الخميس، 11 يونيو 2009

المنحة الإلهية في شرح متن الأربعين النووية من الأحاديث الصحيحة النبوية ج 3

الحديث الثامن عشر:
تَقوَى اللهِ تَعَالَى وَحُسنُ الخُلُق
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، درجة الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-التقوى سبيل النجاة 2-التوبة شرط لتكفير الكبائر 3-الأخلاق أساس قيام الحضارة الإنسانية 4-من مكارم الأخلاق)
عن أبي ذَرٍّ جُنْدُب بِن جُنَادَة، وأبي عبد الرحمن مُعَاذ بِن جَبَلٍ رضي الله عنهما، عن رسول الله r قال: "اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِعِ السَّيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالقِ الناسَ بخُلُقٍ حسنٍ". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح .[1]
ترجمة الرواة : أبو ذر : هو جندب بن جنادة من غفار، من السابقين الأولين وأسلم على يده أخوه أُنيس ، ولما قدِم النبي r المدينة أسلم بقيتهم ، وكان t أزهد الناس ، وكان t من أوعية العلم ، وشهد له المصطفى r بأنه أصدق الناس لهجة ، ونزل t بالربذة ـ منزل الحاج العراقي على ثلاث مراحل من المدينة ـ وكان موته t سنة ( 31 هـ ) ورُوي له ( 281 ) حديثاً[2] .
معاذ بن جبل : هو أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن كعب بن عمرو الخزرجي الأنصاري t ، وكنيته أبو عبد الرحمن ، أسلم وعمره ثماني عشرة سنـة عندما أسلم سعد بن معاذ t سيد الخزرج الذي طلب من قومه أن يسلمـوا ، فأسلم الخزرج ومعهم معاذ t ، وقدم من المدينة إلى مكة لمبايعة الرسـول r ليلـة العقبـة الثانية فبايعه معهم وحضر المشاهـد كلها وروى عن النبـي r الشيء الكثير من الأحاديث النبوية ، وكان أعلم الأمة بالحلال والحرام ، بعثه النبي r إلى اليمن يعلم الناس دينهم ، أصيب معاذ t بالطاعون ، فلما حضرته الوفاة قال : ( أعوذ بالله من ليلةٍ صباحها إلى النار ، مرحباً بالموت مرحباً زائرٌ مُغِبٌّ حبيبٌ جاءَ على فَاقَةٌ ، اللهم إني قد كنت أخافك فأنا اليوم أرجوك ، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء بالرُّكَبِ عند حِلَقِ الذِّكْرِ )[3]ثم فاضت روحه بعيداً عن الأهل داعياً إلى الله مهاجراً في سبيله ، وكانت وفاته في السنة السابعة عشرة من الهجرة النبوية في طاعون عمواس وعمره ثلاث وثلاثون سنة .[4]
أهمية الحديث : هذا الحديث حديث عظيم وقاعدة من قواعد الدين الحنيف،وقد اشتمل على ثلاثة أشياء : حق الله وحق المكلف وحق العباد ، فأما حق الله تعالى : فحيثما كنت فاتقه ، وأما حق المكلف : فهو اتباع السيئة بحسنة ، وأما حق العباد فهو معاشرتهم بالأخلاق الحسنة .[5]
درجة الحديث : [ سند الحديث من طريق أبي ذر t حسنه بعض الأشياخ ، ومن طريق معاذ بن جبل t ضعيف ][6]، وحسنه الألباني .[7]
مفردات الحديث:
اتق الله : التقوى في اللغة: اتخاذ وقاية وحاجز يمنعك ويحفظك مما تخاف منه وتحذره، وتقوى الله عز وجل: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخشاه من عقاب الله وقاية تقيه وتحفظه منه، ويكون ذلك بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
حيثما كنت : أي في أي زمان ومكان كنت فيه، وَحْدَكَ أو في جمع، رآك الناس أم لم يَرَوْكَ.
أتبعْ : ألحقْ، وافعل عقبها مباشرة.
السيئة : الذنب الذي يصدر منك. تمحها : تزيلها من صحائف الملائكة الكاتبين وترفع المؤاخذة عنها.
خالِقْ : جاهد نفسك وتكلف المجاملة.
بخلق : الخلق الطبع والمزاج الذي ينتج عنه السلوك. بخُلُقٍ حسن : حسن الخلق هو : بذل الندى[8] وكف الأذى وطلاقة الوجه .
المعنى العام: التقوى سبيل النجاة: أعظم ما يوجهنا إليه رسول الله r في هذه الوصية تقوى الله عز وجل، التي هي جماع كل خير والوقاية من كل شر، بها استحق المؤمنون التأييد والمعونة من الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[9]. ووعدهم عليها الرزق الحسن، والخلاص من الشدائد: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[10]. وبها حفظهم من كيد الأعداء: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}[11]. وجعل للمتقين حقاً على نفسه أن يرحمهم: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ}[12].
ولقد كثرت الآيات والأحاديث في فضل التقوى وعظيم ثمراتها، ولا غرابة، فالتقوى سبيل المؤمنين، وخلق الأنبياء والمرسلين، ووصية الله تعالى لعباده الأولين والآخرين، فمن التزمها فاز وربح، ومن أعرض عنها هلك وخسر: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا}[13].
فالتقوى ليست كلمةً تُقَالُ ، أو دعوىً تُدَّعَى دون برهانٍ ، بل هي عمل دائب في طاعة الله عز وجل، وترك صارم لمعصية الله تبارك وتعالى .
ولقد فسر السلف الصالح التقوى بقولهم : أن يُطَاع اللهُ فلا يُعْصَى، ويُذْكَرَ فلا يُنْسَى، ويُشْكَر فلا يُكْفَر. ولقد عملوا بهذا المعنى والتزموه ، في سرهم وعلانيتهم، وكل حال من أحوالهم وشؤونهم، تنفيذاً لأمر الله تعالى وتلبية لندائه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[14].
[ وقال علي t : وقد سئل عن التقوى فقال : ” هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل “ .[15]
وقال بعضهم : تقوى الله تعالى ألا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك .[16] ][17] .
ومن كمال التقوى: البعد عن الشبهات وما التبس بالحرام من الأمور: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". البخاري ومسلم. [ انظر الحديث رقم: 6 ].
شرط تحقق التقوى: لا تتحقق التقوى بمعانيها ولا تؤتي ثمارها، إلا إذا توفر العلم بدين الله تعالى لدى المسلم، ليعرف كيف يتقي الله عز وجل: {كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[18]. لأن الجاهل لا يعرف ما يجب عليه فعله وما يجب عليه تركه، ولذلك كان العلم أفضل العبادات، وطريق الوصول إلى الجنة، وعنوان إرادة الخير بالمرء، قال r :"فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" رواه الترمذي.[19]
وقال r : "من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة" رواه مسلم .[20]
وقال r : "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" متفق عليه .[21]
[ فضائل وثمرات التقوى :
أولاً : أنها سبب لتيسير الأمور ، قال تعالى : { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً }[22].
ثانياً : أنها سبب لإكرام الله ، قال تعالى : { إن أكرمكم عند الله أتقاكــم }[23] .
ثالثاً : العاقبة لأهل التقوى ، قال تعالى : { والعاقبة للمتقين }[24] .
رابعاً : أنها سبب في دخول الجنة ، قال تعالى : ] وأزلفت الجنة للمتقين [ [25].
خامساً : أنها سبب لتكفير السيئات ، قال تعالى : ] ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويُعظم له أجراً [ [26].
سادساً : أنها سبب لحصول البشرى لهم ، قال تعالى : ] الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا [ [27].
سابعاً : أنها سبب للفوز والهداية ، قال تعالى : ] ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون [ [28].
ثامناً : أنها سبب للنجاة يوم القيامة ، قال تعالى : ] ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثياً [ [29].
تاسعاً : أنها سبب لتفتيح البركات من السماء والأرض ، قال تعالى : { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض }[30] .
عاشراً: أنها سبب للخروج من المأزق ، قال تعالى : { ومن يتق الله يجعل له مخرجاً *ويرزقــه من حيث لا يحتسب }[31].
الحادي عشر : أنها سبب لمحبة الله ، قال تعالى : { إن الله يحب المتقين }[32] .] [33].
[ فضائل حسن الخلق :
أولاً : أنه من أسباب دخول الجنة ، فقد سئل رسول الله e عن أكثر ما يدخل الجنة فقال : ( تقوى الله وحسن الخلق ) . رواه الترمذي [34]
ثانياً : أنه أثقل شيء في الميزان ،قال e:( ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ) رواه الترمذي[35]
ثالثاً : أن حسن الخلق من كمال الإيمان ، قال e : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ) رواه الترمذي وأحمد[36].
رابعاً : أن النبي e حصر دعوته في حسن الخلق ، قال e:( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) رواه البيهقي [37]
خامساً : يدرك المؤمن بحسن خلقه درجة الصائم القائم ، قال e : ( إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ) . رواه أبو داود [38]
سادساً : بيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ، قال e : ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ) رواه أبو داود[39]، زعيم : ضامن .
سابعاً : أقرب الناس إلى رسول الله e صاحب الخلق الحسن ، قال e : ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة ، أحاسنكم أخلاقاً ) . رواه الترمذي[40]
ثامناً : جعله من خصال التقوى ، قال تعالى : {... أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين }[41] .
قال الحسن : ” حسن الخلق : الكرم ، والبذلة ، والاحتمال “ .[42]
وقال ابن المبارك : ” هو بسط الوجه ، وبذل المعروف ، وكف الأذى “ .[43]
وسئل سلام بن أبي مطيع عن حسن الخلق فأنشد شعراً فقال :
تراه إذا ما جئتَـــه متهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غيرُ روحهِ لجاد بها فليتق اللهَ ســـائلُه
هو البحرُ من أي النواحي أتيتَه فلجته المعروفُ والجودُ ساحلُه .[44] ] [45]
يوجهنا الحديث إلى:
1 ـ أن من التوبة من الذنب الإسراعُ في عمل الخير لأن هذا خلق المؤمنين المتقين، وقد يغلب على الإنسان النسيان أو الغفلة، وقد تغريه نفسه أو يوسوس له شيطانه، فيقع في المعصية ويرتكب الذنب، ومن التقوى - عندئذ - أن يسارع إلى التوبة ويستغفر الله عز وجل إذا ذكر أو نُبِّه، قال تعالى في وصف المتقين: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[46]. ثم يبادر المسلم التقي، بعد التوبة والاستغفار، إلى فعل الخيرات والإكثار من الأعمال الصالحة، لتكفر عنه ذنبه وتمحوا ما اقترفه من إثم، واثقاً بوعد الله تعالى إذ قال: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[47]. ومستجيباً لأمر رسول الله r إذ قال : " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " .
2 ـ التوبة شرط لتكفير الكبائر: أجمع المسلمون على أن الحسنات تُكَفِّر الذنوب الصغيرة، وأما الذنوب الكبيرة - وهي كل ذنب توعد الله تعالى عليه بالعقاب الشديد، كعقوق الوالدين، وقتل النفس، وأكل الربا، وشرب الخمر ونحو ذلك - فلا بد فيها من التوبة، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[48]. وهذا إذا كان الذنب لا يتعلق بحق العباد، فإن كان متعلقاً بحق العباد - كالسرقة والغصب والقتل ونحو ذلك - فلا بد فيها من أداء الحقوق لأهلها، أو طلب المسامحة منهم ومسامحتهم، فإذا حصل ذلك رُجي من الله تعالى القَبول ومحو الذنوب، بل تبديلها حسنات، قال الله تعالى: { إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}[49].
3 ـ ومن فضل الله عز وجل: أنه إذا لم تكن للمكلف ذنوب صغيرة، فإن الأعمال الصالحة تؤثر بالذنوب الكبيرة، فتخفف إثمها بقدر ما تكفر من الصغائر، وإذا لم تكن له ذنوب كبيرة ولا صغيرة فإنه سبحانه يضاعف له الأجر والثواب.
4 ـ الأخلاق أساس قيام الحضارة الإنسانية: يوجهنا رسول الله r، في هذه الوصية، إلى أمر فيه صلاح حياة الفرد واستقامة نظام المجتمع، ألا وهو معاملة الناس بالخلق الحسن الجميل، معاملة الإنسان للناس بما يحب أن يعاملوه به من الخير، حتى يصبحَ المسلمُ أليفاً، يُحبُّ الناسَ ويُحبونه، ويُكرمهم ويُكرمونه، ويُحسن إليهم ويُحسنون إليه، وعندها يندفع كل فرد في المجتمع، إلى القيام بواجبه راضياً مطمئناً، فتستقيمُ الأمور وتسودُ القيم وتقوم الحضارة.
وللأخلاق منزلة رفيعة في الإسلام ، قال رسول الله r : " أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إلي وَأَقْرَبِكُمْ مني مَجْلِساً يوم الْقِيَامَةِ ؟ فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أو ثَلاَثاً ، قال الْقَوْمُ : نعم يا رَسُولَ اللَّهِ ، قال : أَحْسَنُكُمْ خُلُقاً " رواه الإمام أحمد في مسنده .[50]
5 ـ اكتساب الخلق الحسن: يمكن للإنسان أن يكتسب الأخلاق الحسنة الرفيعة، وذلك بالاقتداء برسول الله r في حسن خلقه ، ولقد أمرنا الله عز وجل بذلك إذ قال : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[51].
ومن وسائل اكتساب الأخلاق الحميدة : صحبة الأتقياء والعلماء ، وذوي الأخلاق الفاضلة ، ومجانبة الأشرار وذوي الأفعال الدنيئة الرديئة.
6 ـ من مكارم الأخلاق : حسن الخلق و صلة الرحم، والعفو والصفح، والعطاء رغم المنع، روى الحاكم وغيره عن عقبة بن عامر الجُهَني t قال: قال لي رسول الله r: "يا عقبة، ألا أخبرُك بأفضلِ أخلاقِ أهل الدنيا والآخرة؟ تَصِلُ من قطعَكَ، وتعطي من حرمَكَ، وتعفو عمَّن ظلمَكَ ألا ومن أراد أن يمد في عمره ويبسط في رزقه فليصل ذا رحمه "[52] وفي رواية عند أحمد : " وتصفحُ عمن شتمَكَ ".[53]
ومن حسن الخلق: بشاشة الوجه، والحلم والتواضع، والتودد إلى الناس وعدم سوء الظن بهم، وكفُّ الأذى عنهم. قال r : " لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق ". رواه مسلم.[54]
7 ـ الحث على مخالقة الناس بخلق حسن[55] .
قال ابن رجب رحمه الله : ” وقوله r : ( وخالق الناس بخلق حسن ) ، هذا من خصال التقوى ، ولا تتم التقوى إلا به ، وإنما أفرد بالذكر للحاجة إلى بيانه ، فإن كثيراً من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده .. إلى أن قال : والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جداً ، ولا يقوى عليه إلا الكُمَّـلُ من الأنبياء والصديقين “ .[56]
8 ـ المعاملة الطيبة تزيل أثر المعاملة السيئة[57] . 9 ـ حرص النبي r على أمته ، بتوجيههم لما فيه الخير والصلاح[58] .
10 ـ الحسنات يذهبن السيئات[59] ، وقد قال تعالى : { إن الحسنات يذهبن السيئات }[60] .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الأسباب العشر التي تندفع بها عقوبة السيئات فقال : ” والمؤمن إذا فعل سيئة فان عقوبتها تندفع عنه بعشرة أسباب : أن يتوب فيتوب الله عليه فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، أو يستغفر فيُغفر له ، أو يعمل حسنات تمحوها فإن الحسنات يذهبن السيئات ، أو يدعو له إخوانه المؤمنون ويستغفرون له حياً وميتاً ، أو يُهدون له من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به ، أو يُشَفَّعَ فيه نَبِيُّهُ محمدٌ ، أو يبتليه الله تعالى في الدنيا بمصائب تكفر عنه ، أو يبتليه في البرزخ بالصعقة فيكفر بها عنه ، أو يبتليه في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفر عنه ، أو يرحمه أرحم الراحمين ، فمن أخطأته هذه العشر فلا يلومنّ إلا نفسه “ .[61]
11 ـ ملازمة التقوى على كل حال ، وللتقوى آثار عظيمة في إصلاح النفس[62] .
12 ـ وجوب تقوى الله في السر والعلن لقوله : اتق الله حيثما كنت ، حيث يراه الناس وحيث لا يرونه . [63]
وكان النبي e يقول في دعائه : ( أسألك خشيتك في الغيب والشهادة ) .[64]
وخشية الله في الغيب والشهادة من المنجيات ، كما قال e : ( ثلاث منجيات ، وذكر منها : خشية الله في السر والعلن ) .[65]
وقال الشافعي : ” أشدُّ الأعمال ثلاثة : الجود من قِلَّةٍ ، والورع في خلوة ، وكلمة الحق عند من يُرجى أو يُخاف “ .[66]
وكان الإمام أحمد ينشد :
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوتُ ولكنْ قل عليّ رقيب .
ولا تحسبــنّ اللهَ يغفلُ ساعةً ولا أن ما يخفى عليه يغيـبُ .[67]
قال ابن رجب رحمه الله [68]: ” وفي الجملة ، فتقوى الله في السر هو علامة كمال الإيمان ، وله تأثير عظيم في إلقاء الله لصاحبه الثناء في قلوب المؤمنين “ .

























الحديث التاسع عشر:
عَونُ اللهِ تَعالى وحِفْظُهُ ونصره وتأييده
ترجمة الراوي ، درجة الحديث ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-اهتمام النبي r بتوجيه الأمة وتنشئة الجيل المؤمن المثالي 2-احفظ الله يحفظك 3-نصرة الله تعالى وتأييده 4-شبابك قبل هرمك 5-التوجه إلى الله تعالى وحده بالاستعانة والدعاء والسؤال 6-الإيمان بالقضاء والقدر 7-النصر مع الصبر 8-ثمرات الصبر 9-الفرج مع الكرب) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي العَبَّاس عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْاسٍ رَضي اللهُ عنهما قال: كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ r يَوْماً، فقال : " يا غُلامُ، إنِّي أُعَلِّمُكَ كلِماتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ ، إذا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ ، وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لو اجْتَمَعَتْ على أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لم يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ الله لك وَلَوْ اجْتَمَعُوا على أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لم يَضُرُّوكَ إلا بِشَيْءٍ قد كَتَبَهُ الله عَلَيْكَ رُفِعَتْ الأَقْلامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ". رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيحٌ .[69]
وفي رواية غير الترمذي [ رواية الإمام أحمد ]: " احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ ، تَعَرَّفْ إليه في الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّةِ ، وإذا سَأَلْتَ فسأل اللَّهَ وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ ، قد جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هو كَائِنٌ فَلَوْ أنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعاً أَرَادُوا أن يَنْفَعُوكَ بشيء لم يَكْتُبْهُ الله عَلَيْكَ لم يَقْدِرُوا عليه وإنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بشيءٍ لم يَكْتُبْهُ الله عَلَيْكَ لم يَقْدِرُوا عليه ، وَاعْلَمْ أنَّ في الصَّبْرِ على ما تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وأنَّ النَّصْرَ مع الصَّبْرِ وأنَّ الْفَرَجَ مع الْكَرْبِ وأنَّ مع الْعُسْرِ يُسْراً ".[70]
ترجمة الراوي : هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عمِّ النبي r ، وُلد قبل الهجرة بثلاث سنين بمكة ، وحنَّكه النبي r بريقه ، ولُقِّب بترجمان القرآن ، وكان يُسمَّى البحر لغزارة علمه ، رأى ابن العباس جبريل -عليه السلام- مرّتين عند النبي r ، وصحَّ أنَّ النبي r دعا له بقوله: ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)[71] ، رُوي له ( 1660 ) حديثاً ، وكف بصره آخر عمره ، وتُوفي بالطائف سنة ( 68 هـ) وهو ابن إحدى وسبعين سنة ، [ وصلَّى عليه محمد بن الحنفية ، وقال : اليوم مات رباني هذه الأمة .[72] ][73] .
درجة الحديث : صحيح .
أهمية الحديث : قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه " جامع العلوم والحكم" : وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهم أمور الدين[74].
مفردات الحديث: يا غُلام: بضم الميم ، لأنه نكرة مقصودة بالنداء ، وهو الصبي حين يفطم إلى تسع سنين ، وسنه إذ ذاك كانت نحو عشر سنين . احفظ الله : اعرف حدوده وقف عندها. يحفظك : يصونك ويحميك في نفسك وأهلك، ودينك ودنياك.
تُجاهك : أمامك، أي تجده معك بالحفظ والتأييد، والنصرة والمعونة حيثما كنت. رُفعت الأقلامُ : تركت الكتابة بها، والمراد أنه قد قدر كل شيء في علم الله تعالى وانتهى.
جفَّت الصحف : المراد بالصحف ما كتب فيه مقادير المخلوقات كاللوح المحفوظ، وجفافها: انتهاء الأمر واستقراره، فلا تبديل فيها ولا تغيير.
يعرفك : نستخدم لفظ ( يعرف ) في حق الله تعالى من باب المقابلة فقط .
المعنى العام:
اهتمام النبي r بتوجيه الأمة، وتنشئة الجيل المؤمن المثالي:
كان رسول الله r حريصاً أن يغرس العقيدة السليمة في نفوس المؤمنين، وخاصة الشباب منهم ، وكان مرة قد أردف خلفه ابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فوجَّه إليه تلك النصائح الرائعة، التي من شأنها أن تجعل المسلم يلتزم أوامر الله تعالى، ويستمد العون والنصرة منه وحده، فيصبح شجاعاً مقداماً، لا ترهبه المواقف ولا تخيفه المخاطر، يقول الحق ولا يخاف في الله لومة لائم، إذ علم أن الأمر كله بيد الله العزيز الحكيم، وأنه لا يملك أحد من الناس ضراً ولا نفعاً لأحد إلا بإذن الله تعالى.
احفظ الله يحفظك : التزم أوامر الله تعالى، فقف عند حدوده فلا تقربها، وإياك أن تتعداها، وقم بما فرض عليك ولا تتهاون به، وابتعد عما نهاك عنه واجعل بينك وبينه حجاباً، وانظر عندها كيف يحفظ الله تعالى عليك دينك، ويصون عقيدتك من الزيغ، ويقيك من هواجس النفس ورجس الضلال، وكيف يحميك من شرار الخلق، ويمنعك من شياطين الإنس والجن، ويدفع عنك كل أذى أو ضيم.
وإن أنت حفظت الله تعالى في دنياك حفظك في آخرتك ، فوقاك من النار وأعدّ لك جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين: تناديك الملائكة مرحبة ومكرمة: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}[75]. وفاءً بما بشَّرك به الله تعالى إذ قال: {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ}[76].
نصرة الله تعالى وتأييده: من حفظ الله تعالى كان معه، يعينه وينصره، ويحميه ويؤيده، ويوفقه ويسدده، كلما حلك الظلام أو ضاقت به الأحوال : " احفظ الله تجده تجاهك " تجده معك حارساً وحامياً ، وعضداً وسنداً : { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[77].
ولكن نصرة الله تعالى وتأييده مرتبطان بفعل أوامره واجتناب نواهيه، فمن أطاع الله تعالى نصره وأيده، ومن عصاه خذله وأذله : {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}[78].
شبابك قبل هرمك : من حفظ الله تعالى في شبابه وقوته حفظه الله تعالى حالَ كبره وضعف قوته ، ومتَّعه بسمعه وبصره وعقله ، وأكرم نزلَه يوم القيامة ، فأظلَّه بظَّل عرشه حيثُ لا ظِلَّ إلا ظلّه ، كما ثبت في الصحيحين : " سبعة يظللهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل وشابُ نشأ في عبادة الله عز وجل ... " .[79]
ولعل هذا هو السر في توجيهه r هذه الوصية لابن عمه t، وهو فتى في مقتبل العمر ، ليغتنم الشباب وحيويته ، والفتوة ونشاطها .
[ أمثلة لحفظ الله لمن حفظه :
1 - كان العبد الصالح أبو الطيب الطبري رحمه الله ، قد جاوز المائة ، وهو متمتع بعقله وقوته وكافة حواسه ، حتى أنه سافر ذات مرة مع رفقة له ، فلما اقتربت السفينة من الشاطىء وثب منها إلى الأرض وثبة شديدة ، عجز عنها بقية الذين كانوا معه على السفينة ، فاستغرب بعضهم هذه القوة الجسدية التي منحها الله إياه مع كبر سنه وشيخوخته ، فقال لهم الطبري : هذه جوارح حفظناها عن المعاصي في الصغر ، فحفظها الله علينا في الكبر .[80]
2 - قال محمد بن المنكدر : ” إن الله ليحفظ بالرجل الصالح ولده وولد ولده والدويرات التي حوله فما يزالون في حفظ من الله وستر ؛ ومتى كان العبد مشتغلاً بطاعة الله فإن الله يحفظه في تلك الحال “ .[81]
3 - كان العبد الصالح شيبان الراعي رحمه الله ، يرعى غنماً له في البرية ، فإذا جاءت الجمعة خط عليها خطاً ، ثم ذهب وشهد الجمعة والخطبة مع جماعة المسلمين ، ثم عاد إليها ، فيجدها كما هي لم تتحرك منها شيء ، ولم تجاوز الخط منها أي غنمه ، فسبحان الحافظ المعين .[82]
4 - قال عروة بن الزبير:” بلغت أسماء بنت أبي بكر مائة سنة لم يسقط لها سن ولم يفسد لها بصر ولم ينكر لها عقل “.[83]
5 - قال ابن رجب رحمه الله : ” ومن عجيب حفظ الله لمن حفظه أن يجعل الحيوانات المؤذيــة بالطبع حافظةً له من الأذى ، كما جرى لسفينــة مولى النبي e حيث كُسِرَ به المركبُ وخرج إلى جزيرة فرأى الأسد ، فجعل يمشي معه حتى دَلَّهُ على الطريق ، فلما أوقفه عليها جعل يهمهم كأنه يُودِّعه ثم رجع عنه“.[84]
6 - رؤي إبراهيم بن أدهم نائماً في بستان وعنده حَيَّةٌ في فمها طاقة نرجس فما زالت تذب عنه حتى استيقظ من نومه .[85]
من أقوال السلف :
قال أبو العباس بن مسروق: ” من راقب الله في خطرات قلبه ، عصمه الله في حركات جوارحه“.[86]
وقال سعيد بن المسيب لابنه : ” لأزيدن في صلاتي من أجلك رجاء أن أحفظ فيك ، ثم تلا هذه الآية : { وكان أبوهما صالحاً }[87] “ .[88]
وقال بعض السلف : ” من اتقى الله فقد حفظ نفسه ومن ضيع تقواه فقد ضيع نفسه والله غنى عنه“.[89]
ومن أعظم ما يجب حفظه من أوامر الله :
أولاً : الصلاة ، قال تعالى : { حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى }[90] .
ثانياً : الطهارة ، قال e : ( ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ) رواه أحمد .[91]
ثالثاً : الأيْمان ، قال تعالى : { واحفظوا أيمانكم }[92] .
رابعاً : حفظ الرأس والبطن ، قال e : ( الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، وتحفظ البطن وما حوى ... ) رواه الترمذي .[93]
خامساً : حفظ الفرج ، قال تعالى :] قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم [[94].][95].
التوجه إلى الله تعالى وحده بالاستعانة والدعاء والسؤال: يوجه رسول الله r ابن عمه- ومن على طريقه من المؤمنين الصادقين- أن يكون توجهه دائماً وأبداً إلى الله سبحانه وتعالى العلي القدير، ومنه وحده يطلب العطاء، وبه يستغاث ويستعان، فلا يسأل سواه، ولا يستمد العون من غيره، كما لا يتوجه بالدعاء والشكر إلا إليه، ولا ترجى المغفرة إلا لديه، ولا يركع أو يسجد إلا بين يديه "إذا سألت فاسأل الله ".
السؤال ممن لا يملّ العطاء: من كمال التوحيد ترك سؤال الناس، وأن يطلب المسلم من الله وحده في كل شأن من الشؤون ، لأنه سبحانه هو الذي ألحَّ على عباده أن يسألوه ، قال تعالى :{وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}[96] .
وروى الترمذي عن النبي r قال: "سَلُوا الله من فضله، فإن الله عز وجل يُحبُّ أن يُسأل".[97] وهو سبحانه الذي لا يمل سؤالاً ولا طلباً، لأن خزائنه ملأى لا تنفذ: {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}[98] .
سؤال غير الله ذِلَّةٌ ومهانة: إن الناس إذا سئلوا: فإما أن يعطوا وإما أن يمنعوا، وهم إن أعطوا مَنَّوا، وإن منعوا، أهانوا وأذلوا، وكل ذلك مما يحز في نفس المسلم ويدخل عليه المقت والكرب، ويحط من كرامته، وينال من عزته، ولذلك كان r ربما أخذ العهد على من يبايعه على الإسلام أن لا يسأل الناس شيئاً، وقد بايع جماعة من الصحابة على ذلك، منهم: أبو بكر الصديق، وأبو ذر، وثوبان، وعوف بن مالك y .
الاستعانة بالقوي الذي لا يُغْلَب: الاستعانة إنما بالقوي القادر على الإعانة، والعبد يحتاج إلى الإعانة في كل كبير وصغير، ولا قادر على ذلك إلا الله سبحانه، وغيره عاجز عن أن يدفع عن نفسه ضراً أو يجلب لها نفعاً، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول : {إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}[99].
الاستعانة بغير الله عز وجل استكانة وضعف: إن الاستعانة تستدعي إظهار ضعف المستعين وحاجته ومسكنته، وهذا تذلل وافتقار لا يكون إلا لله وحده، لأنه حقيقة العبادة، فإن كان لغيره تعالى كان ذلاً واستكانة لا جدوى منها.
الإيمان بالقضاء والقدر سكينة واطمئنان: بعد الثقة بحفظ الله تعالى وتأييده، والاعتماد عليه وحده في كل الشؤون، لا يُبالي العبد المؤمن بما يدبره الخلق أو يفعله العبد، بل فليعلم أن الخير والشر بتقدير الله تعالى، وأن النفع والضر بإرادته، وليس للعالمين من الأمر شيء : {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}[100]. وإنما العباد أسباب لينالوا الثواب أو يستحقوا العقاب: "واعلمْ أن الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوكَ بشيءٍ لم ينفعوكَ إلا بشيءٍ قد كتبَه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضُّروك بشيءٍ لم يضُّروك إلا بشيء قد كتبَه الله عليك". {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[101].
فلا يستطيع أحد أن يحصل لك أذى لم يقدره الله عليك، بل يدفعه الله سبحانه عنك، وكذلك إذا أغراك أحد بالنفع فلا يمكن أن يحقق لك ما يعدك به، إذا كان الله سبحانه لم يرده لك : {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا}[102].
روى أحمد وغيره ، عن النبي r قال : " لكل شيء حقيقة ، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أنَّ ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه " .[103]
الإيمان بالقضاء والقدر شجاعة وإقدام : بعد ما ثبت أن النفع والضر قدر محتم، لا ينال المرء منه إلا ما سبق في علم الله عز وجل أنه مصيبه ، وإذاً فليندفع المؤمن إلى ما أمره الله به، وليقل الحق ولو على نفسه، ولا يخاف في الله لومة لائم، وليقف مواقف الشجاعة والبطولة، دون أن يخاف الموت أو يرجو الحياة، معلناً صدق يقينه بما يتلوه من قول الله عز وجل: { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ}[104]. ولطالما أن المقدر لا بد أن يسعى إليه من قدر عليه: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}[105]. أي لو لم تخرجوا إلى المعركة، وبقيتم في منازلكم، لخرج من قدر عليهم أن يموتوا قتلاً إلى الأماكن التي قُتلوا فيها، طوعاً من عند أنفسهم، ليقتلوا هناك.
الإيمان لا استسلام، وتوكل لا تواكل: إن الإيمان بالقضاء والقدر، بالمعنى الذي سبق، يدلنا على بطلان ادعاء أولئك الجبناء المتخاذلين، المستسلمين لشهواتهم وأهوائهم، عندما يحتجون لانحرافهم وضلالهم، واستمرارهم على المعصية وإصرارهم، ويحتجون بتقدير الله تعالى ذلك عليهم، في حال أن الله تعالى- الذي أمرنا بالإيمان بقضائه وقدره- أمرنا بالعمل فقال سبحانه: {وَقُلْ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ}[106].
ورسوله r، الذي هو قدوتنا في كل شيء، أبان لنا أن على المسلم أن يأخذ بالأسباب، من العمل والسعي وبذل الجهد، فمن ترك الأسباب محتجاً بالقدر فقد عصى الله تعالى ورسوله r، وخالف شرعة الإسلام، لأن ترك الأسباب تواكل وكسل لا يرتضيه الإسلام، والأخذ بالأسباب مع الاعتماد على الله تعالى وحده في تحقيق النتائج توكل وأيمان،روى البخاري:أن رسول الله r قال:" اعملوا فكلٌّ ميسرٌ لما خُلِقَ له".[107]
النصر مع الصبر : إن حياة الإنسان معارك متنوعة ، يتعرض فيها لأعداء كثيرة ومتلونة، وإن انتصاره في هذه المعارك مرتبط بمدى صبره مترتب عليه. فالصبر هو طريق الظفر بالمطلوب، وهو السلاح الفعال لقهر العدو بمختلف أشكاله، خفياً كان أم ظاهراً، لذا جعله الله عز وجل مادة الاختبار لعباده في هذه الحياة، ليميزَ الخبيث من الطيب، ويعلم الصادق المتيقن من المنافق المرتاب: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[108]. {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}[109]. أي من الأمور التي ينبغي أن يعزم عليها كل عاقل ويوطن نفسه عليها، لما فيها من كمال المزية والشرف .
ونحن لو استعرضنا آيات الله عز وجل، وأحاديث رسوله المصطفى r ، لوجدنا أن كلمة الصبر ترد في مواطن عدة، كلها تلتقي على المعنى المذكور للصبر ، وتهدف إلى غاية واحدة وتحقق النتيجة نفسها ، ألا وهي الفوز والانتصار ، ومن هذه المواطن : أ- الصبر على فعل الطاعة وترك المعصية . ب- الصبر على المصائب . ج- الصبر في ميدان الدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
د- الصبر في ميادين القتال ومنازلة الكفار .
ثمرات الصبر: إنك تستوحي مما سبق أن من ثمرات الصبر: الرضا، والطمأنينة، والشعور بالسعادة، وتحقيق العزة والكرامة والخير، واستحقاق التأييد من الله عز وجل، والعون والنصرة والمحبة، وفوق هذا كله تلك الثمرة الأخروية، التي تتمثل بذلك النعيم المقيم، الذي يحوزونه موَفَّراً بغير حساب : {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[110] في جنة عرضها السماوات والأرض. ويتوجه رب العزة بالمغفرة والفوز والرضوان : {إِنِّي جَزَيْتُهُمْ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمْ الْفَائِزُونَ}[111] {وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[112].
[ وللصبر فضائل عظيمة :
أولاً : معية الله للصابرين ، قال تعالى : ] إن الله مع الصابرين [[113] .
ثانياً : محبة الله لهم ، قال تعالى : ] والله يحب الصابرين [ [114].
ثالثاً : إطلاق البشرى لهم ، قال تعالى : ] وبشر الصابرين [ [115].
رابعاً : إيجاب الجزاء على أحسن أعمالهم ، قال تعالى: ] ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون [ [116].
خامساً : ضمان المدد والنصرة لهم ، قال تعالى : ] بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة ألاف من الملائكة ...[ [117].
سادساً : استحقاقهم دخول الجنة وتسليم الملائكة عليهم ، قال تعالى : ] وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً[ [118].
وقال تعالى : ] والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار[[119].
سابعاً : حفظهم من كيد الأعداء ، قال تعالى : ] وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً [ [120].
ثامناً : الحصول على درجة الإمامة في الدين ، قال ابن تيمية : ” بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ، ثم تلا هذه الآية : ] وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون [[121] “ .[122]
تاسعاً : أنه من أسباب النصر ، كما في حديث الباب : ( واعلم أن النصر مع الصبر ) .] [123]. الفرج مع الكرب: قد تتوالى على الإنسان مصائب ومحن ويتعرض لصنوف البلاء، وتشتد عليه الأمور وتضيق به، حتى يصل إلى حال من شأنها أن تجعل الحزن والغم يأخذ بنفسه ويقع في الكرب، وكل ذلك اختبار من الله سبحانه، وحتى يشق المؤمن طريقه إلى الجنة بجدارة، فإذا نجح في الامتحان، فصبر واحتسب على النحو الذي علمت، ولم يضجر ولم ييأس، وأدرك أن كل ذلك بقضاء الله تعالى وقدره، فرضي به واطمأنت إليه نفسه، وتداركته عناية الله تعالى، فكشفت ما به من غم، وأجلت من نفسه كل حزن، وخلصته من كل ضيق، وأنقذته من كل أسى، وكان النصر المبين والفوز العظيم في الدنيا والآخرة. وعندها يستبين لهذا العبد المؤمن التقي: أن النور ينبثق من باطن الظلمة، وأن الغيث يخرج من الغيوم القاتمة، وأن ما كان فيه من كرب إنما هو لخير أُريد به، وأن الفرج في طياته وجنباته ، وأن ذلك لم يكن إلا لينقطع العبد الصادق عن كل ما سوى الله عز وجل، ويرتبط قلبه بخالقه وحده، الذي استيقن أن الأمر كله بيده. واقرأ في هذه المعاني قول الله عز وجل: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}[124].
(( قال النووي رحمه الله تعالى : قد جاء في حديث آخر أنه r قال : ( لن يغلب عُسرٌ يُسرين ) ، وذلك أنَّ الله تعالى ذكر العسر مرتين وذكر اليسر مرتين ، لكن عند العرب أنَّ المعرفة إذا أُعيدت معرفة توحدت ؛ لأنَّ الَّلام الثانية للعهد ، وإذا أُعيدت النكرةُ نكرةً تعدَّدت ؛ فالعُسر ذكر مرتين مُعَرَّفاً ؛ واليسر مرتين منكراً فكان اثنين ، فلهذا قال r :( لن يغلب عُسرٌ يُسرين ) [ رواه الحاكم مرسلاً عن الحسن ]))[125].
[ تفريج الكربات وإزالة الشدائد مقرون بالكرب ، فكلما كرب الإنسان فرج الله عنه .
ويشهد لهذا : قوله تعالى : ] وهو الذي يُنَزِّلُ الغيث من بعد ما قنطــــوا [ [126].
وقوله تعالى : ] حتى إذا استيأس الرسل وظنـــوا أنهم قد كُذِبُوا جاءهم نصرنــا [[127] .
وقوله تعالى : ] حتى يقول الرسول والذين آمنوا معــه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب [[128] .
قال ابن رجب رحمه الله [129]: ”وكم قص سبحانه من قصص تفريج كربات أنبيائه عند تناهي الكرب ، كإنجاء نوح ومن معه في الفلك ، وإنجاء إبراهيم من النار ، وفدائه لولده الذي أمر بذبحه ، وإنجاء موسى وقومه من اليم ، وإغراق عدوهم ، وقصة أيوب ويونس ، وقصص محمد r مع أعدائه ، وإنجائه منهم كقصته في الغار ، ويوم بدر ويوم أحد ويوم الأحزاب ويوم حنين وغير ذلك “.
وأنه إذا تعسر الأمر فلينتظر المسلم وليستبشر بقدوم اليسر .
ويشهد لهذا : قوله تعالى : ] سيجعل الله بعد عسر يسراً [[130] ، وقوله تعالى : ] فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً[[131].] [132].


ما يستفاد من الحديث :
1 ـ إذا كانت الدابة قوية، ويعلم راكبها أو صاحبها أنها تُطيق أكثر من واحد، له أن يردف وراءه واحداً أو أكثر حسب طاقتها، وإذا كان يعلم أنها لا تطيق لم يجز له ذلك .
2- يحسن للمعلم أن يلفت انتباه المتعلم، ويذكر له أنه يريد أن يعلمه، قبل أن يـبدأ بإعطاء المعلومات إليه، ليكون أوقع في نفسه، ويشتد شوقه للعلم ويقبل عليه برغبة[133].
3- من كان على حق ودعا إليه، أو أمر بالمعروف، أو نهى عن المنكر، فإنه لا يضره كيد الظالمين ولا مكر أعداء الله المبطلين .
4- على المسلم أن يقومَ بواجبه من فعل الطاعات، وترك المنكرات، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، دون أن يصغي لمن يخيفه من العواقب، من ضعفاء الإيمان واليقين، لأن ما قُدِّر له لا بد أن يصيبه.
5 ـ أن الجزاء قد يكون من جنس العمل[134] ، [ وهذه قاعدة شرعية جاءت نصوص كثيرة تدل عليها :
قال تعالى : ] إن تنصروا الله ينصركــم [[135] . وقال تعالى : ] فاذكروني أذكركم [[136] .
وقال تعالى : ] وأوفوا بعهدي أوف بعهدكــم [[137] .
وقال e : ( ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ) رواه مسلم .[138]
وقال e : ( من بنى مسجداً لله تعالى بنى الله له بيتاً في الجنة ) رواه مسلم .[139]
وقال e : ( احفظ الله يحفظك ) .[140]
وقال e : ( والشاة إن رحمتها رحمك الله ) رواه أحمد .[141]
وقال e : ( وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) متفق عليه .[142]
وقال e : ( ومن وصل صفاً وصله الله ) رواه أبو داود .[143]
وقال e : ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) رواه الترمذي .[144]
وقال e :( من كان له وجهان في الدنيا ، كان له يوم القيامة لسانان من نار ) رواه أبو داود[145]][146]
6 ـ [ من حافظ على أوامر الله حفظه الله في الدنيا والآخرة[147] ، أن من لم يحفظ الله لم يحفظه الله ، قال تعالى : ] ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم [[148] ] .[149]
7 ـ [ أن من حفظ الله كان الله معه ، يحفظه وينصره ، قال تعالى : ] إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون [[150].
قال قتادة : ” من يتق الله يكن معه ، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب ، والحارس الذي لا ينام ، والهادي الذي لا يضل “ .[151]
وهذه المعية الخاصة هي المذكورة في قوله تعالى لموسى وهارون:] لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى[[152] وقول موسى:]كلا إن معي ربي سيهدين[[153]،وفي قول النبي e لأبي بكر وهما في الغار : ( ما ظنك باثنين الله ثالثهما ؟ )[154]][155]
8 ـ من امتثل أوامر الله أخرجه الله من الشدة[156] ، ومن عرف الله حال رخائه وصحتــه وغناه عرفه الله عندما تحل به الشدة والضيق والفقر والمرض ، قال e : ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي[157] ، ويونس عليه السلام عرف ربه حال الرخاء فعرفه في بطن الحوت ونجاه وثبته ونصره .[158]
9 ـ وجوب الاعتماد على الله والتوكل عليه[159] ، والرضا بالقضاء والقدر[160] . 10ـ من أراد أن يسأل فليسأل الله تعالى وحده ، وعليه التوجه إلى الله تعالى في كل حال[161] ، ويستعين به ولا يسأل غيره ، فلا يدعى إلا الله ، ولا يستعان إلا به كما قال تعالى: ] إياك نعبد وإياك نستعين[[162] ، وقال تعالى : { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ }[163] ، نفى سبحانه أن يكون أحد أضل ممن يدعو غيره ، وأخبر أنه لا يستجيب له ما طلب منه إلى يوم القيامة .
والاستفهام فيه إنكار أن يكون في الضلال أبلغ ضلالاً ممن عبد غير الله ودعاه ، حيث يتركون السميع المجيب القادر على تحصيل بُغيه ويدعون من دونه من لا يستجيب لهم .
وقال تعالى : ] واسألوا الله من فضله[[164]، وقال e : ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) رواه الترمذي .[165]
لكن يجوز للإنسان أن يستعين بمخلوق فيما يقدر عليه هذا المخلوق ، لقوله e : ( وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة ) رواه مسلم .[166]
11 ـ إن بعد كل كرب فرجاً ، وإن بعد كل عسرٍ يسراً [167]. 12 ـ لن يصيب الإنسان إلا ما كتب الله له[168] ، فعليه الرضى به والتسليم ، [ لأنَّ كل شيء مكتوب ومنتهي ، قال تعالى : ] ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبراها إن ذلك على الله يسير [[169] ، وقال e :( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ) رواه مسلم .[170]
وعن عبادة بن الصامت عن النبي e قال : ( إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، قال : رب وماذا أكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ) رواه أبو داود .[171]
ويتفرع على هذه الفائدة :
1 ـ عدم جزع الإنسان واطمئنان قلبه ، لأن كل شيء مكتوب ومقدر .
2 ـ أَنَّهُ لن يصيب العبد إلا ما كتب له ، فلن يستطيع أحد أن ينفعه بشيء لم يكتب له ، ولا يستطيع أحد أن يضره بشيء لم يكتب له ، كما قال تعالى : ] قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا [[172] ، وقال تعالى : ] ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأهــا [[173] ، وقال سبحانه : ]قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم [[174] .
قال ابن رجب رحمه الله[175] : ” واعلم أن مدار هذه الوصية على هذا الأصل ، وما ذكر قبله وبعده فهو متفرع عليه وراجع إليه ، فإن العبد إذا علم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له من خير وشر ونفع وضر ، وأن اجتهاد الخلق كلهم على خلاف المقدور غير مفيد البتة ، علم حينئذ أن الله وحده هو الضار النافع ، المعطي المانع ، فأوجب ذلك للعبد توحيد ربه عز وجل ، وإفراده بالطاعة وحفظ حدوده “ .][176] .
13 ـ [ فضل الصبر وأنه من أسباب النصر ، وهذا يشمل الجهادين : جهاد العدو الظاهر ، وجهاد العدو الباطن ، فمن صبر فيهما نصر وظفر بعدوه , ومن لم يصبر فيهما وجزع قهر وصار أسيراً لعدوه أو قتيلاً له ، قال تعالى: ] قال الذين يظنون أنهم ملا قوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين[[177].
قال بعض السلف : ” كلنا يكره الموت ، وألم الجراح ، ولكن نتفاضل بالصبر “ .[178]
وقال ابن بطَّال : ” الشجاعة صبر ساعة “ .[179] قال أبو الطيب المكي : ” اعلم أن الصبر سبب دخول الجنة ، وسبب النجاة من النار ، لأنه جاء في الخبر : " حُفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات"[180] ؛ فيحتاج المؤمن إلى صبرٍ على المكاره ليدخل الجنة ، وإلى صبرٍ عن الشهوات لينجو من النار“.[181]
وقال في مقام آخر:” واعلم أن كثرة معاصي العباد في شيئين : قلة الصبر عما يحبون ، وقلة الصبر على ما يكرهون“[182]][183]
14 ـ عجز الخلائق كلهم ، وافتقارهم إلى الله عز وجل[184] .
15 ـ ما من مصيبة تنزل إلا بما اقترفت يداه[185] .
16 ـ الأعمال الصالحة ترفع البلاء[186] . 17 ـ تحريم اليأس والقنوط .[187]




الحديث العشرون:
الحَياءُ مِنَ الإِيمَان
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام: 1-الحياء نوعان 2-ما يذم من الحياء 3-ثمرات الحياء 4-واجب الآباء والمربين) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بن عمرو الأَنْصَارِيّ البَدْرِيّ t قال : قالَ رسُولُ الله r: "إِنَّ مما أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوةِ الأولى: إِذا لمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ". رواه البخاري.[188]
ترجمة الراوي :
هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن عسيرة بن عطية ، أبو مسعود البدري ، وهو مشهور بكنيته ، ولم يشهد بدراً وإنما نُسب إليها لأنه سكنها ونزل الكوفة وابتنى بها داراً واستخلفه عليٌّ عليها ، وشهد العقبة الثانية ، وكان أحدث من شهدها سناً ، وشهد أحداً وما بعدها من المشاهد ، وتوفي بالمدينة سنة ( 41 هـ) ورُوي له (102) حديثاً[189] .
أهمية الحديث :
إذا كان معنى الحياء امتناع النفس عن فعل ما يعاب ، وانقباضها من فعل شيء أو تركه مخافة ما يعقبه من ذم ، فإن الدعوة إلى التخلق به وملازمته إنما هي دعوة إلى الامتناع عن كل معصية وشر ، وإلى جانب ذلك فإن الحياء خصلة من خصال الخير التي يحرص عليها الناس ، ويرون أن في التجرد عنها نقصاً وعيباً ، كما أنه من كمال الإيمان وتمامه.
مفردات الحديث: من كلام النبوة : مما اتفق عليه الأنبياء ، ومما ندب إليه الأنبياء في شرائعهم .
فاصنع ما شئت : صيغة الأمر هنا فيها ثلاثة أقوال :
الأول : أنها بمعنى الخبر ، كأنه يقول : إذا لم يمنعك الحياءُ فعلتَ ما شئت ، أي ما تدعوك إليه نفسك من القبيح .
والثاني : أن تكون على معنى التهديد والوعيد، والمعنى : إذا نُزِعَ منك الحياء فافعل ما شئت فإنك مجازىً عليه كقوله تعالى : { اعملوا ما شئتم}[190] .
الثالث : أن تكون على معنى الإباحة ، والمعنى : إذا أردت فعل شيء وكان مما لا تستحي من فعله أمام الله والناس فافعله وإلا فلا[191] ، قاله إسحق وأحمد وغيرهما[192] .
معنى الحديث :
"فاصنع ما شئت". أمرٌ بمعنى التهديد والوعيد، فكأنه r يقول: إذا لم يكن عندك حياء فاعمل ما شئت، فإن الله سيجازيك أشد الجزاء، وقد ورد مثل هذا الأمر في القرآن الكريم خطاباً للكفار : {اعملوا ما شئتم}[193] .
الحياء نوعان: أحدهما : الحياء الفطري : وهو ما كان خَلْقاً غير مكتسب، يرفع من يتصف به إلى أَجَلِّ الأخلاق، التي يمنحها الله لعبد من عباده ويفطره عليها، والمفطور على الحياء يكف عن ارتكاب المعاصي والقبائح ودنيء الأخلاق، ولذا كان الحياء مصدر خير وشعبة من شعب الإيمان، قال r: "الحياء شعبة من شعب الإيمان".[194] وثانيهما : الحياء المكتسب : وهو ما كان مكتسباً من معرفة الله ومعرفة عظمته وقربه من عباده، واطلاعه عليهم، وعلمه سبحانه بخائنة الأعين وما تخفي الصدور، والمسلم الذي يسعى في كسب وتحصيل هذا الحياء إنما يحقق في نفسه أعلى خصال الإيمان وأعلى درجات الإحسان. وإذا خلت نفس الإنسان من الحياء المكتسب، وخلا قلبه من الحياء الفطري، لم يبق له ما يمنعه من ارتكاب القبيح والدنيء من الأفعال، وأصبح كمن لا إيمان له من شياطين الإنس والجن[195]. ما يُذَمُّ من الحياء : عندما يكون الحياء امتناع النفس عن القبائح والنقائص فإنه خُلُقٌ يُمدح في الإنسان، لأنه يكمل الإيمان ولا يأتي إلا بخير، أما عندما يصبح الحياء زائداً عن حده المعقول فيصل بصاحبه إلى الاضطراب والتحير، وتنقبض نفسه عن فعل الشيء الذي لا ينبغي الاستحياء منه، فإنه خلق يذم في الإنسان، لأنه حياء في غير موضعه، وخجل يحول دون تعلم العلم وتحصيل الرزق، وقد قيل: حياء الرجل في غير موضعه ضعف ، فإن الحياء الممدوح الذي يحث على فعل الجميل وترك القبيح، فأما الضعف والعجز الذي يوجب التقصير في شيء من حقوق الله أو حقوق عباده فليس هو من الحياء، فإنما هو ضعف وخَوَر.
تتزين المرأة المسلمة بالحياء، وتشارك الرجل في إعمار الأرض وتربية الأجيال بطهارة الفطرة الأنثوية السليمة، فالفتاة القويمة تستحي بفطرتها عند لقاء الرجال والحديث معهم، ولكنها لطهارتها واستقامتها لا تضطرب، الاضطرابَ الذي يطمع ويغري ويهيج، إنما تتحدث في وضوح بالقدر المطلوب ولا تزيد.
أما المرأة التي توصف في زماننا بالاسترجال والسفور والتبرج والاختلاط بالرجال الأجانب من غير ضرورة شرعية ، فهذه لم تَتَرَبَّ في مدرسة القرآن والإسلام، واستبدلت بالحياء وطاعة الله تعالى وقاحة ومعصية وفجوراً.
ثمرات الحياء : من ثمرات الحياء العفة، فمن اتصف بالحياء حتى غلب على جميع أفعاله، كان عفيفاً بالطبع لا بالاختيار .
[ فضائل الحياء :
أولاً : أنه من علامات الإيمان ، قال رسول الله e : ( .. والحياء شعبة من الإيمان ) متفق عليه .[196]
وعن ابن عمر : ( أن رسول الله e مرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله e : دعه فإن الحياء من الإيمان ) . متفق عليه [197]
ثانياً : الحياء أبهى زينة ، عن أنس t قال : قال رسول الله e : ( ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه ، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه ) رواه ابن ماجه .[198]
ثالثاً : الحياء من صفات الرب ، عن يعلى بن أمية قال : قال رسول الله e : ( إن الله عز وجل حَيِيٌّ سِتِّير يحب الحياء والستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ) . رواه أبو داود .[199]
رابعاً : الحياء خلق يحبه الله ، للحديث السابق .
خامساً : الحياء خلق الإسلام ، عن زيد بن طلحة قال : قال رسول الله e : ( إن لكل دينٍ خُلُقَاً ، وخُلُقُ الإسلامِ الحياءُ ) . رواه ابن ماجه .[200]
فائــدة 1 :
هناك بعض الأمور يكون الحياء فيها مذموماً ، وهي :
أولاً : الحياء في طلب العلم .
قالت عائشة رضي الله عنها : ( نعم النساء نساء الأنصار ، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين ) . رواه مسلم .[201]
وقال مجاهد : ” لا ينال العلم مستحي ولا مستكبر “ .[202]
ثانياً : عدم قول الحق والجهر به . قال تعالى : { والله لا يستحي من الحق }[203] .
قال ابن حجر : ” ولا يقال : رب حياء يمنع من الحق ، أو فعل الحق ، لأن ذلك ليس شرعياً “ .[204]
قال ابن رجب رحمه الله : ” فإن الحياء الممدوح في كلام النبي e إنما يريد به الخلق الذي يحث على فعل الجميل وترك القبيح ، فأما الضعف والعجز الذي يوجب التقصير في شيء من حقوق الله أو حقوق عباده فليس هو من الحياء فإنما هو ضعف وخَوَر وعجز ومهانة “ . [205]
من أقوال السلف في الحياء :
قال الفضيل بن عياض : ” خمس من علامات الشقاء : القسوة في القلب ، وجمود العين ، وقلة الحياء ، والرغبة في الدنيا ، وطول الأمل “ .[206]
قال سليمان:”إذا أراد الله بعبد هلاكاً نزع منه الحياء،فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مَقِيتَاً مُمَقَّتَاً“.[207]
وقال أبو موسى:”إني لأغتسل في البيت المظلم فما أقيم صلبي حتى آخذ ثوبي حياء من ربي عز وجل“.[208]
فائدة 2 :
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : وقد قُسِّم الحياءُ على عشرة أوجه : حياء جناية ، وحياء تقصير ، وحياء إجلال ، وحياء كرم ، وحياء حشمة ، وحياء استصغار للنفس واحتقار لها ، وحياء محبة ، وحياء عبودية ، وحياء شرف وعزة ، وحياء المستحيي من نفسه .
فأمَّا حياء الجناية : فمنه حياء آدم عليه السلام لَمَّا فَرَّ هارباً في الجنة ؛ قال الله تعالى : أفراراً مني يا آدم ؟ قال : لا يا رب ؛ بل حياءً منك .
وحياء التقصير : كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون فإذا كان يوم القيامة قالوا : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك .
وحياء الإجلال : هو حياء المعرفة ؛ وعلى حسب معرفة العبد بربه يكون حياؤه منه .
وحياء الكرم : كحياء النبي من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب وطولوا الجلوس عنده فقام واستحيى أن يقول لهم : انصرفوا .
وحياء الحشمة : كحياء علي بن طالب t أن يسأل رسول الله عن المذي لمكان ابنته منه .
وحياء الاستحقار واستصغار النفس : كحياء العبد من ربه عز وجل حين يسأله حوائجه احتقاراً لشأن نفسه واستصغاراً لها ، وفي أثر إسرائيلي : إن موسى عليه السلام قال : يا رب إنه لتعرض لي الحاجة من الدنيا فأستحيي أن أسألك هي يا رب ، فقال الله تعالى : سلني حتى ملح عجينتك وعلف شاتك ، وقد يكون لهذا النوع سببان : أحدهما : استحقار السائل نفسه واستعظام ذنوبه وخطاياه ، والثاني : استعظام مسؤوله .
وأما حياء المحبة : فهو حياء المحب من محبوبه حتى إنه إذا خطر على قلبه في غيبته هاج الحياء من قلبه وأحس به في وجهه ولا يُدرى ما سببه ، وكذلك يعرض للمحب عند ملاقاته محبوبه ومناجاته له روعة شديدة ومنه قولهم : جمال رائع ، وسبب هذا الحياء والروعة مما لا يعرفه أكثر الناس .
ولا ريب أن للمحبة سلطاناً قاهراً للقلب أعظم من سلطان من يقهر البدن ، فأين من يقهر قلبك وروحك إلى من يقهر بدنك ؟ ولذلك تعجبت الملوك والجبابرة من قهرهم للخلق وقهر المحبوب لهم وذلهم له ، فإذا فاجأ المحبوب محبه ورآه بغتة أحس القلب بهجوم سلطانه عليه فاعتراه روعة وخوف .
وسألنا يوماً شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه عن هذه المسألة ؛ فذكرت أنا هذا الجواب فتبسم ولم يقل شيئاً .
وأما الحياء الذي يعتريه منه وإن كان قادراً عليه كأمته وزوجته فسببه والله أعلم أن هذا السلطان لما زال خوفه عن القلب بقيت هيبته واحتشامه فتولد منها الحياء وأما حصول ذلك له في غيبة المحبوب فظاهر لاستيلائه على قلبه فوهمه يغالطه عليه ويكابره حتى كأنه معه .
وأما حياء العبودية : فهو حياء ممتزج من محبة وخوف ومشاهدة عدم صلاح عبوديته لمعبوده وأن قدره أعلى وأجل منها فعبوديته له توجب استحياءه منه لا محالة .
وأما حياء الشرف والعزة : فحياء النفس العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها من بذل أو عطاء وإحسان فإنه يستحي مع بذله حياءَ شرفِ نفسٍ وعزَّةٍ وهذا له سببان : أحدهما : هذا ، والثاني : استحياؤه من الآخذ حتى كأنه هو الآخذ السائل حتى إنَّ بعض أهل الكرم لا تطاوعه نفسه بمواجهته لمن يعطيه حياءً منه وهذا يدخل في حياء التَّلَوُّمِ لأنه يستحيي من خجلة الآخذ .
وأما حياء المرء من نفسه : فهو حياء النفوس الشريفة العزيزة الرفيعة من رضاها لنفسها بالنقص وقناعتها بالدون فيجد نفسه مستحياً من نفسه حتى كأن له نفسين يستحيي بإحداهما من الأخرى ، وهذا أكمل ما يكون من الحياء فإن العبد إذا استحيى من نفسه فهو بأن يستحيي من غيره أجدر .[209]
واجب الآباء والمربين : إن واجب الآباء والمربين في المجتمع المسلم أن يعملوا جاهدين على إحياء خلق الحياء، وأن يسلكوا في سبيل ذلك الطرق التربوية المدروسة، والتي تشمل مراقبة السلوك والأعمال الصادرة من الأطفال وتقويم ما يتناقض مع فضيلة الحياء، واختيار الرفاق الصالحين وإبعاد رفاق السوء، والتوجيه إلى اختيار الأطفال للكتب المفيدة، وإبعادهم عن مفاسد الأفلام والمسرحيات الهزلية، والكلمات السوقية.
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ اتفاق النبوات على فعل الخير .[210] 2ـ يرشدنا إلى أن الحياء خير كله، ومن كثر حياؤه كثر خيره وعمَّ نفعه ، ومن قلَّ حياؤه قلَّ خيره[211].
3 ـ لا حياء في تعليم أحكام الدين، ولا حياء في طلب الحق. 4 ـ الحياء أصل الأخلاق الكريمة[212] .


















الحديث الحادي والعشرون:
الاستقامةُ والإِيمَان
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-استقامة القلب 2-استقامة اللسان 3-فوائد الاستقامة) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي عَمْرو، وَقِيلَ: أبي عَمْرَةَ، سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثّقَفيِّ t قَال: قُلْتُ: يا رَسُولَ الله، قُلْ لي في الإِسْلاَمِ قَوْلاً، لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً غَيْرَكَ. قَال: "قُلْ: آمَنْتُ باللهِ فاسْتَقِمْ". رواه مسلم.[213]
ترجمة الراوي : هو أبو عمرو سفيان بن عبد الله بن أبي ربيعة بن الحارث بن مالك بن حطيط بن جشم الثقفي t[214]، نسبة لثقيف ، ويُقال له : الطائفي ، لأنه معدود من أهل الطائف ، استعمله عمر t على صدقات الطائف ، ومروياته ( 5 ) أحاديث[215] .
أهمية الحديث : هذا الحديث موقعه عظيم وهو من بديع جوامع كلمه r فإنه جمع لهذا السائل في هاتين الخصلتين جميع معاني الإسلام والإيمان والطاعة[216] .
مفردات الحديث:
في الإسلام : أي في عقيدته وشريعته.
قولاً : جامعاً لمعاني الدين، واضحاً لا يحتاج إلى تفسير[217].
قل آمنت بالله : جدد إيمانك بالله متذكراً بقلبك ذاكراً بلسانك لتستحضرَ جميع تفاصيل أركان الإيمان.
فاستقم : أي داومْ واثبت على عمل الطاعات، والانتهاء عن جميع المخالفات[218].
المعنى العام :
معنى الاستقامة:
إن قول النبي r : " قل آمنت بالله ثم استقم " مأخوذ من قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا.. }[219] وقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[220]. والمراد : الاستقامة على التوحيد الكامل .
والاستقامة درجة بها كمال الأمور ، وبوجودها حصول الخيرات ونظامها، ومن لم يكن مستقيماً في حالته ضاع سعيه وخاب جِدّه .
والاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم ، وهو الدين القويم من غير تعويج عنه يمنة ولا يسرة ، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة ، وترك المنهيات كلها كذلك ، فصارت هذه الوصية جامعة لخصال الخير كلها.
استقامة القلب : وأصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، ومتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته، وإجلاله ومهابته ومحبته ، وإرادته ورجائه ودعائه ، والتوكل عليه والإعراض عما سواه، استقامت الجوارح كلها على طاعته ، لأن القلب هو ملك الأعضاء وهي جنوده، فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، قال رسول الله r: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" رواه البخاري ومسلم. [انظر الحديث رقم : 6]
استقامة اللسان :
وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح اللسان، فإنه ترجمان القلب والمعبِّر عنه، ويؤكد هذا ما ورد في رواية الترمذي : " قلت : يا رسول الله ما أخوف ما يخاف عليّ ؟ فأخذ بلسان نفسه " .[221]
وما رواه الإمام أحمد في مسنده عن النبي r قال : " لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " .[222]
[ أسباب الاستقامة :
أولاً : دعاء الله بالثبات ، كان e يقول : ( يا مصرِّف القلوب ثبت قلبي على طاعتك ) .[223]
ثانياً : قراءة القرآن وتدبره ، قال تعالى : { .. لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً }[224].][225] .
فوائد الاستقامة : إن الاستقامة ثبات وانتصار، ورجولة وفوز في معركة الطاعات والأهواء والرغبات، ولذلك استحق الذين استقاموا أن تتنزل عليهم الملائكة في الحياة الدنيا، ليطردوا من حياتهم الخوف والحزن، وليبشروهم بالجنة، وليعلنوا وقوفهم إلى جانبهم في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ}.[226]
ما يستفاد من الحديث: 1 ـ يرشد الحديث إلى الأمر بالاستقامة على التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده. 2 ـ حرص الصحابة على تعلّم دينهم والمحافظة على أيمانهم[227] . 3 ـ الإيمان بالله تعالى يسبق الطاعات[228] .
4 ـ الأعمال الصالحة تحافظ على الإيمان[229] . 5 ـ لابدَّ من الإيمان والعمل الصالح[230] . 6ـ لا يلزم من الاستقامة عدم الوقوع بشيء من المعاصي فقد قال تعالى : {فاستقيموا إليه واستغفروه}[231].
قال ابن رجب رحمه الله [232]: ” وفي قوله عز وجل : { فاستقيموا إليه واستغفروه } إشارة إلى أنه لا بد من تقصير في الاستقامة المأمور بها ، فيجبر ذلك الاستغفار المقتضي للتوبة والرجوع إلى الاستقامة ، فهو كقول النبي e لمعاذ : ( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها )[233] ، وقد أخبر النبي e أن الناس لن يطيقوا الاستقامة حق الاستقامة ، كما خرجه الإمام أحمد وابن ماجه من حديث ثوبان عن النبي r قال : ( استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أنَّ خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن )[234] .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة t عن النبي e قال : ( فسددوا وقاربوا ) .[235]
فالسداد : هو حقيقة الاستقامة ، وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد ....
والمقاربة : أن يصيب ما قَرُبَ من الغرض إذا لم يُصبِ الغرض نفسه ، ولكن بشرط أن يكون مصمماً على قصد السداد وإصابة الغرض ، فتكون مقاربته عن غير عمد “ .[236]
7 ـ أن من استقام في هذه الدار على الهداية ، وفقه الله تعالى للهداية يوم القيامة .
قال ابن القيم رحمه الله : ” فمن هُدِيَ في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم ، الذي أرسل به رسله ، وأنزل به كتبه ، هدي هناك إلى الصراط المستقيم ، الموصل إلى جنته ودار ثوابه ، وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار ، يكون ثبوت قَدَمه على الصراط المنصوب على متن جهنم ، وعلى قدر سيره على هذه الصراط يكون سيره على ذاك الصراط“. [237]
8 ـ وجوب المداومة على العمل الصالح وأن ذلك من أسباب الاستقامة .
وأفضل العمل ما داوم عليه صاحبه ، قال e : ( أحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومها وإن قَلَّ)[238] ، وهذا كان هدي النبي e إذا عمل عملاً أثبته ، قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان رسول الله e إذا عمل عملاً أثبته ) رواه مسلم .[239]
قال النووي رحمه الله : ” وإنما كان القليل الدائم خيراً من الكثير المنقطع لأن بدوام القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والإخلاص والإقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافاً كثيرة “ .[240]

[ وللمداومة على العمل الصالح آثار :
أولاً : دوام اتصال القلب بخالقه مما يعطيه قوةً وثباتاً واستقامةً .
ثانياً : تعهد النفس عن الغفلة وترويضها على لزوم الخيرات حتى تسهل عليها .
ثالثاً : أن المداومة على العمل الصالح سبب للنجاة من الشدائد ، قال e : ( من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر الدعاء في الرخاء ) رواه الترمذي[241] ] .[242]

وهنا ينتهي الفصل الدراسي الأول



















الحديث الثاني والعشرون:
طَريقُ الجَنَّةِ
ترجمة الراوي ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-التزام الفرائض وترك المحرمات أساس النجاة 2-صدق المسلم وصراحته 3-الزكاة والحج فريضتان محكمتان 4-أهمية الصلاة والصيام 5-فعل الواجب وترك المحرم وقاية من النار 6-الإتيان بالنوافل زيادة قرب من الله تعالى 7-التحليل والتحريم تشريعٌ لا يكون إلا لله تعالى 8-الحِنث باليمين والبِرّ به) ، ما يستفاد من الحديث
عَنْ أبي عَبْدِ اللهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأنْصَارِيِّ رَضي اللهُ عَنْهُما أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ r فَقال: أَرَأَيْتَ إذَا صَلَّيْتُ الصَّلَواِت الْمكْتُوباتِ، وَصُمْتُ رَمَضانَ، وَأَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ، وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ على ذِلكَ شَيْئاً، أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؟ قال: "نَعَمْ ، قال والله لا أَزِيدُ على ذلك شيئاً ". رواه مسلم[243] وَمَعْنى حَرَّمْتُ الْحَرَامَ: اجْتَنَبْتُهُ، وَمَعْنى أَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ : فَعَلْتُهُ مُعْتَقِداً حِلَّهُ .
ترجمة الراوي :
هو جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري رضي الله عنهما [244] ، كان من أكابر الصحابة ، واستُشهد عبد الله في غزوة أُحد ، وقال النبي r لابنه جابر : أي بني ألا أبشرك أنَّ الله عز وجل أحيا أباك ، فقال : تمن ، فقال : يا رب أن تعيد روحي وتردني إلى الدنيا حتى أُقتل مرة أخرى ، قال : إني قضيت أنهم إليها لا يُرجعون ، وكان على والده دَيْنٌ فاستغفر اللهََ النبيُ r لجابر t في ليلة واحدة سبعاً وعشرين مرَّة في قضاء دين أبيه ، شهد مع النبي r سبع عشرة غزوة ، وعَمِيَ آخر عمره وتُوفي بالمدينة سنة ( 74 هـ) وقيل : ( 77 هـ ) عن ( 94 ) سنة ، وهو آخر من مات بالمدينة ممن شهد العقبة ، ورُوي له ( 1540 ) حديثاً[245] .
مفردات الحديث:
رجلاً : هو النعمان بن قوقل الخزاعي t[246] ، وقيل غيره .[247] أرأيت : الهمزة للاستفهام، ورأى مأخوذة من الرأي، والمراد: أخبرني وأفتني.
المكتوبات : المفروضات، وهي الصلوات الخمس.
الحلال : هو المأذون في فعله شرعاً.
الحرام : كل ما منع الشرع من فعله على سبيل الحتم والجزم .
أأدخل[248] الجنة ؟ : مع السابقين ، من غير سبق عذاب .
قال نعم : وذلك إذا اجتمعت الشروط وانتفت الموانع مع الإتيان بالتوحيد .
المعنى العام: يحدثنا جابر t عن ذلك المؤمن المتلهف إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض أُعِدَّت للمتقين، إذ جاء يسأل رسول الله r عن طريقها، ويستفتيه عن عمل يدخله فسيح رحابها، فيدله رسول الله r على بغيته، وتتحقق لها أمنيته.
التزام الفرائض وترك المحرمات أساس النجاة : لقد سأل النعمان t رسول الله r: هل إذا استمر في أداء الصلاة المفروضة عليه بقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[249]. أي فرضاً محدداً بوقت ، ثم إذا أدرك شهر رمضان المفروض عليه صيامه بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[250] قام بصيامه، ملتزماً لآدابه ومراعياً لحرمته ، ثم وقف عند حدود الله تعالى فيما أَحَلَّ أو حَرَّمَ ، فلم يحل حراماً ولم يحرم حلالاً، بل اعتقد حل ما أحله الله وحرمة ما حرمه، فاجتنب الحرام مطلقاً، وفعل من الحلال الواجب منه ؟. سأل : هل إذا فعل ذلك كله ، ولم يستزد من الفضائل المستحبة والمرغوب فيها - كفعل النوافل وترك المكروهات، والتورع عن بعض المباحات أحياناً - هل يكفيه ذلك للنجاة عند الله تعالى ويدخله الجنة، التي هي منتهى أمله ومبتغاه ، مع المقربين الأخيار والسابقين الأبرار، دون أن يمسه عذاب أو يناله عقاب؟ ، ويجيبه رسول الله r بما يطمئن نفسه، ويشرح صدره، ويفرح قلبه، ويشبع رغبته، ويحقق لهفته، فيقول له: "نعم".
أخرج النسائي : أن رسول الله r قال : " ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة فقيل له : ادخل بسلام " .[251]
وأخرج ابن حبان : أن رسول الله r قال : " ما من عبد يؤدي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها لتصطفق ثم تلا : { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم }[252] " .[253]
والكبائر السبع هي : الزنا ، وشرب الخمر ، والسحر ، والاتهام بالزنا لمن عُرِف بالعفة ، والقتل العمد بغير ذنب ، والتعامل بالربا ، والفرار من وجه أعداء الإسلام في ميادين القتال .
وموقف رسول الله r هذا يدل على يسر الإسلام ، وأن الله تعالى لم يكلف أحداً من خلقه ما فيه كلفة ومشقة، وهو سبحانه القائل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}[254].
فالتكاليف في الشريعة الإسلامية كلها متصفة باليسر، وضمن حدود الطاقة البشرية.
صدق المسلم وصراحته : إن النعمان t كان مثال المؤمن الصريح بقلبه وقالبه، فهو لا يريد أن يتظاهر بالتقوى والصلاح مما ليس في نفسه أن يفعله ، أو لا يقوم به فعلاً، بل هو إنسان يريد النجاة والفلاح ، وهو على استعداد أن يلتزم كل ما من شأنه أن يوصله إلى ذلك . الزكاة والحج فريضتان محكمتان : فالتزام هذين الركنين ممن وجبا عليه ، شرط أساسي في نجاته من النار ودخوله الجنة دون عذاب . ولم يذكرهما النعمان t بخصوصهما - كما ذكر الصلاة والصوم - إما لأنهما لم يفرضا بعد، وإما لكونه غير مكلف بهما لفقره وعدم استطاعته، أو لأنهما يدخلان في تعميمه بعدُ بقوله: وأحللت الحلال وحرمت الحرام، فإنه يستلزم فعل الفرائض كلها، لأنها من الحلال الواجب، وتركها من الحرام الممنوع. أهمية الصلاة والصيام: إن تصدير هذا السائل سؤاله بأداء الصلوات المفروضة، يدل دلالة واضحة على ما استقر في نفوس الصحابة y من تعظيم أمرها والاهتمام بها، وكيف لا ؟ وهي عماد الدين، وعنوان المسلم يؤديها في اليوم والليلة خمس مرات، محافظاً على أركانها وواجباتها، وسننها وآدابها.[255]
وأما الصوم: فهو في المرتبة الثانية بعد الصلاة، وإن كان لا يقل عنها في الفرضية، فقد أجمعت الأمة على أنه أحد أركان الإسلام التي عُلمت من الدين بالضرورة.[256]
فعل الواجب وترك المحرم وقاية من النار: الأصل في عبادة الله عز وجل المحافظة على الفرائض مع ترك المحرمات، فمن فعل ذلك فاز أيما فوز وأفلح أيما فلاح .
جاء رجل إلى رسول الله r فقال: يا رسول الله، شهدتُ أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصلَّيت الخمس، وأديت زكاة مالي، وصمت شهر رمضان ؟. فقال رسول الله r : "من ماتَ على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصبَ أُصبعيه - ما لم يعقَّ والديه". [257]
يعق من العقوق، وهو عدم الإحسان إلى الوالدين كما أمر الله عز وجل ورسوله r.
الإتيان بالنوافل زيادة قرب من الله تعالى وكمال: والمسلم الذي يرجو النجاة، وتطمح نفسه إلى رفيع الدرجات عند الله عز وجل، لا يترك نافلة ولا يقرب مكروهاً، ولا يفرق فيما يطلب منه بين واجب أو مفروض أو مندوب، كما لا يفرق فيما نهي عنه بين محرم أو مكروه. وهكذا كان أصحاب رسول الله r عامة يفعلون، لا يفرقون فيما أُمِروا به أو نُهُوا عنه، بل يلتزمون قول الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[258]. رغبة في الثواب، وطمعاً في الرحمة والرضوان، وإشفاقاً من المعصية والحرمان.
ونحن إذ نرى رسول الله r يقر ذلك الصحابي على إعلانه: "والله لا أزيد على ذلك شيئاً "، ولا ينبهه إلى فضل الزيادة والتطوع، نعلم أنه r فعل ذلك تيسيراً عليه وتسهيلاً، وتعليماً للقادة والهداة إلى الله عز وجل: أن يبثُّوا روح الأمل في النفوس، وأن يتخلقوا بالسماحة والرفق، وتقريراً لما جاء به الإسلام من التيسير ورفع الحرج ؛ على أنه r يعلم أن هذا المؤمن التقي حين يعبد الله عز وجل بما افترض عليه، ويصل به قلبه، ينشرح صدره، ويشعر باطمئنان نفسي ومتعة روحية، فيحمله كل ذلك على الشغف بالعبادة، والرغبة في الزيادة من مرضاة الله عز وجل، بأداء النوافل وترك المكروه.
التحليل والتحريم تشريع، لا يكون إلا لله تعالى: إن أصل الإيمان: أن يعتقد المسلم حِلَّ ما أحلَّه الله عز وجل وحرمة ما حرمه، سواء فعل المحرم أم ترك الحلال، فإن زعم إنسان لنفسه أنه يستطيع أن يحرم ما ثبت حله في شرع الله عز وجل، أو يحلل ما ثبتت حرمته، فإنه بذلك يتطاول على حق الله عز وجل، الذي له وحده سلطة التشريع، والتحليل والتحريم، فمن اعتقد أن له أن يشرع خلاف ما شرعه الله عز وجل، وبينه رسول الله r ، أو يشرع بهواه دون التزام قواعد التشريع الإسلامي، فقد خرج عن الإسلام، وبرئ منه الله تعالى ورسوله r. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[259]. وقد ثبت أنها نزلت في بعض الصحابة الذين أرادوا أن يحرموا على أنفسهم بعض الطيبات تقشفاً وزهداً، فقال لهم r : "لكني أُصلِّي وأنام، وأصومُ وأُفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". رواه مسلم.[260]
الحِنْث باليمين والبِرُّ به: من حلف أن يفعل خيراً وما فيه طاعة فالأفضل له البر بيمينه، أي أن يفعل ما حلف على فعله لقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ}[261] أي احفظوها عن أن تحنثوا فيها. ومن حلف على ترك واجب أو فعل معصية وجب عليه الحنث بيمينه، أي أن يخالف يمينه ولا يفعل ما أقسم على فعله، روى أبو داود وغيره، عن النبي r قال :"من حلف على معصية فلا يمين له".[262]
[ لم يذكر النبي e في هذا الحديث الزكاة ولا الحج ؟
والجواب : لم يذكر الزكاة ، لعل النبي e علم من حاله أنه فقير ولا يستطيع عليها ، وأما الحج ، فلعله لم يفرض بعد . ][263] .
وأفاد الحديث :
1 ـ أن على المسلم أن يسأل أهل العلم عن شرائع الإسلام، وما يجب عليه وما يحلُّ له وما يحرم، إن كان يجهل ذلك، ليسيرَ على هدى في حياته : وتطمئنَ نفسُه لسلامة عمله[264].
2 ـ كما أفاد: أن على المعلم أن يتوسع بالمتعلم : ويبشره بالخير، ويأخذه باليسر والترغيب. 3 ـ ومن حلف على ترك خيرٍ غير واجب عليه، فالأفضل في حقه أن يحنث، لأنه خير له، روى مسلم أنه r قال : " من حلف على يمينٍ ورأى غيرها خيراً منها ، فليأتِ الذي هو خير وليُكَفِّر عن يمينه".[265] 4 ـ الاهتمام بالصلاة والصوم[266] . 5 ـ العمل الصالح سبب لدخول الجنة[267] ، وهي غاية المؤمن . 6 ـ اهتمام الصحابة y بعمل يدخلهم الجنة[268] . 7 ـ وجوب إحلال الحلال وتحريم الحرام .
8 ـ جواز ترك التطوعات على الجملة ، إذا لم يكن من قبيل التهاون ، ولا ينافي ذلك أن تاركها فوَّت نفسه ربحاً عظيماً[269] ، هو في أشدِّ الحاجة إليه . 9 ـ [ أن من أدى الواجبات وترك المحرمات فإن ذلك سبب لدخول الجنة .
وقد جاءت أحاديث كثيرة بهذا المعنى ، ففي البخاري عن طلحة بن عبيد الله t : (أن أعرابياً جاء إلى رسول الله r ثائر الرأس فقال : يا رسول الله أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة ؟ فقال : الصلوات الخمس إلا أن تَطَّوَّعَ شيئاً ؛ فقال : أخبرني بما فرض الله علي من الصيام ، قال : شهر رمضان إلا أن تَطَّوَّعَ شيئاً ؛ قال : أخبرني بما فرض الله عليَّ من الزكاة ، قال : فأخبره رسول الله r بشرائع الإسلام ، قال : والذي أكرمك لا أتطوع شيئاً ولا أُنْقِصُ مما فرض الله عليَّ شيئاً ، فقال رسول الله r : أفلح إن صدق ، أو أُدخلَ الجنة إن صدق ) رواه البخاري.[270]
وفي الصحيحين عن أبي هريرة t : ( أن أعرابياً قال يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة ؟ قال : تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم رمضان ، قال : والذي نفسي بيده ، لا أزيد على هذا ، فلما ولى ، قال النبي e : ( من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا) .[271]
وخرج الترمذي من حديث أبي أمامة t قال : سمعت رسول الله e يخطب في حجة الوداع يقول : ( اتقوا الله ربكم ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، وأطيعوا ذا أمركم ، تدخلوا جنة ربكم).[272]
لكن قد يوجد موانع من دخول الجنة : كقوله e : ( لا يدخل الجنَّة قاطع رحم ) متفق عليه واللفظ لمسلم[273]، وقوله r : (لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) رواه مسلم [274].][275] .
10 ـ أن فعل الواجب وترك المحرم وقاية من النار .[276]
11 ـ حكمة الله في التشريع ، حيث إن من الأعمال ما هو واجب ومنها ما هو مستحب .[277]
12 ـ وجوب امتثال أمر الله والانتهاء عن نهيه .[278]
13 ـ أن التحليل والتحريم حق من حقوق الله تعالى .[279]








الحديث الثالث والعشرون:
كُلُّ خَيرٍ صَدَقة
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-الطهارة وثوابها 2-من خصال الإيمان 3-طهارة القلب 4-ذكر الله تعالى وشكره 5-اطمئنان القلب 6-الإكثار من الذكر 7-الصلاة نور 8-الصدقة برهان 9-القرآن حجة ) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي مالكٍ الحارِثِ بنِ عاصِمٍ الأَشْعَرِيِّ t قال : قال رسولُ اللهِ r: "الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيَمانِ، والحمدُ لِلهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ، وسُبْحانَ اللهِ والحمدُ لِلهِ تَمْلآنِ - أو تَمْلأُ - ما بَيْنَ السَّماواتِ والأرضِ، والصَّلاةُ نورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِيَاءٌ، والْقُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أو عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدو، فَبائعٌ نَفْسَهُ، فَمُعْتِقُها أَو مُوبِقُها". رواه مسلم.[280]
ترجمة الراوي : هو أبو مالك الحارث بن عاصم الأشعري t ، نسبةً إلى قبيلة باليمن ، يُقال لهم الأشعريين ، والصحيح أنَّه غير أبي موسى الأشعري t ، لأن ذاك معروف بكنيته ؛ وهذا معروف باسمه ، سكن مصر ومات بالطاعون في خلافة عمر بن الخطاب t سنة ( 18 هـ )[281] .
أهمية الحديث : هذا الحديث حديث عظيم قد اشتمل على مهمات قواعد الدين[282] .
مفردات الحديث :
الطُّهور[283]: فعلٌ يترتب عليه رفع حَدَث - كالوضوء والغسل-، أو إزالة نجس ، كتطهير الثوب والبدن والمكان، أو المراد الوضوء فقط[284].
شطر : نصف.
شطر الإيمان : قيل لأن الطهارة ظاهرة وباطنة فالوضؤ نصفه ، وقيل : الوضؤ نصف الصلاة ، لأن الصلاة تُسمى إيماناً .
الحمد لله : الثناء الحسن على الله تعالى لما أعطى من نِعَم ، والمراد هنا : ثواب لفظ الحمد لله .
الميزان : كِفَّة الحسنات من الميزان الذي توزن به أعمال العباد يوم القيامة. [285]
سبحان الله : تعظيم الله تعالى وتنزيهه عن النقائص، والمراد هنا ثواب لفظ سبحان الله.
الصلاة نور: أي تهدي إلى فعل الخير كم يهدي النور إلى الطريق السليم.
برهان : دليل على صدق الإيمان. الصبر: حبس النفس عما تتمنى، وتحملها ما يشق عليها، وثباتها على الحق رغم المصائب.
ضياء : هو شدة النور ، أي بالصبر تنكشف الكُرُبات .
حجة : برهان ودليل ومرشد ومدافع عنك. يغدو : يذهب باكراً يسعى لنفسه. بائع نفسه : لله تعالى بطاعته، أو لشيطانه وهواه بمعصية الله تعالى وسخطه.
مُعتقها : مخلِّصها من الخِزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
موبقها : مهلكها بارتكاب المعاصي وما يترتب عليها من الخزي والعذاب.
المعنى العام : الطهارة وثوابها: الطهارة شرط لصحة العبادة، وعنوان محبة الله تعالى. فلقد بين r، مُطَمْئِناً المسلمين الخاشعين، أن ما يقوم به المؤمن من طهارة لبدنه وثوبه - استعداداً لمناجاة ربه - أثر هام وبارز من آثار إيمانه، إذ يعبر به عن إذعانه لأمره، واستجابته لندائه. {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[286].وقال: {وثيابَكَ فَطَهِّر}[287]. فيقوم ويحتمل المكاره، ليقف بين يدي الله تعالى نقياً تقياً، حسن الرائحة والسمت كما أحسن الله خلقه، وقد وجبت له محبة الله عز وجل: {إن الله يُحب التوَّابين ويحبُّ المتطهرين}[288].
لقد بَيَّن r أن أجر الطهارة، من وضوء وغيره، يتضاعف عند الله تعالى حتى يبلغ نصف أجر الإيمان، وذلك لأن الإيمان يمحو ما سبقه من الخطايا الكبيرة والصغيرة، والطهارة - وخاصة الوضوء - تمحو ما سبقها من خطايا صغيرة، فكانت كنصف الإيمان.
روى مسلم ، عن عثمان t عن النبي r قال : " من توضأ فأحسنَ الوضوءَ خرجت خطاياه من جسده ، حتى تخرج من تحت أظفاره " .[289]
[ وللنسائي : ( من أتم الوضوء كما أمره الله عز وجل ، فالصلوات الخمس كفارات لما بينهن ) .[290]
وعن أبي هريرة t قال : قال رسول الله e : ( إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء ، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء .. ) رواه مسلم .[291]
وعن عقبة بن عامر t قال : قال رسول الله e : ( ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة ) رواه مسلم .] [292].
والإيمان تنظيف للباطن من الأدران المعنوية، كالشرك بالله تعالى والنفاق وما أشبه ذلك، والطُّهور تنظيف للظاهر من الأدران الحسية.
من خصال الإيمان : الوضوء من خصال الإيمان الخفية ، التي لا يُحافظ عليها إلا المؤمن ، قال r : "لن يُحافظَ على الوضوء إلا مؤمن" رواه ابن ماجه والحاكم ،[293] لأنه أمر غير ظاهر ، إلى جانب ما فيه من المكاره ، ولذا كان المحافظ عليه أسبق إلى دخول الجنة . روى ابن خزيمة في صحيحه : أن رسول الله r أصبحَ يوماً فدعا بلالاً t فقال : "يا بلال ، بم سبقتني إلى الجنة ؟ إني دخلت البارحة الجنة ، فسمعت خشخشتك أمامي" فقال بلال t: يا رسول الله ، ما أذنبتُ قط إلا صَلَّيْتُ ركعتين، ولا أصابني حَدَثٌ قط إلا توضأت عنده . فقال r : " بهذا " .[294]
ذِكْرُ الله تعالى وشكره : إن التعبير عن شكر الله عز وجل بالإكثار من ذكره، ولا سيما بما ورد عن رسول الله r من صيغ وألفاظ ، يملأ ثوابه كفة ميزان الأعمال الصالحة يوم القيامة ، ففي مسند أحمد رحمه الله تعالى ، عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما ، عن النبي r قال : " إنَّ الله اصطفى من الكلام أربعاً : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، فمن قال : سبحان الله كُتِبَ له عشرون حسنةً وحُطَّ عنه عشرون سيئةً ، ومن قال : الله أكبر فمثلُ ذلك ، ومن قال : لا إله إلا الله فمثلُ ذلك ، ومن قال : الحمد لله رب العالمين من قِبَلِ نفسهِ كُتِبَ له بها ثلاثون حسنةً أو حُطَّ عنه ثلاثون سيئةً " .[295]

[ وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل هذه الكلمات :
قال e : ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله العظيم ، سبحان الله وبحمده ) متفق عليه .[296]
وقال e : ( لأَنْ أقولَ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أَحَبُّ إليَّ ممَّا طلعتْ عليه الشمسُ ) رواه مسلم .[297]
وقال e : ( أحبُّ الكلام إلى الله تبارك وتعالى أربعٌ : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ؛ لا يضرك بِأَيِّهِنَّ بدأتَ ) رواه أحمد .[298]
وقال e : ( لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال : يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أنَّ الجنَّةَ طيبةُ التربةِ عذبةُ الماءِ وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) رواه الترمذي[299]] [300].
فمن عَبَّرَ عمَّا سبق بلسانه ، معتقداً بما تلفظ بملءِ قلبه ونفسه ، مستحضراً لمعانيها بفكره وعقله ، فإِنَّه ينال جزاءً عظيماً ، لو كان يُقاسُ بالمساحات ويقدر بالأحجام لَسَدَّ ما بين السماوات والأرض ، وكان له سُلَّماً يصعد عليه إلى درجات العلى .
واجتماع التسبيح مع التحميد له مزية زائدة إذ التسبيح تخليه والتحميد تحلية .
اطمئنان القلب : لا بد حال الذكر من استحضار القلب وفهم المعاني ما أمكن ، حتى يكون لذلك أثر في نفس المسلم ، فيطمئن قلبه ويستقيم سلوكه : {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[301] .
الإكثار من الذكر : المؤمن في حاجة ماسة إلى اطمئنان قلبه واستقرار نفسه ، ولذا لابد له أن يكثر من ذكر الله عز وجل ، حتى يكون دائماً على صلة به ، معتمداً عليه ، مستمداً لعونه ونصرته ، طالباً لعفوه ومغفرته ، حتى يذكره الله تعالى في ملكوته ، فيشمله بفضله ورحمته ، ويُسَلِّكه مسالك الهدى والحق : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[302].
بكرة وأصيلاً : عند طلوع الشمس وعند ميلانها للغروب والمراد : جميع الأوقات .
الصلاة نور : الصلاة فريضة محكمة وركن أساسي من أركان الإسلام، وهي - كما بين r - نور مطلق تدل صاحبها على طريق الخير، وتمنعه من المعاصي، وتهديه سبيل الاستقامة، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[303] فهي نور معنوي يستضاء به في طرق الهداية والحق، كما يُستضاء بالضياء المادي إلى الطريق القويم والسلوك السليم، وهي تكسب المسلم الهيبة والبهاء في الدنيا، كما تشع النور على وجهه يوم القيامة: {نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}[304] وقال تعالى: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ}[305]. [ فهي نور في الدنيا كما قال تعالى : } سيماهم في وجوههم من أثر السجود {[306] ، وهي نور يوم القيامة ، فعن عبد الله بن عمرو t عن النبي r أنَّهُ ذكرَ الصلاة يوماً فقال : ( من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاةً من النار يوم القيامة ؛ ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا نجاةً ولا برهاناً وكان يوم القيامة مع قارونَ وفرعونَ وهامانَ وأُبَيِّ بنِ خَلَفٍ ) رواه الدارمي[307]][308].
الصلاة صلة العبد بربه ، ومناجاته لخالقه ، ولهذا كانت قرة عين المتقين، يجدون فيها الراحة والسكينة والأمن ، و ( كان r إذا حَزَبَه أمر ـ أي : أصابه ـ صلى ) .[309] وكان r يقول : " يا بلال أقم الصلاة ، أرحنا بها " رواه أبو داود .[310]
الصدقة[311] برهان: البرهان هو الشعاع الذي يلي وجه الشمس، ومنه سميت الحجة القاطعة برهاناً لوضوح دلالتها على ما دلت عليه ، فكذلك الصدقة برهان على صحة الإيمان ، وطيب النفس بها علامة على وجود الإيمان وطعمه.
[ وللصدقة فضائل كثيرة منها :
أولاً : أنها برهان على صحة الإيمان ، كما في حديث الباب .
ثانياً: أنها تطهير للنفس ، قال تعالى : } خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم {[312] .
ثالثاً : أنها مضاعفة للحسنات ، قال تعالى : } مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء {[313] .
رابعاً : أنها تغفر الذنوب،قال e:(والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار)رواه الترمذي.[314]
خامساً : درجة الجنة لا تنال إلا بالإنفاق ، قال تعالى : } لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون {[315] .
سادساً : أنها أمان من الخوف يوم الفزع الأكبر ، قال تعالى : } الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون {[316] .
سابعاً: صاحب الصدقة موعود بالأجر الكبير،قال تعالى:}فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير{[317].
ثامناً : أن الله يخلف الصدقة ، قال تعالى : } وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه {[318] .
تاسعاً : أن الصدقة تزيد المال ، قال e : ( ما نقصت صدقة من مال ) رواه مسلم .[319]
عاشراً : أنها تظلل صاحبها يوم القيامة ، قالe : ( كل امرئ في ظل صدقته حتى يُفْصَلَ بين الناس أو قال يُحكمَ بين الناس ) رواه أحمد .[320] ] [321].
طهارة وصدق : المسلم الطاهر النظيف من الأوساخ المادية، المعبر عن شكره لله بقوله، مؤدياً حق الله في عبادته ، طاهر نظيف من الأوساخ المعنوية ، ومن أبرزها الشح والبخل ، فالمسلم أبداً سخي كريم ، سَمْحٌ جَوَادٌ ، فلا يجتمع بخل وإيمان في قلب امرئ واحد ، قال تعالى : {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ}[322].
الصبر ضياء: الضياء هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة وإحراق، كضياء الشمس، بخلاف القمر فإنه نور محض فيه إشراق بغير إحراق، وكان الصبر ضياء لأنه شاق على النفوس، يحتاج إلى مجاهدة النفس وحبسها وكفها عما تهواه.
الصبر طريق النصر : لا يزال المسلم على صواب ما استمر في صبره، وذلك أن الإنسان يعيش في الدنيا تحوفه الشدائد، وتحيط به المصائب، وكل ذلك يحتاج إلى ثبات وقوة، وإلا تلاشى الإنسان وضاع، وما أكثر ما يحتاج المسلم في حياته إلى الصبر، فالطاعة تحتاج إلى صبر، وترك المعصية يحتاج إلى صبر، وتحمل المكاره والمصائب يحتاج إلى صبر، ولذلك كان التخلق بالصبر قوة لا تساويها قوة، ونوراً عظيماً لا يزال صاحبه مستضيئاً به، مهتدياً إلى الحق مستمراً على الصواب.
القرآن حجة : المسلم منهاجه القرآن، وإمامه كتاب الله تعالى: يهتدي بهديه، ويأتمر بأمره، وينتهي بنهيه، ويتخلق بأخلاقه، فمن فعل ذلك انتفع بالقرآن إذا تلاه، وكان دليلاً له يدله على النجاة في الدنيا وبرهاناً يدافع عنه يوم القيامة، ومن تنكب الطريق وانحرف عن تعاليم القرآن، كان القرآن خصمه يوم القيامة. شفاء المؤمن وداء الكافر والمنافق : والمؤمن يجد في كتاب الله تعالى شفاء له من الأدواء المادية والمعنوية، كلما قرأه وتدبره أشرقت روحه، وانشرح صدره، وسرى سر الحياة في عروقه. وغير المؤمن إذا سمع القرآن اضطرب وغمت نفسه، وظن أن الهلاك نازل به ، قال تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا}[323].
طريق الجنة : يختم r توجيهاته الرائعة وعظاته الباهرة ببيان أصناف الناس، إذ الناس جميعاً يصبحون كل يوم ويمسون، ولكنهم ليسوا على حالة واحدة، فهناك من قضى ليله أو نهاره في طاعة الله سبحانه وتعالى ومرضاته، يلتزم الصدق في معاملته مع الله عز وجل ومع الناس، فأنقذ نفسه من الهلاك وخلصها من العذاب، فهو حر النفس، حر الفكر والعقل، حر الإرادة، لم يقبل قيمة لنفسه إلا الجنة الخالدة والنعيم الأبدي المقيم. وهناك من قضى ليله أو نهاره في معصية الله تعالى، ومخالفة أوامره في شؤونه العامة والخاصة، مع الله تعالى ومع الخلق، فأهلك نفسه وأوردها المخاطر، وباعها بثمن بخس : شقاء في الدنيا وسجن في جحيم أبدي في العقبى ، إذ كان أسير شهوته وهواه، وطوع شيطانه ونفسه : "كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها" ، كل إنسان : إما ساع في هلاك نفسه أو في فكاكها ، فمن سعى في طاعة الله فقد باع نفسه لله وأعتقها من عذابه ، ومن سعى في معصية الله تعالى فقد باع نفسه بالهوان وأوقعها بالآثام الموجبة لغضب الله عز وجل وعقابه ، قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}[324] والمعنى : قد أفلح من زكى نفسه بطاعة الله ، وخاب من زجها في المعاصي .
شهادة مقبولة منجية : ويستعين المؤمن على عتق نفسه من النار بصقل إيمانه وتمتين يقينه بذكر الله تعالى .
قال r : " من قال حين يصبح أو يمسي : اللهم إني أصبحت أُشهدك وأُشهد حملةَ عرشك وملائكتك وجميع خلقك أنك أنت الله لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك أعتق الله رُبعه من النار ؛ فمن قالها مرتين أعتق الله نصفه ؛ ومن قالها ثلاثاً أعتق الله ثلاثةَ أرباعه ؛ فإن قالها أربعاً أعتقه الله من النار " رواه أبو داود .[325] وذلك أنَّ هذه الشهادة تبعث في نفسه خشية الله عز وجل، والرغبة في طاعته والرهبة من معصيته، فتكون سبباً في بعده عن النار وقربه من رضوان الله عز وجل.
[ إثبات الميزان ، وفيه مباحث :
أولاً : تعريفه : هو ميزان حقيقي له كفتان .
ثانياً : أدلة ثبوته :
قال تعالى : } ونضع الموازين القسط ليوم القيامة {[326] ، وقال تعالى : } فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون {[327]، وحديث الباب : ( .. تملأ الميزان .. ) ، والحديث السابق :( كلمتان ثقيلتان في الميزان ...).
ثالثاً : ما الذي يوزن ؟
وردت نصوص تدل على أن الذي يوزن هو العمل : كحديث الباب : ( والحمد الله تملأ الميزان ) ، وحديث : ( كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ على اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ في الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إلى الرحمن سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ) .[328]
ووردت نصوص تدل على أن الذي يوزن هو العامل : كقوله e في ابن مسعود t : ( ما تضحكون ؟ لَرِجْلُ عبدِ الله أَثقلُ في الميزان يوم القيامة من أحد ) رواه أحمد .[329]
وقوله e :( إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة ) متفق عليه.[330]
وورد أنَّ الذي يُوزن هي الصحائف : كحديث البطاقة وفيه : ( .... فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة ، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ، فلا يثقل مع اسم الله شيء ) رواه الترمذي .[331]
والراجح أن الذي يوزن العمل ، وقد يوزن معه الصحف أو العامل .
رابعاً : هل هو ميزان واحد أم متعدد ؟
وردت نصوص تدل على أنه متعدد : كقوله تعالى : { ونضع الموازين القسط }[332] ، وقوله تعالى : {فمن ثقلت موازينه }[333].
ووردت نصوص بالإفراد : كقوله e : ( كلمتان ... ثقيلتان في الميزان ) .[334]
والراجح أنه ميزان واحد ، لكنه متعدد باعتبار الموزون .
خامساً : قال القرطبي : ” قال العلماء : إذا انقضى الحساب كان بعده وزن الأعمال ، لأن الوزن للجزاء ، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة ،فإن المحاسبة لتقرير الأعمال،والوزن لإظهار مقاديرها ليكون الجزاء بحسبها “[335]][336].
ومما يرشد إليه الحديث : 1 ـ أن الأعمال توزن ، ولها خفة وثقل، دل على ذلك نصوص الكتاب والسنة، وعليه إجماع الأمة.
2 ـ المحافظة على الصلوات بأوقاتها، وأدائها كاملة بأركانها وواجباتها وسننها وآدابها، بعد تحقق شروطها كاملة.
3 ـ وجوب التطهر والتنزه عن كل منهي عنه،وعلى المؤمن أن يعتني بطهارة الباطن كاعتنائه بالظاهر[337] .
4 ـ الإكثار من الإنفاق في وجوه الخير، والمسارعة إلى سد حاجة الفقراء والمعوزين، والبحث عن الأرامل واليتامى والفقراء المعففين والإنفاق عليهم، لتكون الصدقة خالصة لوجهه تعالى.
5 ـ الصدقة دليل وبرهان على إيمان فاعلها[338] . 6ـ ذم البخل .[339] 7 ـ الصبر على الشدائد خير ، وخاصة على ما ينال المسلم نتيجة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله تعالى .
8 ـ فضل الصبر .
قال ابن رجب رحمه الله : ” ولما كان الصبر شاقاً على النفوس ، يحتاج إلى مجاهدة النفس ، وحبسها وكفها عما تهواه ، كان ضياء “، [340]فلا نجاح في الدنيا ولا فلاح في الآخرة إلا بالصبر .
قال الغزالي : ” فلنسمِ هذه الصفة التي بها فارق الإنسانَ البهائم في قمع الشهوات وقهرها باعثاً دينياً ولنسمِ مطالبة الشهوات بمقتضياتها باعث الهوى وليفهم أن القتال قائم بين باعث الدين وباعث الهوى ، والحرب بينهما سجال ، ومعركــة هذا القتال قلب العبد ، ومدد باعث الدين من الملائكة الناصرين لحزب الله تعالى ، ومدد باعث الشهوات من الشياطين الناصرين لأعداء الله تعالى ، فالصبر عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوة ، فإن ثبت حتى قهره واستمر على مخالفة الشهوة فقد نصر حزب الله ، والتحق بالصابرين ، وإن تخاذل وضعف حتى غلبته الشهوة ولم يصبر في دفعها التحق بأتباع الشياطين “ .[341]
والصبر ثلاثة أنواع :
صبر على الطاعات – وصبر عن معاصي الله – وصبر على أقدار الله المؤلمة .
والصبر على الطاعات وعن المحرمات أفضل من الصبر على الأقدار المؤلمة .[342]
9 ـ القرآن دستور المسلم ، فعليه الإقبال على تلاوته مع تفهم معناه والعمل بمقتضاه ، ومن عمل به فهو حجة له وشافع ، ومن لم يعمل به فهو حجة عليه[343] .
10 ـ المسلم يسعى لأن يستفيد من وقته وعمره في طاعة الله عز وجل، ولا يشغل نفسه إلا بمولاه سبحانه، وما يعود عليه بالنفع في معاشه ومعاده. 11 ـ الناس قسمان لا ثالث لهما[344] . 12 ـ الحرية الحقيقية في طاعة الله تعالى[345] .
13 ـ [ أن كل إنسان إما ساعٍ في هلاك نفسه أو فكاكها .
فمن سعى في طاعة الله فقد باع نفسه لله ، وأعتقها من عذابه ، ومن سعى في معصية الله فقد باع نفسه بالهوان وأوبقها بالآثام الموجبة لغضب الله وعقابه .
قال الحسن : ” المؤمن في الدنيا كالأسير يسعى في فكاك رقبته ، لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله “ .[346]
وقال : ابن آدم ، إنك تغدو وتروح في طلب الأرباح ، فليكن همك نفسك ، فإنك لن تربح مثلها أبداً “.[347]
وقال أبو بكر بن عياش : ” قال لي رجل مرة وأنا شاب : خلّص رقبتك ما استطعت في الدنيا من رق الآخرة ، فإن أسير الآخرة غير مفكوك أبداً ، قال : فوالله ما نسيتها بعد “ .[348]
وكان بعض السلف يبكي ويقول : ” ليس لي نفسان ، إنما لي نفس واحدة ، إذا ذهبت لم أجد أخرى “ [349] ] [350]
14 ـ مجاهدة النفس على العمل الصالح .[351]
15 ـ التحذير من الأعمال السيئة . [352]






الحديث الرابع والعشرون:
تَحْرِيمُ الظُّلْمِ
مسألة ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-تحريم الظلم على الله 2-تحريم الظلم على العباد 3-الافتقار إلى الله ) ، فوائد الحديث .
عن أبي ذَرٍّ الْغِفاريِّ t[353]، عن النبيِّ r فيما يَرْويهِ عن رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ أَنَّهُ قال: " يا عِبادي[354] إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ على نَفْسِي وَ جعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً فلا تَظَالَمُوا. يا عِبادي كُلُّكُمْ ضالٌّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فاسْتَهدُوني أهْدِكُمْ. يا عِبادِي كُلُّكُمْ جائعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ، فاسْتَطْعِمُوني أُطْعِمْكُم. يا عِبادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ، فاسْتكْسوني أَكسُكُم. يا عِبادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ[355] بالليْلِ والنَّهارِ، وأنا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً، فاسْتَغْفِرُوني أُغْفِر لكُمْ. يا عِبادِي إِنَّكُمْ لنْ تبْلغُوا ضَرِّي فتَضُرُّوني، ولن تبْلُغُوا نفْعي فَتَنْفعُوني. يا عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ واحدٍ مِنْكُمْ ما زادَ ذلك في مُلْكي شَيئاً. يا عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجِنَّكُمْ كانُوا عَلَى أَفْجرِ قَلْبِ وَاحدٍ مِنْكُمْ ما نَقَصَ مِنْ مُلْكي شَيئاً. يا عِبادِي لوْ أَنَّ أَوَّلكُمْ وآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وجنَّكُمْ قاموا في صَعِيدٍ، فَسَأَلُوني، فأَعْطَيْتُ كلَّ واحدٍ مَسْأَلَتَهُ ما نَقَصَ ذلك مِمَّا عِنْدِي إلا كما يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ الْبَحْرَ. يا عِبادِي إنَّما هي أعمَالكُمْ أُحْصِيها لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاها، فَمَنْ وَجَدَ خيْراً فَلْيَحْمَدِ اللهَ، ومَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلك فَلا يَلومَنَّ إلا نَفْسَهُ" رواه مسلم.[356]
مسألة : الحديث القدسي : ما رواه النبي r عن ربه ولفظه ومعناه من الله تعالى ، ولم نتعبد بتلاوته .
أهمية الحديث : هذا الحديث حديث عظيم عليه مدار الإسلام ، وقد كان أبو إدريس الخولاني راويه عن أبي ذر t إذا حدَّث به جثا على ركبتيه تعظيماً له وإجلالاً[357] .



مفردات الحديث:
حرمت الظلم : الظلم لغة : وضع الشيء في غير محله. وهو مجاوزة الحد أو التصرف في حق الناس بغير حق. وهو مستحيل على الله تعالى. ومعنى حرمت الظلم على نفسي : أي لا يقع مني، بل تعاليت عنه وتقدست[358].
ضال : غافل عن الشرائع قبل إرسال الرسل. إلا من هديته : أرشدته إلى ما جاء به الرسل ووفقته إليه.
فاستهدوني : اطلبوا مني الهداية. صعيد واحد : أرض واحدة ومقام واحد. المِخْيط : بكسر الميم وسكون الخاء، الإبرة.
أُحصيها لكم : أضبطها لكم بعلمي وملائكتي الحفظة.
أوفيكم إياها : أوفيكم جزاءها في الآخرة.
المعنى العام: تحريم الظلم على الله: ولفظ الحديث صريح في أن الله عز وجل منع نفسه من الظلم لعباده: "إني حرمت الظلم على نفسي"، وهو صريح في القرآن الكريم أيضاً، قال تعالى: {وما أنا بظلامٍ للعبيد}[359].
[ جاءت نصوص كثيرة تبين أن الله حرم على نفسه الظلم :
قال تعالى : } وما أنا بظلام للعبيد {[360]، وقال تعالى : } وما الله يريد ظلماً للعباد {[361]، وقال سبحانه : } وما ربك بظلام للعبيد {[362]، وقال سبحانه : } وما الله يريد ظلماً للعالمين {[363]، وقال سبحانه : }إن الله لا يظلم الناس شيئاً {[364]. ][365].
تحريم الظلم على العباد : حرم الله عز وجل الظلم على عباده ، ونهاهم أن يتظالموا فيما بينهم ، فحرم على كل إنسان أن يظلم غيره ، مع أن الظلم في نفسه محرم مطلقاً . والظلم نوعان :
الأول: ظلم النفس، وأعظمه الإشراك بالله، قال تعالى: {إن الشرك لظلم عظيم}[366]، لأن المشرك جعل المخلوق في منزلة الخالق وعبده مع الله تعالى المنزه عن الشريك . ويلي ظلم الإشراك بالله المعاصي والآثام الصغيرة والكبيرة ، فإن فيها ظلماً للنفس بإيرادها موارد العذاب والهلاك في الدنيا والآخرة .
الثاني : ظلم الإنسان لغيره ، وقد تكرر تحريمه والتحذير منه في أحاديث النبي r ، ففي الصحيحين واللفظ لمسلم ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي r قال : " إن الظلم ظلمات يوم القيامة".[367]
[ وقد جاءت نصوص كثيرة تبين تحريم الظلم :
قال رسول الله e : ( إن الظلم ظلمات يوم القيامة ) متفق عليه واللفظ لمسلم[368] .
وقال e : ( من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين ) متفق عليه[369] .
وقالe : ( من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها ، فإِنَّه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يُؤخَذَ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخِذَ من سيئات أخيه، فَطُرِحَت عليه ) رواه البخاري.[370]
والظلم ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : منع ما يجب لهم من الحقوق وهو التفريط .
الثاني : فعل ما يضر به وهو العدوان .] [371].
الافتقار إلى الله: والخلق كلهم مفتقرون إلى الله في جلب المصالح ودفع المضار في الدنيا والآخرة، فهم في حاجة ماسة إلى هداية الله ورزقه في الدنيا وهم بحاجة إلى رحمة الله ومغفرته في الآخرة، والمسلم يتقرب إلى الله عز وجل بإظهار الحاجة والافتقار .
وتتجلى عبوديته الحقة لله رب العالمين في إحدى الصور الثلاث التالية : أولاً: بالسؤال، والله سبحانه وتعالى يحب أن يُظْهِرَ الناسُ حاجتهم لله وأن يسألوه جميع مصالحهم الدينية والدنيوية: من الطعام والشراب والكسوة، كما يسألونه الهداية والمغفرة.
ثانياً: بطلب الهداية. ثالثاً: بالامتثال الكامل ، وذلك باجتناب كل ما نهى الله تعالى عنه ، وفعل كل ما أمر الله تعالى به.
فوائد الحديث : 1 ـ على المسلم أن يتخلق بأخلاق الله تعالى[372] . 2 ـ على المرء أن يسير في طريق الهداية[373] .
3 ـ للمسلم أن يطلب الدنيا من الله تعالى[374] .
4 ـ وجوب العدل في جميع الأمور . [375]
5 ـ أن الله سبحانه لا يظلم الناس شيئاً ، لكمال عدله سبحانه[376]، مع قدرته سبحانه وتعالى عليه.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” وإنما قلنا مع قدرته عليه ، لأنه لو كان ممتنعاً على الله لم يكن ذلك مدحاً ولا ثناءً إذ لا يُثْنَى على الفاعل إلا إذا كان يمكنه أن يفعل أو لا يفعل “ .[377]
6 ـ على المؤمن أن يطلب السترة الظاهرة والباطنة من الله تعالى[378] .
7 ـ أن الإنسان ضال إلا من هداه الله .[379] 8 ـ [ يجب سؤال الله الهداية ، وقد أمرنا الله أن نسأله إياها في أعظم سورة .
قال تعالى : } اهدنا الصراط المستقيم {[380] ، وكان رسول الله e يقول : ( اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) رواه مسلم .[381]
وكان يقول أيضاً : ( اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) [382]، وعلَّم الحسنَ أن يقول في قنوت الوتر : ( اللهم اهدني فيمن هديت )[383]، وأمر علياً أن يسأل الله الهدى و السداد [384]، قال ابن القيم : ” فسؤال الهداية متضمن لحصول كل خير والسلامة من كل شر “.[385] ][386] 9 ـ [ يجب على المسلم أن يعمل بأسباب الهداية وأن يحرص عليها .
قال ابن القيم : ” ولما كان سؤال الله الهداية إلى الصراط المستقيم أجل المطالب ، ونيله أشرف المواهب ، علّم الله عباده سؤاله ، وأمرهم أن يقدموا بين يده حمده والثناء عليه ، وتمجيده ، ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم ، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم“[387]].[388]
10 ـ [ الحذر من الأسباب التي تعيق الإنسان عن الهداية .
قال ابن القيم : ” ولينظر الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصراط ، فإنها الكلاليب التي بجنبتي ذاك الصراط ، تخطفه وتعوقه عن المرور عليه “[389] ].[390]
11 ـ بطلان قول من يقول : إذا كنا مهتدين ، فكيف نسأل الهداية ؟ لأن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم ، وما لا نريد فعله تهاوناً وكسلاً مثل ما نريده أو أكثر منه أو دونه ، وما لا نقدر عليه – مما نريده – كذلك ، وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله ، أمر يفوق الحصر .[391]
12 ـ المؤمن مذنب ولا عصمة إلا للأنبياء عليهم السلام[392] . 13 ـ أن ابن آدم كثير الخطأ ، كما قال تعالى : } وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً {[393] ، وقال e : (كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ) رواه الترمذي[394] ، وفي حديث الباب :( إنكم تخطئون بالليل والنهار .. ) .[395]
14 ـ [ كرم الله وإحسانه حيث دعا عباده _ مع ظلمهم بالمعاصي والذنوب _ إلى عفوه وغفرانه ، فقال تعالى : } نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم {[396] ، وقال سبحانه : } قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم {[397]، وقال سبحانه : }والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلى الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون {[398] ].[399]
15 ـ وجوب الاستغفار من الذنوب كلها ، لقوله : ( فاستغفروني أغفر لكم ) ، وقال تعالى : }واستغفر لذنبك {[400] ، وقال تعالى : } واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً {[401] ، وقال سبحانه : }فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً {[402] .
وقال e : ( وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة ) رواه مسلم[403] .
وقال e : ( والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري .[404]
والاستغفار يكون على وجهين :
الوجه الأول : طلب المغفرة بلفظ : اللهم اغفر لي ، أو أستغفر الله .
الوجه الثاني : طلب المغفرة بالأعمال الصالحة التي تكون سبباً لذلك .[405]
16 ـ ينبغي للمؤمن التائب أن يعتقد أن الله قد غفر ذنبه[406] . 17 ـ كمال سلطان الله وغناه عن خلقه لقوله عز وجل في الحديث القدسي : ( إنكم لن تبلغوا ضري ... ولن تبلغوا نفعي ) .[407]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” وذلك لكمال سلطانه عز وجل وكمال غناه ، فكأنه تعالى قال : إنما طلبت منكم الاستغفار من الذنوب لا لحاجتي لذلك ولا لتضرري بمعاصيكم ولكن المصلحة لكم “ .
قال ابن رجب رحمه الله : ” يعني أن العباد لا يقدرون أن يوصلوا إلى الله نفعاً ولا ضراً ، فإن الله تعالى في نفسه غني حميد ، لا حاجة له بطاعات العباد ، ولا يعود نفعها إليه ، وإنما هم ينتفعون بها ، ولا يتضرر بمعاصيهم وإنما هم يتضررون بها “ . [408]
قال تعالى : } ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئاً {[409]، وقال تعالى : }ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً {[410]، وقال تعالى : } وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله غنياً حميداً {[411]، وقال حاكياً عن موسى u : } ومن كفر فإن الله غني عن العالمين{[412].
والمعنى أنه تعالى يحب من عباده أن يتقوه ويطيعوه كما أنه يكره منهم أن يعصوه ، ولهذا يفرح بتوبة التائبين أشد من فرح من ضلت راحلته التي عليها طعامه وشرابه بفلاة من الأرض ، وطلبها حتى أعيى وأيس منها ، واستسلم للموت ، وأيس من الحياة ، ثم غلبته عينه فنام ، واستيقظ وهي قائمة عنده ، وهذا أعلى ما يتصوره المخلوق من الفرح ، هذا كله مع غناه عن طاعات عباده وتوباتهم إليه ، وإنه إنما يعود نفعها إليهم دونه ، ولكن هذا من كمال جوده وإحسانه إلى عباده ، ومحبته لنفعهم ودفع الضر عنهم .[413]
18 ـ تنزيه الله تعالى عن كل وصف لا يليق به سبحان[414] .
19 ـ يجب على المؤمن أن يشكر الله تعالى على نعمه[415] .
20 ـ إذا اقترف العبد ذنباً وجب أن يعاقب نفسه ويلومها على تقصيرها[416] . 21 ـ [ دلَّت الأدلة السمعية والعقلية على أنَّ الله مستغنٍ في ذاته عن كلِّ شيء[417]، وأن العباد كلهم مفتقرون إلى الله في جلب مصالحهم ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم ، قال تعالى : } ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم {[418]، وقال تعالى : } وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقهــا {[419]، وقال تعالى : } الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون {[420] ].[421]
22 ـ أن ملك الله لا يزيد بطاعة الخلق ، ولو كانوا كلهم بررة أتقياء قلوبهم على أتقى رجل منهم ، ولا ينقص ملكه بمعصية العاصين ، ولو كان الجن والإنس كلهم عصاة فجرة قلوبهم على أفجر رجل منهم.[422]
23 ـ [ كمال ملك الله وكمال قدرته ، وأن ملكه وخزائنه لا تنفذ بالعطاء ، ولو أعطى الأولين والآخرين من الجن والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد ، ففي البخاري عن أبي هريرة t عن النبي e قال : ( يد الله ملأى لا تغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار ، وقال : أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض ؟ فإنه لم يَغِضْ ما في يده وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع ) .[423]، وقال تعالى : } ما عندكم ينفد وما عند الله باق {[424] ] .[425]
24 ـ [ أن الله يحصي أعمال العباد ويضبطها ، فلا يُظلم عنده أحد .
قال تعالى : } ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد {[426]، وقال تعالى : } فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره {[427]، وقال تعالى : } ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً{[428]، وقال سبحانه : } يوم يبعثهم جميعاً فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه { [429]، وقال سبحانه:}من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها {[430] ].[431]
25 ـ [ أن الله يوفي عباده يوم القيامة على حسب أعمالهم فلا يظلم عنده أحداً ، قال تعالى : }وإنما توفون أجوركم يوم القيامة{[432]، وقال تعالى : } من يعمل سوءاً يجز به {[433] ].[434]
26 ـ وجوب حمد الله على من وجد خيراً ، لأن الله يسرها عليه ، ثم أثابه عليها .[435]
27 ـ التحذير ممن تخلف عن العمل الصالح . [436]
28 ـ أن الجن مكلفون .[437]
29 ـ أهمية القلب ، لأن الأصل في التقوى والفجور القلوب .[438]
30ـ طلب الرزق من الله الذي في السماء .[439]
31 ـ أن الاستغفار من أسباب المغفرة .[440] 32 ـ حفظ الله للأعمال .[441]
33 ـ الجزاء من جنس العمل .[442] 34 ـ محاسبة النفس على التفريط .[443]
35 ـ في الحديث إشارة إلى محاسبة النفس والندم على الذنوب في قوله : ( فلا يلومنَّ إلا نفسه)[444].











الحديث الخامس والعشرون :
فضلُ اللهِ تعَالى وَسَعَةُ رحْمَتِه
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-الحكمة البالغة وأبواب الخير الواسعة 2-دعوة الخير صدقة على المجتمع 3-سعة فضل الله عز وجل 4-أبواب الخير كثيرة) ، ما يستفاد من الحديث .
عن أبي ذَرٍّ t[445]: " أَنَّ ناساً من أَصْحابِ رسول الله r قالوا لِلنَّبيِّ r : يا رسولَ اللهِ، ذَهَب أَهْلُ الدُّثورِ بالأُجورِ، يُصَلُّونَ كما نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كما نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُون بِفضُولِ أَمْوَالِهِمْ. قَالَ: "أوَ ليسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَّدَّقُونَ ؟ إنَّ لَكُمْ بكلِّ تَسْبيحَةٍ صَدَقَةً، وكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٍ بِالْمَعرُوفِ صَدَقَةً، وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةً، وفي بُضْعِ أحَدِكُمْ صَدَقَةً. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتي أحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أجرٌ ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَها في حَرَامٍ، أَكَانَ عَليْهِ وزْرٌ ؟ فَكَذلِكَ إذَا وَضَعَها في الْحَلاَلِ كانَ لَهُ أَجْرٌ ". رواه مسلم.[446]
أهمية الحديث :
هذا الحديث حديث عظيم ونفعه عميم ، إذ يبين أن الطاعات في الإسلام ليست قاصرة على بعض المناسك فقط ، بل تشمل كل خير[447] .
مفردات الحديث:
أن ناساً:الناس والأناس بمعنى واحد، وهؤلاء الناس هم فقراء المهاجرين ، كما في الرواية الأخرى[448].
الدثور : جمع دَثْر، وهو المال الكثير.[449]
فضول أموالهم : أموالهم الزائدة عن كفايتهم وحاجاتهم[450].
تصدقون[451] : تتصدقون به ، والصدقة هي : إيصال الخير والنفع للغير .
تسبيحة : أي قول: سبحان الله. تكبيرة : قول: الله أكبر. تحميدة : قول: الحمد لله. تهليلة : قول: لا إله إلا الله.
صدقة : أجر كأجر الصدقة.
بُضع : البُضْعُ: يُطلق على الجماع وعلى الفرج نفسه ، وكلاهما تصح إرادته هنا[452] .
شهوته : لذته.
وزر : إثم[453] وعقاب.
المعنى العام: "يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور". لقد حاز أصحاب الأموال والغنى كل أجر وثواب، واستأثروا بذلك دوننا، وذلك أنهم "يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم". فنحن وإياهم في ذلك سواء، ولا ميزة لنا عليهم، ولكنهم يفضلوننا ويتميزون علينا، فإنهم "يتصدقون بفضول أموالهم" ولا نملك نحن ما نتصدق به لندرك مرتبتهم، ونفوسنا ترغب أن نكون في مرتبتهم عند الله تعالى، فماذا نفعل ؟. الحكمة البالغة وأبواب الخير الواسعة: يدرك المصطفى r لهفة هؤلاء وشوقهم إلى الدرجات العلى عند ربهم، ويداوي نفوسهم بما آتاه الله تعالى من حكمة، فيطيب خاطرهم ويلفت أنظارهم إلى أن أبواب الخير واسعة، وأن هناك من الأعمال ما يساوي ثوابُه ثوابَ المتصدق، وتُدَاني مرتبةُ فاعله مرتبةَ المنفق، إن لم تزد عليها في بعض الأحيان.
" أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ " : بلى إن أنواع الصدقات بالنسبة إليكم كثيرة، منها ما هو إنفاق على الأهل، ومنها ما هو ليس بإنفاق، وكل منها لا يقل أجره عن أجر الإنفاق في سبيل الله عز وجل ، فإذا لم يكن لديكم فضل مال، فسبحوا الله عز وجل وكبروه واحمدوه وهللوه ، ففي كل لفظ من ذلك أجر صدقة، وأي أجر ؟
( ومثَّل النبي r بهذه الأربعة لأمرين :
أ ـ لأنها أعظم الذكر باللسان . ب ـ لفضلها . ) .
وروى أحمد والترمذي : " أن رسول الله r سئل : أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال : الذاكرون الله كثيراً والذاكرات " .[454]
دعوة الخير صدقة على المجتمع : وكذلكم : باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واسع ومفتوح ، وأجر من يقوم بهذا الفرض الكفائي لا يقل عن أجر المنفق المتصدق ، بل ربما يفوقه مراتب كثيرة : " كل معروف صدقة " رواه البخاري و مسلم .[455] قال تعالى : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[456].
سعة فضل الله عز وجل : وأيضاً فقد جعل الله عز وجل لكم أجراً وثواباً تنالونه كل يوم وليلة إذا أخلصتم النية وأحسنتم القصد : أليس أحدكم ينفق على أهله وعياله : " إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة " رواه مسلم[457] ، و " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فِيِّ امرأتك " رواه البخاري[458] ـ أي تطعمها إياها ـ بل أليس أحدكم يعاشر زوجته ويقوم بواجبه نحوها، ليعف نفسه ويكفها عن الحرام، ويحفظ فرجه ويقف عند حدود الله، ويجتنب محرماته التي لو اقترفها كان عليه إثم وعقاب ؟ فكذلك له أجر وثواب ، حتى ولو ظن أنه يُحَصِّل لذته ويُشبع شهوته ، طالما أنه يُخلص النية في ذلك ، ولا يقارب إلا ما أحلّ الله تعالى له .
ومن عظيم فضل الله عز وجل على المسلم: أن عادته تنقلب بالنية إلى عبادة يؤجر عليها، ويصير فعله وتركه قربة يتقرب بها من ربه جل وعلا، فإذا تناول الطعام والشراب المباح بقصد الحفاظ على جسمه والتقوِّي على طاعة ربه، كان ذلك عبادة يثاب عليها، ولا سيما إذا قارن ذلك ذكر الله تعالى في بدء العمل وختامه، فسمَّى الله تعالى في البدء، وحمده وشكره في الختام.
وكذلك: يربو الأجر وينمو عند الله عز وجل للمسلم الذي يكف عن محارم الله عز وجل، ولا سيما إذا جدّد العهد في كل حين، واستحضر في نفسه أنه يكف عن معصية الله تبارك وتعالى امتثالاً لأمره واجتناباً لما نهى عنه،طمعاً في ثوابه وخوفاً_من عقابه وتحقق فيه وصف المؤمنين الصادقين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[459].
أبواب الخير كثيرة : ولا تقتصر أبواب الخير والصدقات على ما ذكر في الحديث، فهناك أعمال أخرى يستطيع المسلم القيام بها ويحسب له فيها أجر الصدقة.
وفي صحيح مسلم : " تكف شَرَّك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك " .[460]
وعند الترمذي : " تبسمك في وجه أخيك لك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضَّلالِ لك صدقة وبَصَرُكَ للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة ".[461]
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ تنافس الصحابة y في عمل الخيرات[462] .
2 ـ استعمال الحكمة في معالجة المواقف[463]، وإدخال البشرى على النفوس، وتطييب الخواطر.
3 ـ [ الحزن على ما فات من الأعمال الصالحـة ، وهذا كان دأب الصحابة رضوان الله عليهم .
أمثلة تدل على ذلك :
أولاً : ما جاء في حديث الباب : حيث كان الفقراء يحزنون على ما يتعذر عليهم فعله من الخير مما يقدر عليه غيرهم .
ثانياً : الحزن على التخلف عن الخروج في الجهاد لعدم القدرة على آلته ، كما قال تعالى:{ ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهــم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهــم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقــون}[464].
ثالثاً : التأسف على فعل الطاعة ، فإن ابن عمر لما بلغه حديث : ( من شهد الجنازة حتى تدفن فله قيراط ، ومن شهدها حتى يصلى عليها فله قيراطان ) قال : لقد فرطنا في قراريط كثيرة .[465] ] [466]
4 ـ [ ينبغي على المسلم المسارعة إلى الخيرات والأعمال الصالحات ، كما قال تعالى : } وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين {[467]،وقال تعالى:} فاستبقوا الخيرات{[468]، وقال تعالى : { أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون }[469]، وقال e : ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل) رواه أحمد .[470] ] [471]
5 ـ [ الحث على علو الهمَّة .
قال e : ( إن الله كريم يحب الكرم ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها) رواه الحاكم .[472]
وقال e:( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ) متفق عليه.[473]
وقال e : ( إذا سأل أحدكم فليكثر ، فإنَّه يسأل ربه ) رواه ابن حبان .[474]
وقالe :( فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة أُرَاهُ فَوْقَه عرش الرحمن ومنه تَفَجَّرُ أنهار الجنة ) رواه البخاري .[475]
وقال e : " لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " رواه البخاري [476]، قال عمر : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ .[477]
وعن ربيعة بن كعب قال : ( كنت أبيت مع رسول الله e فأتيته بوضوئه وحاجته ، فقال لي : سَلْ ، فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة ، قال : أو غير ذلك ؟ قلت : هو ذاك ، قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود ) رواه مسلم .[478] ][479]
6 ـ فضيلة الأذكار المشار إليها في الحديث، وأن أجرها يساوي أجر الصدقة لمن لا يملك مالاً يتصدق به ولا سيما بعد الصلوات المفروضة.
7 ـ استحباب الصدقة للفقير إذا كان لا يُضَيِّق على عياله ونفسه، والذكر للغني ولو أكثر من الإنفاق، استزادة في الخير والثواب.
8 ـ التصدق بما يحتاج الإنسان إليه للنفقة على نفسه أو أهله وعياله مكروه، وقد يكون محرماً إذا أدى إلى ضياع من تجب عليه نفقتهم. 9 ـ الصدقة للقادر عليها ولمن يملك مالاً أفضل من الذكر. 10 ـ الصدقات لها طرق كثيرة[480] ، قال ابن رجب رحمه الله : والصدقة بغير المال نوعان :
أحدهما : ما فيه تعدية الإحسان إلى الخلق فيكون صدقة عليهم ، وربما كان أفضل من الصدقة بالمال .
وهذا كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنه دعاء إلى طاعة الله ، وكف عن معاصيه ، وذلك خير من النفع بالمال ، وكذلك تعليم العلم النافع ، وإقراء القرآن ، وإزالة الأذى عن الطريق ، والسعي في جلب النفع للناس ، ودفع الأذى عنهم ، وكذلك الدعاء للمسلمين والاستغفار لهم ، وخرَّج ابن مردويه بإسناد فيه ضعف عن ابن عمر مرفوعاً من كان له مال فليتصدق من ماله ، ومن كان له قوة فليتصدق من قوته ، ومن كان له علم فليتصدق من علمه . ولعله موقوف ، وخرج الطبراني بإسناد فيه ضعف عن سمرة t عن النبي r : ( أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ اللِّسَانُ ، قِيلَ : يا رَسُولَ اللَّهِ وما صَدَقَةُ اللِّسَانِ ؟ قال : الشَّفَاعَةُ يُفَكُّ بها الأَسِيرُ وَيُحْقَنُ بها الدَّمُ وَتَجُرُّ بها الْمَعْرُوفَ وَالإِحْسَانَ إلى أَخِيكَ وَتَدْفَعُ عنه الْكَرِيهَةَ )[481] .
والنوع الثاني من الصدقة التي ليست مالية : ما نفعـه قاصر على فاعله ، كأنواع الذكر من التكبير والتسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار وكذلك المشي إلى المساجد صدقة ... “ .[482] 11 ـ فضل الغني الشاكر المنفق والفقير الصابر المحتسب[483]، و [ استدل بحديث الباب من قال : إن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر ، وهذه مسألة اختلف فيها العلماء على قولين :
القول الأول : أن الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر ، لحديث الباب حيث قال : ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) .
القول الثاني : الفقير الصابر ، لقوله e : ( يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمس مائة عام نصف يوم)[484]، ولقوله e : ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ) متفق عليه .[485]
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن من كان تقياً فهو أفضل . ] .[486]
12 ـ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع المسلم.
13 ـ حسن معاشرة الزوجة[487] والقيام بحقها بما يحقق سكن نفسها ورغد عيشها، وكذلك حسن معاشرة الزوج اعترافاً بفضله وشكراً لإحسانه. 14 ـ الشهوات المشروعة فيها أجر[488] . 15 ـ جواز الاستثبات في الخبر ولو كان صادراً من صادق ، لقولهم : ( أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ )[489] .
16 ـ الطاعات في الإسلام شاملة لكل خير[490] . 17 ـ الحث على السؤال عما ينتفع به المسلم ويترقى به في مراتب الكمال. 18 ـ للمستفتي أن يسأل عما خفي عليه من الدليل، إذا علم من حال المسؤول أنه لا يكره ذلك، ولم يكن فيه سوء أدب[491].
19 ـ بيان الدليل للمتعلم، ولاسيما فيما خفي عليه، ليكون ذلك أثبت في قلبه وأدعى إلى امتثاله.
20 ـ مشروعية القياس[492] وترتيب الحكم إلحاقاً للأمر بما يشابهه أو يناظره ، ( وما نُقل عن السلف من ذمِّ القياس : المراد به القياس المصادم للنص )[493] .
21 ـ قال ابن رجب رحمه الله : ولم يذكر في شيء من الأحاديث الصلاة والصيام والحج والجهاد أنه صدقه ، وأكثر هذه الأعمال أفضل من الصدقات المالية ، لأنه إنما ذكر ذلك جواباً لسؤال الفقراء الذين سألوه عمَّا يُقاوم تطوع الأغنياء بأموالهم ، وأما الفرائض فقد كانوا كلهم مشتركين فيها .[494]











الحديث السادس والعشرون :
الإصلاحُ بَينَ النَاس والعدل فيهم وشكر النعم
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-الشكر على سلامة الأعضاء 2-أنواع الشكر 3--شكر واجب 4--شكر مستحب 5-أنواع الصدقات : أ- العدل بين المتخاصمين ب- إعانة الرجل في دابته ج- الكلمة الطيبة د- المشي إلى الصلاة هـ- إماطة الأذى عن الطريق" 6-صلاة الضحى تجزئ في شكر سلامة الأعضاء 7-حمد الله على نعمه شكرٌ 8-إخلاص النية لله تعالى في جميع الصدقات) ، ما يستفاد من الحديث
عن أَبي هُرَيْرَةَ t[495] قال: قالَ رسُولُ الله r: "كُلُّ سُلامَى مِنَ النَّاسِ عليه صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ اثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وتُعين الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عليها أو تَرْفَعُ لهُ عليها متَاَعَهُ صَدَقَةٌ، والْكَلِمةُ الطَّيِّبةُ صَدَقَةٌ، وكُلُّ خَطْوَةٍ تَمشِيها إلى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وتُمِيطُ الأَذَى عنِ الطَّرِيِق صَدَقَةٌ" رواه البخاري ومسلم.[496]
أهمية الحديث : هذا الحديث حديث عظيم وقاعدة من قواعد الدين الحنيف ، إذ يُبين أنَّ الأعمال الصالحة لا تقتصر على الإنسان نفسه ، بل كل عمل فيه نصح للناس ففيه أجر[497] .
مفردات الحديث :
سلامى : السلامى : عظام الكف والأصابع والأرجل، والمراد في هذا الحديث : جميع أعضاء جسم الإنسان ومفاصله[498].
تعدل بين اثنين : تحكم بالعدل بين متحاكمين أو متخاصمين أو متهاجرين[499] . وتعين الرجل في دابته : وفي معنى الدابة السفينة والسيارة وسائر ما يحمل عليه.
فتحمله عليها : أي تحمله، أو تعينه في الركوب، أو في إصلاحها.
وبكل خطوة : الخطوة : بفتح الخاء: المرة من المشي، وبضمها: بُعْدُ ما بين القدمين.
وتميط الأذى : بفتح التاء وضمها: تزيل، من ماط وأماط: أزال ، والأذى : كل ما يؤذي المارَّة من حجر أو شوك أو قذر.
المعنى العام : لقد خص النبي r السُّلاَمِيَّات بالذِّكر في حديثه، لما فيها من تنظيم وجمال، ومرونة وتقابل، ولذا هدد الله عز وجل وتوعد كل معاند وكافر بالحرمان منها بقوله: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ}[500] أي أن نجعل أصابع يديه ورجليه مستوية شيئاً واحداً، كخف البعير وحافر الحمار، فلا يمكنه أن يعمل بها شيئاً، كما يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل من فنون وأعمال.
الشكر على سلامة الأعضاء: إن سلامة أعضاء جسم الإنسان، وسلامة حواسه وعظامه ومفاصله، نعمة كبيرة تستحق مزيد الشكر لله تعالى المنعم المتفضل على عباده. وقال سبحانه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ}[501] قال ابن عباس: النعيم: صحة الأبدان والأسماع والأبصار، يسأل الله العباد: فيم استعملوها، وهو أعلم بذلك منهم ، وهو قوله تعالى : {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا}[502].
وقال ابن مسعود t : النعيم الأمن والصحة [503]، وأخرج الترمذي : " إن أول ما يُسأل عنه يوم القيامة ـ يعني العبد ـ من النعيم أن يُقال له : ألم نُصِحَّ لك جسمك ونرويك من الماء البارد " .[504]
ومع هذا فإن كثيراً من الناس يغفلون عن هذه النعم العظيمة ، ويتناسَون ما هم فيه من سلامة وصحة وعافية، ويهملون النظر والتأمل في أنفسهم، ومن ثَمَّ يقصرون في شكر خالقهم . أنواع الشكر: إن شكر الله تعالى على ما أعطى وأنعم يزيد في النعم ويجعلها دائمة مستمرة، قال تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ }[505] ، ولا يكفي أن يكون الإنسان شاكراً بلسانه ، بل لا بد مع القول من العمل، والشكر المطلوب واجب ومندوب : فالشكر الواجب : هو أن يأتي بجميع الواجبات ، وأن يترك جميع المحرمات ، وهو كاف في شكر نعمة الصحة وسلامة الأعضاء وغيرها من النعم . والشكر المستحب : هو أن يعمل العبد بعد أداء الفرائض واجتناب المحارم بنوافل الطاعات ، وهذه درجة السابقين المقربين في شكر الخالق عز وجل ، وهي التي تُرشد إليها أكثر الأحاديث الواردة في الحث على الأعمال وأنواع القربات .
أنواع الصدقات: العدل بين المتخاصمين والمتهاجرين : ويكون ذلك بالحكم العادل، وبالصلح بينهما صلحاً جائزاً لا يُحِلُّ حراماً ولا يُحَرِّم حلالاً، وهو من أفضل القربات وأكمل العبادات، قال الله تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[506] وقال سبحانه : {لا خيرَ في كثيرٍ من نجواهم إلا من أمرَ بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاح بين الناس}[507]والإصلاح بين المتخاصمين أو المتهاجرين صدقة عليهما ، لوقايتهما مما يترتب على الخصام من قبيح الأقوال والأفعال، ولذلك كان واجباً على الكفاية، وجاز الكذب فيه مبالغة في وقوع الأُلفة بين المسلمين.
[ والعدل له فضائل :
أولاً : أن الله أمر به , فقال تعالى : } إن الله يأمر بالعدل والإحسان .... {[508] .
ثانياً : أن الله يحب أهله ، قال سبحانه : } وأقسطوا إن الله يحب المقسطين { [509].
ثالثاً : على منابر من نور ، قال e : ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) رواه مسلم .[510]
رابعاً : في ظل الله يوم القيامة ، قال e : ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ... ) متفق عليه.[511]
فضيلة الصلح بين الناس ، وأنه من أعظم الأعمال :
قال تعالى : } والصلح خير {[512] ، وقال تعالى : } لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس{[513] ، وقال e : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ؟ قالوا : بلى ؟ قال : إصلاح ذات البين ، وفساد ذات البين هي الحالقة ) رواه أحمد [514]، وقال تعالى: }فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم{[515] ، وقال تعالى : } وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما {[516] ، وعن سهل بن سعد t : ( أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة ، فأخبر رسول الله e بذلك فقال : اذهبوا بنا نصلح بينهم ) رواه البخاري .[517]
من أقوال السلف :
قال أنس t : من أصلح بين اثنين أعطاه الله بكل كلمة عتق رقبة [518].
وقال بكر بن عبد الله : امش ميلاً وَعُدْ مريضاً ؛ امش ميلين وأصلح بين اثنين ؛ امش ثلاثةَ أميال وزر أخاك في الله [519].
وعن بعض الصحابة رضي الله عنهم قال : من أراد فضل العابدين فليصلح بين الناس [520]. ] .[521]
إعانة الرجل في دابته : وذلك بمساعدته في شأن ما يركب، فتحمله أو تعينه في الركوب، أو ترفع له متاعه، وهذا العمل الإنساني فيه صدقة وشكر، لما فيه من التعاون والمروءة.
[ وهذا مثال ذكره النبي e ، والأمثلة كثيرة جداً :
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ” لو وجدت إنساناً على الطريق وطلب منك أن تحمله إلى البلد وحملته ، فإنه يدخل من باب أولى “ .
ولكن هل يجب عليك أن تحمله أو لا يجب ؟
الجواب : إن كان في مهلكة وأمنت منه وجب عليك أن تحمله وجوباً لإنقاذه من الهلكة ، فإن لم تأمن من هذا الرجل فلا يلزمك أن تحمله ، مثل تخاف أن يغتالك .
وللتعاون فضائل :
أولاً : حث الله عليه ، قال تعالى : } وتعاونوا على البر والتقوى {[522] .
ثانياً : أنه سبب للقوة ، قال تعالى : } ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم {[523] .
ثالثاً:أنه سبب لمعونة الله للعبد، قال e:(من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)رواه البخاري ومسلم[524] ].[525]
الكلمة الطيبة: وتشمل: تشميت العاطس: والبدء بالسلام ورده، والباقيات الصالحات: {إليه يصعدُ الكَلِمُ الطِّيبُ والعملُ الصالحُ يرفعه}[526] وحسن الكلام مع الناس، لأنه مما يفرح به قلب المؤمن، ويدخل فيه السرور، هو من أعظم الأجر.
والكلمة الطيبة بالتالي تشمل الذكر والدعاء، والثناء على المسلم بحق، والشفاعة له عند حاكم، والنصح والإرشاد على الطريق، وكل ما يسر السامع ويجمع القلوب ويؤلفها. المشي إلى الصلاة : وفي ذلك مزيد الحث والتأكيد على حضور صلاة الجماعة والمشي إليها لإعمار المساجد بالصلوات والطاعات ، كالاعتكاف والطواف ، وحضور دروس العلم والوعظ .
[ والمشي إلى المساجد فضله عظيم :
أولاً : أن كل خطوة إلى المسجد صدقة ، كما في حديث الباب .
ثانياً : أنه من أسباب محو الخطايا ، قال e : ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ، قالوا : بلى ، قال : إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ) رواه مسلم .[527]
ثالثاً : أن كل خطوة تمحو سيئة وأخرى تكتب حسنة ، قال e : ( من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيئة ، وخطوة تُكتَبُ له حسنة ذاهباً وراجعاً ) رواه أحمد[528] ، وفي رواية : ( مِنْ حِينِ يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنْزِلِهِ إِلَى مَسْجِدِي فَرِجْلٌ تَكْتُبُ لَهُ حَسَنَةً وَرِجْلٌ تَحُطُّ عَنْهُ سَيِّئَةً حَتَّى يَرْجِعَ ) .[529]] [530].
إماطة الأذى عن الطريق : وهي تنحية كل ما يؤذي المسلمين في طريقهم من حجر أو شوك أو نجاسة ، وهذه الصدقة أقل مما قبلها من الصدقات في الأجر والثواب ، ولو التزم كل مسلم بهذا الإرشاد النبوي ، فلم يرم القمامة والأوساخ في غير مكانها المخصص لها ، وأزال من طريق المسلمين ما يؤذيهم ، لأصبحت البلاد الإسلامية أنظف بقاع الأرض وأجملها على الإطلاق .
[ ولإماطة الأذى فضائل :
أولاً : أنه صدقة ، لحديث الباب .
ثانياً : من علامات الإيمان ، قال e : ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة ، فأفضلها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان ) رواه مسلم .[531]
ثالثاً : أنه من أسباب دخول الجنة ، فعن أبي هريرة t قال : قال e : ( لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة ، في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ) رواه مسلم .[532]
رابعاً : من أسباب المغفرة ، قال e : ( بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق ، فأخره فشكر الله له ، فغفر له ) متفق عليه .[533] ][534] .
صلاة الضحى تجزئ في شكر سلامة الأعضاء : روى مسلم عن النبي r قال : " يُصبح على كل سُلامى من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمرٌ بالمعروف صدقة ، ونهيٌ عن المنكر صدقة ، ويجزئُ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى"[535] ، وأقلُّ صلاة الضحى ركعتان ، وأوسطها أربع أو ست ، وأكثرها ثمان ،[536] ويسن أن يسلم من كل ركعتين، ووقتها يبتدئ بارتفاع الشمس قدر رمح، وينتهي حين الزوال.
حمد الله تعالى على نعمه شكر : روى أبو داود عن رسول الله r قال : " من قال حين يُصْبِحُ : اللهم ما أَصْبَحَ بِي من نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ لك فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ ، وَمَنْ قال مِثْلَ ذلك حين يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ " .[537]
إخلاص النية لله تعالى في جميع الصدقات : إن خلوص النية لله تعالى وحده في جميع أعمال البر والصدقات المذكورة في هذا الحديث وغيره شرط في الأجر والثواب عليها، قال الله تعالى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[538].
ليس المراد من الحديث حصر أنواع الصدقة بالمعنى الأعم فيما ذكر فيه، بل التنبيه على ما بقي منها، ويجمعها كل ما فيه نفع للنفس أو غيرها من خَلْقِ الله .


وختاماً فإن هذا الحديث يُفيد :
1 ـ إنعام الله تعالى على الإنسان بصحة بدنه وتمام أعضائه، وأن عليه شكر الله كل يوم على كل عضو منها، وأن من الشكر: عمل المعروف، وإشاعة الإحسان، ومعاونة المضطر، وحسن المعاملة، وإسداء البر، ودفع الأذى، وبذل كل خير إلى كل إنسان، بل إلى كل مخلوق، وهذا كله من الصدقات المتعدية .
2 ـ ومن الصدقات القاصرة: أنواع الذكر والتسبيح والتكبير والتحميد والتهليل والاستغفار، والصلاة على النبي r، وتلاوة القرآن، والمشي إلى المساجد، والجلوس فيها لانتظار الصلاة أو لاستماع العلم والذكر، ومن ذلك: اكتساب الحلال والتحري فيه، ومحاسبة النفس على ما سلف من أعمالها، والندم والتوبة من الذنوب السالفة، والحزن عليها، والبكاء من خشية الله عز وجل، والتفكير في ملكوت السماوات والأرض، وفي أمور الآخرة وما فيها من الجنة والنار والوعد والوعيد .
3 ـ للبدن زكاة كما أن للمال زكاة[539] .
4 ـ زكاة البدن هي أعمال الخير[540] .
5 ـ أبواب الصدقات كثيرة في الإسلام[541] .
6 ـ لا تقتصر العبادة في الإسلام على طقوس معينة[542] .
7 ـ صلاة الضحى تجزئ في شكر سلامة الأعضاء .
8 ـ أن قليل الخير والعمل يحصل به كثير الأجر بفضل الله تعالى[543] .


[1] ـ سنن الترمذي ج4:ص355 حديث رقم : 1987 عن أبي ذرٍّ t .
[2] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[3] ـ حلية الأولياء ج1/ص239 .
[4] ـ للاستزادة انظر : أسد الغابة ج5/ص204 .
[5] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[6] ـ سمعته من كلام الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله .
[7] ـ مشكاة المصابيح - (ج 3 / ص 102) حديث رقم : 5083 ، وكذا في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 4 / ص 487) حديث رقم : : 1987 .
[8] ـ أي بذل الخير والمعروف في الناس .
[9] ـ النحل: 128 .
[10] ـ الطلاق : 2 - 3 .
[11] ـ آل عمران:120 .
[12] ـ الأعراف: 156 .
[13] ـ النساء: 131 .
[14] ـ آل عمران: 102.
[15] ـ سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - (ج 1 / ص 396) وعزاه إلى فرائد الكلام ص 334 .
[16] ـ قاله داوود الطائي ( التدوين في أخبار قزوين ج1/ص284 ) ، وسليمان الداراني ( تاريخ مدينة دمشق ج34/ص133 ) ، وأبو سليمان الداراني العنسي ( البداية والنهاية ج10/ص256 ، سير أعلام النبلاء ج10/ص185 ، تاريخ الإسلام ج15/ص255 ) .
[17] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[18] ـ فاطر : 28 .
[19] ـ سنن الترمذي ج5:ص50 حديث رقم : 2685 ، قال الترمذي : حديث غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 6 / ص 185) : صحيح .
[20] ـ صحيح مسلم ج4:ص2074 حديث رقم : 2699 .
[21] ـ صحيح البخاري ج1:ص39 حديث رقم : 71 ، و صحيح مسلم ج2:ص718 حديث رقم : 1037 .
[22] ـ الطلاق : 4 .
[23] ـ الحجرات : 13 .
[24] ـ الأعراف : 128 .
[25] ـ الشعراء : 90 .
[26] ـ الطلاق : 5 .
[27] ـ يونس : 64 .
[28] ـ النور : 52 .
[29] ـ مريم : 72 .
[30] ـ الأعراف : 96 .
[31] ـ الطلاق : 2 ـ 3 .
[32] ـ آل عمران : 76 .
[33] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[34] ـ سنن الترمذي ج4:ص363 حديث رقم : 2004 ، قال الترمذي : حديث صحيح غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 4) : حسن الإسناد .
[35] ـ سنن أبي داود ج4:ص253 حديث رقم : 4799 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 1 / ص 2) : صحيح.
[36] ـ سنن الترمذي ج3:ص466 حديث رقم : 1162 ، قال الترمذي : حسن صحيح ، و قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 3 / ص 162) : حسن صحيح ، و مسند أحمد بن حنبل ج2:ص250 حديث رقم : 7396 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح , وهذا إسناد حسن , رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو فمن رجال أصحاب السنن .
[37] ـ سنن البيهقي الكبرى ج10:ص191 حديث رقم : 20571 .
[38] ـ سنن أبي داود ج4:ص252 حديث رقم : 4798 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 1 / ص 2) : صحيح .
[39] ـ سنن أبي داود ج4:ص253 حديث رقم : 4800 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 1 / ص 2) : حسن .
[40] ـ سنن الترمذي ج4:ص370 حديث رقم : 2018 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 18) : صحيح .
[41] ـ آل عمران : 133 ـ 134 .
[42] ـ تحفة الأحوذي ج6/ص121 ، الكرم والجود وسخاء النفوس ج1/ص55 ، مداراة الناس ج1/ص82 ، الإخوان ج1/ص212 ، جامع العلوم والحكم ج1/ص182 .
[43] ـ تفسير القرطبي ج18/ص228 ، سنن الترمذي ج4/ص363 رقم : 2005 .
[44] ـ تحفة الأحوذي ج6/ص121 .
[45] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[46] ـ آل عمران: 135 .
[47] ـ هود: 114 .
[48] ـ طه : 82 .
[49] ـ الفرقان : 70 .
[50] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص185 حديث رقم : 6735 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (ج 3 / ص 7) : صحيح .
[51] ـ الأحزاب:21 .
[52] ـ المستدرك على الصحيحين ج4:ص178 حديث رقم : 7285 ، سكت عنه الذهبي في التلخيص .
[53] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص438 حديث رقم : 15656 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف .
[54] ـ صحيح مسلم ج4:ص2026 حديث رقم : 2626 .
[55] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[56] ـ جامع العلوم والحكم ص 338 .
[57] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[58] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 48 .
[59] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[60] ـ هود : 114 .
[61] ـ مجموع الفتاوى ج10/ص45 .
[62] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[63] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[64] ـ سنن النسائي (المجتبى) ج3:ص55 حديث رقم : 1306، قال الشيخ الألباني في شرح العقيدة الطحاوية (ج 1 / ص 101) : صحيح.
[65] ـ مسند الشهاب ج1:ص214 حديث رقم : 325 ، ولفظه : عن أنس بن مالك t عن رسول الله r قال : " ثلاث مهلكات وثلاث منجيات فالثلاث المهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه ، وقال : وثلاث منجيات خشية الله في السر والعلانية والقصد في الفقر والغنى والعدل في الغضب والرضا " ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح - (ج 3 / ص 110) : حسن بشواهده .
[66] ـ تاريخ مدينة دمشق ج51/ص411 بلفظ : ( من خلوة ) ، المنتظم ج10/ص137 ، صفة الصفوة ج2/ص251 ، جامع العلوم والحكم ج1/ص162 بلفظ : ( أعز الأشياء ثلاثة ) ، التبصرة ج2/ص329 .
[67] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص162 ، وجاء في تاريخ مدينة دمشق ج13/ص456 : قال أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب النحوي : دخلت على أحمد بن حنبل يوماً فسمعته يقول : كنت في البصرة في بعض مجالس العلماء فرأيت شيخاً ؛ فسألت عنه فقيل : أبو نواس ، فقلت : انشدني شيئاً من شعرك في الزهد ، فأنشأ يقول :
إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما يخفى عليه يغيب
لهونا عن الأيام حتى تتابعت علينا ذنوب بعدهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن في توباتنا فنتوب
أقول إذا ضاقت علي مذاهبي وحل بقلبي للهموم ندوب
لطول جناياتي وعظم خطيئتي هلكت وما لي في المتاب نصيب
والأبيات موجودة في ديوان أبي العتاهية ج1/ص10 وهي :
1 ـ إذا ما خلوْتَ الدّهرَ يوْماً فلا تَقُلْ خَلَوْتَ ولكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ
2 ـ ولاَ تحْسَبَنَّ اللهَ يغفِلُ مَا مضَى وَلا أنَ مَا يخفَى عَلَيْهِ يغيب
3 ـ لهَوْنَا لَعَمرُ اللّهِ حتى تَتابَعَتْ ذُنوبٌ على آثارهِنّ ذُنُوبُ
4 ـ فَيا لَيتَ أنّ اللّهَ يَغفِرُ ما مضَى ويأْذَنُ فِي تَوْباتِنَا فنتُوبُ
5 ـ إذَا ما مضَى القَرْنُ الذِي كُنتَ فيهمِ وخُلّفْتَ في قَرْنٍ فَأنْت غَريبُ
6 ـ وإنَّ أمرءًا قَدْ سارَ خمسِينَ حِجَّةٍ إلى مَنْهِلِ مِنْ وردِهِ لقَرِيبُ
7 ـ نَسِيبُكَ مَنْ ناجاكَ بِالوُدِّ قَلبُهُ ولَيسَ لمَنْ تَحتَ التّرابِ نَسيبُ
8 ـ فأحْسِنْ جَزاءً ما اجْتَهَدتَ فإنّما بقرضِكَ تُجْزَى والقُرُوضُ ضُروبُ
[68] ـ جامع العلوم والحكم ص 303 .
[69] ـ سنن الترمذي ج4:ص667 حديث رقم : 2516 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 6 / ص 16) : صحيح ، وكذا قال في صحيح الجامع / 7957 .
[70] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص307 حديث رقم : 2804 .
[71] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص266 حديث رقم : 2397 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده قوي على شرط مسلم .
[72] ـ طرح التثريب في شرح التقريب ج1/ص60 ، وكذا : تذكرة الحفاظ ج1/ص41 ، تهذيب التهذيب ج5/ص244 ، تهذيب الكمال ج15/ص162 .
[73] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[74] ـ جامع العلوم والحكم ص 345 .
[75] ـ ق: 32-35 .
[76] ـ التوبة: 112 .
[77] ـ النحل: 128 .
[78] ـ محمد : 7 .
[79] ـ صحيح البخاري ج1:ص234 حديث رقم : 629 ، صحيح مسلم ج2:ص715 حديث رقم : 1031 .
[80] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص186 .
[81] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص187
[82] ـ حلية الأولياء ج8/ص317 ، المنتظم ج8/ص219 ، تاريخ الإسلام ج10/ص268 ، الوافي بالوفيات ج16/ص118 .
[83] ـ المستدرك على الصحيحين ج3/ص635 ، مجمع الزوائد ج7/ص254 ، حلية الأولياء ج1/ص332 ، تهذيب التهذيب ج12/ص426 ، تهذيب الكمال ج35/ص124 .
[84] ـ جامع العلوم والحكم ص 350 .
[85] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص187 ، وانظر : صفة الصفوة ج4/ص157 ، .
[86] ـ ذم الهوى ج1/ص145 .
[87] ـ الكهف : 82 .
[88] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص187 .
[89] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص187 .
[90] ـ البقرة : 238 .
[91] ـ مسند أحمد بن حنبل ج5:ص280 حديث رقم : 22467 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح ، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة .
[92] ـ المائدة : 89 .
[93] ـ سنن الترمذي ج4:ص637 حديث رقم : 2458 ، ولفظه : عن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ قال : قال رسول اللَّهِ r : " اسْتَحْيُوا من اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قال : قُلْنَا: يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، قال : ليس ذَاكَ وَلَكِنَّ الاسْتِحْيَاءَ من اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وما وَعَى وَالْبَطْنَ وما حَوَى وَلْتَذْكُرْ الْمَوْتَ وَالْبِلَى وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ اسْتَحْيَا من اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ " قال أبو عِيسَى : هذا حَدِيثٌ إنما نَعْرِفُهُ من هذا الْوَجْهِ من حديث أَبَانَ بن إسحاق عن الصَّبَّاحِ بن مُحَمَّدٍ ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 458) : حسن .
[94] ـ النور : 30 .
[95] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[96] ـ النساء : 32 .
[97] ـ سنن الترمذي ج5:ص565 حديث رقم : 3571 ، قال الترمذي : مرسل ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 8 / ص 71) : ضعيف .
[98] ـ النحل:96.
[99] ـ آل عمران: 160 .
[100] ـ النساء : 78 .
[101] ـ الأنعام : 17 .
[102] ـ الحديد : 22 .
[103] ـ مسند أحمد بن حنبل ج6:ص441 حديث رقم : 27530 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة - (ج 5 / ص 607) حديث رقم : 2471 : صحيح .
[104] ـ التوبة : 51 .
[105] ـ آل عمران : 154 .
[106] ـ التوبة : 105 .
[107] ـ انظر : صحيح البخاري ج4:ص1891 حديث رقم : 4666 ، و مسند أحمد بن حنبل ج1:ص82حديث رقم : 621 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين .
[108] ـ محمد : 31 .
[109] ـ آل عمران: 186 .
[110] ـ الزمر :10 .
[111] ـ المؤمنون : 111 .
[112] ـ البقرة : 155-156-157 .
[113] ـ البقرة : 153 .
[114] ـ آل عمران : 146 .
[115] ـ البقرة : 155 .
[116] ـ النحل : 96 .
[117] ـ آل عمران : 125 .
[118] ـ الإنسان : 12 .
[119] ـ الرعد : 23 ـ 24 .
[120] ـ آل عمران : 120 .
[121] ـ السجدة : 24 .
[122] ـ مدارج السالكين ج2/ص154 .
[123] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[124] ـ البقرة : 214 .
[125] ـ شرح النووي على الأربعين .
[126] ـ الشورى : 28 .
[127] ـ يوسف : 110 .
[128] ـ البقرة : 214 .
[129] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص196 ـ 197 .
[130] ـ الطلاق : 7 .
[131] أ الشرح 5 ـ 6 .
[132] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[133] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 77 بنحوه ، التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 52 بنحوه .
[134] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 77 .
[135] ـ محمد : 7 .
[136] ـ البقرة : 152 .
[137] ـ البقرة : 40 .
[138] ـ صحيح مسلم ج4:ص2074 حديث رقم : 2699 .
[139] ـ صحيح مسلم ج1/ص378 حديث رقم : 533 .
[140] ـ سنن الترمذي ج4:ص667 حديث رقم : 2516 ، قال الترمذي : حسن صحيح ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 6 / ص 16) : صحيح .
[141] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص436 حديث رقم : 15630 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد بن مخراق : وهو المزني ، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" وأبو داود ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة - (ج 1 / ص 65) حديث رقم : 26 : صحيح .
[142] ـ صحيح البخاري ج6:ص2686 حديث رقم:6942 ، و صحيح مسلم ج2/ص635 حديث رقم:923 .
[143] ـ سنن أبي داود ج1:ص178 حديث رقم : 666 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 2 / ص 166) : صحيح .
[144] ـ سنن الترمذي ج4:ص323 حديث رقم:1924، قال الترمذي : حسن صحيح ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 4 / ص 424) : صحيح .
[145] ـ سنن أبي داود ج4:ص268 حديث رقم : 4873 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 10 / ص 373) : صحيح .
[146] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[147] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[148] ـ الحشر : 19 .
[149] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[150] ـ النحل : 128 .
[151] ـ حلية الأولياء ج2/ص340 ، و القصاص والمذكرين ج1/ص259 ، جامع العلوم والحكم ج1/ص188 .
[152] ـ طه : 46 .
[153] ـ الشعراء : 62 .
[154] ـ صحيح البخاري ج4:ص1712 حديث رقم : 4386 .
[155] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[156] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[157] ـ سنن الترمذي ج5:ص462 حديث رقم : 3382 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 7 / ص 382) : حسن .
[158] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[159] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 77 .
[160] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 78 .
[161] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[162] ـ الفاتحة : 5 .
[163] ـ الأحقاف : 5 ـ 6 .
[164] ـ النساء : 32 .
[165] ـ سنن الترمذي ج5:ص456 حديث رقم : 3373 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 7 / ص 373) : حسن ، ومسند أبي يعلى ج12:ص10 حديث رقم : 6655 ، بلفظ : " من لا يسأل الله " ؛ قال الشيخ حسين أسد : إسناده حسن .
[166] ـ صحيح مسلم ج2:ص699 حديث رقم : 1009 .
[167] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[168] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[169] ـ الحديد : 22 .
[170] ـ صحيح مسلم ج4/ص2044 حديث رقم : 2653 .
[171] ـ سنن أبي داود ج4:ص225 حديث رقم : 4700 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 10 / ص 200) : صحيح .
[172] ـ التوبة : 51 .
[173] ـ الحديد : 22 .
[174] ـ آل عمران : 154 .
[175] ـ جامع العلوم والحكم ص 364 .
[176] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[177] ـ البقرة : 249 .
[178] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص195 .
[179] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص195 .
[180] ـ صحيح مسلم ج4:ص2174 حديث رقم : 2822 .
[181] ـ في موسوعة الدفاع عن رسول الله r- (ج 1 / ص 91) : وترجع عناية القرآن البالغة بالصبر إلى ماله من قيمة كبيرة في الحياتين الدنيا والأخرى، فليس هو من الفضائل الثانوية، بل من الضرورات اللازمة التي لا انفكاك للإنسان عنها، فلا نجاح في الدنيا ولا نصر ولا تمكين إلا بالصبر، ولا فلاح في الآخرة ولا فوز ولا نجاة إلا بالصبر، فلولا صبر الزارع والدارس والمقاتل وغيرهم ماظفروا بمقاصدهم :
وقلّ من جدّ في أمر يحاوله *** واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
وقال آخر:
لا تيأسن وإن طالت مطالبة *** إذا استعنت بصبر أو ترى فرجا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته *** ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
ولئن كان الأمر كذلك في الدنيا، فهو في الآخرة أشد وأوكد، يقول أبو طالب المكي: "اعلم أن الصبر سبب دخول الجنة، وسبب النجاة من النار لأنه جاء في الخبر "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات"، فيحتاج المؤمن إلى صبر على المكاره ليدخل الجنة، وإلى صبر عن الشهوات لينجو من النار". وقال: "اعلم أن كثرة معاصي العباد في شيئين: قلة الصبر عما يحبون، وقلة الصبر على مايكرهون".
وإذا كان هذا شأن الصبر مع كل الناس، فأهل الإيمان أشد الناس حاجة إليه لأنهم يتعرضون للبلاء والأذى والفتن { ألم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } ، وقال : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء، وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب } ، وكان التأكيد أشد في قوله: { لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور } ، لقد بينت الآية أن قوى الكفر على ما بينها من اختلاف متحدة ضد الإسلام، وقرنت لبيان موقف المؤمنين بين الصبر والتقوى فلا يكتفوا بالصبر وحده حتى يضيفوا إليه تقواهم لله بتعففهم عن مقابلة الخصم بمثل أسلحته الدنيئة فلا يواجه الدس بالدس لأن المؤمنين تحكمهم قيمهم الأخلاقية في السلم والحرب والرخاء والشدة. ثم وصفت الآية الأذى المسموع بأنه كثير، فلا بد أن يوطن المسلمون أنفسهم على سماع الافتراء والزور والتلفيق والبهتان من عدوهم حتى يأتي نصر الله.
ورسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أشد أهل الإيمان حاجة إلى الصبر لأنهم الذين يقومون أساساً بالدعوة ويجابهون الأمم بالتغيير وهم حين يقومون بذلك يكون الواحد منهم فرداً في مواجهة أمة تعانده وتكذبه وتعاديه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل"، وكلما كان القوم أشد عناداً وأكثر إغراقاً في الضلال كانت حاجة نبيهم إلى الصبر أكثر كأولي العزم مثلاً، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام.
لقد كانت أوامر الرب سبحانه لمحمد عليه الصلاة والسلام بالصبر كثيرة في القرآن وما ذاك إلا لأنها دعوة شاملة تواجه أمم الأرض كلها فخصومها كثيرون وحاجة إمام الدعوة إلى الصبر أعظم لقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم صنوف الأذى البدني والنفسي والمالي والاجتماعي والدعائي وغيره، وقاوم ذلك كله بالصبر الذي أمره به الله في عشرين موضعاً في القرآن كلها إبان العهد المكي لأنه عهد البلاء والفتنة والضعف وتسلط الكافر، وكان مما قاله الله له: { تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك. ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين } ، { واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون } ... الآية . { واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم } . فأمر بالصبر لحكمه وهو سبحانه لا يحكم إلا بالحق والعدل، وقال له { فإنك بأعيننا } فصيغة الجمع لزيادة التثبيت والتأنيس ، وقال الله لموسى : {ولتصنع على عيني } ومن كان بعين الله ومرأى منه فلن يضيع ولن يغلب، ثم أمر بالتسبيح كما أمره به في جملة آيات على أعقاب أمره بالصبر، ولعل السر فيه أن التسبيح يعطى الإنسان شحنة روحية تحلو بها مرارة الصبر، ويحمل التسبيح بحمد الله معنيين جليلين لابد أن يرعاهما من ابتلي:
1- تنزيه الله تعالى أن يفعل عبثاً، بل كل فعله موافق للحكمة التامة، فبلاؤه لحكمة.
2- أن له تعالى في كل محنة منحة وفي كل بلية نعماء ينبغي أن تذكر فتشكر وتحمد وهذا هو سر اقتران التسبيح بالحمد هنا. وفي قوله {ربك} إيذان بكمال التربية ومزيد العناية.
ج - حكمه:
الصبر من حيث الجملة واجب، ويدل لذلك:
أ - أمر الله به في غير ما آية قال تعالى : { استعينوا بالصبر والصلاة } { اصبروا وصابروا } .
ب - نهيه عن ضده كما في قوله { فلا تولوهم الأدبار } وقوله { ولا تبطلوا أعمالكم } { ولا تهنوا ولا تحزنوا } { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم }
ج - أن الله رتب عليه خيري الدنيا والآخرة وما كان كذلك كان تحصيله واجباً، أما من حيث التفصيل فحكمه بحسب المصبور عنه أو عليه، فهو واجب على الواجبات وواجب عن المحرمات، وهو مستحب عن المكروهات، ومكروه عن المستحبات، ومستحب على المستحبات، ومكروه على المكروهات، ومما يدل على أن الصبر قد لا يكون لازماً قوله تعالى { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين }، فالصبر عن مقابلة السيئة بمثلها ليس واجباً بل مندوباً إليه. ... إلى آخر الكلام القيم في باب الصبر
[182] ـ موسوعة الدفاع عن رسول الله r - (ج 1 / ص 91) .
[183] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[184] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 78 .
[185] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[186] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[187] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[188] ـ صحيح البخاري ج5:ص2268 حديث رقم : 5769 .
[189] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه ، أسد الغابة بنحوه .
[190] ـ فصلت : 40 ، وانظر : شرح النووي على الأربعين .
[191] ـ شرح النووي على الأربعين .
[192] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 80 بنحوه .
[193] ـ فصلت: 40.
[194] ـ مكارم الأخلاق ج1:ص44 حديث رقم : 111 .
[195] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 181 بنحوه .
[196] ـ صحيح البخاري ج1:ص12 حديث رقم : 9 ، صحيح مسلم ج1:ص63 حديث رقم : 35 .
[197] ـ صحيح البخاري ج1:ص17 حديث رقم : 24 ، صحيح مسلم ج1:ص63 حديث رقم : 36 .
[198] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1400 حديث رقم : 4185 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 9 / ص 185) : صحيح .
[199] ـ سنن أبي داود ج4:ص39 حديث رقم : 4012 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 9 / ص 12) : صحيح .
[200] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1399 حديث رقم : 4181 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 9 / ص 181) : حسن .
[201] ـ صحيح مسلم ج1/ص261 حديث رقم : 332 .
[202] ـ توجيه النظر إلى أصول الأثر ج2/ص721 ، الآداب الشرعية ج2/ص72 .
[203] ـ الأحزاب : 53 .
[204] ـ أحاديث مختارة من الصحيحين - (ج 1 / ص 18) .
[205] ـ جامع العلوم والحكم ص 380 .
[206] ـ تاريخ مدينة دمشق ج48/ص416 .
[207] ـ مكارم الأخلاق ج1/ص44 ، وفي جامع العلوم والحكم ج1/ص200 قال : وعن سلمان الفارسي t قال : إنَّ الله إذا أراد بعبد هلاكاً نزع منه الحياءَ فإذا نزع منه الحياءَ لم تلقه إلا مَقِيتَاً مُمَقَّتَاً فإذا كان مَقِيتَاً مُمَقَّتَاً نَزعَ منه الأمانةَ فلم تلقه إلا خَائِنَاً مُخَوَّنَاً فإذا كان خَائِنَاً مُخَوَّنَاً نَزَعَ منه الرَّحمَةَ فلم تَلْقَهُ إلا فَظَّاً غَلِيظَاً فإذا كان فَظَّاً غَلِيظَاً نَزَعَ رِبْقَةَ الإيمانِ من عُنقه فإذا نَزَعَ رِبْقَةَ الإيمانِ من عُنُقِهِ لم تَلْقَهُ إلا شيطاناً لعيناً مُلَعَّنَاً .
[208] ـ حلية الأولياء ج1/ص260 ، و صفة الصفوة ج1/ص559 .
[209] ـ مدارج السالكين ج2/ص261، 262 ، 263 ، 264 .
[210] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[211] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 182 .
[212] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[213] ـ صحيح مسلم ج1/ص65 حديث رقم : 38 .
[214] ـ أسد الغابة .
[215] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[216] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[217] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 82 بنحوه .
[218] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 82 بنحوه .
[219] ـ فصلت : 30 .
[220] ـ الأحقاف: 13 .
[221] ـ سنن الترمذي ج4:ص607 حديث رقم : 2410 ، قال الترمذي : حسن صحيح ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 410) : صحيح .
[222] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص198 حديث رقم : 13071 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب - (ج 2 / ص 343) حديث رقم : 2554 : حسن .
[223] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص418 حديث رقم : 9410 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح لغيره , وهذا إسناد ضعيف لضعف صالح بن محمد ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة - (ج 9 / ص 196) حديث رقم : 4195 : ضعيف .
[224] ـ الفرقان : 32 .
[225] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[226] ـ فصلت : 30ـ 31 ـ 32 .
فضائل الاستقامة بعد الإيمان :
أولاً : تتنزل عليهم الملائكة وتبشرهم بالجنـة وعدم الخوف ، قال تعالى : { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنَّة التي كنتم توعدون } ، قوله : { تتنزل عليهم الملائكة } : قيل : عند الاحتضار ، وقيل : يوم خروجهم من قبورهم ، وقيل : يبشرونه عند موته وفي قبره وحين يبعث ، واختار هذا القول ابن كثير وقال : ” وهذا القول يجمع الأقوال كلها وهو حسن جداً “ .
ثانياً : الاستقامة سبب لبسط الرزق ، قال تعالى : { وألوا استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً } ، قال القرطبي : ” أي لو آمن هؤلاء الكفار لوسعنا عليهم في الدنيا وبسطنا لهم في الرزق “ .
ثالثاً : أن الله أمر نبيه بالاستقامة ، قال تعالى : } فاستقم كما أمرت ... { ، كان الحسن يقول : ” اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة“.
( شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد ) .
[227] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 56 بنحوه ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 188 بنحوه .
[228] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[229] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[230] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[231] ـ فصلت : 6 .
[232] ـ جامع العلوم والحكم ص 385 ، 386 .
[233] ـ سنن الترمذي ج4:ص355 حديث رقم : 1987، قال الترمذي : حسن صحيح ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 4 / ص 487) : حسن .
[234] ـ سنن ابن ماجه ج1:ص101 حديث رقم : 277 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 1 / ص 349) : صحيح ، و مسند أحمد بن حنبل ج5:ص276 حديث رقم : 22432 ، بلفظ : " ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح ، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح .
[235] ـ صحيح البخاري ج5:ص2373 حديث رقم : 6099 ، صحيح مسلم ج4:ص2171 حديث رقم : 2818 .
[236] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[237] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[238] ـ مسند أحمد بن حنبل ج6:ص165 حديث رقم : 25356 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح .
[239] ـ صحيح مسلم ج1/ص515 حديث رقم : 746 .
[240] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج6/ص71 .
[241] ـ سنن الترمذي ج5:ص462 حديث رقم : 3382 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 7 / ص 382) : حسن .
[242] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[243] ـ صحيح مسلم ج1/ص44 حديث رقم : 15 .
[244] ـ أسد الغابة .
[245] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[246] ـ وهو ممن شهد بدراً وقُتل يوم أُحد . ( قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 189 ) ، وورد التصريح باسمه هذا في صحيح مسلم ج1/ص44 حديث رقم : 15 .
[247] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[248] ـ إما دخولاً أولياً أو مآلاً .
[249] ـ النساء : 103 .
[250] ـ البقرة : 185 .
[251] ـ سنن النسائي (المجتبى) ج5:ص8 حديث رقم : 2438 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (ج 6 / ص 82) : ضعيف ، وفي سنن النسائي الكبرى ج2:ص5 حديث رقم :2218.
[252] ـ النساء : 31 .
[253] ـ صحيح ابن حبان ج5:ص43 حديث رقم: 1748، صححه ابن حبان ، وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم.
[254] ـ البقرة : 185 .
[255] ـ انظر الحديث رقم : 3 .
[256] ـ انظر الحديث رقم : 3 .
[257] ـ الدر المنثور ج1/ص455 ، و كنز العمال ج1/ص57 ، و الترغيب والترهيب ج3/ص225 ، و جامع العلوم والحكم ج1/ص208 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب - (ج 2 / ص 334) : صحيح .
[258] ـ الحشر : 7 .
[259] ـ المائدة : 87 .
[260] ـ صحيح مسلم ج2:ص1020 حديث رقم : 1401 .
[261] ـ المائدة : 89 .
[262] ـ سنن أبي داود ج2:ص258 حديث رقم : 2191 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 1 / ص 2) : حسن .
[263] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[264] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 194 بنحوه .
[265] ـ صحيح مسلم ج3/ص1272 حديث رقم : 1650 .
[266] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[267] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[268] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[269] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 85 .
[270] ـ صحيح البخاري ج6:ص2551 حديث رقم : 6556 .
[271] ـ صحيح البخاري ج2:ص506 حديث رقم : 1333 ، وصحيح مسلم ج1:ص44 حديث رقم : 14 بلفظ : " والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئاً أبداً ولا أًنقص منه " .
[272] ـ سنن الترمذي ج2/ص516 حديث رقم : 616 .
[273] ـ صحيح البخاري ج5:ص2231 حديث رقم : 5638 ، وصحيح مسلم ج4:ص1981 حديث رقم : 2556 .
[274] ـ صحيح مسلم ج1:ص93 حديث رقم : 91 .
[275] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[276] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[277] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[278] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[279] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[280] ـ صحيح مسلم ج1/ص203 حديث رقم : 223 .
[281] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[282] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[283] ـ بالضم الفعل وبالفتح الماء ، والمراد به الوضوء ، سمي طهوراً لأنه يطهر الأعضاء . [ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد ] .
[284] ـ فسَّر الغزالي الطهور بطهارة القلب من الغِلِّ والحسد والحقد وسائرِ أمراض القلب ، وذلك أنَّ الإيمان الكامل إنما يتم بذلك ، فمن أتى بالشهادتين حصل له الشطر ، ومن طهَّر قلبه من بقية الأمراض كَمُلَ إيمانه ، ومن لم يُطَهِّرْ قلبه فقد نقص إيمانه . ( شرح النووي على الأربعين ) .
[285] ـ وقد اختلف في معنى [ تملأ الميزان ] :
فقيل : أنه ضرب مثل ، وأن المعنى لو كان الحمد جسماً لملأ الميزان .
وقيل : بل الله عز وجل يمثل أعمال بني آدم وأقوالهم صوراً تُرى يوم القيامة وتُوزن . [ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد . ] .
[286] ـ المائدة : 6 .
[287] ـ المدثر : 4 .
[288] ـ البقرة:222 .
[289] ـ صحيح مسلم ج1:ص216 حديث رقم : 245 .
[290] ـ سنن النسائي (المجتبى) ج1:ص91 حديث رقم : 145 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (ج 1 / ص 289) : صحيح .
[291] ـ صحيح مسلم ج1:ص215 حديث رقم : 244 .
[292] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[293] ـ مسند أحمد بن حنبل ج5:ص280 حديث رقم : 22467 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح ، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة ، و المستدرك على الصحيحين ج1:ص221 حديث رقم : 448 ، و سنن البيهقي الكبرى ج1:ص82 حديث رقم : 389 ، و سنن ابن ماجه ج1:ص101حديث رقم : 277 بلفظ : " ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن " ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير - (ج 2 / ص 455) حديث رقم : 955 : صحيح.
[294] ـ صحيح ابن خزيمة ج2:ص213 حديث رقم : 1209 ، صححه ابن خزيمة ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في ضعيف الترغيب والترهيب (ج 1 / ص 105) : ضعيف ، وفي سنن الترمذي ج5:ص620 حديث رقم : 3689 بنحوه وبلفظ : " ما أذَّنْتُ قط " ؛ و قال الترمذي : حديث صحيح ، وقال فيه الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 8 / ص 189) : صحيح .
[295] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص37 حديث رقم: 11345 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب - (ج 2 / ص 109) حديث رقم : 1554 : صحيح .
[296] ـ صحيح البخاري ج5:ص2352حديث رقم:6043،وصحيح مسلم ج4/ص2072حديث رقم : 2694 .
[297] ـ صحيح مسلم ج4:ص2072 حديث رقم : 2695 .
[298] ـ مسند أحمد بن حنبل ج5/ص10 حديث رقم : 20119 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
[299] ـ سنن الترمذي ج5:ص510حديث رقم : 3462 ، قال الترمذي : حسن غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 7 / ص 462) : حسن .
[300] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[301] ـ الرعد: 28 .
[302] ـ الأحزاب : 41-43 .
[303] ـ العنكبوت: 45 .
[304] ـ التحريم : 8 .
[305] ـ الفتح : 29 .
[306] ـ الفتح : 29 .
[307] ـ سنن الدارمي ج2:ص390 حديث رقم : 2721 ، قال الشيخ حسين أسد : إسناده صحيح ، ومسند أحمد بن حنبل ج2:ص169 حديث رقم : 6576 بنحوه ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
[308] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[309] ـ سنن أبي داود ج2:ص35 حديث رقم : 1319 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 3 / ص 319) : حسن .
[310] ـ سنن أبي داود ج4:ص296 حديث رقم : 4985 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 10 / ص 485) : صحيح .
[311] ـ وسُميت صدقة لأنها دليل على صدق إيمانه ، وذلك أن المنافق قد يصلي ولا تسهل عليه الصدقة غالباً .( شرح النووي على الأربعين).
[312] ـ التوبة : 103 .
[313] ـ البقرة : 261 .
[314] ـ سنن الترمذي ج2/ص512 حديث رقم : 614 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 2 / ص 114) : صحيح .
[315] ـ آل عمران : 92 .
[316] ـ البقرة : 274 .
[317] ـ الحديد : 7 .
[318] ـ سبأ : 39 .
[319] ـ صحيح مسلم ج4:ص2001 حديث رقم : 2588 .
[320] ـ مسند أحمد بن حنبل ج4:ص147 حديث رقم : 17371 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن عمران ، فإنه من رجال مسلم ، وعلي بن إسحاق المروزي فمن رجال الترمذي ، وهو ثقة .
[321] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[322] ـ الحشر : 9 .
[323] ـ الإسراء : 82 .
[324] ـ الشمس : 7 – 10 .
[325] ـ سنن أبي داود ج4:ص317 حديث رقم : 5069 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 11 / ص 69): ضعيف.
[326] ـ الأنبياء : 47 .
[327] ـ الأعراف : 8 .
[328] ـ صحيح البخاري ج5:ص2352 حديث رقم : 6043 .
[329] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص114 حديث رقم : 920 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح لغيره , وهذا إسناد حسن.
[330] ـ صحيح البخاري ج4:ص1759حديث رقم:4452، وصحيح مسلم ج4:ص2147حديث رقم: 2785.
[331] ـ سنن الترمذي ج5/ص24 حديث رقم : 2639 ، قال الترمذي : حسن غريب ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 6 / ص 139) : صحيح .
[332] ـ الأنبياء : 47 .
[333] ـ الأعراف : 8 .
[334] ـ سبق تخريجه .
[335] ـ شرح العقيدة الطحاوية ج1/ص472 .
[336] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[337] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[338] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[339] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[340] ـ جامع العلوم والحكم ص 414 .
[341] ـ إحياء علوم الدين ج4/ص63 .
[342] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[343] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[344] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[345] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 63 بنحوه .
[346] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص221 .
[347] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص221 .
[348] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص221 .
[349] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص221 .
[350] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[351] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[352] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[353] ـ تقدمت ترجمته في الحديث الثامن عشر .
[354] ـ لفظ [ يا عبادي ] فيه تذكير للعباد بالحكمة التي من أجلها خلقوا وهي عبادة الله ، قال تعالى : } وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون{ ، وقال تعالى : } ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت { .
وقد امتدح ربنا جل وعلا نبيه e وأثنى عليه ووصفه في أشرف مقاماته بوصف العبودية : فقال سبحانه في الإسراء : } سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى { ، وفي مقام الدعوة قال سبحانه : } وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً { ، وفي مقام التحدي قال سبحانه : } وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله {.[ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد].
[355] ـ والمراد به الإثم .
[356] ـ صحيح مسلم ج4/ص1994 حديث رقم : 2577 .
[357] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[358] ـ شرح النووي على الأربعين بنحوه .
[359] ـ ق : 29 .
[360] ـ ق : 29 .
[361] ـ غافر : 31 .
[362] ـ فصلت : 46 .
[363] ـ آل عمران : 108 .
[364] ـ يونس : 44 .
[365] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[366] ـ لقمان : 13 .
[367] ـ صحيح البخاري ج2:ص864 حديث رقم:2315 ،وصحيح مسلم ج4:ص1996 حديث رقم:2579.
[368] ـ صحيح البخاري ج2:ص864حديث رقم:2315،وصحيح مسلم ج4:ص1996 حديث رقم : 2579 .
[369] ـ صحيح البخاري ج2:ص866حديث رقم:2321، صحيح مسلم ج3:ص1231حديث رقم : 1612 .
[370] ـ صحيح البخاري ج5:ص2394 حديث رقم : 6169 .
[371] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[372] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[373] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[374] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[375] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[376] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 67 و 70 .
[377] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[378] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[379] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[380] ـ الفاتحة : 6 .
[381] ـ صحيح مسلم ج4:ص2087 حديث رقم : 2721 .
[382] ـ سنن ابن ماجه ج1:ص431 حديث رقم : 1357، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 3 /ص 357) : حسن.
[383] ـ سنن أبي داود ج2:ص63 حديث رقم : 1425، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 3 / ص 425) : صحيح.
[384] ـ سنن النسائي (المجتبى) ج8:ص177 حديث رقم : 5210 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف الجامع الصغير (ج 28 / ص 412) : صحيح .
[385] ـ مدارج السالكين ج1/ص10 .
[386] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[387] ـ مدارج السالكين ج1/ص23.
[388] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[389] ـ مدارج السالكين ج1/ص10 .
[390] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[391] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[392] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[393] ـ الأحزاب : 72 .
[394] ـ سنن الترمذي ج4:ص659حديث رقم:2499 ، قال الترمذي : حديث غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 499) : حسن .
[395] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[396] ـ الحجر : 49 .
[397] ـ الزمر : 53 .
[398] ـ آل عمران : 135 .
[399] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[400] ـ غافر : 55 .
[401] ـ النساء : 106 .
[402] ـ النصر : 3 .
[403] ـ صحيح مسلم ج4:ص2075 حديث رقم : 2702 .
[404] ـ صحيح البخاري ج5:ص2324 حديث رقم : 5948 .
[405] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[406] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[407] ـ صحيح مسلم ج4:ص1994 حديث رقم : 2577 .
[408] ـ جامع العلوم والحكم ص 429 .
[409] ـ آل عمران : 176 .
[410] ـ آل عمران : 144 .
[411] ـ النساء : 131 .
[412] ـ آل عمران : 97 .
[413] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[414] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[415] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[416] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[417] ـ شرح النووي على الأربعين .
[418] ـ فاطر : 2 .
[419] ـ هود : 6 .
[420] ـ الروم : 40 .
[421] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[422] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[423] ـ صحيح البخاري ج4:ص1724 حديث رقم : 4407 ، و
[424] ـ النحل : 96 .
[425] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[426] ـ ق : 18 .
[427] ـ الزلزلة : 7 ـ 8 .
[428] ـ الكهف : 49 .
[429] ـ المجادلة : 6 .
[430] ـ فصلت : 46 .
[431] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[432] ـ آل عمران : 185 .
[433] ـ النساء : 123 .
[434] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[435] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[436] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[437] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[438] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[439] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[440] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[441] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[442] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[443] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[444] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 221 .
[445] ـ تقدمت ترجمته في الحديث الثامن عشر .
[446] ـ صحيح مسلم ج2/ص697 حديث رقم : 1006 .
[447] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[448] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 99 .
[449] ـ قال في لسان العرب ج4:ص277 : و الدَّثْرُ بالفتح المال الكثير لا يُثنى ولا يُجمع ؛ يُقال : مال دَثْر ومالان دَثْر وأموالٌ دُثُرٌ ، وقيل : هو الكثير من كل شيء .
[450] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 99 بنحوه .
[451] ـ الرواية في هذه اللفظة بتشديد الصاد والدال جميعاً ، ويجوز في اللغة تخفيف الصاد .( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 100 ) .
[452] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 100 ، قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 226 بنحوه.
[453] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 100 .
[454] ـ سنن الترمذي ج5:ص458حديث رقم : 3376 ، قال الترمذي : حديث غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 7 / ص 376) : ضعيف ، مسند أحمد بن حنبل ج3:ص75 حديث رقم : 11738 بدون لفظ : " والذاكرات " ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف .
[455] ـ صحيح البخاري ج5:ص2241 حديث رقم:5675 ،و صحيح مسلم ج2/ص697 حديث رقم:1005.
[456] ـ آل عمران : 110 .
[457] ـ صحيح مسلم ج2/ص695 حديث رقم : 1002 .
[458] ـ صحيح البخاري ج1:ص30 حديث رقم : 56 .
[459] ـ الأنفال : 2 .
[460] ـ صحيح مسلم ج1:ص89 حديث رقم : 84 .
[461] ـ سنن الترمذي ج4:ص339 حديث رقم : 1956 ، قال الترمذي : حسن غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 4 / ص 456) : صحيح .
[462] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 100 بنحوه ، التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 73 بنحوه .
[463] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 228 .
[464] ـ التوبة : 92 .
[465] ـ صحيح البخاري ج1/ص445 حديث رقم : 1260 .
[466] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[467] ـ آل عمران : 133 .
[468] ـ البقرة : 148 .
[469] ـ المؤمنون : 61 .
[470] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص191 حديث رقم : 13004 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
[471] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[472] ـ المستدرك على الصحيحين ج1:ص111 حديث رقم : 151 ، سكت عنه الذهبي في التلخيص .
[473] ـ صحيح البخاري ج1:ص222 حديث رقم : 590 ، صحيح مسلم ج1:ص325 حديث رقم : 437 .
[474] ـ صحيح ابن حبان ج3/ص172 حديث رقم : 889 .
[475] ـ صحيح البخاري ج3/ص1028 حديث رقم : 2637 .
[476] ـ صحيح البخاري ج3/ص1096 حديث رقم : 2847 .
[477] ـ صحيح مسلم ج4/ص1871 حديث رقم : 2405 .
[478] ـ صحيح مسلم ج1:ص353 حديث رقم : 489 .
[479] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[480] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[481] ـ المعجم الكبير ج7:ص230 حديث رقم : 6962 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الضعيفة (ج 3 / ص 632) حديث رقم : 1442 : ضعيف .
[482] ـ جامع العلوم والحكم ص 444 و 450 .
[483] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 228 بنحوه .
[484] ـ سنن الترمذي ج4:ص578 حديث رقم : 2353 ، قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 353) : حسن صحيح .
[485] ـ صحيح البخاري ج3:ص1184 حديث رقم : 3069 ، و صحيح مسلم ج4:ص2096 حديث رقم : 2737 .
[486] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[487] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 228 .
[488] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[489] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 73 .
[490] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[491] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 101 بنحوه .
[492] ـ قال النووي رحمه الله : واختلف الأصوليون في العمل به ، وهذا الحديث دليل لمن عمل به ، وهو الأصح والله أعلم . ( شرح النووي على صحيح مسلم : 3 / 44).
[493] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 102 .
[494] ـ جامع العلوم والحكم ص 450 .
[495] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[496] ـ صحيح البخاري ج3/ص1090 حديث رقم : 2827 ، و صحيح مسلم ج2/ص699 حديث رقم : 1009 واللفظ لمسلم.
[497] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[498] ـ قال النووي رحمه الله : وذُكر أنها ثلاث مائة وستون عضواً على كل عضو منها صدقة كل يوم . ( شرح النووي على الأربعين ) ؛ وثبت في صحيح مسلم أنها ثلاث مائة وستون . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 103 ).
[499] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 104 .
[500] ـ القيامة : 4 .
[501] ـ التكاثر : 8 .
[502] ـ الإسراء : 36 .
[503] ـ الدر المنثور ج8/ص612 .
[504] ـ سنن الترمذي ج5:ص448 حديث رقم : 3358 ، قال الترمذي : حديث غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 7 / ص 358) : صحيح .
[505] ـ إبراهيم : 7 .
[506] ـ الحجرات : 10 .
[507] ـ النساء : 114 .
[508] ـ النحل : 90 .
[509] ـ الحجرات : 9 .
[510] ـ صحيح مسلم ج3:ص1458 حديث رقم : 1827 .
[511] ـ صحيح البخاري ج1:ص234 حديث رقم : 629 ، و صحيح مسلم ج2:ص715 حديث رقم: 1031.
[512] ـ النساء : 128 .
[513] ـ النساء : 114 .
[514] ـ مسند أحمد بن حنبل ج6:ص444 حديث رقم : 27548 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح ، و سنن أبي داود ج4:ص280 حديث رقم : 4919 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 10 / ص 419) : صحيح .
[515] ـ الأنفال : 1 .
[516] ـ الحجرات : 9 .
[517] ـ صحيح البخاري ج2:ص958 حديث رقم : 2547 .
[518] ـ الفروق مع هوامشه ج4/ص8 .
[519] ـ تفسير الثعلبي ج9/ص80 .
[520] ـ الفروق مع هوامشه ج4/ص8 .
[521] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[522] ـ المائدة : 2 .
[523] ـ الأنفال : 46 .
[524] ـ صحيح البخاري ج2:ص862 حديث رقم : 2310 ، وصحيح مسلم ج4:ص1996 حديث رقم : 2580 .
[525] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[526] ـ فاطر : 10 .
[527] ـ صحيح مسلم ج1:ص219 حديث رقم : 251 .
[528] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص172 حديث رقم : 6599 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح لغيره , وهذا سند ضعيف .
[529] ـ صحيح ابن حبان ج4:ص503 حديث رقم : 1622 ، صححه ابن حبان ، و قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح .
[530] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[531] ـ صحيح مسلم ج1/ص63 حديث رقم : 35 .
[532] ـ صحيح مسلم ج4/ص2021 حديث رقم : 1914 .
[533] ـ صحيح البخاري ج1/ص233 حديث رقم : 624 ، وصحيح مسلم ج3/ص1521 حديث رقم : 1914 .
[534] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[535] ـ صحيح مسلم ج1/ص498 حديث رقم : 720 .
[536] ـ وقد بوب الإمام مسلم في صحيحه فقال : باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع ركعات أو ست والحث على المحافظة عليها .( صحيح مسلم ج1/ص496 ) .
[537] ـ سنن أبي داود ج4:ص318 حديث رقم : 5073 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 11 / ص 73) : ضعيف .
[538] ـ النساء :114 .
[539] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[540] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[541] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[542] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[543] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 106 بنحوه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق