَأَحَبَّنِي الناس ، فقال رسول اللَّهِ r : " ازْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبَّكَ الله وَازْهَدْ فِيمَا في أَيْدِي الناس يُحِبُّوكَ ". حديث حسن رواه ابن ماجه وغَيْرُهُ بأسانيدَ حَسَنة[202].
درجة الحديث : حسنه النووي ، وصححه الألباني[203] .
ترجمة الراوي :
هو أبو العباس سهل بن سعد بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعد بن كعب بن الخزرج الأنصاري الساعدي t [204]، كان اسمه حَزَناً فسمَّاه النبي r سهلاً ، مات النبي r وهو ابن ( 15 ) سنة ، وعاش سهل وطال عمره حتى أدرك الحجاج بن يوسف وامتحن معه ، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة ، وتُوفي سنة ( 88 هـ ) وهو ابن ست وتسعين سنة ، وقيل : توفي سنة (91 هـ ) وقد بلغ مئة سنة ، ومروياته ( 188 ) حديثاً[205] .
أهمية الحديث : هذا الحديث هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام ، إذ الزهد في الدنيا فيه محبة الله ، والزهد فيما في أيدي الناس فيه العِزَّةُ والعِفَّة ومحبة الناس[206] .
مفردات الحديث :
أحبني الله : أي أكرمني بمحبته فأنال ثوابه وإحسانه .
وأحبني الناس:مالوا إلي ميلاً طبيعياً،لأن محبتهم تابعة لمحبة الله،فإذا أحبه الله ألقى محبته في قلوب خلقه.
ازهد : من الزهد، وهو لغة: الإعراض عن الشيء احتقاراً له، وشرعاً: أخذ قدر الضرورة من الحلال المتيقَّن الحِلّ.
يحبَّك الله : بفتح الباء المشددة، مجزوم في جواب الأمر ، والمراد : يحبك محبةً حقيقية تليق بجلاله سبحانه .
المعنى العام:
معنى الزهد: تنوعت عبارات السلف والعلماء الذين جاؤوا بعدهم في تفسير الزهد في الدنيا، وكلها ترجع إلى ما ورد عن أبي إدريس الخولاني t أنه قال : " ليس الزهادة في الدنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ، إنما الزهادة في الدنيا أن تكون بما في يد الله أوثق منك بما في يديك وإذا أصبت مصيبة كنت أشد رجاء لأجرها وذخرها من إياها لو بقيت لك " .[207]
وفي هذا القول تفسير الزهد بثلاث أمور كلها من أعمال القلوب لا من أعمال الجوارح ، وهذه الأمور الثلاثة هي :
1ـ أن يكون العبد واثقاً بأن ما عند الله تعالى أفضل مما في يده نفسه ، وهذا ينشأ من صحة اليقين ، والوثوق بما ضمنه الله تعالى من أرزاق عباده ، قال الله تعالى : {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}[208].
2ـ أن يكون العبد إذا أصيب بمصيبة في دنياه ، كذهاب مالٍ أو ولدٍ ، أرغب في ثواب ذلك أكثر مما لو بقي له .
3 ـ أن يستوي عند العبد حامده وذامُّهُ في الحق ، قال ابن مسعود t : اليقين أن لا تُرضي الناس بسخط الله .[209]
قال وهيب المكي : الزهد في الدنيا أن لا تأسى على ما فاتك منها ولا تفرح بما أتاك منها .[210]
وقال الإمام النووي رحمه الله : الزهد : ترك ما لا يُحتاج إليه من الدنيا وإن كان حلالاً ، والاقتصار على الكفاية والورع ، وترك الشبهات[211] .
وقال الحسن رحمه الله : إن الزاهد هو الذي يُفضل غيرَه عليه ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الزهد : هو ترك ما لا ينفع في الآخرة ، وهذا أصح التعاريف .
والورَع : ترك ما تخاف من ضرره في الآخرة[212] ، قال ابن القيم : وهذه العبارة من أحسن ما قيل في ( الزهد والورع ) وأجمعها[213] .
أقسام الزهد : قسَّم بعض السلف الزهد إلى ثلاثة أقسام :
1 ـ الزهد في الشرك وفي عبادة ما عُبِد من دون الله.
2 ـ الزهد في الحرام كله من المعاصي.
3 ـ الزهد في الحلال. والقسمان الأول والثاني من هذا الزهد كلاهما واجب ، والقسم الثالث ليس بواجب .
الحامل على الزهد[214] : والذي يحمل الإنسان على الزهد أمور منها:
1 ـ استحضار الآخرة، ووقوفه بين يدي خالقه في يوم الحساب والجزاء، فحينئذ يغلب شيطانه وهواه، ويصرف نفسه عن لذائذ الدنيا الفانية. 2 ـ استحضار أن لذَّات الدنيا شاغلة للقلوب عن الله تعالى. 3 ـ كثرة التعب والذل في تحصيل الدنيا ، وسرعة تقلبها وفنائها، ومزاحمة الأرذال في طلبها، وحقارتها عند الله تعالى ، قال r : " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء" رواه الترمذي.[215]
4ـ استحضار أن الدنيا ملعونة، كما في الحديث الحسن الذي رواه ابن ماجه عن أبي هريرة t : "الدنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها ، إلا ذكرَ الله تعالى وما والاه ، أو عالماً أو متعلماً " .[216] تحقير شأن الدنيا والتحذير من غرورها : والزاهد في الدنيا يزيد موقفه صلابة وقوة عندما يتلو آيات ربه عز وجل، فيجد فيها تحقير شأن الدنيا والتحذير من غرورها وخداعها، قال الله تعالى: { بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[217]. وقال سبحانه: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى}[218] وروى مسلم عن النبي r قال : " والله ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه ـ وأشار يحيى بالسبابة ـ في اليَمِّ فلينظر بم يرجع " .[219]
الذم الوارد للدنيا ليس للزمان ولا للمكان : وهذا الذم الوارد في القرآن الكريم والسنة النبوية للدنيا، لا يرجع إلى زمانها الذي هو الليل والنهار المتعاقبان إلى يوم القيامة . ولا يرجع الذم للدنيا إلى مكانها الذي هو الأرض التي جعلها الله مهاداً ومسكناً، ولا إلى ما أنبته فيها من الزرع والشجر، ولا إلى ما بث فيها من مخلوقات، فإن ذلك كله من نِعَم الله على عباده، ولهم في هذه النعم المنافع والفوائد، والاستدلال بها على قدرة الله عز وجل ووجوده. بل الذم الوارد يرجع إلى أفعال الناس الواقعة في هذه الحياة الدنيا لأن غالبها مخالف لما جاء به الرسل ، ومُضِرٌّ لا تنفع عاقبته ، قال الله تعالى : {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا}[220].
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى: وانقسم بنو آدم في الدنيا إلى قسمين:
أحدهما: من أنكر أن يكون للعباد بعد الدنيا دارٌ للثواب والعقاب وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم : {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[221]. وهؤلاء همهم التمتع في الدنيا واغتنام لذاتها قبل الموت.
والقسم الثاني: من يُقِرّ بدار بعد الموت للثواب والعقاب، وهم المنتسبون إلى شرائع المرسلين .
وهم منقسمون إلى ثلاثة أقسام : ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات بإذن الله . فالظالم لنفسه : هم الأكثرون منهم ، وأكثرهم وقف مع زهرة الدنيا وزينتها فأخذها من غير وجهها واستعملها في غير وجهها ، وصارت الدنيا أكبر همه ، لها يغضب وبها يرضى ، ولها يوالي ، وعليها يُعادي ، وهؤلاء هم أهل اللهو واللعب والزينة والتفاخر والتكاثر، وكلهم لم يَعْرِفَ المقصودَ من الدنيا ، ولا أنها منزل سفر يتزود منها لما بعدها من دار الإقامة.[222]
والثاني : أخذها من وجهها، لكنه توسع في مباحاتها ، وتلذذ بشهواتها المباحة، وهو وإن لم يعاقب عليها، ولكنه ينقص من درجاته في الآخرة بقدر توسعه في الدنيا، روى الترمذي عن رسول الله r قال : " إذا أَحَبَّ الله عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كما يَظَلُّ أحدكم يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ " .[223]
والثالث: هم الذين فهموا المراد من الدنيا، وأن الله سبحانه إنما أسكن عباده فيها وأظهر لهم لذاتها ونضرتها، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، فمن فهم أن هذا هو مآلها واكتفى من الدنيا بما يكتفي به المسافر في سفره، وتزود منها لدار القرار.
روى الحاكم عن رسول الله r أنه قال : " نعمت الدار الدنيا لمن تزود منها لآخرته حتى يرضى ربُّه عز وجل ، وبئست الدار لمن صدته عن آخرته وقَصُرَتْ به عن رضاءِ ربه " .[224]
[ من أقوال السلف :
قال علي t :”من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات“.[225]
وقال الحسن t : ” الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن “ .[226]
وقال جندب بن عبد الله الصنعاني : ” حب الدنيا رأس كل خطيئة “ .[227]
وقال الحسن : ” من أحبَّ الدنيا وسَرَّتْهُ ، خرج حُبُّ الآخرةِ من قلبه “ .[228]
وقال عمرو بن العاص t : ” ما أبعد هديكم من هدي نبيكم e ، إنه كان أزهد الناس في الدنيا ، وأنتم أرغب الناس فيها “ .[229]
وقال ابن مسعود t : ” من أراد الآخرةَ أضرَّ بالدنيا ، ومن أرادَ الدنيا أضرَّ بالآخرة ، يا قوم فَأَضِرُّوا بالفاني للباقي“.[230]
وعنه t قال : ” أنتم أطول صلاة وأكثر اجتهاداً من أصحاب رسول الله e وهم كانوا أفضل منكم ؟ قيل له : بأي شيء ؟ قال : إنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة منكم “ .[231]
قال ابن رجب رحمه الله : ” وليس الذم راجعاً إلى مكان الدنيا الذي هو الأرض التي جعلها الله لبني آدم مِهاداً وسكناً ، ولا إلى ما أودعه الله فيها من الجبال والبحار والأنهار والمعادن ، ولا إلى ما أنبته فيها من الشجر والزرع ، ولا إلى ما بثَّ فيها من الحيوانات وغير ذلك ، فإن ذلك كله من نعمة الله على عباده بما لهم فيه من المنافع ، ولهم به من الاعتبار والاستدلال على وحدانية صانعه وقدرته وعظمته ، وإنما الذم راجع إلى أفعال بني آدم الواقعة في الدنيا ، لأن غالبها واقع على غير الوجه الذي تُحمد عاقبته ، بل يقع على ما تضر عاقبته ، أو لا تنفع “.[232]][233].
كيف نكتسب محبة الله تعالى ؟ : نستطيع أن نكتسب محبة الله تعالى بالزهد في الدنيا والابتعاد عن محبتها الممنوعة أي عن إيثارها لنيل الشهوات واللذات وكل ما يشغل عن الله تعالى .
أمَّا محبتها لفعل الخير والتقرب به إلى الله فهو محمود ، لحديث : " نعم المال الصالح للمرء الصالح " رواه الإمام أحمد[234]، يصل به رحماً ، ويصنع به معروفاً .
كيف نكتسب محبة الناس ؟ : ويعلمنا الحديث كيف ننال محبة الناس ، وذلك بالزهد فيما في أيديهم ، لأنهم إذا تركنا لهم ما أحبوه أحبونا ، وقلوب أكثرهم مجبولة مطبوعة على حب الدنيا ، ومن نازع إنساناً في محبوبه كرهه ومن لم يعارضه فيه أحبه واصطفاه .
قال الأعرابي لأهل البصرة : من سيد أهل هذه القرية ؟ قالوا : الحسن ؛ قال : بم سادهم ؟ قالوا: احتاج الناس إلى علمه واستغنى هو عن دنياهم .[235]
وأحق الناس باكتساب هذه الصفة الحكام والعلماء ، لأن الحكام إذا زهدوا أحبهم الناس واتبعوا نهجهم وزهدهم ، وإذا زهد العلماء أحبهم الناس واحترموا أقوالهم وأطاعوا ما يعظون به وما يُرْشِدون إليه .
( طريقة محبة الله :
محبة الله لها طرق أخرى أخبر الله بها في كتابه منها :
1 ـ الإحسان ، قال تعالى : { والله يُحب المحسنين }[236].
2 ـ التوكل ، قال تعالى : { إنَّ الله يُحب المتوكلين }[237].
3 ـ إقامة العدل ، قال تعالى : { إنَّ الله يُحب المقسطين }[238].
4 ـ الصبر ، قال تعالى : { والله يُحب الصابرين }[239].
5 ـ التقوى : { فإنَّ الله يُحب المتقين }[240].
6 ـ التطهر الحسي والمعنوي ، قال تعالى : { والله يُحب المُطَّهِّرين }[241].
7 ـ القتال في سبيل الله ، قال تعالى : {إنَّ الله يُحب الذين يُقاتِلون في سبيله صفَّاً كأنهم بنيان مرصوص}[242].
8 ـ التوبة ، قال تعالى : { إن الله يحب التوابين }[243]؛ إلى غير ذلك من الآيات ، والخلاصة أن طريق محبة الله طاعته بصدق واجتناب نواهيه )[244] .
زهد رسول الله r وزهد أصحابه الكرام: وإذا كنا نبحث عن القدوة في حياة الزاهدين، فإننا نجد ذلك متمثلاً في حياة رسول الله r عملاً وسلوكاً، لقد عاش النبي r قبل الهجرة وبعدها، وفي أيام الشِّدة والرخاء زاهداً في متاع الدنيا، طالباً للآخرة، جاداً في العبادة. وقد تأسى به أصحابه الكرام فكانوا سادة الزهاد وأسوة للزاهدين.
لقد جاءتهم الدنيا بالأموال الحلال فأمسكوها تقرباً لله تعالى وأنفقوها في خدمة دينه وإعلاء كلمته. الزهد الأعجمي: إن الزهد بمعناه الإسلامي هو ما بيناه، أما الزهد الأعجمي فهو الإعراض الكامل عن نعم الله والتحقير لها، والحرمان من الاستمتاع بشيء منها، وقد تأثر بعض المسلمين بهذا المفهوم الأعجمي للزهد، فأصبحنا نجد أناساً في عصر ضعف الدولة العباسية وما بعده، يَلْبَسون المرقعات ويقعدون عن العمل والكسب، ويعيشون على الإحسان والصدقات، ويَدَّعون أنهم زاهدون.
مع أن روح الإسلام تأبى هذه السلبية القاتلة، وترفض هذا العجز المميت، وتنكر هذا الذل والتواكل.
والمسلمون اليوم أصحاء من مثل هذه العقلية المريضة، يندفعون إلى العمل والكسب الحلال، ويتنافسون في تحصيل الربح وإعمار الأرض، حتى أصبحنا نخاف على أنفسنا الغفلة عن الآخرة، ونبحث عن المهدئات التي تذكرنا بالله تعالى وتدعونا إلى الزهد في الدنيا.
فوائد الحديث :
1 ـ علو همة الصحابة y ، وحرصهم على السؤال عما ينفعهم[245] .
2 ـ بيان أسباب محبة الله تعالى للعبد ومحبة الناس له .
3 ـ من زهد في الدنيا حصل على محبة الله تعالى[246] .
4 ـ من زهد فيما عند الناس أحبه الناس[247] .
5 ـ [ فضل الاستغناء عما في أيدي الناس ، لأن النبي e جعله سبباً لمحبة الناس لك ، لأنهم منهمكون على محبتها بالطبع ، فمن زاحمهم عليها أبغضوه ، ومن زهد فيها وتركها لهم أحبوه .
وقد جاء في حديث سهل بن سعد t مرفوعاً : ( شرف المؤمن قيامه بالليل ، وعزه استغناؤه عن الناس ) رواه الطبراني وحسنه الألباني .[248]
وقال الحسن : ” لا تزال كريماً على الناس ، أو لا يزال الناس يكرمونك ما لم تعاط ما في أيديهم ، فإذا فعلت ذلك استخفوا بك ، وكرهوا حديثك وأبغضوك “ .[249]
وقال أيوب السختياني: لا ينبل الرجل حتى يكون فيه خصلتان : العفة عما في أيدي الناس ، والتجاوز عما يكون منهم.[250]
وكان عمر t يقول في خطبته : ” إن الطمع فقر ، وإن اليأس غنى ، وإن الإنسان إذا أيس من الشيء استغنى عنه “.[251]
قال ابن رجب رحمه الله : ” وقد تكاثرت الأحاديث عن النبي e بالأمر بالاستعفاف عن مسألة الناس والاستغناء عنهم ، فمن سأل الناس ما بأيديهم،كرهوه وأبغضوه،لأن المال محبوب لنفوس بني آدم،فمن طلب منهم ما يحبونه،كرهوه لذلك“[252]][253]
6 ـ ليس من الزهد الإعراض عن الدنيا . 7 ـ حب الدنيا مفتاح كل شر وسبب لبغض الله تعالى وبغض الناس للعبد[254] .
8 ـ طلب الكفاية من الدنيا واجب ، والزهد : ترك الزائد منها[255] .
9 ـ قال الشاطبي رحمه الله : فيه الحرص على محبة الله تعالى للعبد والبحث عن ذلك لا ما يحبب الإنسان في الله ، قال علماء السلف : ليست الشأن في أن تُحِبَّه ، الشأنُ في أن يكون هو يُحبك .[256]
10 ـ إثبات صفة المحبة لله تعالى على الوجه اللائق به سبحانه . 11 ـ الداعي إلى الله أحوج ما يكون إلى محبة الناس له ، لأنهم إذا أحبوه أحبوا بضاعته وقبلوها ، ولكن ينبغي ألا يكون السعي لكسب محبة الناس على حساب الحق والعدل ، فإن هذا لا يجوز في دين الله عز وجل ، قال r : ( من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس ، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ) [ صحيح رواه الترمذي[257] ، انظر : صحيح الجامع برقم : 5886 ][258] .


















الحديث الثاني والثلاثون:
نفي الضرر في الإسلام
ترجمة الراوي ، درجة الحديث ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-لا تكليف في الإسلام بما فيه ضرر، ولا نهي عما فيه نفع 2-رفع الحرج 3-مظاهر الضرر) ، قاعدة أصولية ، فوائد الحديث .
عن أبي سَعِيدٍ سَعْدِ بن مالك بن سِنَانٍ الخُدْرِي t: أنَّ رسول الله r قال : " لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ". حديث حسن، رواه ابن ماجه والدَّارَقُطْنِيُّ وغيرُهما مسنَداً . ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي r فأسقط أبا سعيد ، وله طرق يُقوي بعضها بعضاً .[259]
ترجمة الراوي : هو أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر ـ وهو خدرة ـ ابن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخدري t[260] ، غزا مع رسول الله r اثنتي عشرة غزوة ، وكان من فضلاء الصحابة وعلمائهم ، رُوي عن أبي سعيد t قال : عُرضت على رسول الله r يوم الخندق وأنا ابن ثلاث عشرة ، فجعل أبي يأخذ بيدي ويقول : يا رسول الله إنه عَبل[261] العظام ، فردني ، قال : وخرجت مع رسول الله r في غزوة بني المصطلق ، قال الواقدي : وهو ابن خمس عشرة سنة ، مات بالمدينة سنة ( 74 هـ ) يوم الجمعة ، وله ( 94 ) سنة ، ودُفن بالبقيع ، ومروياته ( 1170 ) حديثاً[262] .
درجة الحديث : حسنه النووي ، وقال ابن رجب رحمه الله : وقد ذكر الشيخ أن بعض طرقه تُقَوَّى ببعضٍ ؛ وهو كما قال[263]،وقال ابن حجر: ورُوي مُرْسَلاً ، وصححه الألباني في صحيح الجامع/ 7393.
أهمية الحديث : قال أبو داود السِّجِسْتَاني :إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها .[264]
سبب ورود الحديث : جاء ذكره في مصنف عبد الرزاق عن الحجاج ابن أرطأه قال : أخبرني أبو جعفر أن نخلة كانت بين رجلين فاختصما فيها إلى النبي r فقال أحدهما : أشققها نصفين بيني وبينك ؛ فقال النبي r : " لا ضرر في الإسلام " .[265]
وورد نحو ذلك عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ t أَنَّهُ كانت له عَضُدٌ[266] من نَخْلٍ في حَائِطِ رَجُلٍ من الأَنْصَارِ قال : وَمَعَ الرَّجُلِ أَهْلُهُ ، قال : فَكَانَ سَمُرَةُ يَدْخُلُ إلى نَخْلِهِ فَيَتَأَذَّى بِهِ وَيَشُقُّ عليه[267] فَطَلَبَ إليه[268] أَنْ يَبِيعَهُ فَأَبَى ؛ فَطَلَبَ إليه أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى ؛ فَأَتَى النبي r فذكر ذلك له فَطَلَبَ إليه النبي r أَنْ يَبِيعَهُ فَأَبَى ؛ فَطَلَبَ إليه أَنْ يُنَاقِلَهُ فَأَبَى ؛ قال : فَهَبْهُ له وَلَكَ كَذَا وَكَذَا[269] أَمْرَاً رَغَّبَهُ فيه فَأَبَى ؛ فقال : أنت مُضَارٌّ[270] ؛ فقال رسول اللَّهِ r للأَنْصَارِيِّ : اذْهَبْ فَاقْلَعْ نَخْلَهُ".[271]
مفردات الحديث :
لا ضرر ولا ضرار : الضَّرَرُ : أَنْ يُلْحِقَ الإنسانُ أذىً بمن لم يؤذه ، والضِّرَارُ : أَنْ يُلْحِقَ أذىً بمن قد آذاهُ على وجه غير مشروع .[272]
[ قال بعض العلماء ـ وهو الخشني ـ : الضرر : الذي لك به منفعة وعلى جارك فيه مضرة ، والضرار : الذي ليس لك فيه منفعة وعلى جارك فيه المضرة ، وهذا وجه حسن ، وقد قيل : هما بمعنى واحد تكلم بهما جميعاً على جهة التأكيد ، وقال ابن حبيب : الضرر عند أهل العربية الاسم ، والضرار الفعل ، قال : ومعنى ( لا ضرر ) لا يُدخل على أحد ضرر لم يدخله على نفسه ، ومعنى ( لا ضرار ) لا يضارَّ أحدٌ بأحد ؛ هذا ما حكى ابن حبيب.] [273]
المعنى العام :
المنفي هو الضرر لا العقوبة والقصاص : المراد بالضرر في الحديث هو ما كان بغير حق، أما إدخال الأذى على أحد يستحقه - كمن تعدى حدود الله تعالى فعوقب على جريمته ، أو ظلم أحداً فعومل بالعدل وأوخذ على ظلمه - فهو غير مراد في الحديث لأنه قصاص شرعه الله عز وجل .
بل من نفي الضرر أن يُعَاقَبَ المجرم بِجُرمه ويؤخذ الجاني بجنايته، لأن في ذلك دفعاً لضرر خطير عن الأفراد والمجتمعات.
لا تكليف في الإسلام بما فيه ضرر، ولا نهي عما فيه نفع : إن الله تعالى لم يكلف عباده فعل ما يضرهم ألبتة، كما أنه سبحانه لم ينههم عن شيء فيه نفع لهم ، ففيما أمرهم به عين صلاحهم في دينهم ودنياهم، وفيما نهاهم عنه عين فساد معاشهم ومعادهم ، قال تعالى : {قلْ أمرَ ربِّي بالقِسْطِ}[274] وقال : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}[275].
رفع الحرج: من نفي الضرر في الإسلام رفع الحرج عن المكلف، والتخفيف عنه عندما يوقعه ما كُلِّف به في مشقة غير معتادة، ولا غرابة في ذلك فإن هذا الدين دينُ التيسير، قال الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[276] وقال: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا}[277].
ومن أمثلة التخفيف عن المكلف عند حصول المشقة:
1 ـ التيمم للمريض وعند عسر الحصول على الماء.
2 ـ الفطر للمسافر والمريض [ انظر الفقه: باب التيمم والصيام ]
3 ـ إنظار المدين المعسر : من استدان في مباح لِأَجَل ولم يتمكن من الوفاء، وجب على دائنه تأخير مطالبته إلى حال يساره، قال تعالى: { وإن كان ذو عُسرةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيْسَرَةٍ }[278] وقرر الفقهاء هنا أنه لا يُلزم بقضاء ما عليه مما في خروجه من ملكه ضرر عليه، كثيابه ومسكنه وخادمه المحتاج إليه، وكذلك ما يحتاج للتجارة بل ليحصل على نفقة نفسه وعياله.
مظاهر الضرر : قد يتجلى قصد الضرر في نوعين من التصرفات :
1 ـ تصرفات ليس للمكلف فيها غرضٌ سوى إلحاق الضرر بغيره، وهذا النوع لا ريب في قبحه وتحريمه.
2 ـ تصرفات يكون للمكلف فيها غرضٌ صحيحٌ مشروعٌ ، ولكن يرافق غرضه أو يترتب عليه إلحاق ضرر بغيره .
النوع الأول من التصرفات : لقد ورد في الشرع النهي عن كثير من التصرفات التي لا يقصد منها غالباً إلا إلحاق الضرر منها :
المضارة في البيع : ويتناول صوراً عِدَّة منها:
بيع المضطر : وهو أن يكون الرجل محتاجاً لسلعة ولا يجدها ، فيأخذها من بائعها بزيادة فاحشة عن ثمنها المعتاد، كأن يشتريها بعشرةٍ وهي تساوي خمسةً .
أخرج أبو داود من حديث علي t: أنه خطب الناس فقال: نهى رسول الله r عن بيع المضطر.[279] الغَبْنُ الفاحش : إذا كان المشتري لا يحسن المماكسة ( المفاصلة ) فاشترى بغبن كثير ، لم يجز للبائع ذلك. ومذهب مالك وأحمد رحمهما الله تعالى أنه يثبت له خيار الفسخ. الوصية : والإضرار بالوصية على حالين :
1 ـ أن يَخُصَّ بعض الورثة بزيادة على فرضه الذي فرضه الله له، فيتضرر بقية الورثة بتخصيصه، ولذا منع الشارع من ذلك إذا لم يرض باق الورثة.
2 ـ أن يوصي لأجنبي لينقص حقوق الورثة ، ولذا منع الشرع من ذلك فيما زاد عن الثلث سواء قصد المضارة أم لا، إلا إذا أجاز الورثة، قال r: " الثلثُ والثلثُ كثير". متفق عليه.[280]
وأجازها في حدود الثلث ليتدارك المكلف بعض ما فاته من الخيرات في حياته، وما قَصَّر فيه عن وجوه الإنفاق. وهذا إذا لم يقصد الوصي بوصيته إدخال الضرر على الورثة، وإلا فإنه يأثم بوصيته عند الله عز وجل.
[ ومنها : الرجعة في النكاح : قال تعالى : } فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهــن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه {[281]، ] وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً{[282] .
فدل ذلك على أن من كان قصده بالرجعة المضارة فإنه آثم بذلك ، وهذا كما كانوا في أول الإسلام قبل حصر الطلاق في ثلاث : يطلق الرجل امرأته ثم يتركها حتى يقارب انقضاء عدتها ثم يراجعها ثم يطلقها ، ويفعل ذلك أبداً بغير نهاية ، فيدع امرأته لا مطلقة ولا ممسكة ، فأبطل الله ذلك وحصر الطلاق في ثلاث مرات ] [283].
النوع الثاني من التصرفات : وهي التي يكون للمتصرف فيها غرض صحيح ومشروع، ولكن قد يرافقها أو يترتب عليها ضرر بغيره. وذلك: بأن يتصرف في ملكه بما يتعدى ضرره إلى غيره، أو يمنع غيره من الانتفاع بملكه، فيتضرر الممنوع بذلك.
النوع الأول : وهو التصرف في ملكه بما يتعدى ضرره، وهو على حالتين:
1 ـ أن يتصرف على وجه غير معتاد ولا مألوف، فلا يسمح له به، وإن تصرف وتضرر غيره ضمن ما حصل من ضرر، وذلك كأن يؤجج ناراً في أرضه في يوم عاصف، فيحترق ما يليها، فإنه متعد بذلك وعليه الضمان.
2 ـ أن يتصرف على الوجه المعتاد ، كأن يُحْدِث في ملكه ما يضر بجيرانه ، من هدم أو دق أو نحوهما ، أو يضع ما له رائحة خبيثة ، فإنه يُمنع منه.
النوع الثاني : وهو منع غيره من التصرف في ملكه وتضرر غيره بهذا المنع.
أن يمنع جاره من الانتفاع بملكه والارتفاق به : فإن كان يضر بمن انتفع بملكه فله المنع، كمن له جدار واهٍ، لا يحمل أكثر مما هو عليه، فله أن يمنع جاره من وضع خشبة عليه. وإن كان لا يضر به : له المنع من التصرف في ملكه بغير إذنه .
فائدة : ذكر السيوطي في كتابه "الأشباه والنظائر" أنَّ القاضي حسين رَدَّ مذهب الشافعي رحمه الله تعالى إلى أربع قواعد :
الأولى : " اليقين لا يُزَالُ بالشك " ، وأصل ذلك ما رواه البخاري ومسلم أنه r شُكِيَ له الرجل يُخَيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة ، فقال : " لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً "[284] ، وذلك لأنَّه على يقين من طهارته ، فلا يرفع ذلك اليقين بالشك الذي طرأ عليه : أنه أحدث .
الثانية : " المشقة تجلب التيسير " ، والأصل فيها قوله تعالى : {وما جعل عليكم في الدين من حرج}[285] ، وقوله r : " ولكني بعثت بالحنفية السمحة " رواه أحمد في مسنده .[286]
الثالثة : " الضرر يُزال " وأصلها قوله r : " لا ضرر ولا ضرار " .
الرابعة : " العادة مُحَكَّمَة " ، لقوله r : " فما رأى المسلمون حسناً فهو عن الله حسن " .[287]
( والصحيح أن هذا الحديث هو قول ابن مسعود t ، رواه الإمام أحمد في مسنده )[288] . وبناء على ما سبق يعتبر هذا الحديث ربع الفقه الإسلامي، ولقد اعتبره الفقهاء قاعدة أصلية من القواعد الفقهية، وفرَّعوا عنها فروعاً عدة. [ قاعدة أصولية : هذا الحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) قاعدة أصولية ، ومن فروعها الفقهية أنه لو أتلف أحد مال الآخر ، لا يجوز للآخر أن يُتلف مال أخيه من باب المعاملة بالمثل ، لأن في هذا توسيع لدائرة الضرر دون فائدة ، والبادي بالإتلاف ضامن ما أتلف ، ومن فروع هذه القاعدة : 1 ـ ( الضرر يُدفع بقدر الإمكان ) : ومعناه أنه يجب إزالة الضرر الذي وقع ، وإزالة الآثار المترتبة بسبب وقوعه ، مثل : أن يَصُبَّ الميزابُ على الطريق فيؤذي المارة ؛ في هذه الحالة يجب إزالته ، وصاحبه ضامن ما أتلف .
2 ـ ( الضرر يُزال ) : ومعناه يجب دفع الضرر قبل وقوعه ، لأنَّ هذا أسهل من رفعه بعد الوقوع . 3 ـ ( الضرر لا يُزال بمثله ) : ومعناه لا يجوز رَفعُ ضَرَرٍ واقعٍ بإحْدَاثِ ضَرَرٍ مِثلهِ أو أكبرَ منه . 4 ـ ( الضرر الأشدُّ يُزال بالضرر الأخفِّ ) : ومعناه يجوز للحاكم أن يأخذ من الأغنياء أكثر من الزكاة إذا كانت الزكاة لا تكفي حاجة الفقراء ، وبمعنى هذه القاعدة ( يُختار أهون الشرَّين ) إذا تعارضت مفسدتان رُوعيَ أعظمها ضرراً .
5 ـ ( يُتَحمَّلُ الضرر الخاص لدفع ضرر عام ) : فيجوز للحاكم إجبار المحتكرين بالبيع بثمن السوق ، ولو كان فيه ضرر عليهم لأنَّ دفع الضرر العام يُقَدَّمُ على الضرر الخاص . 6 ـ ( درء المفاسد مُقَدَّمٌ على جلب المصالح ) : إذا كان هناك تعارض بين مفسدة ومصلحة ؛ وجب دفع المفسدة ولو ضاعت المصلحة . 7 ـ ( إذا تعارض المَانعُ والمُقْتَضِي يُقَدَّمُ المانعُ ) : بمعنى إذا كان هناك لأمرٍ محاذيرٌ تتطلَّبُ منعهُ ، ودوافعُ تقتضي السماح به ؛ فهنا يُقَدَّمُ المنعُ ، مثل أن يُمنعُ الشريكُ من التصرفِ في المالِ المُشتَرَكِ فيه على وجه يضرُّ بشريكه ، وذلك أنَّ حقَّ الشريك مانعٌ له من التصرُّفِ ، وإنْ كان حقُّ الشَّرِكَةِ مقتضيةٌ صحَّة تصرفه .
8 ـ ( الضرر لا يكون قديماً ) : بمعنى كل ما فيه ضرر يُزال ؛ سواءٌ كان حديثاً أو قديماً ، مثل أن يكون للمكلف بناءٌ تُطلُّ منه نافذة على أرض جاره ، فلو بنى جاره وكانت هذه المنافذ تُطِلُّ على نسائه وعوراته ؛ فيجب إزالتها ولا عبرة بقدمها هنا . أما ما كان قديماً في أيدي المكلفين ، وفيه نفع لهم ، ولا مضرَّة فيه للآخرين ؛ فهنا للقِدَمِ اعتبار ، ويكون انتفاعهم مشروعاً ، وهنا قاعدة : ( القِدَمُ يُترَكُ على قِدَمِهِ ) . ] [289]
فوائد الحديث : 1 ـ تحريم ضرر النفس وضرر الغير[290] .
2 ـ أنَّ الضرر يُزال[291] .
3 ـ اجتناب سائر المضرات في النفس والمال والأهل والعِرض[292] .
الحديث الثالث والثلاثون:
أُسُسُ القضاء في الإسلام
درجة الحديث ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-سمو التشريع الإسلامي 2-البينة وأنواعها 3-البينة حجة المدعي واليمين حجة المدعى عليه 4 - استثناء 5-حجة المدعي مقدمة على حجة المدعى عليه 6-القضاء بالنكول 7- بم تكون اليمين 8 – آداب اليمين 9 – الحكم بالشاهد مع اليمين 10 – تحليف الشهود 11- قضاء القاضي بعلمه 12-القضاء لا يُحِل حراماً ولا يُحرِّم حلالاً 13-أجر القاضي العادل ) ، فوائد الحديث .
عن ابن عَبَّاسٍ رضي اللُه عنهما[293]: أن رسولَ الله r قال: " لو يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لادَّعَى رِجَالٌ أموالَ قَوْمٍ ودِماءَهُمْ ، ولَكِنِ البَيِّنَةُ على المُدَّعِى والْيَمينُ على من أَنْكَرَ ". حديث حسَنٌ ، رَوَاهُ الْبَيْهقي وغيرُهُ هكذا[294] ، وبَعْضُهُ في الصحِيحَين[295] .
درجة الحديث : الحديث ثابت ، قال ابن رجب رحمه الله : أصل هذا الحديث خرَّجاه في الصحيحين[296]، وصححه الألباني [297].
أهمية الحديث : قال شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: وهذا الحديث أصل من أصول الأحكام ، وأعظم مرجع عند التنازع والخصام[298] ، قال الشيخ السعدي رحمه الله : ” هذا الحديث عظيم القدر ، وهو أصل من أصول القضايا والأحكام ، فإن القضاء بين الناس إنما يكون عند التنازع ، هذا يدعي على هذا حقاً من الحقوق ، فينكره ، وهذا يدعي براءته من الحق الذي كان ثابتاً عليه ، فبين e أصلاً يفض نزاعهم ، ويتضح به المحق من المبطل ، فمن ادعى عيناً من الأعيان ، أو ديناً ، أو حقاً من الحقوق وتوابعها على غيره ، وأنكره ذلك الغير ، فالأصل مع المنكر .
فهذا المدعي إن أتى ببينة تثبت ذلك الحق ، ثبت له ، وحُكمَ له به ، وإن لم يأت ببينة ، فليس له على الآخر إلا اليمين“[299]
مفردات الحديث: لو يعطى الناس : ما ادعوا أنه حقهم وطالبوا به [300]. بدعواهم : أي بمجرد قولهم وطلبهم دون ما يثبت ذلك .[301]
لادَّعى رجال : أي لاستباح بعض الناس دماء غيرهم وأموالهم وطلبوها دون حق.
البَيِّنَةُ : هي الشهود، مأخوذة من البيان وهو الكشف والإظهار، أو إقرار المُدَّعَى عليه وتصديقِهِ للمُدَّعِي. والبينة : هي اسم لكل ما يبين الحق ويظهره ، فيدخل الشهود والإقرار والقرائن الدالة وفهم القاضي باختبار .
على المُدَّعِي : وهو من يدعي الحق على غيره و يُطالبه به. وقالوا : المدَّعِي : هو من إذا سكت تُرِكَ ، و المدَّعَى عليه : هو من إذا سكت لم يُترَك .
الْيَمينُ[302] : الحَلِفُ على نفي ما اُدُّعِي به عليه. على من أَنْكَرَ : منكر الدعوى وهو المدعى عليه.
المعنى العام:
سموُّ التشريع الإسلامي: الإسلام منهج متكامل للحياة، فيه العقيدة الصافية، والعبادة الخالصة، والأخلاق الكريمة ، والتشريع الرفيع، الذي يضمن لكل ذي حق حقه، ويصون لكل فرد دمه وماله وعرضه، ولما كان القضاء هو المرجع والأساس في فصل المنازعات وإنهاء الخصومات، والحكم الفصل في إظهار الحقوق وضمانها لأصحابها، وضع له الإسلام القواعد والضوابط التي تمنع ذوي النفوس المريضة من التطاول والتسلط، وتحفظ الأمة من العبث والظلم، وخير مثال على ذلك حديث الباب، الذي يشرط ظهور الحجج لصحة الدعوى وإمضائها، ويقرر ما هي حجة كل من المتداعيين المناسبة له، والتي يعتمد عليها القاضي في تعرف الحق وإصدار الحكم على وفقه.
البينة وأنواعها: أجمع العلماء على أن المراد بالبينة الشهادة، لأنها تكشف الحق وتظهر صدق المدعي غالباً، والشهادة هي طريق هذا الكشف والإظهار، لأنها تعتمد على المعاينة والحضور.
والثابت في شرع الله عز وجل أنواع أربعة للشهادات[303] :
1 - الشهادة على الزنا: وهذه يشترط فيها أربعة رجال ولا يُقبل فيها قول النساء[304] .
2 - الشهادة على القتل والجرائم التي لها عقوبات محددة: كالسرقة وشرب الخمر والقذف،وتسمى في الفقه بالحدود، ويشترط فيها رجلان، ولا يُقبل فيها قول النساء أيضاً.
3 - الشهادة لإثبات الحقوق المالية: كالبيع والقرض والإجارة، فإنها يقبل فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين .
4 - الشهادة على ما لا يطلع عليه والرجال غالباً من شؤون النساء: كالولادة والبَكَارة والرضاع ونحوها، وهذا النوع تقبل فيه شهادة النساء وإن انفردن عن الرجال، وربما قُبِلت فيه شهادة المرأة الواحدة كما هو مذهب الحنفية .
[ ويشترط في الشهود : البلوغ – والعقل – والكلام – والإسلام – والعدالة .] [305].
البينة حجة المدعي واليمين حجة المدَّعى عليه : القاضي المسلم مأمور بالقضاء لمن قامت الحجة على صدقه، سواء أكان مدعياً أم مدعىً عليه، وقد جعل الشرع الحكيم البينة حجة المدعي إذا أقامها استحق بها ما ادعاه[306]، كما جعل اليمين حجة المُدَّعَى عليه فإذا حلف برىء مما اُدُّعِيَ عليه[307].
وثبت أن رسول الله r قال للمدعي : " شاهداك أو يمينه " رواه مسلم .[308]
( قال النووي رحمه الله تعالى : ويُستثنى مسائل : فيُقبل المُدَّعِي بلا بينة فيما لا يُعْلَمُ إلا من جهته ، كدعوى الأب حاجةً إلى الإعفاف ، ودعوى السفيه التوقان إلى النكاح مع القرينة ، ودعوى الخنثى الأنوثة أو الذكورة ، ودعوى الطفل البلوغ بالاحتلام ، ودعوى المَدِينِ الإعسار في ديْنٍ لزمه بلا مُقابل ؛ كصداق الزوجة ؛ والضمان ؛ وقيمة المُتْلَفِ ، ودعوى المرأة انقضاء العِدَّة بالإقرار أو بوضع الحمل ، ودعواها أنها اُسْتُحِلَّتْ وطُلِّقَتْ ، ودعوى المُودَعِ تلفَ الوديعة أو ضياعَها بسرقةٍ ونحوها ، ويُستثنى أيضاً القِسامةُ ؛ فإنَّ الأيمان تكون في جانب المُدَّعِي مع اللوث[309] ، واللعان ؛ فإن الزوج يَقْذِفُ ويُلاعِنُ ويُسْقِطُ عنه الحدود ، ودعوى الوطء في مُدَّةِ العدَّةِ ؛ فإنَّ المرأة إذا أنكرته يُصَدَّقُ الزوجُ بدعواه إلا أن تكون الزوجة بكراً ، وكذا لو ادَّعى أنَّه وطِئَ في مُدَّة الإيلاء ، وتارك الصلاة ؛ إذا قال : صليت في البيت ، ومانع الزكاة ؛ إذا قال : أخرجتها ، إلا أنْ يُنكرَ الفقراءُ وهم محصورون ؛ فعليه البينة ، وكذا لو ادعى الفقرَ وطلب الزكاة أُعطي ولا يُحلَّفُ ، بخلاف ما إذا ادعى العيال ؛ فإنه يحتاج إلى البينة ، ولو أكل في يوم الثلاثين من رمضان وادَّعى أنه رأى الهلال لم يُقبل منه إن ادَّعى ذلك بعد الأكل ؛ فإنه ينفي عن نفسه التعزيرَ ، وإذا ادَّعى ذلك قبل الأكل قُبِلَ ولم يُعَزَّرْ ، وينبغي أن يأكل سِرَّاً لأن شهادته وحده لا تُقبل .)[310] .
حجة المدعي مُقَدَّمة على حجة المُدَّعَى عليه[311] : إذا توفرت شروط الدعوى لدى القضاء وسمعها القاضي ، ثم سأل المدعى عليه عنها : فإذا أقرَّ بها قَضَي عليه ، لأنَّ الإقرار حجة يُلْزَم بها المُقِرُّ ، وإن أنكر ، طلب القاضي من المُدَّعِي البينةَ ، فإن أتى بها قَضَي له ، ولم يلتفت إلى قول المُدَّعَى عليه أو إنكارِه وإنْ غَلَّظ الأَيْمَان ، فإن عَجَز المُدَّعِي عن إقامة البينة ، وطلب يمين خصمه ، استحلفه القاضي ، فإن حلف برىء وانتهت الدعوى .
القضاء بالنُّكُول[312] : إذا توجهت اليمين على المُدَّعَى عليه فنكل عنها، أي رفض أن يحلف وامتنع عن اليمين، قضي عليه بالحق الذي ادعاه المدعي لدى الحنفية والحنابلة على تفصيل عندهم فيما يُقبل فيه من الحقوق وفيما لا يُقبل ، وقال المالكية والشافعية: لا يقضى عليه بالنكول ، إنما ترد اليمين على المدعي.
بم تكون اليمين : إذا توجهت اليمين على أحد من المتخاصمين حلَّفه القاضي بالله تعالى، ولا يجوز أن يحلِّفه بغير ذلك : سواء كان الحالف مسلماً أم غير مسلم .
روى البخاري ومسلم وغيرهما : عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن النبي r قال : " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ، فمن كان حالفاً فليحلف بالله وإلا فليصمُت " .[313]
ومن هذا: إحضار المصحف وتحليفه عليه إن كان الحالف مسلماً، مع مراعاة شروط مس القرآن وحمله وآدابه، وأن يحلف بالله تعالى الذي أنزل التوراة على موسى إن كان يهودياً، وبالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى إن كان نصرانياً، وبالله تعالى الذي خلقه وصوره إن كان وثنياً، ونحو ذلك.
آداب اليمين: إذا توجهت اليمين على الحالف فيستحب للقاضي ونحوه أن يعظه قبل الحلف، ويحذره من اليمين الكاذبة[314]. فإن كان من توجهت عليه اليمين يعلم من نفسه الكذب وجب عليه أن يعترف بالحق الذي عليه، ويتورع عن الحلف، حتى لا يقع في غضب الله تعالى والحرمان من رحمته.
وإن كان يعلم من نفسه الصدق كان الأولى في حقه أن يحلف، وربما وجب عليه ذلك، لأن الله تعالى شرع اليمين في هذه الحالة حتى يصون المسلم حقه من الضياع.
[ الحكم بالشاهد مع اليمين : إذا لم يُقِم المُدَّعِي البينة كاملة ، بأن جاء بشاهد واحد والدعوة لا تثبت إلا بشاهدين ، فهل يُقبل اليمين بدل الشاهد ؟ ( الجواب ) : يُقضى له بشاهد ويمين ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله r قضى بيمين وشاهد ( شرح مسلم : 4 / 301 )،وهذا ما ذهب إليه المالكية والشافعية والحنابلة وإسحاق وأبو ثور إلا في الحدود والقصاص.][315]
تحليف الشهود[316] : للقاضي أن يستحلف الشهود، تقوية لشهادتهم، ودفعاً للريبة. قضاء القاضي بعلمه: إذا كان القاضي على علم بحقيقة الدعوى التي رفعت إليه، فليس له أن يحكم بمقتضى علمه، وإنما يحكم بناء على ما يتوفر له من الحجج الظاهرة للمُدَّعِي أو المُدَّعَى عليه، حتى ولو كانت هذه الحجج مخالفة لعلمه.
القضاء لا يُحِلّ حراماً ولا يُحَرِّم حلالاً:
إذا توفرت لدى القضاء وسائل الإثبات أو النفي من الحجج الظاهرة كالبينة أو اليمين قضى بها، لأنه مأمور باتباع ما ظهر له من الأدلة كما علمنا، فيلزم المقضي عليه بتنفيذ ما قضي به. ولكن هذا القضاء قد يكون على خلاف الحق من حيث الواقع، كما لو أتى المدعي بشاهدي زور، أو حلف المدعى عليه يميناً كاذبة، ففي هذه الحالة لا يحل للمَقضِي له ما قُضِيَ بِه، وهو يعلم من نفسه أنه ليس بحق له، كما لا يَحْرُمُ على المَقضِي عليه ما يعلم من نفسه أنه حلال له وحق.
ومثال ذلك: ما لو شهد شاهدان بطلاق امرأة زوراً، وأنكر الزوج تطليقها، وحكم القاضي بالفراق، فإنه لا يحل لهذه المرأة أن تتزوج بأحد غير زوجها الأول، لأنها ما زالت زوجة في شرع الله عز وجل، كما لا يحرم على زوجها معاشرتها، لأنها في الحقيقة لم تَطْلُقْ منه.
أجر القاضي العادل[317] :
إن واجب القاضي أن يبذل جهده للتعرف على جوانب الدعوى ، ويقضي بحسب ما توصل إليه اجتهاده أنه الحق ، وظن أنه الصواب ، قال r : " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر " متفق عليه .[318]
روى أبو داود وغيره : عن النبي r قال : " القضاة ثلاثة : واحد في الجنة واثنان في النار : فأما الذي في الجنة : فرجل عرف الحق فقضى به ، ورجل عرف الحق فَجَارَ في الحكم فهو في النار ، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار " .[319]
فوائد الحديث :
1 ـ حرص الشريعة على حفظ أموال الناس ودمائهم[320] .
2 ـ ما كل من ادعى يُعطى له بمجرد دعواه[321] .
3 ـ من ادعى بشيء على إنسان فلا بدَّ له من البينة[322] .
4 ـ على المدعى عليه إذا أنكرَ اليمينُ[323]، وإلا حُكِمَ عليه .
5 ـ الأصل براءة الذمة حتى يُدان المتهم[324] .
6 ـ يبني القاضي حكمه على ما يظهر له[325] .
7 ـ على الحاكم أن يبذل جهده في المسألة[326] .
8 ـ أن اليمين على المُدَّعى عليه مطلقاً[327] .
















الحديث الرابع والثلاثون:
إزَالَةُ المُنْكَرِ فَريضَةٌ إسلاميّة
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-مجاهدة أهل الباطل 2-إنكار المنكر 3-الإنكار بالقلب 4-الإنكار باليد أو اللسان له حكمان : فرض كفاية وفرض عين 5-عاقبة ترك إزالة المنكر مع القدرة عليها 6-ترك الإنكار خشية وقوع مفسدة 7-أمر الأمراء ونهيهم 8-الغلظة واللِّين في الأمر والنهي 9-لا إنكار لما اختلف فيه 10-من آداب الآمر والناهي 11-النية والقصد في الأمر والنهي ) ، حكم الإنكار ، دوافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، خطر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فوائد الحديث .
عن أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ t[328] قال: سمعتُ رسولَ الله r يقوُل : "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لمَْ يَسْتَطِعْ فَبلِسانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ اْلإِيمَانِ". رواه مسلم[329]
أهمية الحديث : هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين ، وواضح أنَّ الإنسان يلزمه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب الاستطاعة[330] .
مفردات الحديث: رأى:يُحتمل أن يكون المراد رؤية البصر،أو أنَّ المراد رؤية القلب؛وهي العلم ، والثاني أشمل وأعمُّ[331]. منكم : أي من المسلمين المكلَّفين، فهو خطاب لجميع الأمة.
منكراً : وهو ترك واجب أو فعل حرام ولو كان صغيرة. فليغيره : فليزله ويذهبه ويغيره إلى طاعة.
بيده : إن توقف تغييره عليها ككسر آلات اللهو وإراقة الخمر ومنع ظالم عن ضرب ونحوه. وذلك أضعف الإيمان : المراد أنَّ ذلك أدنى الإيمان[332]، وأقله ثمرة[333] .
المعنى العام:
مجاهدة أهل الباطل: إن الحق والباطل مقترنان على وجه الأرض منذ وجود البشر، وكلما خمدت جذور الإيمان في النفوس بعث الله عز وجل من يزكيها ويؤججها، وهيأ للحق رجالاً ينهضون به وينافحون عنه، فيبقى أهل الباطل والضلال خانعين، فإذا سنحت لهم فرصة نشطوا ليعيثوا في الأرض الفساد، وعندها تصبح المهمة شاقة على من خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم، ليقفوا في وجه الشر يصفعونه بالفعل والقول، وسخط النفس ومقت القلب.
أخرج مسلم عن النبي r قال : " ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب ، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم خُلُوفٌ ، يقولون ما لا يفعلوا ، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " .[334]
حواريون: خلصاء أصفياء، تَخْلُفُ : تحدث. خُلُوف : جمع خَلْف وهو الذي يخلف بشر .[335] إنكار المنكر: لقد أجمعت الأمة على وجوب إنكار المنكر، فيجب على المسلم أن ينكر المنكر حسب طاقته، وأن يغيره حسب قدرته على تغييره، بالفعل أو القول، بيده أو بلسانه أو بقلبه :
الإنكار بالقلب[336] : من الفروض العينية التي يُكَلَّف بها كل مسلم، ولا تسقط عن أحد في حال من الأحوال، معرفة المعروف والمنكر، وإنكار المنكر في القلب، فمن لم يعرف المعروف والمنكر في قلبه هلك، ومن لم ينكر المنكر في قلبه دل على ذهاب الإيمان منه. قال ابن مسعود : هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر.[337]
إنكار القلب عند العجز : إنكار القلب يُخَلِّص المسلم من المسؤولية إذا كان عاجزاً عن الإنكار باليد أو اللسان ، قال ابن مسعود t : يوشك من عاش منكم أن يرى منكراً لا يستطيع له غيرَ أَنْ يَعلمَ اللهُ من قَلْبِهِ أَنَّهُ لَهُ كارِهٌ .[338]
والعجز أن يخاف إلحاق ضرر ببدنه أو ماله، ولا طاقة له على تحمل ذلك، فإذا لم يغلب على ظنه حصول شيء من هذا لا يسقط عنه الواجب بإنكار قلبه فقط، بل لابد له من الإنكار باليد أو اللسان حسب القدرة.
مسألة[339] : الإنكار بالقلب ليس فيه تغيير للمنكر ، فما معنى قوله r : ( فبقلبه ) ؟ . الجواب : أنَّ المراد أن ينكر ذلك ولا يرضاه ويشتغل بذكر الله ، وقد مدح الله تعالى العاملين بذلك فقال : { وإذا مروا باللغو مروا كراماً }[340] . الرضا بالمعصية كبيرةٌ: من علم بالخطيئة ورضي بها فقد ارتكب ذنباً كبيراً ، وأتى أقبح المحرمات، سواء شاهد فعلها أم غاب عنه، وكان إثمه كإثم من شاهدها ولم ينكرها .
روى أبو داود عن العُرْسِ بن عميرة t ، عن النبي r قال : " إذا عُمِلَت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة : أنكرها - كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فَرَضِيَها كمن شهدهها".[341]، وذلك لأن الرضا بالخطيئة يفوت به إنكار القلب، وقد علمنا أنه فرض عين، وترك فرض العين من الكبائر.
الإنكار باليد أو اللسان له حكمان[342] : فرض كفاية : إذا رأى المنكر أو علمه أكثر من واحد من المسلمين وجب إنكاره وتغييره على مجموعهم، فإذا قام به بعضهم ولو واحداً كفى وسقط الطلب عن الباقين، وإذا لم يقم به أحد أثم كل من كان يتمكن منه بلا عذر ولا خوف ، ودل على الوجوب على الكفاية قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ}[343]. والأمة الجماعة، وهي بعض المسلمين.
فرض عين : وإذا رأى المنكر أو علمه واحد، وهو قادر على إنكاره أو تغييره، فقد تعين عليه ذلك. وكذلك إذا رآه أو علمه جماعة، وكان لا يتمكن من إنكاره إلا واحد منهم، فإنه يتعين عليه، فإن لم يقم به أثم.[344]
عاقبة ترك إزالة المنكر مع القدرة عليها : إذا تُرِكَ النهي عن المنكر استشرى الشر في الأرض، وشاعت المعصية والفجور، وكثر أهل الفساد، وتسلطوا على الأخيار وقهروهم، وعجز هؤلاء عن ردعهم بعد أن كانوا قادرين عليهم، فتطمس معالم الفضيلة، وتعم الرذيلة، وعندها يستحق الجميع غضب الله تعالى وإذلاله وانتقامه، قال الله تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[345]. لا يتناهون: لا ينهى بعضهم بعضاً إذا رآه على المنكر. والأحاديث في هذا كثيرة، منها:
ما أخرج ابن ماجه : عن جرير t ، عن النبي r قال : " ما من قوم يُعْمَلُ فيهم بالمعاصي هم أعزُّ منهم وأمنعُ لا يُغيِّرونَ إلا عمَّهم اللهُ بعقابٍ " .[346]
[ خطر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :
أولاً : أن ذلك من صفات المنافقين ، قال تعالى : } المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهــم {[347] .
ثانياً : نزول البلاء والعذاب ، قال e : ( إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ) رواه الترمذي .[348]
ثالثاً : عدم استجابة الدعاء ، قال e : ( والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ) رواه الترمذي .[349]
رابعاً : اللعن والإبعاد من رحمة الله ، قال تعالى : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[350].



من أقوال السلف :
وقال علي بن أبي طالب t : أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشنآن الفاسقين ؛ فمن أمر بالمعروف شدَّ ظهرَ المؤمن ، ومن نهى عن المنكر أرغمَ أنف المنافق ، ومن شنأَ المنافقين وغضب لله عز وجل غضب الله تعالى له .[351]
وقال علي t أيضاً : ” أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فإذا لم يعرف القلب المعروف ولم ينكر المنكر نُكِّسَ ، فَجُعِلَ أعلاهُ أسفلَه “ .[352]
وقال أبو الدرداء t : ” لتأمُرُنَّ بالمعروف ولتَنْهُنَّ عن المنكر أو ليسلطنَّ الله عليكم سلطاناً ظالماً لا يُجِلُّ كبيركم ، ولا يَرحمُ صغيركم ، ويدعوا عليه خياركم فلا يُستجابُ لهم وتُستنصرون فلا تُنصرون وتَستغفرون فلا يُغفر لكم “ .[353]
وقال حذيفة t عندما سئل عن مَيْتِ الأحياء :” الذي لا يُنكرُ المنكرَ بيده ولا بلسانه ولا بقلبه“.[354]
وقال سفيان الثوري : ” إني لأرى الشيءَ يجب عليَّ أنْ أتكلمَ فيه فلا أفعل فأبول دماً “ .[355]
وقال أبو المنذر إسماعيل بن عمر : سمعت أبا عبد الرحمن العمري يقول : ” ... من ترك الأمر بالمعروف خوف المخلوقين ، نزعت منه الهيبة ، فلو أمر ولده لاستخف به “ .[356]
وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فضائل وثمرات كثيرة ، منها :
أولاً :مهمة الرسل ،قال تعالى: } ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت{[357].
ثانياً :من صفات المؤمنين ،قال تعالى:} والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم{[358] . ثالثاً : أن خيرية الأمة مناطة بهذه الشعيرة ، قال تعالى : } كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله {[359] . رابعاً : من أوصاف سيد المرسلين ، قال تعالى : } الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويُحَرِّمُ عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ... {[360] .
خامساً : من خصال الصالحين ، قال تعالى : } ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون * يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين {[361] .
سادساً : من أسباب النصر ، قال تعالى : } ... ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز * الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور {[362] .
سابعاً : من أسباب النجاة ، قال تعالى : } أنجينا الذين ينهون عن السوء {[363] .][364] . تصحيح لفهم خاطئ[365] : يخطئ الكثير من المسلمين حين يرغبون في تبرير انهزامهم وتقصيرهم في إنكار المنكر، فيحتجون بقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيتُمْ}[366]. على أن الآية نفسها توجب القيام بإنكار المنكر إذا فُهِمت الفهمَ الصحيح، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي بكر t قال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيتُمْ} وإنا سمعنا النبي r يقول: " إِنَّ الناس إذا رَأَوُا الْمُنْكَرَ وَلاَ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ الله أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ ".[367]
قال النووي رحمه الله في (( شرح مسلم )) : لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم مثل قوله تعالى : { ولا تزر وازرة وزر أخرى }[368] وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه أدى ما عليه فإنما عليه الأمر والنهى لا القبول والله أعلم.[369]
ترك الإنكار خشية وقوع مفسدة : إذا كان المكلف قادراً على إنكار المنكر الذي رآه أو علمه ، لكنه غلب على ظنه أن تحدث نتيجة إنكاره مفسدة ويترتب عليه شر ، هو أكبر من المنكر الذي أنكره أو غيره ، فإنه في هذه الحالة يسقط وجوب الإنكار ،عملاً بالأصل الفقهي : يُرَتَكَبُ أَخَفُّ الضررين تفادياً لأشدهما ، على أنه ينبغي أن يتنبه هنا إلى أن الذي يسقط وجوب الإنكار غالبية الظن، لا الوهم والاحتمال الذي قد يتذرع به الكثير من المسلمين، ليبرروا لأنفسهم ترك هذا الواجب العظيم من شرع الله عز وجل.
ذهب العلماء إلى القول بوجوب الأمر والنهي حتى لمن علم أنه لا يقبل، ليكون في هذا معذرة للمسلم الآمر الناهي، ولأن المطلوب منه هو الإنكار لا القبول، لأن الله تعالى يقول: {فذكِّرْ إنما أنتَ مذكر}[370] ويقول: {إنْ عليكَ إلا البلاغ}[371].
وفي ذلك رد صريح على أولئك الذين يجبنون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويريدون أن يصدوا غَيرهم عن القيام بواجبه ، فيقولون: لا تُتْعِب نفسك، ودع الأمور، لا فائدة من الكلام، وربما احتجوا خاطئين بقوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت}[372]. ويغيب عن ذهنهم أنها نزلت في شأن أبي طالب ، الذي مازال رسول الله r يدعوه إلى الإسلام، ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، حتى لَفَظَ الأنفاس الأخيرة وهو على شركه، فنزلت الآية تواسي النبي r لحزنه على عمه الذي دافع عنه وناصره، مبينة له: أنه لا يستطيع أن يجعل الهداية في قلب من أحب، لا أنها تنهاه عن الأمر والنهي.
قول الحق دون خوف أو رهبة: على المسلم أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر دون أن يلتفت إلى شأن من يأمره أو ينهاه، من منصب أو جاه أو غنى، ودون أن يلتفت إلى لوم الناس وعبثهم وتخذيلهم ، ودون أن يأبه بما قد يناله من أذى مادي أو معنوي يقدر على تحمله ويدخل في طاقته، على أن يستعمل الحكمة في ذلك، ويخاطب كُلاًّ بما يناسبه، ويعطي كل موقف ما يلائمه .
أخرج الترمذي وابن ماجه ، من حديث أبي سعيد t عن النبي r أنه قال في خطبة : " ألا لا يَمْنَعَنَّ رجلاً هيبةُ الناس أن يقول بحقٍّ إذا علمه " .[373]
أمر الأمراء ونهيهم: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الأمة، كما أنه حق لها. والأمة رئيس ومرؤوس، فكما يجب على الأمراء أن يأمروا وينهَوا الرعية كذلك يجب على الأمة أن تأمر وتنهى أمراءها، قياماً بالواجب وأداءً للحق.
ورضي الله عن أبي بكر، إذ وقف عقب استخلافه ليضع المنهج السوي الذي يستقيم عليه أمر الراعي والرعية ، فقال : يا أيها الناس أني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن ضعفت فقوموني وإن أحسنت فأعينوني الصدق أمانة والكذب خيانة الضعيف فيكم القوي عندي حتى أزيح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم الضعيف عندي حتى آخذ منه الحق إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالفقر ولا ظهرت - أو قال شاعت - الفاحشة في قوم إلا عممهم البلاء أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله .[374]
يجب أن يكون تغيير المنكر بداية الدين ، قال عليه الصلاة والسلام : " الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم .[375]
الغِلظة واللِّين في الأمر والنهي: ينبغي أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحكمة، كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}[376].
وتختلف الحكمة حسب حال المأمور والمنهي، وما يؤمر به أو ينهى عنه، وما يكون أنفع وأبلغ في الزجر، فتارة ينبغي استعمال اللين في القول والمجاملة والمداراة، وتارة لا تصلح إلا القسوة والغلظة. ولذلك كان من يأمر وينهى لا بد فيه من صفات، أهمها: الرفق، والحلم، والعدل، والعلم. كرامة لا ذلة : ليس فيما ينال المسلم من أذى في سبيل أمره ونهيه ذلة أو مهانة، وإنما هي عزة وشرف ورفعة في الدنيا والآخرة، وشهادة في سبيل الله عز وجل، بل أعظم شهادة .
عن النبي r قال : " أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر " رواه أبو داود وابن ماجه .[377] يجب على المسلم أن ينكر المنكر إذا كان ظاهراً وشاهَدَهُ ورآه ، دلَّ على ذلك قوله r : " من رأى منكم منكراً " ، فإذا داخله ريبة وشك في منكر خفي مستور عنه، فإنه لا يتعرض له ولا يفتش عنه، لأن هذا النوع هو من التجسس المنهي عنه .
ويقوم مقام الرؤية علمه بالمنكر، وتحققه عن وقوعه ومعرفة موضعه، كما إذا أخبره ثقة بذلك، أو كانت هنالك قرائن تجعل الظن غالباً بوجود المنكر، ففي هذه الحالة يجب عليه الإنكار بالطريقة المناسبة التي تكفل القضاء على المنكر، واستئصال جذور الشر والفساد من المجتمعات .
لا إنكار لما اختُلِفَ فيه : لقد قرر العلماء أن الإنكار يكون لفعلٍ ما أجمع المسلمون على تحريمه، أو ترك ما أجمعوا على وجوبه، كشرب الخمر والتعامل بالربا وسفور النساء ونحو ذلك، أو ترك الصلاة أو الجهاد ونحو ذلك أيضاً.
أما ما اختلف العلماء في تحريمه أو وجوبه فلا ينكر على فعله أو تركه، شريطة أن يكون هذا الاختلاف ممن يعتد بهم من العلماء، وأن يكون ناشئاً عن دليل. عموم المسؤولية وخصوصها[378] : إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب الأمة جمعاء، فكل مسلم علم بالمنكر وقدر على إنكاره وجب عليه ذلك على الوجه الذي علمت، لا فرق في ذلك بين حاكم ومحكوم، أو عالم وعامي. ولكن هذه المسؤولية تتأكد على صنفين من الناس، وهما: العلماء والأمراء. أما العلماء: فلأنهم يعرفون من شرع الله تعالى ما لا يعرفه غيرهم من الأمة، ولما لهم من هيبة في النفوس واحترام في القلوب، مما يجعل أمرهم ونهيهم أقرب إلى الامتثال وأدعى إلى القبول . والخطر الكبير عندما يتساهل علماء الأمة بهذه الأمانة التي وضعها الله تعالى في أعناقهم، روى الترمذي ، عن ابن مسعود t قال : رسول الله r : " لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا ، فجالسوهم في مجالسهم ، وواكلوهم وشاربوهم ، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون " ، فجلس رسول الله r وكان متكئاً ، فقال : " لا والذي نفسي بيده ، حتى تأطروهم على الحق أطراً ".[379] أي تحملوهم عليه وتحبسوهم وتعطفوهم وتردوهم إليه . وأما الأمراء : أي الحكام، فإن مسؤوليتهم أعظم، وخطرهم إن قصروا في الأمر والنهي أكبر، لأن الحكام لهم ولاية وسلطان، ولديهم قدرة على تنفيذ ما يأمرون به وينهَون عنه وحمل الناس على الامتثال، ولا يخشى من إنكارهم مفسدة، لأن القوة والسلاح في أيديهم والناس ما زالوا يحسبون حساباً لأمر الحاكم ونهيه.
فإذا قصر الحاكم في الأمر والنهي طمع أهل المعاصي والفجور، ونشطوا لنشر الشر والفساد، دون أن يراعوا حرمة أو يقدسوا شرعاً، ولذا كان من الصفات الأساسية للحاكم الذي يتولى الله تأييده ونصرته، ويثبت ملكه ويسدد خطته، أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. فإذا أهمل الحكام هذا الواجب العظيم فقد خانوا الأمانة التي وضعها الله تعالى في أعناقهم، وضيعوا الرعية التي استرعاهم الله تعالى عليها. من آداب الآمر والناهي: أن يكون ممتثلاً لما يأمر به، مجتنباً لما ينهى عنه، حتى يكون لأمره ونهيه أثر في نفس من يأمره وينهاه، ويكون لفعله قبول عند الله عز وجل، فلا يكون تصرفه حجة عليه توقعه في نار جهنم يوم القيامة.
النية والقصد في الأمر والنهي: ينبغي أن يكون الحامل على الأمر والنهي هو ابتغاء رضوان الله تعالى وامتثال أمره، لا حب الشهرة والعلو وغير ذلك من الأغراض الدنيوية. فالمؤمن يأمر وينهى غضباً لله تعالى إذا انتهكت محارمه، ونصيحة للمسلمين ورحمة بهم إذا رأى منهم ما يُعَرِّضهم لغضب الله عز وجل وعقوبته في الدنيا والآخرة، وإنقاذاً لهم من شر الويلات والمصائب عندما ينغمسون في المخالفات وينقادون للأهواء والشهوات. يبتغي من وراء ذلك كله الأجر والمثوبة عند الله سبحانه، ويقي نفسه من أن يناله عذاب جهنم إن هو قصر في أداء الواجب، وترك الأمر والنهي. العبودية الحقة : قد يكون الباعث لدى المؤمن على الأمر والنهي إجلاله البالغ لعظمة الله سبحانه، وشعوره أنه أهل لأن يطاع فلا يعصى، وأن يُذكر فلا ينسى، ويُشكر فلا يكفر ، ويزكي ذلك في نفسه محبته الصادقة لله عز وجل، التي تمكنت من قلبه وسرت في آفاق روحه سريان الدم في العروق، ولذلك تجده يؤثر أن يستقيم الخلق ويلتزموا طاعة الحق، وأن يفتدي ذلك بكل غال ونفيس يملكه، بل حتى ولو ناله الأذى وحصل له الضرر، يتقبل ذلك بصدر رحب، وربما تضرع إلى الله عز وجل أن يغفر لمن أساء إليه ويهديه سواء السبيل. وهذه مرتبة لا يصل إليها إلا من تحققت في نفسه العبودية الخالصة لله عز وجل، وانظر إليه r وقد آذاه قومه وضربوه، فجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول : " اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " .[380]
[ حكم الإنكار :
1 ـ إذا انتقل إلى منكر أكبر فحرام . 2 ـ إذا انتقل إلى منكر مساوٍ فمحل اجتهاد . 3 ـ إذا انتقل إلى منكر تظنه مساوٍ فحرام . 4 ـ إذا انتقل إلى الأصلح فواجب . ][381] .
دوافع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر[382] : 1 ـ كسب الثواب والأجر . 2 ـ خشية عقاب الله . 3 ـ الغضب لله . 4 ـ النصح للمؤمنين والرحمة بهم ورجاء إنقاذهم . 5 ـ إجلال الله وإعظامه ومحبته .
[ من شروط الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر :
أولاً : أن يكون بعلم ، فلا بد من العلم بالمنكر والمعروف ، ولا بد من العلم بحال المأمور وحال المنهي .
قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ” من عبد الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح “ .[383]
ثانياً : أن يكون رفيقاً ، كما قال e : ( ما كان الرفق في شيء إلا زانه ) رواه ابن حبان .[384]
ثالثاً : أن يكون حليماً صبوراً على الأذى ، فإنه لا بد أن يحصل له أذى ، كما قال لقمان لابنه : }وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور {[385]، وقال تعالى : } واصبر على ما يقولون {[386]، وقال تعالى : } فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل {[387] .
وهل يشترط أن يكون عدلاً ؟ اختلف العلماء في ذلك على قولين :
القول الأول : يشترط ذلك ، واستدلوا بقوله تعالى : } أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب {[388]، وهذه الآية ذم لهم ، وبقوله تعالى : } يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلــون {[389]، وبحديث أنس t قال : قال e : ( مررت ليلة أُسري بي على قومٍ تُقرضُ شِفاهُهُم بمقاريضَ من نارٍ ، قلت : ما هؤلاءِ ؟ قال : هؤلاءِ خطباء أمتك من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون ) رواه أحمد.[390]
القول الثاني : لا يشترط ذلك ، واستدلوا بقوله e : ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ) متفق عليه.[391]وبعموم الآيات والأحاديث الواردة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولأن اشتراط العدالة سَدٌّ لباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
قال سعيد بن جبير رحمه الله : ” إن لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر إلا من لا يكون فيه شيء لم يأمر أحد بشيء “[392] ، وهذا القول هو الصحيح .] [393].
فوائد الحديث : 1 ـ يجب على الإنسان أن ينكر المنكر بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه[394] . 2 ـ [ في هذا الحديث بيان كيفية تغيير المنكر ودرجاته :
أولاً : التغيير باليد :
ـ ويشترط للتغيير باليد أن يكون مستطيعاً ، فإن لم يستطع كأن يخاف أن يترتب على ذلك منكراً أعظم أو مفسدة كبرى ، فإنه لا يغير بيده .
ـ بدأ بتغيير المنكر باليد ، لأنه أقوى درجات الإنكار ، لأنه إزالة للمنكر بالكلية وزجر عنه .
ثانياً : التغيير باللسان :
ـ كالتذكير والترغيب والترهيب والوعظ .
ـ إذا لم يستطع التغيير باللسان لوجود مانع ، فإنه لا يغير بلسانه .
ثالثاً : التغيير بالقلب :
ـ وهذه واجبة على الجميع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فأما القلب فيجب بكل حال ، إذ لا ضرر في فعله ، ومن لم يفعله فليس هو بمؤمن ، كما قال النبي e : ( وذلك أدنى أو أضعف الإيمان ) ، وقال :( ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ) ، وقيل لابن مسعود : ” من ميت الأحياء ؟ فقال : الذي لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، وهذا هو المفتون الموصوف في حديث حذيفة بن اليمان“[395]].[396]
3 ـ من قدر على خصلة من خصال الإيمان وفعلها ، أفضل ممن تركها عجزاً[397] .
4 ـ المنكر ما أنكره الشرع[398] .
5 ـ العمل ثمرة الإيمان[399] .
6 ـ وجوب الإنكار متعلق بالقدرة بالإجماع . 7 ـ وإنكار المنكر متعلق بالانتفاع عند كثير من أهل العلم ، قال تعالى : { فذكر إن نفعت الذكرى}[400] ، وذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ، ودلَّ عليه عمل بعض الصحابة y كابن عمر وابن عباس y ، والجمهور على الوجوب مطلقاً .
8 ـ الأصل في الإنكار كونه علناً بشرط رؤية المنكر .
9 ـ يسر الشريعة حيث رتب الإنكار على الاستطاعة[401] .
10ـ [ الإنكار بالقلب لا بُعذر في تركه أحد ، وعدم إنكار المنكر بالقلب دليل على ذهاب الإيمان منه ، ولهذا قال ابن مسعود t : ( هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر )[402] ][403] . 11 ـ من لوازم الإنكار بالقلب مفارقة المنكر وأهله ، لقوله تعالى : {وقد نَزَّلَ عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً} [404] ، وقال تعالى : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما يُنسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين}[405].
12 ـ أن الإيمان يتفاوت ، بعضه ضعيف وبعضه قوي ، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة[406] .

الحديث الخامس والثلاثون:
أخُوَّةُ الإِسلامِ وحُقوقُ المُسْلِم
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-النهي عن الحسد 2-النهي عن النجش 3-النهي عن التباغض 4-النهي عن التدابر 5-النهي عن البيع على البيع 6-الأمر بنشر التآخي 7-واجبات المسلم نحو أخيه 8-التقوى مقياس التفاضل وميزان الرجال 9-حرمة المسلم ، ما يستفاد من الحديث )
عن أبي هُريرةَ t[407] قال: قال رسوُل الله r : "لا تَحَاسَدُوا، ولا تَنَاجَشُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَدَابَرُوا، ولا يَبعْ بَعْضُكُمْ على بَيْعِ بَعْضٍ، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوَاناً، المُسْلمُ أَخُو المُسْلمِ: لا يَظْلِمُهُ، ولا يخذله ، [ ولا يَكْذِبُهُ ][408]، ولا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى ههُنا - ويُشِيرُ إلى صَدْرِه ثَلاثَ مَرَّاتٍ - بِحَسْبِ امْرِىءٍ مِنَ الشَّرِّ أن يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمِ، كُلُّ المُسْلِمِ على الْمسْلِم حَرَامٌ: دَمُهُ ومالُهُ وعِرْضُهُ" رواه مسلم[409]
أهمية الحديث : لا يقتصر الرسول الكريم r بتأكيد الأخوة الإسلامية على رفعها كشعار، بل يحيطها بأوامر ونواهٍ تجعلها حقيقة ملموسة بين أفراد المجتمع المسلم، وهذا الحديث اشتمل على أحكام كثيرة وفوائد عظيمة لبلوغ هذه الغاية الإسلامية النبيلة، وحمايتها من كل عيب أو خلل حتى لا تصبح الأخوة كلاماً يهتف به الناس، وخيالاً يحلمون به ولا يلمَسُون له في واقع حياتهم أي أثر، ولذلك قال النووي في " الأذكار" عن هذا الحديث: وما أعظم نفعه، وما أكثر فوائده.
مفردات الحديث: لا تحاسدوا : أي لا يتمنى بعضكم زوال نعمة بعض. لا تناجشوا : والنجش في اللغة: الخداع أو الارتفاع والزيادة. وفي الشرع : أن يزيد في ثمن سلعة ينادي عليها في السوق ونحوه ولا رغبة له في شرائها، بل يقصد أن يضر غيره. لا تدابروا : لا تتدابروا ، والتدابر : المصارمة والهجران. لا يخذله : لا يترك نصرته عند قيامه بالأمر بالمعروف أو نهيه عن المنكر، أو عند مطالبته بحق من الحقوق، بل ينصره ويعينه ويدفع عنه الأذى ما استطاع. لا يكذبه : لا يخبره بأمر على خلاف الواقع.
لا يحقره : لا يستصغر شأنه ويضع من قدره.
بحسب امرئ من الشر : يكفيه من الشر أن يحقر أخاه، يعني أن هذا شر عظيم يكفي فاعله عقوبة هذا الذنب.
وعرضه : العرض هو موضع المدح والذم من الإنسان.

المعنى العام :
النهي عن الحسد: تعريفه: الحسد لغة وشرعاً: تمني زوال نعمة المحسود، وعودها إلى الحاسد أو إلى غيره. وهو خُلُقٌ ذميم مركوز في طباع البشر، لأن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل.
حكمه: أجمع الناس من المشرعين وغيرهم على تحريم الحسد وقبحه.
حكمة تحريمه: أنه اعتراض على الله تعالى ومعاندة له، حيث أنعم على غيره، مع محاولته نقض فعله تعالى وإزالة فضله. أقسام أهل الحسد[410] : قسم يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل. وقسم آخر من الناس، إذا حسد غيره لم يبغ على المحسود بقول ولا بفعل. وقسم ثالث إذا وجد في نفسه الحسد سعى في إزالته، وفي الإحسان إلى المحسود بإبداء الإحسان إليه والدعاء له ونشر فضائله، وفي إزالة ما وجد له في نفسه من الحسد حتى يبدله بمحنته، وهذا من أعلى درجات الإيمان، وصاحبه هو المؤمن الكامل الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
[ خطورة الحسد :
أولاً : من صفات اليهود، قال تعالى : } ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم{[411].
ثانياً: فيه أذى للمسلمين ، قال تعالى:} والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً{[412].
ثالثاً : أمر الله بالاستعاذة منه ، قال تعالى : } ومن شَرِّ حاسدٍ إذا حسد {[413] .
رابعاً : أن فيه اعتراض على قدر الله وهذا سوء أدب .
قال الشاعر منصور الفقيه [414]:
ألا قل لمن ظلَّ لي حاسداً أتدري على من أسأت الأدبْ
أسأت على الله في حكمه إذا أنت لم ترضَ لي ما وهبْ
الحسد أضر شيء على الحاسد ، لأنه يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل إلى المحسود مكروه :
أولاً : غم لا ينقطع .
ثانياً : مصيبة لا يؤجر عليها .
ثالثاً : مذمة لا يحمد بها .
رابعاً : يسخط عليه الرب .
خامساً : تغلق عليه أبواب التوفيق .[415]
من أقوال السلف :
روي أنَّ رجلاً قال لابنه : ” يا بني إياك والحسد ، فإنه يتبين فيك ولا يتبين في عدوك “ .[416]
وعن سفيان بن دينار قال : ” قلت لأبي بشر : أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ؟ قال : كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً ، قلت : ولم ذاك ؟ قال : لسلامة صدورهم “ .[417]
وشتم رجل ابن عباس t ، فقال له : ” إنك لتشتمني وفيَّ ثلاث خصال : إني لآتي على الآية في كتاب الله فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم ، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به ، ولعلي لا أقاضي إليه أبداً ، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلداً من بلدان المسلمين فأفرح به ، وما لي به من سائمة“.[418]
وقال علي t : ” لا راحة لحسود ، ولا إخاء لملول ، ولا محبَّ لسيء الخلق “ .[419]
وقال معاوية t : ” كل الناس أَقْدِرُ أُرضيهم إلا حاسدَ نعمة ، فإِنَّه لا يُرضيه إلا زوالها “ .[420]
وقال الحسن : ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من حاسدٍ ؛ نَفَسٌ دَائمٌ ؛ وحُزْنٌ لازمٌ ؛ وغَمٌّ لا ينفدُ .[421]
وكان الفضيل بن عياض يقول : الغبطة من الإيمان ؛ والحسد من النفاق ؛ والمؤمن يغبط ولا يحسد ؛ والمنافق يحسد ولا يغبط ؛ والمؤمن يستر ويَعِظ وينصح ؛ والفاجر يهتك ويعير ويفشي .[422]

الحسد سبب لكثير من البلايا :
ـ فهو سبب امتناع إبليس من السجود لآدم .
ـ وهو من أسباب امتناع القرشيين من الإيمان بالرسول e .
ـ وسبب لامتناع اليهود من الإيمان بمحمد e .
ـ وإخوة يوسف لما حسدوه باعوه .][423] .
النهي عن النجش:
تعريفه: تضمن الحديث النهي عن النجش، وهو أن يزيد في ثمن سلعة ينادى عليها في السوق ونحوه، ولا رغبة له في شرائها، بل يقصد أن يضر غيره.
وحكمه: حرام إجماعاً على العالم بالنهي، سواء كان بمواطأة البائع أم لا، لأنه غش وخديعة، وهما محرمان، ولأنه ترك للنصح الواجب، قال رسول الله r : " من غشنا فليس منا " [424]، وفي رواية : " من غشَّ فليس منِّي " رواه مسلم.[425]
أما حكم عقد البيع من النجش: فقد اختلف فيه العلماء، فمنهم من قال: إنه فاسد، وهو رواية عن أحمد اختارها طائفة من أصحابه. وأكثر الفقهاء على أن البيع صحيح مطلقاً، إلا أن مالكاً وأحمد أثبتا للمشتري الخيار إذا لم يعلم بالحال وغُبِنَ غبناً فاحشاً يخرج عن العادة، فإن اختار المشتري حينئذ الفسخ فله ذلك، وإن أراد الإمساك فإنه يحط ما غبن به من الثمن.
النهي عن التباغض:
تعريفه: البغض هو النفرة من الشيء لمعنى فيه مستقبح، ويرادفه الكراهة ، وقد نهى النبي r المسلمين عن التباغض بينهم في غير الله تعالى، فإنَّ المسلمين إخوة متحابون،قال الله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[426]. حكمه: وهو لغير الله حرام.
تحريم ما يوقع العداوة والبغضاء: حرم الله على المؤمنين ما يوقع بينهم العداوة والبغضاء، فحرم الخمر والميسر، قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}[427] وحَرَّم الله المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء، ورَخَّصَ في الكذب في الإصلاح بين الناس.
[ ويمكن أن يجتنب التباغض بين المسلمين بأمرين :
الأمر الأول : التباعد عن كل أمر يؤدي إلى التباغض .
ـ فقد حرم الله الخمر لأنه يوقع بين المسلمين العداوة والبغضاء ، قال تعالى : {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ}[428] .
ـ وحرم المشي بالنميمة لما فيها من إيقاع العداوة والبغضاء .
ـ وحرم بيع المسلم على بيع أخيه لنفس العلة .
الأمر الثاني : القيام بالأسباب التي تؤدي إلى التحاب بين المسلمين .
ومنها : معرفة أن التحاب من علامة الإيمان ، قال e : ( والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، ..) رواه مسلم .[429]
ومنها : الهدية ، قال e : ( تَهَادَوْا تَحَابُّوا ) رواه الإمام مالك .[430] وهو بالتشديد من الحب وأما بالتخفيف فهو من المحاباة .
ومنها: إفشاء السلام ،كما في الحديث السابق :( لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ،...أفشوا السلام بينكم).[431]
ومنها : أن الله امتن على عباده بالتأليف بين قلوبهم ، كما قال تعالى : } واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً {[432] .] [433].
النهي عن التدابر :
التدابر هو المصارمة والهجران ، وهو حرام إذا كان من أجل الأمور الدنيوية، وهو المراد بقوله r _ في البخاري ومسلم عن أبي أيوب _ : " لا يَحِلُّ لمسلم أن يَهْجُرَ أخاه فوق ثلاث ، يلتقيان فيصدُّ هذا ويصدُّ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام " واللفظ للبخاري .[434]
أما الهجران في الله، فيجوز أكثر من ثلاثة أيام إذا كان من أجل أمر ديني، وقد نص عليه الإمام أحمد، ودليله قصة الثلاثة الذين خُلِّفوا في عزوة تبوك، وأمر النبي r بهجرانهم خمسين يوماً، تأديباً لهم على تخلفهم، وخوفاً عليهم من النفاق .( تنظر القصة كاملة في السيرة ).
كما يجوز هجران أهل البدع المغلظة والدعاة إلى الأهواء والمبادئ الضالة ، ويجوز هجران الوالد لولده ، والزوج لزوجته ، وما كان في معنى ذلك تأديباً ، وتجوز فيه الزيادة على الثلاثة أيام ، لأنَّ النبي r هجر نساءه شهراً.[435]
[ ويمكن للمسلم أن يتجنب الهجران بمعرفة خطورته :
أولاً : أنه حرام ، لحديث الباب : ( ولا تدابروا ) ، وللحديث السابق : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) .
ثانياً : خطر من هجر أخاه سنة ، قال e:( من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه)رواه أبو داود.[436]
ثالثاً : أن التهاجر والتقاطع يفرح الشيطان ، قال e : ( إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه ، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة ، يجيء أحدهم فيقول : فعلت كذا وكذا ، فيقول : ما صنعت شيئاً ، ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته ، قال : فيدنيه منه ويقول : نعم أنت ) رواه مسلم .[437]
وقالe : ( إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ، ولكن في التحريش بينهم ) رواه مسلم .[438]
رابعاً : لا تُرفع أعمالُ المتهَاجِرَين ، قال e : ( وتعرض الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل لكل عبد لا يشرك به شيئاً إلا المتشاحنين ؛ يقول الله للملائكة : ذروهما حتى يصطلحا ) رواه أحمد.[439]
خامساً : معرفة فضل من بدأ منهما بالسلام ، قال e : ( وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) .[440]
فائدة : والهجر لا يجوز مطلقاً في الأمور الدنيوية ، أما لأجل الدين فيجوز إذا كان لمصلحة وفيه منفعة ، وقد هجر النبي e الثلاثة الذين خلفوا ، وأمر بهجرهم .][441] .
النهي عن البيع على البيع : وقد ورد النهي عنه كثيراً في الحديث، وصورته أن يقول الرجل لمن اشترى سلعة في زمن خيار المجلس أو خيار الشرط : افسخ لأبيعك خيراً منها بمثل ثمنها، أو مثلها بأنقص، ومثل ذلك الشراء على الشراء، كأن يقول للبائع: افسخ البيع لأشتري منك بأكثر، وقد أجمع العلماء على أن البيع على البيع والشراء على الشراء حرام[442].
قال النووي رحمه الله : وهذا الصنيعُ في حالةِ البيعِ والشراءِ صُنْعٌ آثِمٌ ، مَنْهِيٌّ عَنْهُ .[443]
[ تحريم بيع المسلم على بيع أخيه : أولاً : تحريم أن يبيع الإنسان على بيع إنسان آخر ، لقوله e :( لا يبع بعضكم على بيع بعض).[444]
مثال ذلك : أن يشتري شخص من إنسان سلعة بعشرة ، فيأتيه آخر ويقول : أعطيك مثلها بتسعة ، أو يقول : أعطيك أحسن منها بعشرة ، فهذا حرام ولا يجوز .
ثانياً : ومثله الشراء على شراء أخيه .
مثال ذلك : علمتُ أن زيداً باع على عمر بيته بـ ( 100 ) ، فذهبت إلى زيد وقلت له : يا فلان ، أنت بعت بيتك على عمر بـ ( 100 ) ، أنا سأعطيك ( 120 ) .
ثالثاً : هل يجوز البيع على بيع الكافر ؟ اختلف العلماء على قولين :
القول الأول : يجوز ، لقوله e : ( ولا يبع الرجل على بيع أخيه )[445] والكافر ليس أخاً .
القول الثاني : لا يجوز ، وهذا مذهب جماهير العلماء .
قالوا : وأما قوله e : ( لا يبع الرجل على بيع أخيه ) فهذا قيد أغلبي لا مفهوم له .
رابعاً : الحكمة من النهي :
قطع العدوان على الغير ، واجتناب ما يؤدي إلى العداوة والبغضاء .
خامساً : ما حكم هذا البيع ؟ اختلف العلماء :
القول الأول : أنه صحيح مع الإثم ، وهذا مذهب الجمهور كما ذكر ذلك الشوكاني .
القول الثاني : أنه باطل ، وهذا مذهب المالكية والحنابلة ورجحه ابن حزم .][446] .
أما السوم على السوم: فهو أن يتفق صاحب السلعة والراغب فيها على البيع، وقبل أن يعقداه يقول آخر لصاحبها: أنا أشتريها بأكثر، أو للراغب: أنا أبيعك خيراً منها بأقل ثمناً، فهو حرام كالبيع على البيع والشراء على الشراء، ولا فرق في هذا بين الكافر والمؤمن، لأنه من باب الوفاء بالذمة والعهد.
والحكمة في تحريم هذه الصورة ما فيها من الإيذاء والإضرار، وأما بيع المزايدة وهو البيع ممن يزيد فليس من المنهي عنه،لأنه قبل الاتفاق والاستقرار،وثبت أن رسول الله r عرض بعض السلع وكان يقول : من يزيد؟.[447]
الأمر بنشر التآخي : يأمر النبي r بنشر التآخي بين المسلمين فيقول: "وكونوا عباد الله إخواناً "، أي اكتسبوا ما تصيرون به إخواناً من ترك التحاسد والتناجش والتباغض والتدابر وبيع بعضكم على بعض، وتعاملوا فيما بينكم معاملة الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير مع صفاء القلوب. ولا تنسوا أنكم عباد الله، ومن صفة العبيد إطاعة أمر سيدهم بأن يكونوا كالإخوة متعاونين في إقامة دينه وإظهار شعائره، وهذا لا يتم بغير ائتلاف القلوب وتراص الصفوف، قال تعالى: {...هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ...}[448].
ولابد في اكتساب الأخوة من أداء حقوق المسلم على المسلم، كالسلام عليه، وتشميته إذا عطس، وعيادته إذا مرض، وتشييع جنازته، وإجابة دعوته، والنصح له.
ومما يزيد الأخوة محبة ومودة الهدية والمصافحة، ففي الترمذي عن أبي هريرة عن النبي r قال : "تهادَوا فإن الهدية تذهب وَحَرَ الصدر" أي غشه وحقده.[449]
واجبات المسلم نحو أخيه: تحريم ظلمه : فلا يُدخل عليه ضرراً في نفسه أو دينه أو عرضه أو ماله بغير إذن شرعي، لأن ذلك ظلم وقطيعة محرَّمة تنافي أخوة الإسلام.
تحريم خذلانه: الخذلان للمسلم محرم شديد التحريم، لا سيما مع الاحتياج والاضطرار قال الله تعالى : {وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ}[450] وروى أبو داود : " ما من امرئ يخذل امرأ مسلماً في موضع تُنْتَهَكُ فيه حرمته ويُنْتَقَصُ من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته " .[451]
والخذلان المحرَّم يكون دنيوياً، كأن يقدر على نصرة مظلوم ودفع ظالمه فلا يفعل. ويكون دينياً، كأن يقدر على نصحه عن غيه بنحو وعظ فلا يفعل.
تحريم الكذب عليه أو تكذيبه: ومن حق المسلم على المسلم أن يصدق معه إذا حدثه، وأن يصدقه إذا سمع حديثه، ومما يُخِلّ بالأمانة الإسلامية أن يخبره خلاف الواقع، أو يحدثه بما يتنافى مع الحقيقة ، وفي مسند الإمام أحمد عن النواس بن سمعان، عن النبي r : " كَبُرَت خيانة أن تُحَدِّث أخاك حديثاً هو لك مُصَدِّقٌ وأنت به كاذب " .[452]
تحريم تحقيره : يحرم على المسلم أن يستصغر شأن أخيه المسلم وأن يضع من قدره ، لأن الله تعالى لما خلقه لم يحقره بل كرمه ورفعه وخاطبه وكلفه ، فاحتقاره تجاوز لحد الربوبية في الكبرياء ، وهو ذنب عظيم ، والاحتقار ناشئ من الكبر .
التقوى مقياس التفاضل وميزان الرجال: التقوى هي اجتناب عذاب الله بفعل المأمور وترك المحظور، والله سبحانه وتعالى إنما يكرم الإنسان بتقواه وحسن طاعته، لا بشخصه أو كثرة أمواله ، فالناس يتفاوتون عند الله في منازلهم حسب أعمالهم ، وبمقدار ما لديهم من التقوى .
ومكان التقوى: القلب، قال تعالى: {ذلك وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[453]، وإذا كانت التقوى في القلوب فلا يطلع أحد على حقيقتها إلا الله ، كما أن الأعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى، إنما تحصل بما يقع في القلب من عظيم خشية الله ومراقبته.
فقد يكون كثير ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراب من التقوى، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبه مملوء من التقوى، فيكون أكرم عند الله تعالى، ولذلك كان التحقير جريمة كبرى، لأنه اختلال في ميزان التفاضل وظلم فادح في اعتبار المظهر، وإسقاط التقوى التي بها يوزن الرجال. وليُعلم أن كلمة : (( التقوى هاهنا )) ، يقولها بعض الناس إذا عمل معصية وأُنْكِرَ عليه ، فيقول : التقوى ههنا ، وهي كلمة حق ، لكنه أراد بها باطلاً ، وهذا جوابه أن نقول له : لو كان هنا تقوى لاتقت الجوارح ، لأن النبي r يقول : ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ،ألا وهي القلب ) .[454]
حرمة المسلم: للمسلم حرمة في دمه وماله وعرضه، وهي مما كان النبي r يخطب بها في المجامع العظيمة، فإنه خطب بها في حجة الوداع: يوم النحر، ويوم عرفة، ويوم الثاني من أيام التشريق وقال : " فإن أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ... " .[455]
وهذه هي الحقوق الإنسانية العامة التي يقوم عليها بناء المجتمع المسلم الآمن، حيث يشعر المسلم بالطمأنينة على ماله، فلا يسطو عليه لص أو يغتصبه غاصب، والطمأنينة على عرضه، فلا يعتدي عليه أحد، وحفاظاً على ذلك كله شرع الله تعالى القصاص في النفس والأطراف، وشرع قطع اليد للسارق، والرجم أو الجلد للزاني الأثيم.
ومن كمال الحفاظ على حرمة المسلم عدم إخافته أو ترويعه، ففي سنن أبي داود : أخذ بعض الصحابة حَبْلَ آخرَ ففزع، فقال r : " لا يحل لمسلم أن يُرَوع مسلماً " [456]، وروى الترمذي : " لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعباً ولا جاداً ؛ فمن أخذ عصا أخيه فليردها إليه " [457]، وفي البخاري ومسلم : " إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس أَجْلَ أَنْ يُحزِنَهُ"[458]وفي رواية:" فإن ذلك يؤذي المؤمن والله يكره أذى المؤمن ".[459]
[ المسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله ، وعرضه .
دمه : سبقت الأدلة على تحريم قتل المسلم بغير حق .
ماله : لا يجوز أخذ مال المسلم بغير حق ، قال تعالى : } ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {[460] ، وقال e : (ألا ولا يحل لامرىء من مال أخيه إلا بطيب نفس منه ) رواه الإمام أحمد .[461]
عرضه : فلا يجوز أن يغتابه .
والغيبة حرام بالكتاب والسنة والإجماع ، قال تعالى : } ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه {[462]، وقال e : ( فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام كحرمة يومكم هذا ... ) متفق عليه[463]، وعن أنس t قال : قال رسول الله e : ( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت :من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم ) رواه أبو داود .[464]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( قلت للنبي e : حسبك من صفية كذا وكذا [ قال بعض الرواة : تعني : قصيرة ] فقال : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته ) رواه أبو داود .[465]
قال النووي رحمه الله تعالى : ” وهذا من أبلغ الزواجر عن الغيبة “ .[466]
من أقوال السلف :
قال البخاري : ” ما اغتبت أحداً قط منذ علمت أن الغيبة حرام “ .[467]
وقال يحيي بن معاذ : ” ليكن حظ المؤمن منك ثلاثاً : إن لم تنفَعه فلا تَضُرَّه ، وإن لم تُفرِحه فلا تُغِمَّهُ ، وإن لم تمدَحه فلا تَذُمَّهُ “ .[468]
واغتاب رجل عند معروف الكرخي فقال له : ” اذكر القطن إذا وُضِعَ على عينيك “ .[469]
وقيل للربيع بن خثيم:”ما نراك تعيب أحداً ؟ فقال : لست عن نفسي راضياً فأتفرغ لذم الناس“.[470]
وقال ابن المبارك : ” لو كنت مغتاباً أحداً لاغتبت والديّ لأنهما أحق بحسناتي “[471] .] [472].
ما يستفاد من الحديث: 1 ـ أن الإسلام ليس عقيدة وعبادة فحسب، بل هو أخلاق ومعاملة أيضاً[473]. 2 ـ الأخلاق المذمومة في شريعة الإسلام جريمة ممقوتة. 3 ـ النية والعمل هي المقياس الدقيق الذي يزن الله به عباده ، ويحكم عليهم بمقتضاه . 4 ـ القلب هو منبع خشية الله والخوف منه وهو محل التقوى[474] . 5 ـ حث الإسلام على السمو بالنفس الإنسانية إلى المثالية العالية[475] . 6 ـ النفاق مرض اجتماعي خبيث يجب استئصاله[476] . 7 ـ الحث على الصدق في القول والأمانة في العمل والوفاء في النية[477] . 8 ـ النهي عن الحسد والنجش والتدابر والبيع على بيع المسلم[478]، وعظم احتقار المسلم[479] .
9 ـ بيان حال المسلم مع أخيه المسلم . 10 ـ [ تحريم دم المسلم وماله وعرضه ، وهذا هو الأصل ، لكن توجد أسباب تبيح ذلك ، ولذا قال تعالى : {إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق }[480] ، وقال : {ولَمَنِ انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل }[481]] . [482]
11 ـ أن الأمة الإسلامية لو اتجهت بهذه التوجيهات ، لنالت سعادة الدنيا والآخرة ، لأنها كلها آداب عظيمة عالية راقية ، تُحَصَّلُ بها المصالح وتَنْكَفُّ بها المفاسد[483] .
12 ـ استدل الكرابيسي بهذا الحديث على أن الغيبة والوقوع في عرض المسلمين كبيرة ، إما لدلالة الاقتران بالدم والمال ، وإما للتشبيه بقوله : ( كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )[484] .

[1] ـ صحيح مسلم ج4:ص1980 حديث رقم : 2553 .
[2] ـ هذا اللفظ الذي أثبتُّه هو الذي عند الدارمي في سنن الدارمي ج2:ص320 حديث رقم : 2533 ، قال الشيخ حسين أسد : إسناده ضعيف لانقطاعه . الزبير أبو عبد السلام لم يسمع من أيوب ، و قال الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح - (ج 2 / ص 126) حديث رقم : 2774 : ( لم تتم دراسته ) .
وأما لفظه في المسند فهو : " عن وَابِصَةَ بن مَعْبَدٍ t قال : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r وأنا أُرِيدُ أن لاَ ادع شَيْئاً مِنَ الْبِرِّ وَالإِثْمِ إلا سَأَلْتُهُ عنه وإذا عِنْدَهُ جَمْعٌ فَذَهَبْتُ أَتَخَطَّى الناس فَقَالُوا : إِلَيْكَ يا وَابِصَةُ عن رسول اللَّهِ r إِلَيْكَ يا وَابِصَةُ ، فقلت : أنا وَابِصَةُ ؛ دعوني أَدْنُو منه فإنه من أَحَبِّ الناس إلي أن أَدْنُوَ منه ، فقال لي : ادْنُ يا وَابِصَةُ ادْنُ يا وَابِصَةُ ، فَدَنَوْتُ منه حتى مَسَّتْ ركبتي رُكْبَتَهُ فقال : يا وَابِصَةُ أُخْبِرُكَ ما جِئْتَ تسألني عنه أو تسألني ؟ فقلت : يا رَسُولَ اللَّهِ فأخبرني ، قال : جِئْتَ تسألني عَنِ الْبِرِّ وَالإِثْمِ ، قلت : نعم فَجَمَعَ أَصَابِعَهُ الثَلاَثَ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بها في صدري وَيَقُولُ : يا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ نَفْسَكَ ؛ الْبِرُّ ما اطْمَأَنَّ إليه الْقَلْبُ وَاطْمَأَنَّتْ إليه النَّفْسُ وَالإِثْمُ ما حَاكَ في الْقَلْبِ وَتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ وإن أَفْتَاكَ الناس " قال سُفْيَانُ : " وَأَفْتَوْكَ " . ( مسند أحمد بن حنبل ج4/ص228 حديث رقم : 18030 ) قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف جداً ، الزبير أبو عبد السلام ذكره الحافظ في "التعجيل" .
[3] ـ انظر : الإصابة في تمييز الصحابة ج6:ص478 و الاستيعاب ج4:ص1534 .
[4] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[5] ـ انظر : حلية الأولياء ج2:ص23 ، و تهذيب الكمال ج30:ص392 .
[6] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[7] ـ البقرة : 177 .
[8] ـ صحيح البخاري ج1:ص465 حديث رقم : 1319 .
[9] ـ الأحزاب : 36 .
[10] ـ البقرة : 177 .
[11] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 242 بنحوه .
[12] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 242 بنحوه .
[13] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، وشرح النووي على الأربعين بنحوه .
[14] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[15] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[16] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[17] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[18] ـ جامع العلوم والحكم ص 480 .
[19] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[20] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص379 حديث رقم : 3600 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن ، قال الألباني في " السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 17 ) : " لا أصل له مرفوعاً ، و إنما ورد موقوفاً على ابن مسعود t " ، والمعجم الكبير ج9:ص112 حديث رقم : 8583 بلفظ : " فما رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وما رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ قَبِيحًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ قَبِيحٌ " ، ومسند الطيالسي ج1:ص33 حديث رقم : 246 بلفظ : " فما رآه المؤمنون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه قبيحاً فهو عند الله قبيح " ، وفضائل الصحابة لابن حنبل ج1:ص367 حديث رقم : 541 بلفظ : " فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رأى المسلمون سيئاً فهو عند الله سيء " ، والمستدرك على الصحيحين ج3:ص83 حديث رقم : 4465 بلفظ : " ما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون سيئاً فهو عند الله سيىء " .
[21] ـ جامع العلوم والحكم ص 480 .
[22] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[23] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[24] ـ النساء : 165 .
[25] ـ جامع العلوم والحكم ص 480 ، 481 .
[26] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري/ 109 بنحوه.
[27] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 78 .
[28] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 109 بنحوه .
[29] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 79 .
[30] ـ سنن أبي داود ج4:ص200 حديث رقم : 4607 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 10 / ص 107) : صحيح .
[31] ـ سنن الترمذي ج5:ص44حديث رقم :2676 ، ولفظه : حدثنا علي بن حجر حدثنا بقية بن الوليد عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي عن العرباض بن سارية t قال : وعظنا رسول الله r يوماً بعد صلاة الغداة موعظةً بليغةً ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب ، فقال رجل : إنَّ هذه موعظةُ مُوَدِّعٍ ؛ فماذا تعهد إلينا يا رسول الله ؟ قال : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنْ عبدٌ حبشيٌ فإنَّه من يعش منكم يرى اختلافاً كثيراً وإياكم ومحدثات الأمور فإنَّها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 6 / ص 176) : صحيح .
[32] ـ في متن الأربعين بهذا النص : (( عن أبي نَجيحٍ الْعِرْباضِ بنِ سارِيَةَ t قال: وَعَظَنَا رسولُ اللهِ r مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنها الْقُلُوبُ، وذَرَفَتْ منها الْعُيُونُ، فَقُلْنا: يا رسول اللهِ، كأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فأَوْصِنا. قال: "أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، والسَّمْعِ والطَّاعَةِ، وإن تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ، فإنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافاً كَثِيراً، فَعَليْكُمْ بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخُلفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ" رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن صحيح )) ، وهذا النص وجدته في صحيح الترغيب والترهيب وقال فيه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (ج 1 / ص 10) : صحيح ، ولم أجده عند أبي داود بهذا النص ، وإنما بنص آخر أثبتُّه في الأعلى ، ولم أجد النص مطابقاً عند الترمذي وإنما بلفظ مقارب وهو : " وَعَظَنَا رسول اللَّهِ r يَوْمًا بَعْدَ صَلاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ منها الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ منها الْقُلُوبُ ؛ فقال رَجُلٌ : إِنَّ هذه مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فإنه من يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلافاً كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذلك مِنْكُمْ فعليه بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ " ، وأشرت إلى رواية ابن ماجه .
[33] ـ سنن ابن ماجه ج1:ص15 حديث رقم : 42 ، ولفظه : حدثنا عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الله بن العلاء يعني بن زبر حدثني يحيى بن أبي المطاع قال : سمعت العرباض بن سارية t يقول : قام فينا رسول الله r ذات يوم فوعظنا موعظةً بليغة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون ؛ فقيل : يا رسول الله وعظتنا موعظة مودع فاعهد إلينا بعهد ، فقال : " عليكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإنْ عبداً حبشياً وسترون من بعدي اختلافاً شديداً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم والأمور المحدثات فإن كل بدعة ضلالة " قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 1 / ص 114) : صحيح .
[34] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[35] ـ قال النووي رحمه الله : وقيل : الأنياب . ( شرح النووي على الأربعين ) .
[36] ـ جامع العلوم والحكم ص 488.
[37] ـ صحيح مسلم ج2:ص591 حديث رقم : 866 .
[38] ـ صحيح مسلم ج4:ص2173 حديث رقم : 2821 .
[39] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 244 ، 245 ، 246 بنحوه .
[40] ـ جامع العلوم والحكم ص 489 .
[41] ـ الأنفال : 2 .
[42] ـ الحج : 34 ـ 35 .
[43] ـ الحديد : 16 .
[44] ـ الزمر : 23 .
[45] ـ المائدة : 83 .
[46] ـ سنن الترمذي ج4:ص171حديث رقم : 1633 ، قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 4 / ص 133) : صحيح .
[47] ـ سنن الترمذي ج4:ص175حديث رقم : 1639 ، قال الترمذي : حديث حسن ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 4 / ص 139) : صحيح .
[48] ـ صحيح البخاري ج1:ص234 حديث رقم : 629 ، صحيح مسلم ج2:ص715 حديث رقم : 1031 .
[49] ـ صحيح البخاري ج4:ص1689حديث رقم:4345،صحيح مسلم ج4:ص1832 حديث رقم: 2359.
[50] ـ انظر : حلية الأولياء ج1/ص51 .
[51] ـ سنن ابن ماجه ج2 : ص1426 حديث رقم : 4267 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 9 / ص 267) : حسن ، وكذا في سنن الترمذي ج4:ص553 حديث رقم : 2308 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 308 ) : حسن .
[52] ـ الحديد : 16 .
[53] ـ مصنف ابن أبي شيبة ج7:ص118 رقم : 34647 .
[54] ـ البداية والنهاية ج10/ص256 .
[55] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[56] ـ النساء : 131 .
[57] ـ سنن النسائي الكبرى ج5:ص221 حديث رقم : 8722 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن النسائي (ج 9 / ص 277) : صحيح .
[58] ـ النساء : 59 .
[59] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 253 بنحوه .
[60] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[61] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 82 .
[62] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 82 بنحوه .
[63] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[64] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[65] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 115 بنحوه .
[66] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 82 .
[67] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 115 .
[68] ـ سنن الترمذي ج5:ص609 حديث رقم : 3662 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 8 / ص 162) : صحيح .
[69] ـ جامع العلوم والحكم ص 500 .
[70] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[71] ـ جامع العلوم والحكم ص 500 .
[72] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 83 .
[73] ـ جامع العلوم والحكم ص 501 .
[74] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 253 .
[75] ـ سبقت ترجمته في الحديث الثامن عشر .
[76] ـ السجدة: 16-17 .
[77] ـ النَّصُّ المُثْبَتُ هو الذي عند الترمذي ج5/ص11 حديث رقم : 2616 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 6 / ص 116) : صحيح .
[78] ـ سنن ابن ماجه ج2/ص1314 حديث رقم : 3973 ولفظه : حدثنا محمد بن أبي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ ثنا عبد اللَّهِ بن مُعَاذٍ عن مَعْمَرٍ عن عَاصِمِ بن أبي النُّجُودِ عن أبي وَائِلٍ عن مُعَاذِ بن جَبَلٍ t قال : " كنت مع النبي r في سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا منه وَنَحْنُ نَسِيرُ فقلت : يا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي من النَّارِ ، قال : لقد سَأَلْتَ عَظِيمًا وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ على من يَسَّرَهُ الله عليه تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شيئاً وَتُقِيمُ الصَّلاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ ؛ ثُمَّ ألا أَدُلُّكَ على أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كما يُطْفِئُ النَّارَ الْمَاءُ وَصَلاةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ ثُمَّ قَرَأَ { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عن الْمَضَاجِعِ } حتى بَلَغَ { جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } ثُمَّ قال : ألا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ ؟ الْجِهَادُ ؛ ثُمَّ قال : ألا أُخْبِرُكَ بِمِلاكِ ذلك كُلِّهِ ؟ قلت : بَلَى ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ فقال : تَكُفُّ عَلَيْكَ هذا ، قلت : يا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا المؤاخذون بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ قال : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا مُعَاذُ ، هل يُكِبُّ الناس على وُجُوهِهِمْ في النَّارِ إلا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ " ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 8 / ص 473) : صحيح .
وكذا ورد الحديث بنحوه في مسند أحمد بن حنبل ج5:ص231 حديث رقم : 22069 .
[79] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[80] ـ قال النووي رحمه الله تعالى : قوله r : ( ثكلتك أمك ) ، أي فقدتك ، ولم يقصد رسول الله r حقيقة الدعاء ، بل جرى ذلك على العرب في المخاطبات . ( شرح النووي على الأربعين ) .
[81] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[82] ـ الأعراف : 43 .
[83] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص256 حديث رقم : 7473 .
[84] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[85] ـ صحيح البخاري ج1:ص19 حديث رقم : 28 .
[86] ـ صحيح البخاري ج1:ص18 حديث رقم : 26 .
[87] ـ صحيح البخاري ج1:ص197 حديث رقم : 504 .
[88] ـ سنن الترمذي ج2:ص229 حديث رقم : 387 ، قال الترمذي : حسن صحيح ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 1 / ص 387) : صحيح .
[89] ـ صحيح البخاري ج1:ص286 حديث رقم : 799 .
[90] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[91] ـ صحيح البخاري ج5:ص2384 حديث رقم : 6137 .
[92] ـ صحيح البخاري ج2:ص670 حديث رقم : 1795 ، صحيح مسلم ج2/ص806 حديث رقم: 1151.
[93] ـ سنن الترمذي ج3:ص136 حديث رقم : 764 ، قال الترمذي : حسن غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 2 / ص 264) : صحيح .
[94] ـ سنن النسائي (المجتبى) ج4:ص167 حديث رقم : 2230 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (ج 5 / ص 374) : صحيح .
[95] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2/ص402حديث رقم : 9214 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (ج 1 / ص 237) : حديث رقم : 980 : حسن لغيره .
[96] ـ صحيح البخاري ج3:ص1044 حديث رقم : 2685 ، صحيح مسلم ج2/ص808 حديث رقم : 1153 ، بلفظ : ( باعد ) .
[97] ـ سنن النسائي (المجتبى) ج4:ص165 حديث رقم : 2220 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (ج 5 / ص 364) : صحيح .
[98] ـ صحيح البخاري ج2:ص673 حديث رقم : 1805 ، وصحيح مسلم ج2/ص806 حديث رقم : 1151 ، بلفظ : ( قال الله عز وجل كل عمل بن آدم له إلا الصيام هو لي وأنا أجزي به ) .
[99] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص174 حديث رقم : 6626 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف ، وقال الشيخ الألباني رحمه الله في تمام المنة - (ج 1 / ص 394) : بل إسناد أحمد ضعيف لأن فيه ابن لهيعة وهو ضعيف من قبل حفظه ، وذكره الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج1:ص740 حديث رقم : 2036 وصححه .
[100] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[101] ـ الذاريات : 15-18 .
[102] ـ صحيح مسلم ج2/ص821 حديث رقم : 1163 .
[103] ـ السجدة : 16 .
[104] ـ صحيح مسلم ج2/ص821 حديث رقم : 1163 .
[105] ـ الذاريات : 15-18 .
[106] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1083 حديث رقم : 3251 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 7 / ص 251) : صحيح .
[107] ـ المستدرك على الصحيحين ج4:ص360 حديث رقم : 7921 .
[108] ـ سنن الترمذي ج4:ص354 حديث رقم : 1984 ، قال الترمذي : حديث غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 4 / ص 484) : حسن .
[109] ـ إحياء علوم الدين ج1/ص358 .
[110] ـ إحياء علوم الدين ج1/ص355 .
[111] ـ إحياء علوم الدين ج1/ص355 .
[112] ـ إحياء علوم الدين ج1/ص358 .
[113] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[114] ـ مسند أحمد بن حنبل ج5/ص245 حديث رقم : 22175 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : الحديث من سؤال معاذ إلى آخره صحيح بطرقه وشواهده دون قوله : " ما شحب وجه ...الخ " فإنه حسن لغيره ، وهذا إسناد ضعيف لضعف شهر بن حوشب ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف الترغيب والترهيب (ج 1 / ص 206 ) حديث رقم : 827 : ضعيف .
[115] ـ صحيح البخاري ج3:ص1028 حديث رقم : 2639 ، و صحيح مسلم ج3/ص1499 حديث رقم : 1880 .
[116] ـ صحيح البخاري ج2:ص891 حديث رقم : 2382 ، و صحيح مسلم ج1/ص89 حديث رقم : 84 بلفظ : " قلت : يا رسول الله ؛ أي الأعمال أفضل ؟ قال : الإيمان بالله والجهاد في سبيله " .
[117] ـ صحيح البخاري ج3/ص1026 حديث رقم : 2634 بلفظ : " قيل : يا رسول الله ، أي الناس أفضل ؟ فقال رسول الله : مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله " ، و صحيح مسلم ج3:ص1503 حديث رقم : 1888 .
[118] ـ صحيح مسلم ج3:ص1498 حديث رقم : 1878 .
[119] ـ صحيح البخاري ج3/ص1028 حديث رقم : 2637 .
[120] ـ صحيح البخاري ج3/ص1035 حديث رقم : 2656 .
[121] ـ فتح الباري ج6/ص30 .
[122] ـ التوبة : 111 .
[123] ـ سنن الترمذي ج4:ص184 حديث رقم : 1655 ، قال الترمذي : حديث حسن ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 4 / ص 155) : حسن .
[124] ـ الصف : 10 ـ 13 .
[125] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[126] ـ جامع العلوم والحكم ص 518 .
[127] ـ سنن الترمذي ج4:ص363 حديث رقم : 2004 ، قال الترمذي : حديث صحيح غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 4) : حسن الإسناد .
[128] ـ سنن الترمذي ج4:ص606 حديث رقم : 2409 ، قال الترمذي : حديث حسن غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 409) : حسن صحيح .
[129] ـ صحيح البخاري ج5:ص2377 حديث رقم : 6113 .
[130] ـ صحيح البخاري ج5:ص2377 حديث رقم : 6112 ، و صحيح مسلم ج4/ص2290 حديث رقم : 2988 بلفظ : " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوى بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " .
[131] ـ حلية الأولياء ج3/ص20 ، و تهذيب الكمال ج32/ص530 ، و سير أعلام النبلاء ج6/ص293 ، و صفة الصفوة ج3/ص306 .
[132] ـ طبقات الحفاظ ج1/ص99 ، و الكامل في ضعفاء الرجال ج2/ص310 ، و ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج2/ص246 ، و تهذيب الكمال ج6/ص190 ، و سير أعلام النبلاء ج7/ص368 .
[133] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص275 .
[134] ـ المستطرف في كل فن مستظرف ج1/ص188 .
[135] ـ المستطرف في كل فن مستظرف ج1/ص187 .
[136] ـ مرقاة المفاتيح ج1/ص185 .
[137] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[138] ـ صحيح البخاري ج2:ص553 حديث رقم : 1447 .
[139] ـ سنن أبي داود ج1:ص115 حديث رقم : 426 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 1 / ص 426) : صحيح.
[140] ـ سنن أبي داود ج2:ص36 حديث رقم : 1325 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 3 / ص 325) : صحيح بلفظ : " أي الصلاة " .
[141] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص975 حديث رقم : 2924 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 6 / ص 424) : صحيح ، و العجُّ : رفع الصوت [ مختار الصحاح ج1:ص174 ] ، و الثجُّ : سيلان دم الهدي [ مختار الصحاح ج1:ص35 ] .
[142] ـ قال الشيخ حسين أسد : إسناده صحيح ، والحديث متفق عليه .
[143] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص418 حديث رقم : 3973 .
[144] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 88 بنحوه .
[145] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[146] ـ البقرة : 96 .
[147] ـ الفرقان : 65 .
[148] ـ سنن أبي داود ج2:ص85 حديث رقم : 1519 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 4 / ص 19) : صحيح .
[149] ـ سنن أبي داود ج1:ص259 حديث رقم : 984 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 2 / ص 484) : حسن صحيح .
[150] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[151] ـ طه : 25 .
[152] ـ العنكبوت : 69 .
[153] ـ الفوائد ج1/ص59 .
[154] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[155] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 121 .
[156] ـ الليل : 5 ـ 10 .
[157] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[158] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 89 .
[159] ـ لقمان : 13 .
[160] ـ الأنعام : 88 .
[161] ـ النساء : 48 .
[162] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[163] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 121 بنحوه .
[164] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 121 بنحوه .
[165] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 121 .
[166] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 91 .
[167] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[168] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه ، التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 90 .
[169] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 90 بنحوه .
[170] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 91 .
[171] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 88 .
[172] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 92 .
[173] ـ واللفظ الوارد عند الدارقطني هو : عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول الله r : " إن الله عز وجل فرض فرائض فلا تضيعوها وحرم حرمات فلا تنتهكوها وحَدَّ حدوداً فلا تعتدوها وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها " [ سنن الدارقطني ج4/ص183 ـ 184 حديث رقم : 42 ] ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح - (ج 1 / ص 42) : ضعيف .
[174] ـ انظر : رياض الصالحين – تحقيق الشيخ الألباني رحمه الله (ج 1 / ص 621) .
[175] ـ جامع العلوم والحكم ص 520 .
[176] ـ انظر : صحيح وضعيف الجامع الصغير - (ج 8 / ص 467) .
[177] ـ انظر : المعجم الصغير ( الروض الداني ) ج2:ص249 ، حديث رقم : 1111 .
[178] ـ أسد الغابة بنحوه .
[179] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص277 .
[180] ـ الأنعام : 151 .
[181] ـ المائدة : 87 .
[182] ـ مريم : 64 .
[183] ـ طه : 52 .
[184] ـ صحيح مسلم ج2:ص975 حديث رقم : 1337 .
[185] ـ سنن أبي داود ج4:ص201 حديث رقم : 4608 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 10 / ص 108) : صحيح .
[186] ـ المتنطعون : هم المتعمقون المغالون في الكلام الذين يتكلمون بأقصى حلوقهم تكبراً . [ لسان العرب ج8:ص357 ] .
[187] ـ صحيح مسلم ج1/ص119 حديث رقم : 134 .
[188] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 93 .
[189] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 125 ،
[ الحديث قسم الأحكام إلى أربعة أقسام :
القسم الأول : الفرائض ، ( كالصلاة ، والصيام ، والزكاة ، وجميع الواجبات التي أمر الله بها ) .
ـ وهذه يجب المحافظة عليها .
ـ والفرض تعريفه : ما ذم تاركه شرعاً .
ـ وحكمه : يثاب فاعله امتثالاً ويعاقب تاركه .
ـ والفرض والواجب بمعنى واحد عند كثير من العلماء .
ـ وله صيغ :
منها : فعل الأمر ، كقوله تعالى : } وأقيموا الصلاة وآتــوا الزكاة { .
ومنها : الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر ، كقوله تعالى : } وليطوفوا بالبيت العتيق { .
ومنها : التصريح من الشارع بلفظ الأمر ،كقوله تعالى : } إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها {.
ومنها : التصريح بلفظ الإيجاب أو الفرض أو الكتب ، كقوله تعالى : } فريضة من الله { وقوله : } كتب عليكم الصيام {.
ـ والفرض ينقسم إلى قسمين : فرض عين – وفرض كفاية .
الفرض العيني : وهو ما يتحتم أداؤه على كل مكلف بعينه .
والفرض الكفائي : وهو ما يتحتم أداؤه على جماعة من المكلفين ، لا من كل فرد منهم ، بحيث إذا قام به بعض المكلفين فقد أدِيَ الواجب ، وسقط الإثم والحرج عن الباقين .
ـ فرض العين أفضل من فرض الكفاية .
لأن فرض العين مفروض حقاً للنفس ، فهو أهم عندها من فرض الكفاية وأكثر مشقة ، بخلاف فرض الكفاية فإنه مفروض حقاً للكفاية ، والأمر إذا عمّ خف ، وإذا خص ثقل ، ( قلت : وقيل فرض الكفاية أفضل ؛ لأن فيه إسقاط الإثم عن الغير ؛ بخلاف فرض العين الذي فيه إسقاط الإثم عن الفاعل دون غيره ) .
ـ الفرض أفضل من النفل ، لقوله e :( قال تعالى : وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ) رواه البخاري.
القسم الثاني : الحدود التي حَدَّها الشرع .
ـ كحد الزنا وحد السرقة وحد شرب الخمر ، فهذه يجب الوقوف عندها بلا زيادة ولا نقصان .
ـ الحكمة من هذه الحدود : المنع والزجر عن الوقوع في المعاصي ، وتمنع المعاودة في مثل ذلك الذنب وتمنع غيره أن يسلك مسلكه .
ـ وإقامة حدود الله في الأرض فيه خير عظيم ، قال e : ( حدٌّ يُقام في أرض الله خير من أن تمطروا أربعين عاماً ) رواه ابن ماجه .
ـ يحرم الشفاعة لإسقاطها ، قال e لأسامة بن زيد حين كلمه في المرأة المخزومية التي سرقت : ( أتشفع في حد من حدود الله ، وأيم الله ! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) متفق عليه .
القسم الثالث : المحرمات التي حرمها الشارع .
ـ فهذه يحرم فعلها ، ( كالشرك ، والقتل بغير الحق ، وشرب الخمر ، والزنا ، وغيرها مما حرمها الشرع ) .
ـ تعريف المحرم : لغة : الممنوع ، واصطلاحاً : ما ذم فاعله شرعاً .
ـ وحكمه : يثاب تاركه امتثالاً ، ويعاقب فاعله .
ـ وله صيغ يأتي بها :
منها : لفظ التحريم ومشتقاتها ، كقوله تعالى : } حرمت عليكم الميتـة { .
ومنها : صيغ النهي المطلق ، كقوله تعالى : } ولا تقربوا الزنى { .
ومنها : التصريح بعدم الحل ، كقوله e ( لا يحل دم امرىء ... ) .
ومنها : أن يرتب الشارع على فعل شيء عقوبة ، كقوله تعالى : } والسارق والسارقة فاقطعــوا أيديهمـا { .
ـ يجب ترك المحرمات والمنهيات كلها ، قال e : ( ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) رواه مسلم .
القسم الرابع : المسكوت عنه.
وهذا حكمه : حلال .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” لكن هذا في غير العبادات ، أما في العبادات فقد حرم الله أن يشرع أحد من الناس عبادة لم يأذن بها الله“.
وجه الدلالة من الحديث على أن ما سكت عنه فهو عفو : أنه e بين أن ما سكت الله عنه بعد الشرع إنما هو مباح رحمة بنا وتخفيفاً عنا ، فلا نبحث عن السؤال عنه ، وهذا دليل على إباحته .
ومعنى كون السكوت رحمة، لأنها لم تحرم فيعاقب على فعلها ، ولم تجب فيعاقب على تركها ، بل هي عفو لا حرج في فعلها ولا في تركها.
ـ لا ينبغي البحث والسؤال عما سكت عنه ، لأنه على الأصل ، ولذلك كان النبي e يكره السؤال وينهى عنه خوفاً أن يفرض على الأمة ، وإنما نهى عن كثرة السؤال خشية أن يرد تكاليف بسبب السؤال قد يشق على بعض الناس امتثالها والإتيان بها .] شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد.
[190] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 93 ، 94 .
[191] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 94 .
[192] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 94 ، 95 .
[193] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[194] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[195] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[196] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 95 .
[197] ـ طه : 52 .
[198] ـ مريم : 64 .
[199] ـ التوبة : 67 .
[200] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[201] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 95 .
[202] ـ النص في متن الأربعين هو : ((عن أبي العَبَّاسِ سَهْلِ بن سعْدٍ السَّاعِدِيِّ t قال: جاء رَجُلٌ إلى النَّبِّي r فقال: يا رسوَل اللهِ، دُلَّني على عَمَلٍ إذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّني اللهُ وأَحَبَّني النَّاسُ. فقال: "ازْهَدْ في الدُّنيا يُحِبَّكَ اللهُ، وازْهَدْ فيما عِنْدَ النَّاس يُحِبَّكَ النَّاسُ". حديث حسن رواه ابن ماجه وغَيْرُهُ بأسانيدَ حَسَنة)) وحكمه بهذا النص ضعيف وأنكره العُقيلي وغيره ، وصحَّ بلفظ ( إذا أنا عملته ) و ( وازهد فيما في أيدي الناس يُحبوك) وهو الذي أثبته في الأعلى ، والنص المثبت في الأعلى هو الوارد عند ابن ماجه في سننه ج2:ص1373حديث رقم : 4102 .
[203] ـ انظر : صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 9 / ص 102) .
[204] ـ أسد الغابة .
[205] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، أسد الغابة بنحوه .
[206] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[207] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص289 ، وورد ذكره بنحوه في سنن الترمذي ج4:ص571 حديث رقم : 2340 ، قال الترمذي : حديث غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 340) : ضعيف جداً .
[208] ـ هود : 6 .
[209] ـ الأربعون الصغرى ج1/ص100 .
[210] ـ حلية الأولياء ج8/ص140 ، تهذيب الكمال ج31/ص172 ، الزهد وصفة الزاهدين ج1/ص20 .
[211] ـ شرح النووي على الأربعين .
[212] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 265 .
[213] ـ مدارج السالكين / 283 .
[214] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 267 بنحوه .
[215] ـ سنن الترمذي ج4:ص560 حديث رقم: 2320 ، قال الترمذي : حديث صحيح غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 320) : صحيح .
[216] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1377 حديث رقم : 4112 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 9 / ص 112) : حسن .
[217] ـ الأعلى : 16-17 .
[218] ـ النساء : 77 .
[219] ـ صحيح مسلم ج4/ص2193 حديث رقم : 2858 .
[220] ـ الحديد : 20 .
[221] ـ يونس : 7 - 8 .
[222] ـ جامع العلوم والحكم ص 550 باختصار .
[223] ـ سنن الترمذي ج4:ص381 حديث رقم : 2036 ، قال الترمذي : حسن غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 36) : صحيح .
[224] ـ المستدرك على الصحيحين ج4:ص348 حديث رقم : 7870 ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، قال الذهبي في التلخيص : بل منكر .
[225] ـ شعب الإيمان ج7/ص371 .
[226] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص297 .
[227] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص300 .
[228] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص300 .
[229] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص300 .
[230] ـ مصنف ابن أبي شيبة ج7/ص103 رقم : 34519 ، و كنز العمال ج3/ص290 حديث رقم : 8582 ، و سير أعلام النبلاء ج1/ص496 .
[231] ـ صفة الصفوة ج1/ص420 ـ 421 .
[232] ـ جامع العلوم والحكم ص 549 .
[233] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[234] ـ مسند أحمد بن حنبل ج4/ص197 حديث رقم : 17798 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في تخريج مشكلة الفقر (ج 1 / ص 9)
صحيح .
[235] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص301 .
[236] ـ آل عمران : 134 .
[237] ـ آل عمران : 159 .
[238] ـ المائدة : 42 .
[239] ـ آل عمران : 146 .
[240] ـ آل عمران : 76 .
[241] ـ التوبة : 108 .
[242] ـ الصف : 4 .
[243] ـ البقرة : 222 .
[244] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 269 ، 270 .
[245] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 97 .
[246] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 97 بنحوه .
[247] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 97 بنحوه .
[248] ـ المعجم الأوسط ج4:ص306 حديث رقم : 4278 ، وهو في المستدرك على الصحيحين ج4:ص360 حديث رقم : 7921 ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وقال الذهبي في التلخيص : صحيح ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (ج 2 / ص 483) حديث رقم : 831 : حسن .
[249] ـ حلية الأولياء ج3/ص20 .
[250] ـ مكارم الأخلاق ج1/ص28 ، و روضة العقلاء ونزهة الفضلاء ج1/ص167 بلفظ : " والتجاوز عنهم " .
[251] ـ كنز العمال ج3/ص328 ، و مشيخة ابن البخاري ج2/ص1412 .
[252] ـ جامع العلوم والحكم ص 566 .
[253] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد بتصرف يسير .
[254] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 97 بنحوه .
[255] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[256] ـ النبوات ج1/ص73 ، روضة المحبين ج1/ص266 ، و تفسير ابن كثير ج1/ص359 ، وقال في مدارج السالكين ج3/ص37 : فليس الشأن في أن تُحِبَّ الله بل الشأن في أن يحبك الله ؛ ولا يحبك الله إلا إذا اتبعت حبيبه ظاهراً وباطناً وصَدَّقْتَه خبراً وأطعته أَمْرَاً وأجبته دعوةً وآثرته طَوْعَاً وفَنَيْتَ عن حُكْمِ غيره بِحُكْمِهِ وعن محبةِ غيره من الخَلْقِ بمحبتِهِ وعن طاعة غيره بطاعته ، وإن لم يكن ذلك فلا تَتَعَنَّ وارْجِعْ من حيثُ شئت فالتمس نوراً ؛ فلست على شيء .
[257] ـ سنن الترمذي ج4:ص609 ـ 610 حديث رقم : 2414 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 414) : صحيح .
[258] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 271 .
[259] ـ صحيح ، رواه ابن ماجه في سننه ج 2،ص784 حديث رقم : 2341 ، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره ، ورواه مالك في الموطأ ج 2 ص 745 حديث رقم : 1429 ، باب القضاء في المرفق ، ورواه الإمام أحمد في مسنده ج 1 ص 313 حديث رقم : 2867 ، مسند ابن عباس t ، ورواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج 2 ص 66 حديث رقم : 2345 ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى ج 6 ص 69 حديث رقم : 11166 ، باب لا ضرر ولا ضرار ، وكذا في ج 6 ص157 حديث رقم : 11658 ، وانظر في المعجم الأوسط ج 1 ص90 حديث رقم : 268 ، وص307 حديث رقم : 1033 ، والمعجم الكبير ج 2ص86 حديث رقم : 1387 ، وكذا ج11ص228 حديث رقم : 11576 ، وكذا ج 11ص302 حديث رقم : 11806 ، وصححه الألباني في إرواء الغليل ؛ الرقم : 896 ، وكذا في : السلسلة الصحيحة الرقم : 250 ، وكذا في صحيح ابن ماجه رقم:1909،وقال في التعليقات الرضية:الصفحة أو الرقم 2 / 257 : حسن أو صحيح لكثرة طرقه.
[260] ـ أسد الغابة في الكنى .
[261] ـ العَبْلُ : الضخم من كل شيء . [ لسان العرب ج11:ص420 ] .
[262] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه ، أسد الغابة بنحوه .
[263] ـ جامع العلوم والحكم ص 570 .
[264] ـ التقرير والتحبير ج3/ص101 ، و تيسير التحرير ج3/ص219 .
[265] ـ أسباب ورود الحديث ج1/ص142 ، والبيان والتعريف ج2/ص291 .
[266] ـ قال الخطابي : ( عضد ) هكذا في رواية أبي داود ؛ وإنما هو عضيد يريد نخلاً لم تسبق ولم تطل ، قال الأصمعي : إذا صار للنخلة جذع يتناول منه المتناول فتلك النخلة العضيدة وجمعه عضيدات . [ غريب الحديث للخطابي ج1/ص488 ، وعون المعبود ج10/ص47].
[267] ـ أي الرجل الأنصاري .
[268] ـ الضمير المرفوع للرجل والمجرور لسمرة .
[269] ـ أي من الأجر .
[270] ـ أي تريد إضرار الناس ؛ ومن يرد إضرار الناس جاز دفع ضرره .
[271] ـ سنن أبي داود ج3:ص315 حديث رقم : 3636 ، قال الشيخ الألباني : ضعيف [ السلسلة الضعيفة (ج 3 / ص 374) ] .
[272] ـ انظر : التمهيد لابن عبد البر ج20/ص159 .
[273] ـ انظر : تفسير القرطبي ج8/ص254 ، و التمهيد لابن عبد البر ج20/ص158 .
[274] ـ الأعراف : 29 .
[275] ـ الأعراف : 33 .
[276] ـ الحج : 78 .
[277] ـ البقرة : 286 .
[278] ـ البقرة : 280 .
[279] ـ سنن أبي داود ج3:ص255 حديث رقم : 3382 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 7 / ص 382) : ضعيف ، و سنن البيهقي الكبرى ج6:ص17 حديث رقم : 10859 .
[280] ـ صحيح البخاري ج3:ص1006 حديث رقم : 2591 ، و صحيح مسلم ج3/ص1250 حديث رقم : 1628 .
[281] ـ البقرة : 231 .
[282] ـ البقرة : 228 .
[283] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[284] ـ صحيح البخاري ج1:ص64 حديث رقم : 137 ، و صحيح مسلم ج1:ص276 حديث رقم : 361 .
[285] ـ الحج : 78 .
[286] ـ مسند أحمد بن حنبل ج5/ص266 حديث رقم : 22345 ، انظر : السلسلة الصحيحة - (ج 6 / ص 423) حديث رقم : 2924 .
[287] ـ الأشباه والنظائر للسيوطي ج1/ص7 بتصرف يسير.
[288] ـ انظر : مسند أحمد بن حنبل ج1:ص379 حديث رقم : 3600 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
[289] ـ ملخص من كتاب الوافي في شرح الأربعين ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 275 ، 276 ، 277 .
[290] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[291] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 128 .
[292] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[293] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع عشر .
[294] ـ انظر : سنن البيهقي الكبرى ج10/ص252 حديث رقم : 20990 .
[295] ـ انظر : صحيح البخاري ج4:ص1656 ، حديث رقم : 4277 ، وصحيح مسلم ج3:ص1336 حديث رقم : 1711
[296] ـ جامع العلوم والحكم ص 584 .
[297] ـ انظر : مشكاة المصابيح - (ج 2 / ص 356) حديث رقم : صحيح .
[298] ـ الوافي في شرح الأربعين ص 242 .
[299] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[300] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[301] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[302] ـ قال النووي رحمه الله : هذه اليمين تُسمَّى يمين الصبر وتُسمَّى الغموس ، وسُمِّيت يمين الصبر ، لأنها تحبس صاحب الحق عن حقه . ( شرح النووي على الأربعين ) .
[303] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 279 ، 280 بنحوه .
[304] ـ انظر كتب الفقه : شروط ثبوت الزنا .
[305] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[306] ـ قال النووي رحمه الله : إنما كانت البينة على المُدَّعِي ، لأنه يدَّعي خلاف الظاهر والأصل براءة الذِّمَّةِ .( شرح النووي على الأربعين).
[307] ـ قال النووي رحمه الله:وإنما كانت اليمين في جانب المُدَّعى عليه ، لأنه يَدَّعِي ما يوافق الأصل وهو براءة الذِّمَّة.( شرح النووي على الأربعين).
[308] ـ صحيح مسلم ج1/ص123 حديث رقم : 138 .
[309] ـ في حديث القسامة ذِكْرُ اللَّوَثِ ، وهو أن يشهد شاهد واحد على إقرار المقتول ؛ قبل أن يموت : أنَّ فلاناً قتلني ، أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما ، أو تهديد منه له ، أو نحو ذلك وهو من التلوث : التلطخ ، يُقال : لاثه في التراب ولوثه ، كذا في لسان العرب : 4 / 185 ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 283 بنحوه .
[310] ـ شرح النووي على الأربعين .
[311] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 281 بنحوه .
[312] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 282 بنحوه .
[313] ـ صحيح البخاري ج5:ص2265حديث رقم : 5757 ، و صحيح مسلم ج3:ص1266حديث رقم : 1646 بنحوه ، واللفظ للبخاري .
[314] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 283 بنحوه .
[315] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 281 .
[316] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 282 بنحوه .
[317] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 284 بنحوه .
[318] ـ صحيح البخاري ج6:ص2676 حديث رقم : 6919 ، و صحيح مسلم ج3:ص1342 حديث رقم : 1716 .
[319] ـ سنن أبي داود ج3:ص299 حديث رقم : 3573 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 8 / ص 73) : صحيح.
[320] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 100 .
[321] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[322] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[323] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[324] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[325] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[326] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[327] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 131 .
[328] ـ سبقت ترجمته في الحديث الثاني والثلاثون .
[329] ـ صحيح مسلم ج1/ص69 حديث رقم : 49 .
[330] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[331] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 101 .
[332] ـ شرح النووي على الأربعين .
[333] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 133 .
[334] ـ صحيح مسلم ج1/ص69 حديث رقم : 50 .
[335] ـ الخَلْفُ : هو من يَخْلُفُ بِشَرٍّ ؛ قال تعالى : { فخلف من بعدهم خَلْفٌ أضاعوا الصلاة ..} ، والخَلَفُ : من يخلف بخير ؛ ولذا يُقال : خير خَلَفٍ لخير سلف .
[336] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 289 بنحوه .
[337] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص321
[338] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص321 .
[339] ـ شرح النووي على الأربعين .
[340] ـ الفرقان : 72 .
[341] ـ سنن أبي داود ج4:ص124 حديث رقم : 4345 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 9 / ص 345) : حسن.
[342] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 287 ، 288 بنحوه .
[343] ـ آل عمران: 104 .
[344] ـ وقد اختلف العلماء في حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على قولين :
القول الأول : أنه واجب ، لحديث الباب : ( فليغيره .. ) وهذا أمر ، والأمر يدل على الوجوب .
القول الثاني : أنه فرض كفاية ، وهذا مذهب أكثر العلماء .
لقوله تعالى : } ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون { .
قالوا : إن [ من ] في قوله : { منكم } للتبعيض .
قال الغزالي : ” وفيها بيان أنه فرض كفاية لا فرض عين ؛ وأنه إذا قام به أمةٌ سقط الفرض عن الآخرين إذ لم يقل : ( كونوا كلكم آمرين بالمعروف ) بل قال : { ولتكن منكم أمة } فإذاً مهما قام به واحد أو جماعة سقط الحرج عن الآخرين واختص الفلاح بالقائمين به المباشرين ، وإن تقاعد عنه الخلق أجمعون عَمَّ الحرجُ كافَّة القادرين عليه لا محالة “ . [ إحياء علوم الدين ج2/ص307 ] .وهذا القول هو الصحيح .
لكن هناك أحوال يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين :
أولاً : التعيين من قبل السلطان .
ثانياً : التفرد بالعلم بأن معروفاً قد ترك ، أو منكراً قد ارتكب .
قال النووي : ( ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به بعض الناس سقط الحرج عن الباقين وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف ، ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو أو لا يتمكن من إزالته إلا هو ) شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص23 .
ثالثاً : انحصار القدرة في أشخاص محددين .
قال شيخ الإسلام ابن القيم : ويصير فرض عين على القادر الذي لم يقم به غيره . ( الطرق الحكمية ج1/ص345 ) ، [ مأخوذ من شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد بتصرف يسير ] .
[345] ـ المائدة: 78 – 79 .
[346] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1329 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 9 / ص 9) : حسن .
[347] ـ التوبة : 67 .
[348] ـ سنن الترمذي ج4:ص467 حديث رقم : 2168 ، قال الترمذي : حديث صحيح ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 168) : صحيح .
[349] ـ سنن الترمذي ج4:ص468 حديث رقم : 2169 ، قال الترمذي : حديث حسن ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 169) : حسن .
[350] ـ المائدة: 78 – 79 .
[351] ـ تفسير الثعلبي ج3/ص123 .
[352] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص321 ، و إحياء علوم الدين ج2/ص311 .
[353] ـ إحياء علوم الدين ج2/ص311 .
[354] ـ إحياء علوم الدين ج2/ص311 .
[355] ـ سير أعلام النبلاء ج7/ص243 .
[356] ـ سير أعلام النبلاء ج8/ص375 .
[357] ـ النحل : 36 .
[358] ـ التوبة : 71 .
[359] ـ آل عمران : 110 .
[360] ـ الأعراف : 157 .
[361] ـ آل عمران : 113 ـ 114 .
[362] ـ الحج : 40 ـ 41 .
[363] ـ الأعراف : 165 .
[364] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[365] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 289 ، 290 بنحوه .
[366] ـ المائدة: 105 .
[367] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص5 حديث رقم : 16 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
[368] ـ الأنعام : 164 .
[369] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص22 ، 23 .
[370] ـ الغاشية : 21 .
[371] ـ الشورى : 48 .
[372] ـ القصص: 56 .
[373] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1328 حديث رقم: 4007 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 9 / ص 7) : صحيح ، وسنن الترمذي ج4/ص483 حديث رقم : 2191.
[374] ـ مصنف عبد الرزاق ج11/ص336 .
[375] ـ صحيح مسلم ج1:ص74 حديث رقم : 55 .
[376] ـ النحل: 125 .
[377] ـ سنن أبي داود ج4:ص124 حديث رقم : 4344 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 9 / ص 344) : صحيح ، و سنن ابن ماجه ج2:ص1329 حديث رقم :4011 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 9 / ص 11) : صحيح .
[378] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 288 بنحوه .
[379] ـ سنن الترمذي ج5:ص252 حديث رقم : 3047 ، قال الترمذي : حسن غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 7 / ص 47) : ضعيف .
[380] ـ صحيح البخاري ج3:ص1282 حديث رقم : 3290 .
[381] ـ فائدة : قال ابن القيم رحمه الله : ” إنكار المنكر له أربع درجات :
الأولى : أنْ يزولَ ويَخْلُفُـهُ ضِدُّهُ .
الثانية : أنْ يَقِلَّ وإنْ لم يَزُلْ من جملته .
الثالثة : أنْ يَخْلُفَهُ ما هو مثله .
الرابعة : أنْ يَخْلُفَهُ ما هو شَرٌّ منه .
فالدرجتان الأوليان مشروعتان ، والثالثة موضع اجتهاد ، والرابعة محرمة “ . إعلام الموقعين ج3/ص4 .
[382] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 291 ، 292 باختصار .
[383] ـ مجموع الفتاوى ج2/ص382 .
[384] ـ صحيح ابن حبان ج2:ص311 حديث رقم : 551 ،صححه ابن حبان و قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم.
[385] ـ لقمان : 17 .
[386] ـ المزمل : 10 .
[387] ـ الأحقاف : 35 .
[388] ـ البقرة : 44
[389] ـ الصف : 2 .
[390] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص180 حديث رقم : 12879 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح , وهذا إسناد ضعيف من أجل علي بن زيد بن جدعان .
[391] ـ صحيح البخاري ج3/ص1114 حديث رقم : 2897 ، وصحيح مسلم ج1/ص105 حديث رقم : 111 بلفظ : ( يؤيد) .
[392] ـ إحياء علوم الدين ج2/ص313 .
[393] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[394] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[395] ـ كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج28/ص127 .
[396] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[397] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 134 ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 295 بنحوه.
[398] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[399] ـ شرح النووي على الأربعين .
[400] ـ الأعلى : 9 .
[401] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 102 بنحوه .
[402] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص321 .
[403] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 134 .
[404] ـ النساء : 140 .
[405] ـ الأنعام : 68 .
[406] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 102 .
[407] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[408] ـ ليست عند مسلم ، وإنما هي في سنن الترمذي ج4:ص325 حديث رقم : 1927 .
[409] ـ صحيح مسلم ج4/ص1986 حديث رقم : 2564 .
[410] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 297 بنحوه .
[411] ـ البقرة : 109 .
[412] ـ الأحزاب : 58 .
[413] ـ الفلق : 5 .
[414] ـ تفسير القرطبي ج5/ص251 .
[415] ـ من كلام الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمة الله تعالى عليه ( المستطرف في كل فن مستظرف ج1/ص457ـ 458 ) .
[416] ـ الاحتجاج بالشافعي ج1/ص32 .
[417] ـ الزهد لابن السري ج2/ص600 .
[418] ـ أحكام القرآن للجصاص ج3/ص176 ، و المعجم الكبير ج10/ص266 حديث رقم : 10621 ، وحلية الأولياء ج1/ص322 ، وصفة الصفوة ج1/ص753 ـ 754 .
[419] ـ العقد الفريد ج2/ص158 .
[420] ـ العقد الفريد ج2/ص158 .
[421] ـ العقد الفريد ج2/ص158 .
[422] ـ حلية الأولياء ج8/ص95 .
[423] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[424] ـ صحيح مسلم ج1:ص99 حديث رقم : 101 .
[425] ـ صحيح مسلم ج1:ص99 حديث رقم : 102 .
[426] ـ الحجرات :10 .
[427] ـ المائدة :91 .
[428] ـ المائدة :91 .
[429] ـ صحيح مسلم ج1/ص74 حديث رقم : 54 .
[430] ـ موطأ مالك ج2:ص908 حديث رقم : 1617 ، و سنن البيهقي الكبرى ج6:ص169 حديث رقم : 11726 ، و مكارم الأخلاق ج1:ص110 حديث رقم : 361 من كلام علي t ، و مسند الشهاب ج1:ص381 ، و المعجم الأوسط ج7:ص190 حديث رقم : 7240 ، و الأدب المفرد ج1:ص208 حديث رقم : 594 ، و مسند أبي يعلى ج11:ص9 حديث رقم : 6148 ، قال الشيخ حسين أسد : إسناده ضعيف .
[431] ـ صحيح مسلم ج1/ص74 حديث رقم : 54 .
[432] ـ آل عمران : 103 .
[433] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[434] ـ صحيح البخاري ج5:ص2302 حديث رقم : 5883 ، و صحيح مسلم ج4/ص1984 حديث رقم : 2560 ، بلفظ : ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) .
[435] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص235 حديث رقم : 2103 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم.
[436] ـ سنن أبي داود ج4:ص279 حديث رقم : 4915 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 10 / ص 415) : صحيح .
[437] ـ صحيح مسلم ج4:ص2167 حديث رقم : 2813 .
[438] ـ صحيح مسلم ج4:ص2166 حديث رقم : 2812 .
[439] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص268 حديث رقم : 7627 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم , رجاله ثقات رجال الشيخين سوى سهيل بن أبي صالح فمن رجال مسلم .
[440] ـ صحيح البخاري ج5:ص2256 حديث رقم : 5727 .
[441] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد بتصرف يسير.
[442] ـ قال النووي رحمه الله : وتقييد النهي ببيع أخيه يقتضي أنه لا يحرم على بيع الكافر ، وهو وجه لابن خالويه ، والصحيح لا فرق لأنه من باب الوفاء بالذمَّة والعهد . ( شرح النووي على الأربعين ) .
[443] ـ لم أجد مصدره .
[444] ـ صحيح البخاري ج2:ص755 حديث رقم : 2043 ، و صحيح مسلم ج3:ص1154 حديث رقم : 1412 .
[445] ـ صحيح مسلم ج3:ص1154 حديث رقم : 1412 .
[446] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[447] ـ سنن الترمذي ج3:ص522 حديث رقم : 1218 ، قال الترمذي : حديث حسن ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 3 / ص 218) : ضعيف ، ومسند أحمد بن حنبل ج3:ص114 حديث رقم : 12155 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف لجهالة حال أبي بكر الحنفي .
[448] ـ الأنفال : 62-63 .
[449] ـ سنن الترمذي ج4:ص441 حديث رقم : 2130 ، قال الترمذي : حديث غريب ؛ وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 130) : ضعيف .
[450] ـ الأنفال : 72 .
[451] ـ سنن أبي داود ج4:ص271 حديث رقم : 4884 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 10 / ص 384) : ضعيف .
[452] ـ مسند أحمد بن حنبل ج4:ص183 حديث رقم : 17672 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف جداً من أجل عمر بن هارون.
[453] ـ الحج : 32 .
[454] ـ صحيح البخاري ج1:ص28 حديث رقم : 52 .
[455] ـ مصنف ابن أبي شيبة ج7:ص465 حديث رقم : 37266 .
[456] ـ سنن أبي داود ج4:ص301 حديث رقم : 5004 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 11 / ص 4) : صحيح .
[457] ـ سنن الترمذي ج4 : ص462 حديث رقم :2160 ، قال الترمذي : حسن غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 160) : حسن .
[458] ـ صحيح البخاري ج5:ص2319 حديث رقم : 5932 ، و صحيح مسلم ج4:ص1718 حديث رقم : 2184 بلفظ : ( إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس من أجل أن يحزنه ) .
[459] ـ سنن الترمذي ج5 : ص128 حديث رقم : 2825 ، قال الترمذي : حسن صحيح ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 6 / ص 325) : صحيح .
[460] ـ البقرة : 188 .
[461] ـ مسند أحمد بن حنبل ج5:ص113حديث رقم : 21119 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : شطره الأول صحيح لغيره ، وهذا إسناد ضعيف .
[462] ـ الحجرات : 12 .
[463] ـ صحيح البخاري ج1/ص37 حديث رقم : 67 ، و صحيح مسلم ج2/ص889 حديث رقم : 1218 بلفظ : ( إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا ) .
[464] ـ سنن أبي داود ج4:ص269 حديث رقم : 4878 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 10 / ص 378) : صحيح .
[465] ـ سنن أبي داود ج4:ص269 حديث رقم : 4875 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 10 / ص 375) : صحيح .
[466] ـ رياض الصالحين ج1/ص278 في الحديث رقم : 1525 .
[467] ـ مقدمة فتح الباري ج1/ص480 .
[468] ـ صفة الصفوة ج4/ص91 .
[469] ـ سير أعلام النبلاء ج9/ص341 .
[470] ـ المستطرف في كل فن مستظرف ج1/ص189 .
[471] ـ الأذكار ج1/ص270 ، المستطرف في كل فن مستظرف ج1/ص190 .
[472] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[473] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 307 بنحوه .
[474] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 307 بنحوه .
[475] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[476] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[477] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[478] ـ ومثله الشراء على شرائه والخِطبة على خِطبته ، والإجارة على إجارته وغير ذلك من حقوقه . ( التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 105 ).
[479] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 106 .
[480] ـ الشورى : 42 .
[481] ـ الشورى : 41 .
[482] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 106 ، 107 .
[483] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 107 .
[484] ـ شرح النووي على الأربعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق