الحديث التاسع :
الأَخذُ باليَسير وَتَركُ التَعْسِير و الطاعة وعدم التعنت سبيل النجاة
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، سبب الورود ، مفردات الحديث ، المعنى العام : 1- الميسور لا يسقط بالمعسور 2-الضرورات تبيح المحظورات 3-المشقة تجلب التيسير 4-التشديد في اجتناب المنهيات 5-من أسباب هلاك الأمم 6-السؤال وحكمه 7-التحذير من الاختلاف والحثّ على الوحدة والاتفاق ، فوائد الحديث .
عن أبي هُرَيْرةَ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ t قال : سمِعْتُ رسولَ اللهِ r يَقُولُ: " ما نَهَيْتُكُمْ عنه فَاجْتَنِبُوهُ وما أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ من قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ على أَنْبِيَائِهِمْ " رَواهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ واللفظ لمسلم .[1]
ترجمة الراوي : هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي t، قدم المدينة سنة سبع للهجرة والرسول r بخيبر ، فسار إليه وأسلم على يديه ولازمه ملازمة تامَّة رغبة في العلم ، فلذا كان أكثر الصحابة رواية ، رُوي عنه ( 5374) حديثاً ، يتحدث عن نفسه t فيقول : ( نَشَأْتُ يَتِيمًا وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا وَكُنْتُ أَجِيرًا لِابْنَةِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي أَحْطِبُ لهم إذا نَزَلُوا وَأَحْدُو لهم إذا رَكِبُوا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الذي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا )[2] ، وقيل : إن عمر t استعمله على البحرين ثم عزله ثم راوده على العمل فأبى ونَابَ عن الإمارة ، ولم يزل يسكن المدينة حتى توفي t سنة ( 57 هـ) وقيل : ( 59 هـ) في آخر خلافة معاوية t وله من العمر ( 78) سنة ودُفن بالبقيع[3] .
أهمية الحديث : إن هذا الحديث ذو أهمية بالغة وفوائد جلية، تجعله جديراً بالحفظ والبحث ، وهو من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكَلِم التي أعطيها r، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام. وهو حديث عظيم من قواعد الدين وأركان الإسلام، فينبغي حفظه والاعتناء به.
سبب الورود :
سبب ورود هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة t قال: خطبنا رسول الله r فقال : " أَيُّهَا الناس قد فَرَضَ الله عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فقال رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ حتى قَالَهَا ثَلاثًا ؛ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لو قلتُ : نعم ؛ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ، ثُمَّ قال : ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ من كان قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ على أَنْبِيَائِهِمْ فإذا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ وإذا نَهَيْتُكُمْ عن شَيْءٍ فَدَعُوهُ ".[4] وورد[5] أن السائل هو الأقرع بن حابس t ، [ قال ابن الهمام : هو الأقرع بن حابس وصرح به أحمد[6] والدارقطني [7]والحاكم في حديث صحيح رووه على شرط الشيخين[8] ] [9].
مفردات الحديث:
نهيتكم عنه : طلبت منكم الكَفَّ عن فعله ، والنهي : المَنْع . وهذا يشمل المحرَّم والمكروه .
فاجتنبوه : أي اتركوه ، ( وباعدوا منه حتماً في المحرم ، وندباً في المكروه )[10] .
فافعلوا منه : وجوباً في الواجب ، وندباً في المندوب .[11]
ما استطعتم : ما قدرتم عليه وتيسر لكم فعله دون كبير مشقة[12].
أهلك : صار سبب الهلاك .
كثرة مسائلهم : أسئلتهم الكثيرة، لا سيما فيما لا حاجة إليه ولا ضرورة.
المعنى العام: [ الميسور لا يسقط بالمعسور : قوله r : ( فافعلوا منه ما استطعتم ) ، استنبط العلماء من قوله هذه القاعدة : ( الميسور لا يسقط بالمعسور ) ، ومعناها : أنَّ المكلف في بعض الأحيان يشق عليه فعل واجب من الواجبات ، ولكن يتيسر له فعل بعضه ، ففي هذه الحالة يجب عليه فعل المتيسر له منه ، كمن وجد ماءً لا يكفي لرفع الحدث ؛ فعليه في هذه الحالة استعماله في بعض أعضائه ويتيمم للباقي[13] ، وكذلك من قدر على تغيير جزء من منكر أو تخفيفه ففي هذه الحالة يجب عليه فعل ما تيسر له ، وكذلك من عجز عن بعض أركان وشروط الصلاة فعليه أن يأتي بما يستطيع منها ، ولا تسقط عنه الصلاة بسبب عجزه عن بعضها .
ولكن هذه القاعدة ليست على إطلاقها ، فلا بدَّ من مراعاة ضوابطها ، فمثلاً من زال عنه مرض منعه عن الصيام في نهار رمضان ؛ لا يجب عليه الإمساك لباقي اليوم ، لأن صيام بعض اليوم ليس بِقُرْبَةٍ في نفسه كما بَيَّنَ العلماء ][14]، قال النووي رحمه الله : وهذا بخلاف ما إذا وجد بعض الرقبة ، فإنه لا يجب عتقه عن الكفارة ؛ لأنَّ الكفارة لها بدل وهو الصوم[15] .
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه : لقد ورد النهي في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله r لمعان عدة ، والمراد به هنا التحريم والكراهة :
ـ نهي التحريم : من أمثلة ذلك: النهي عن الزنا وشرب الخمر وأكل الربا والسرقة وقتل النفس بغير حق ، فمثل هذه المنهيات يجب اجتنابها دفعة واحدة، ولا يجوز للمُكَلَّف فعل شيء منها، إلا إذا ألجأته إلى ذلك ضرورة، بقيود وشروط بيّنها شرع الله تعالى المحكم.
- نهي الكراهة أو التنزيه : ومن أمثلة ذلك: النهي عن أكل البصل أو الثوم النِّيْئ، لمن أراد حضور صلاة الجمعة أو الجماعة ، ( ومثل الكلام بعد العِشاء )[16] ، فمثل هذه المنهيات يجوز فعلها، سواء دعت إلى ذلك ضرورة أم لا، وإن كان الأليق بحال المسلم التقي اجتنابها، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً[17].
الضرورات تبيح المحظورات: قد يقع المسلم في ظروف تضطره إلى فعل المحرم، وتلجئه إلى إتيان المحظور، وإن هو امتنع عن ذلك ألقى بنفسه إلى التهلكة. وهنا نجد شرع الله تعالى الحكيم، يخفف عن العباد، ويبيح لهم في هذه الحالة فعل ما كان محظوراً في الأحوال العادية، ويرفع عنهم المؤاخذة والإثم. قال الله تعالى : {فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[18] .
ومن أمثلة ذلك : إباحة أكل الميتة لمن فقد الطعام ولم يقدر على غيرها، ولكن مما ينبغي التنبيه إليه، هو ما يقع فيه الكثير من الناس، عندما يأخذون هذه القاعدة على إطلاقها، دون تحديد لمعنى الضرورة، وحتى لا يقع المكلفون في هذا الخطأ، نجد الفقهاء حدَّدوا معنى الضرورة : بما يجعل الإنسان في خطر يهدده بالموت، أو بإتلاف عضو من أعضائه، أو زيادة مرض، ونحو ذلك مما يتعذر معه قيام مصالح الحياة، أو يجعلها في مشقة وعسر لا يُحتمل. وفي الوقت نفسه حدّدوا مدى الإباحة بما يندفع به الخطر، ويزول به الاضطرار، فوضعوا هذه القاعدة : (الضرورة تُقَدَّرُ بَقْدرِها). أخذاً من قوله تعالى: {غير باغ ولا عاد} أي غير قاصد للمخالفة والمعصية، وغير متعد حدود ما يدفع عنه الاضطرار.
فمن اضطر لأكل الميتة ليس له أن يمتلئ منها أو يدخر، ومن اضطر أن يسرق لِيُطْعِم عياله ليس له أن يأخذ ما يزيد عن حاجة يوم وليلة، وليس من الاضطرار في شيء التوسع في الدنيا، وتحصيل الكماليات، فمن كان ذا رأسمال قليل ليس مضطراً للتعامل بالربا ليوسع تجارته.
ومن كان له علاقات مع الناس، ليس مضطراً لأن يجلس معهم على موائد الخمر ويسكت عن منكرهم. ومن كانت ذات زوج متهاون، ليست مضطرة لأن تخلع لباس الحشمة وجلباب الحياء، فتترك الآداب الشرعية ولباس المؤمنات، لتحصل على إعجابه ورضاه.
المشقة تجلب التيسير: من المعلوم أن شرع الله عز وجل يهدف إلى تحقيق السعادة المطلقة للإنسان، في كلٍّ مِن دنياه وآخرته، ولذلك جاء بالتيسير على العباد ورفع الحرج عنهم، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}[19] وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[20] وقال r في صحيح البخاري : "إن الدِّينَ يُسْرٌ "[21] و " يَسِّروا ولا تعسروا"[22] .
حدود المشقة التي تستدعي التيسير: هناك نوع من المشقة ملازم للتكاليف الشرعية، لا تنفك عنه في حال من أحوالها، لأنه من طبيعة التكليف، فمثل هذا النوع من المشقة لا أثر له في إسقاط الواجبات أو تخفيفها ، فليس لأحد أن يُفْطر في رمضان لشعوره بشدة الجوع، كما أنه ليس لأحد قَدَرَ على نفقات الحج، وهو صحيح البدن، أن لا يحج، لما في الحج من مشقة السفر والبعد عن الأهل والوطن!!
وهناك نوع من مشقة ليس من طبيعة التكليف، ويمكن أن تنفك عنه الواجبات في كثير من أحوالها، بل هو من الأمور الطارئة والعارضة، والزائدة عن القدر الذي تقتضيه التكاليف في الظروف العادية، وهذا النوع من المشقة على مرتبتين:
المرتبة الأولى: توقع المكلف في عسر وضيق خفيفين، كالسفر القصير والمرض الخفيف وفوات المنافع المادية، فمثل هذه المشقة لا أثر لها أيضاً في التزام الواجبات.
المرتبة الثانية: مشقة زائدة، تهدد المكلف بخطر في نفسه أو ماله أو عرضه، كمن قدر على الحج مثلاً، وعلم أن في الطريق قطاع طرق، أو خاف من إنسان يترقب غيابه ليسرق ماله أو يعتدي على أهله، ونحو ذلك، مما يعتبر حرجاً وضيقاً، في عرف ذوي العقل والدين. فمثل هذه المشقة هي المعتبرة شرعاً، وهي التي تؤثر في التكاليف، وتوجب الإسقاط أحياناً أو التخفيف. التشديد في اجتناب المنهيات واستئصال جذور الفساد : يسعى شرع الله عز وجل دائماً للحيلولة دون وقوع الشر، أو بزوغ بذور الفساد، ولذا نجد الاهتمام بأمر المنهيات ربما كان أبلغ من الاهتمام بالمأمورات، ولا يعني ذلك التساهل بالمأمورات، وإنما التشديد في اجتناب المنهيات عامة، والمحرمات على وجه الخصوص، لأن نهي الشارع الحكيم لم يَرِد إلا لما في المنهي عنه من فساد أكيد وضرر محتم، ولذا لم يُعْذَر أحد بارتكاب شيء من المحرمات، إلا حال الضرورة الملجِئة والحاجة المُلِحَّة،على ما قد علمت.
ومن هنا يتبين خطأ مسلك الكثير من المسلمين، لا سيما في هذه الأزمنة، التي شاع فيها التناقض في حياة الناس، عندما تجدهم يحرصون على فعل الطاعة والواجب ، وربما تشددوا في التزام المندوب والمستحب ، بينما تجدهم يتساهلون في المنهيات ، وربما قارفوا الكثير من المحرمات ، فنجد الصائم يتعامل بالربا ، والحاجّة المزكية تخرج سافرة متبرجة ، متعذرين بمسايرة الزمن وموافقة الركب . وهذا خلاف ما تقرر في شرع الله الحكيم ، من أن أصل العبادة اجتناب ما حرم الله عز وجل ، وطريق النجاة مجاهدة النفس والهوى ، وحملها على ترك المنهيات ، وأن ثواب ذلك يفوق الكثير من ثواب فعل الواجبات .
فهذا رسول الله r يقول : " اتق المحارِمَ تَكُنْ أَعَبَدَ الناس " رواه الترمذي .[23]
وهذه عائشة رضي الله عنها تقول : من سَّره أن يَسبِقَ الدائبَ المجتهدَ فليَكُفّ عن الذنوب . [24]
وهذا عمر ابن الخطاب t يُسأل عن قوم يشتهون المعصية ولا يعملون بها ، فيقول : أولئك قوم امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر عظيم .[25]
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى : ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى أداء ما افترض الله وترك ما حرم الله، فإن كان مع ذلك عمل فهو خير إلى خير .[26]
من أسباب هلاك الأمم : لقد بين الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أن من أسباب هلاك الأمم وشق عصاها وتلاشي قوتها واستحقاقها عذاب الاستئصال - أحياناً - أمرين اثنين هما:
كثرة السؤال والتكلف فيه، والاختلاف في الأمور وعدم التزام شرع الله عز وجل. لقد نهى الرسول r أصحابه عامة أن يكثروا عليه من الأسئلة، خشية أن يكون ذلك سبباً في إثقالهم بالتكاليف، وسداً لباب التنَطُّع والتكلف والاشتغال بما لا يعني، والسؤال عما لا نفع فيه إن لم تكن مضرة .
روى البخاري عن المغيرة بن شعبة t قال : ( ... وكان يَنْهَى ـ r ـ عن قِيلَ وقال وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ وَعُقُوقِ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ ) . [27]
السؤال وحكمه : إن السؤال على أنواع : مطلوب ومنهيٌّ عنه:
أ- أما المطلوب شرعاً، فهو على درجات: 1 ـ فرض عين على كل مسلم : بمعنى أنه لا يجوز لمسلم تركه والسكوت عنه، وهو السؤال عما يجهله من أمور الدين وأحكام الشرع، مما يجب عليه فعله ويطالَب بأدائه، كأحكام الطهارة والصلاة إذا بلغ، وأحكام الصوم إذا أدرك رمضان وكان صحيحاً مقيماً، وأحكام الزكاة والحج إذا ملك المال أو كان لديه استطاعة، وأحكام البيع والشراء والمعاملات إذا كان يعمل بالتجارة، وأحكام الزواج وما يتعلق به لمن أراد الزواج، ونحو ذلك مما يسأل عنه المكلف، وفي هذا يقول الله تعالى : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[28]. وعليه حُمِل ما رواه البيهقي في "شعب الإيمان " ، من قوله r : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " .[29]
2 ـ فرض كفاية : بمعنى أنه لا يجب على كل مسلم، بل يكفي أن يقوم به بعضهم، وهو السؤال للتوسع في الفقه بالدين، ومعرفة أحكام الشرع وما يتعلق بها، لا للعمل وحده، بل ليكون هناك حَفَظَة لدين الله عز وجل، يقومون بالفتوى والقضاء، ويحملون لواء الدعوة إلى الله تعالى.
وفي هذا يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[30].
3ـ مندوب: معنى أنه يستحب للمسلم أن يسأل عنه، وذلك مثل السؤال عن أعمال البِرِّ والقربات الزائدة عن الفرائض .
ب- سؤال منهي عنه، وهو على درجات أيضاً : حرام : أي يأثم المكلف به ، ومن ذلك :
1 - السؤال عما أخفاه الله تعالى عن عباده ولم يُطلعهم عليه، وأخبر أن علمه خاص به سبحانه، كالسؤال عن وقت قيام الساعة، وعن حقيقة الروح وماهيتها، وعن سر القضاء والقدر، ونحو ذلك. 2- السؤال على وجه العبث والتعنت والاستهزاء[31]. 3- سؤال المعجزات، وطلب خوارق العادات عناداً وتعنتاً، أو إزعاجاً وإرباكاً، كما كان يفعل المشركون وأهل الكتاب.
4- السؤال عن الأغاليط: روى أحمد وأبو داود :(عن معاوية t أن النبي r نهى عن الغَلوطات)[32] ، وهي المسائل التي يغالَط بها العلماء ليزِلّوا فيها، فيهيج بذلك شر وفتنة، وإنما نهى عنها لأنها غير نافعة في الدين ولا تكاد تكون إلا فيما لا يقع ، ومثله قول بن مسعود : أنذرتكم صِعَابَ المنطق ، يريد المسائل الدقيقة الغامضة .[33]
5- السؤال عما لا يحتاج إليه، وليس في الجواب عنه فائدة عملية، وربما كان في الجواب ما يسوء السائل .
6- السؤال عما سكت عنه الشرع من الحلال والحرام ، ولم يبين فيه طلباً أو نهياً ، فإن السؤال عنه ربما كان سبباً للتكليف به مع التشديد فيه ، فيترتب على ذلك وقوع المسلمين في حرج ومشقة ، كان السائل سبباً فيها . [34]
[ ولذا قال r : " إن أعظم المسلمين جُرماً من سأل عن شيء لم يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ من أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ"[35]] وهذا في زمن نزول الوحي[36].
والذي يتعين على المسلم أن يهتم به ويعتني هو: أن يبحث عما جاء عن الله تعالى ورسوله r ثم يجتهد في فهم ذلك والوقوف على معانيه، فإن كان من الأمور العلمية صدق به واعتقده، وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر واجتناب ما ينهى عنه، فمن فعل ذلك حصل السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة.
التحذير من الاختلاف والحث على الوحدة والاتفاق : لقد وصف الله تعالى الجماعة المسلمة والفئة المؤمنة بأنها أُمَّة واحدة، فقال سبحانه : {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِي}[37]. فينبغي على المسلمين أن يحرصوا على هذه الوحدة، حتى يكونوا قوة متماسكة أمام قوى الشر والبغي والكفر المتكاثرة .
ولقد حذرنا الله تعالى ورسوله المصطفى r أشد التحذير من الاختلاف، وكذلك يقرر القرآن أن هذا شأن الذين كفروا من أهل الكتاب، قال تعالى : {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[38].
إن من أهم الأسباب التي تفرق الأمة وتشتت شملها أن يُفْتَحَ عليها باب الجدل في العلم والمِراء في الدين ، فتختلف في الأساس. والبلية كل البلية أن يكون الحامل على الاختلاف في الدين المصالح والأهواء، والعناد والبغي، ولذا نجد كتاب الله تعالى يخرج أمثال هؤلاء الناس الذين يُثيرون الخلاف في الدين ويريدون أن يجعلوا المسلمين شِيَعاً وفرقاً وأحزاباً، نجده يخرجهم من دائرة الإسلام، ويبرئ منهم نبيه المصطفى r فيقول: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[39]. والخطر إنما يكمن في هذا النوع من الاختلاف، الذي لا يحتكم إلى برهان ولا ينصاع إلى حجة، وهذا الاختلاف هو الذي كان سبب هلاك الأمم، وإليه يشير رسول الله r بقوله : " إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ".
أما الخلاف الناشئ عن دليل، ويستند إلى أصل، فليس هو المقصود في الباب، لأنه خلاف في الفروع وليس في الأصول، وخلاف ليس من شأنه أن يحدث الفرقة والشتات في صفوف الأمة، بل هو عنوان مرونة التشريع وحرية الرأي فيه ضمن قواعده وأسسه .
فوائد الحديث : 1 ـ الامتثال لا يحصل إلا بترك جميع المنهيات[40] .
2 ـ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها[41] . 3 ـ لا يسقط الميسور بالمعسور[42] ، بل يؤتى منه بقدر المستطاع .
4 ـ لا يجوز فعل بعض المنهي عنه بل يجب اجتنابه كله ، ومحل ذلك ما لم يكن هناك ضرورة تبيح فعله .
5 ـ وجوب فعل ما أمر به ، ومحل ذلك ما لم يقم دليل على أنَّ الأمر للاستحباب . 6 ـ أن النهي أشدُّ من الأمر ، إذ لم يُرخَّص في ارتكاب شيء منه[43] . 7 ـ يسر الشريعة . 8 ـ المشقة تجلب التيسير[44] . 9 ـ ينبغي للمسلم اتباع النبي r [45].
10 ـ لا ينبغي للإنسان كثرة المسائل لأن كثرة المسائل ولا سيما في زمن الوحي ربما يوجب تحريم شيء لم يُحرَّم أو إيجاب شيء لم يجب ، وإنما يقتصر الإنسان في السؤال على ما يحتاج إليه فقط[46] .
11 ـ أن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء من أسباب الهلاك ، كما هلك بذلك من كان قبلنا[47]، وقد قسَّم العلماء رحمهم الله السؤال إلى قسمين : القسم الأول : ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين ، فهذا مأمور به لقوله تعالى : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }[48] ، وعلى هذا النوع تتنزل أسئلة الصحابة y عن الأنفال والكلالة وغيرها.
القسم الثاني : ما كان على وجه التعنت والتكلف ، وهذا هو المنهي عنه[49] .
الحديث العاشر:
الحَلال الطَّيِّبُ شَرطُ القَبول
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام (1-الطيب المقبول 2-كيف يكون العمل مقبولاً 3-كيف يخرج المسلم من الحرام 4-أسباب إجابة الدعاء 5-ما يمنع من إجابة الدعاء ) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[50] قال: قاَل رسُولُ الله r : "إنَ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طَيِّباً، وإنَّ الله أَمَرَ المُؤمِنينَ بِمَا أَمَرَ به المُرْسَلينَ فقال تعالى: {يا أَيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيَّباتِ واعمَلُوا صالحاً}[51] وقال تعالى : { يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[52] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ يا رَبُّ يا رَبُّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْربُهُ حَرَامٌ، ومَلْبَسُه حرام ، وغُذِيَ بالحَرَامِ، فأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك ". رَوَاهُ مُسْلمٌ.[53]
أهمية الحديث :
هذا الحديث من الأحاديث التي عليها قواعد الإسلام ومباني الأحكام، وعليه العمدة في تناول الحلال وتجنب الحرام، وما أعمَّ نفعه وأعظمه في إيجاد المجتمع المؤمن الذي يحبُّ فيه الفرد لأخيه ما يحب لنفسه، يكره لأخيه ما يكره لنفسه، ويقف عند حدود الشرع مكتفياً بالحلال المبارك الطيب، فيحيا هو وغيره في طمأنينة ورخاء .
مفردات الحديث :
إن الله طيب : أي طاهر منزه عن النقائص والخبائث فيكون بمعنى القدوس .
لا يقبل إلا طيباً : لا يقبل ولا يحب ولا يرضى ولا يثيب من الأعمال والأموال إلا ما كان خالصاً من المفسدة ، أو حلالاً .
أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين : سوَّى بينهم في الخطاب بوجوب أكل الحلال .
واعملوا صالحاً : فيه دليل على أن الأكل الطيب من آثاره العمل الصالح .
أشعث : جَعْد شعر الرأس لعدم تمشيطه .
أغبر: غَيَّر الغبار لون شعره لطول سفره في الطاعات كحج وجهاد .
يمد يديه إلى السماء : يرفع يديه إلى السماء داعياً وسائلاً الله تعالى .
فأنى يُستجاب له : كيف ومن أين يُستجاب لمن كانت هذه صفته .
المعنى العام: ( إنَّ الله طيب ) : طيب في ذاته ، وطيب في صفاته ، وطيب في أفعاله ، ولا يقبل إلا طيباً في ذاته وفي كسبه[54] .
1- الطيب المقبول: يشمل الأعمال والأموال والأقوال والاعتقادات:
فهو سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلها كالرياء والعجب ، ولا يقبل من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً. ولا يصعد إليه من الكلام إلا ما كان طيباً، قال الله تعالى : {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[55].
والمؤمن كله طيب قلبه ولسانه وجسده بما يسكن في قلبه من الإيمان، وظهر على لسانه من الذكر ، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان . كيف يكون العمل مقبولاً طيباً : إن من أعظم ما يجعل عمل المؤمن طيباً مقبولاً طِيْبُ مَطْعَمِه وحِلّهِ ، وفي الحديث دليل على أن العمل لا يُقبل إلا بأكل الحلال ، وأن الحرام يُفسد العمل ويمنع قَبوله .
وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال الله تعالى : {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}[56] وقال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}[57] . ومعنى هذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح.
"لا يقبل إلا طيباً" فالمقصود هنا نفي الكمال المستوجب للأجر والثواب في هذه الأعمال، مع أنها مقبولة من حيث سقوط الفرض بها من الذمة.
كيف يخرج المسلم من الحرام : يتخلص المسلم من المال الحرام بعد العجز عن معرفة صاحبه أو العثور عليه بالتصدق به، والأجر لمالكه.
أسباب إجابة الدعاء:
1ـ إطالة السفر: ومجرد السفر يقتضي إجابة الدعاء، فقد روى أبو داود وابن ماجه والترمذي بألفاظ مختلفة من حديث أبي هريرة عن النبي r قال: " ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْوَالِدِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ".[58] والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء .
2ـ [ رثاثة الهيئة : ومن ثمَّ قال النبي r : ( رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّهُ)[59]][60].
3ـ مد اليدين إلى السماء: وهو من آداب الدعاء ، فعن سلمان الفارسي t عن النبي r قال : (إنَّ الله حَيِيّ كريم يستحي إذا رفع الرجلُ إليه يديه أنْ يَرُدَّهُمَا صفراً خائبتين ) رواه الترمذي".[61]
ورفع اليدين له ثلاث صفات :
ـ بالأصبع ، وهذه للخطيب يوم الجمعة .
ب ـ ورفعها حتى تبين الإبطين ، وهذه عند الاستسقاء والكرب .
ج ـ ورفعها حذو الثديين ، وهذه لسائر الدعاء .
4 ـ الإلحاح على الله عز وجل: وذلك بتكرير ذكر ربوبيته سبحانه وتعالى ، ( يا رب يا رب ). 5 ـ إطابة المطعم والمشرب والملبس . ما يمنع إجابة الدعاء : أشار r في هذا الحديث إلى أن التوسع في الحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذية يمنع إجابة الدعاء .
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ وصف الله تعالى بالطيب ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً[62] .
2 ـ تنزيه الله تعالى عن كل نقص[63] .
3 ـ من الأعمال ما يقبله الله تعالى ومنها ما لا يقبله[64] .
4 ـ يرشد الحديث إلى الحث على الإنفاق من الحلال، والنهي عن الإنفاق من غيره[65].
5 ـ أن الشكر هو العمل الصالح ، لقوله تعالى : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}[66] وقال للمؤمنين : {كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا له }[67] ، فدل هذا على أن الشكر هو العمل الصالح[68] .
6 ـ أن من أراد الدعاء لزمه أن يعتني بالحلال في مأكله وملبسه حتى يُقبل دعاؤه .
7 ـ يَقْبَل الله من المؤمنين الإنفاق من الطيب ويُنَمِّيه، ويُبَارِك لهم فيه .
8 ـ الطيب ما طيبه الشرع[69] .
9 ـ دعاء المسافر مستجاب[70] .
10 ـ دعاءُ المنكسرِ قلبُهُ مستجابٌ[71] .
11ـ من أسباب إجابة الدعاء التوسل إلى الله تعالى بالربوبية لأنها هي التي بها الخلق والتدبير[72].
12 ـ الرسل عليهم السلام مكلفون بالعبادات كما أن المؤمنين مكلفون بها[73] .
13 ـ وجوب العمل بالأسباب التي يحصل بها المطلوب ، والبعد عن الموانع التي تمنعه[74] .
14 ـ الأمر بالإخلاص لله تعالى[75] .
15 ـ [ وجوب الشكر لله على نعمه ، لقوله تعالى : { واشكروا لله }[76] ][77] .
16 ـ [ إثبات علو الله .
وهو ينقسم إلى قسمين :
الأول : علو صفة : وهذا متفق عليه بين جميع أهل القبلة .
فصفات الله كلها عليا وحسنى .
الثاني : علو ذات . وهذا متفق عليه عند أهل السنة .
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع :
قال تعالى : { وهو العلي العظيم }[78] . وقال تعالى : { وهو العلي الكبير }[79] . وقال تعالى : {يخافون ربهم من فوقهم }[80] . وقال سبحانه : { وهو القاهر فوق عباده }[81] . وقال سبحانه:{ إليه يصعد الكلم الطيب }[82]. وقال سبحانه : { إنا نحن نزلنا الذكر ... }[83] . وقال e : ( لا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ؟ ) [84] ] . [85]
ويشمل أيضاً علوَّ قهره وعلوَّ شأنه سبحانه وتعالى .
الحديث الحادي عشر:
الأَخذ باليَقِينِ والبُعْدُ عَن الشُّبُهات ( الورع )
ترجمة الراوي ، درجة الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-تعارض الشك واليقين 2-الصدق طمأنينة والكذب ريبة ) ، ما يستفاد من الحديث
عَنْ أَبي مُحمَّدٍ الحسَنِ بْنِ عليّ بْنِ أبي طَالِب، سِبْطِ رَسُولِ اللهِ r وَرَيْحَانَتِهِ[86] رضيَ اللهُ عنهُما، قالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ الله r: "دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى مَا لاَ يَرِيُبكَ" روَاهُ التِّرْمِذيُّ وَالنَّسَائي، وقالَ التِّرْمِذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.[87]
وعند الترمذي وغيره زيادة في هذا الحديث وهي : ( فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة )[88] وعند ابن حبان:( الخيرُ طمأنينةٌ والشَّرُّ رِيبَةٌ )[89] وفي المستدرك : ( فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة).[90]
ترجمة الراوي :هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أبو محمد ، ابن فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، وُلد بالمدينة سنة ثلاث من الهجرة وهو أكبر من أخيه الحسين بعام ، حجَّ خمساً وعشرين مرَّةً ، وتولى الخلافة بعد أبيه ، واستمر في الخلافة نحو ستة أشهر بالحجاز واليمن والعراق وخراسان ، ثم دعاه كرمه وحلمه وورعه إلى تركها لمعاوية t رفقاً بالمسلمين ، كان الحسن t قد أحصن بسبعين امرأة ، وكان الحسن قلّما تفارقه أربع حرائر ، فكان صاحب ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري وعنده امرأة من بني أسد من آل جهم ، فطلقهما ، وبعث إلى كلِّ واحدة منهما بعشرة آلاف وزقاقٍ من عسل متعة ، وقال لرسوله يسار بن أبي سعيد بن يسار وهو مولاه: ( احفظ ما تقولان لك ) فقالت الفزارية :( بارك الله فيه وجزاه خيراً ) وقالت الأسدية :( متاع قليل من حبيب مفارقٍ ) فرجع فأخبره ، فراجع الأسدية وترك الفزارية ، روى عن النبي r ( 13 ) حديثاً ، ومات مسموماً سنة ( 50 هـ ) [91].
درجة الحديث : حسن صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 3377 ) .
أهمية الحديث : هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين وأصل في الورع الذي عليه مدار اليقين ، وقد استوعب كل ما قيل في تجنب الشبهات[92] .
مفردات الحديث :
سبط رسول الله r : ابن ابنته فاطمة رضي الله عنها[93] .
دع ما يَرِيبك : دع ما تشك فيه من الشبهات .
إلى ما لا يَرِيبك : إلى ما لا تشك فيه من الحلال البَيِّن .
المعنى العام :
إن ترك الشبهات في العبادة والمعاملات والمناكحات وسائر أبواب الأحكام، والتزام الحلال في كل ذلك، يؤدي بالمسلم إلى الورع، وقد سبق في الحديث السادس أن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، وأن الحلال المتيقَّن لا يحصل للمؤمن في قلبه منه شك أو ريب، أما الشبهات فيرضى بها الإنسان ظاهراً، ولو كَشَفْنَا ما في قلبه لوجدنا القلق والاضطراب والشك، ويكفيه هذا العذاب النفسي خسارة معنوية، والخسارة الكبرى والهلاك الأعظم أن يعتاد الشبهات ثم يجترئ على الحرام، لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
تعارض الشك واليقين : إذا تعارض الشك مع اليقين، أخذنا باليقين وقدمناه وأعرضنا عن الشك .
أما من يخوض في المُحَرَّمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشُّبَه، فإن ورعه هذا ثقيل ومظلم، ويجب علينا أن نُنْكِر عليه ذلك، وأن نُطالبه بالكَفّ عن الحرام الظاهر أولاً، ولذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين، وسمعت النبي r يقول : " هما رَيحانتاي من الدنيا " رواه البخاري[94] .
وسأل رجل بشير بن الحارث عن رجل له زوجة وأُمُّه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بَرَّ أُمَّه في كل شيء ولم يَبْقَ من بِرّها إلا طلاق زوجته فليفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أُمِّه فيضربها فلا يفعل[95].
[ للورع فضائل :
أولاً : أنه سبب لاستبراء العرض والدين ، كما في حديث : ( فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه)[96].
ثانياً : أنه خير خصال الدين ، قال e : ( وخير دينكم الورع ) رواه الحاكم .[97]
ثالثاً : من علامات العبادة ، قال e : ( يا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ الناس وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ الناس وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحْسِنْ جِوَارَ من جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فإن كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ ) رواه ابن ماجه .[98]
رابعاً : أنه من هدي النبي e وخلقه ، عن أنس t قال : مَرَّ النبي r بِتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ قال : " لَوْلا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ من الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا " متفق عليه .[99]
خامساً : أنه سبب للنجاة ، كما في حديث الباب : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .] .[100]
من أقوال السلف في الورع :
قال الحسن : ” ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام “ .[101]
وقال حسان بن أبي سنان : ” ما شيء هو أهون من الورع ، إذا رابك شيء فدعه “ .[102]
وقال عبد الله بن مسعود t : ” كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام “ .[103]
وقال عمر t : " كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام " . [104]
وقال العسكري : ” لو تأملتِ الحذَّاقُ هذا الحديث لَتَيَقَّنُوا أَنَّه قد استوعبَ كُلَّ ما قيل في تَجَنُّبِ الشبهات“.[105]، وقال شيخ الإسلام : ” الورع من قواعد الدين “ .[106]
وقال عبد الله بن عمر t : " لَرَدُّ دانقٍ من حرام أفضلُ عند الله من إنفاق مائة ألف في سبيل الله".[107]
الصدق طمأنينة والكذب ريبة: وعلامة الصدق أن يطمئن به القلب، وعلامة الكذب أن تحصل به الشكوك فلا يسكن القلب له بل ينفر منه .
[ فضائل الصدق :
أولاً : أنه سبب للطمأنينة ، كما في حديث الباب : ( فإن الصدق طمأنينة ) .
ثانياً : هو المميز بين المؤمن والمنافق ، قال e : ( آية المنافق ثلاث : إذا حَدَّثَ كَذَبَ ... ) الحديث رواه البخاري.[108]
ثالثاً : لا ينفع يوم القيامة إلا الصدق : قال تعالى : { هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم }[109] .
رابعاً : الصدق أصل كل بِرٍّ ، قال e : ( إن الصدق يهدي إلى البر ) متفق عليه .[110]
خامساً : أن مجاهدة النفس على تحري الصدق توصلها إلى مرتبة الصديقية . قال e : ( .. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً )[111] ] [112].
[ فائدة : والصدق يشمل الصدق في الأقوال – والصدق في الأعمال – والصدق في النية [ أن تكون خالصة لله ].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” فصل الصدق أساس الحسنات وجماعها ، والكذب أساس السيئات ونظامها“.[113]
علامات الصدق :
أولاً : أنه يورث السكينة والطمأنينة .
ثانياً : الزهد في الدنيا والتأهب للقاء الله .
ثالثاً : سلامة القلب ، فان المؤمن الصادق لا يحمل في قلبه غشاً للمسلمين ولا شراً .
رابعاً : الزهد في ثناء الناس ومدحهم بل وكراهة ذلك .
قال ابن القيم : ” فصل لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضَبُّ والحوتُ ، فإذا حَدَّثَتْكَ نفسك بطلب الإخلاص فَأَقْبِلْ على الطمع أولاً فأذبحه بسكين اليأس وأَقْبِلْ على المدح والثناء فازهد فيهما زُهْدَ عَشَّاقِ الدنيا في الآخرة ؛ فإذا استقام لك ذَبْحُ الطمعِ والزهدُ في الثناءِ والمدحِ سَهُلَ عليكَ الإخلاص “ .[114]
خامساً : الشعور بالتقصير والانشغال بإصلاح النفس عن غيرها ] [115].
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ أن نبني أحكامنا وأمور حياتنا على اليقين[116]، ومن الحديث قاعدة : ( اليقين لا يزول بالشك).
2 ـ وأن الحلال والحق والصدق طمأنينة ورضا، والحرام والباطل والكذب ريبة وقلق ونفور .
3 ـ يُسن الخروج عن اختلاف العلماء[117] ، والعمل بالأحوط إذا لم يتبين الدليل[118] .
4 ـ الحث على الورع[119] .
5 ـ الإنسان مأمور باجتناب ما يدعو إلى القلق[120] .
6 ـ فضل اتقاء الشبهات .[121]
7 ـ فضل الصدق وأنه سبب للطمأنينة .[122]
الحديث الثاني عشر :
الاشتغالُ بِمَا يُفيد
درجة الحديث ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :ما يعني الإنسان وما لا يعنيه ، الضابط لترك ما لا يعني ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[123] قالَ: قالَ رسُولُ الله r: "مِنْ[124] حُسْنِ إسْلاَمِ الْمَرءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ". حديث حسن ، رواه الترمذي[125] وغيره هكذا[126] .
درجة الحديث : الحديث مرسل وله شواهد كثيرة فهو حسن لغيره ، وصححه الألباني .[127]
أهمية الحديث : قال ابن رجب الحنبلي : هذا الحديث أصل عظيم من أُصول الأدب[128].
مفردات الحديث:
من حسن إسلام المرء : من كمال إسلامه وتمامه، وعلامات صدق إيمانه، والمرء يُراد به الإنسان، ذكراً كان أم أنثى.
ما لا يعنيه : ما لا يهمه من أمر الدين والدنيا.
المعنى العام: يحرص الإسلام على سلامة المجتمع، وأن يعيش الناس في وئام ووفاق، لا منازعات بينهم ولا خصومات، كما يحرص على سلامة الفرد وأن يعيش في هذه الدنيا سعيداً، يَألف ويُؤلف، يُكْرَم ولا يُؤذَى، ويخرج منها فائزاً رابحاً، وأكثر ما يثير الشقاق بين الناس، ويفسد المجتمع، ويورد الناس المهالك تَدَخُّل بعضهم في شؤون بعض، وخاصة فيما لا يعنيهم من تلك الشؤون، ولذا كان من دلائل استقامة المسلم وصدق إيمانه تركه التدخل فيما لا يخصه من شؤون غيره.
والمسلم مسؤول عن كل عمل يقوم به، فإذا اشتغل الإنسان بكل ما حوله، وتدخل في شؤون لا تعنيه، شغله ذلك عن أداء واجباته، والقيام بمسؤولياته، فكان مؤاخذاً في الدنيا ومعاقباً في الآخرة، وكان ذلك دليل ضعف إدراكه، وعدم تمكن الخُلُق النبوي من نفسه. وروي أنه r قال لأبي ذر t : " وكفى بالمرء عيباً أن يكون فيه ثلاث خصال أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ويستحيي لهم مما هو فيه ويؤذي جليسه ، يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حَسَبَ كحسن الخلق " [129]
وإذا أدرك المسلم واجبه، وَعقَل مسؤوليته، فإنه يشتغل بنفسه، ويحرص على ما ينفعه في دنياه وآخرته، فَيُعْرِض عن الفضول، ويبتعد عن سَفَاسِفِ الأمور، ويلتفت إلى ما يعنيه من الأحوال والشؤون.
والمسلم الذي يعبد الله عز وجل كأنه يراه، ويستحضر في نفسه أنه قريب من الله تعالى والله تعالى قريب منه، يشغله ذلك عما لا يعنيه، ويكون عدم اشتغاله بما لا يعنيه دليل صدقه مع الله تعالى وحضوره معه، ومن اشتغل بما لا يعنيه دل ذلك على عدم استحضاره القرب من الله تعالى، وعدم صدقه معه، وحَبِط عمله، وكان من الهالكين.
رُوي عن الحسن البصري أنه قال: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه .[130]
ما يعني الإنسان من الأمور وما لا يعنيه : والذي يعني الإنسان من الأمور هو: ما يتعلق بضرورة حياته في معاشه، من طعام وشراب وملبس ومسكن ونحوها، وما يتعلق بسلامته في معاده وآخرته، وما عدا هذا من الأمور لا يعنيه: فمما لا يعني الإنسان الأغراض الدنيوية الزائدة عن الضرورات والحاجيات: كالتوسع في الدنيا، والتنوع في المطاعم والمشارب، وطلب المناصب والرياسات، ولا سيما إذا كان فيها شيء من المماراة والمجاملة على حساب دينه.
الفضول في الكلام مما لا يعني ، وقد يجر المسلم إلى الكلام المُحَرَّم، ولذلك كان من خُلُق المسلم عدم اللَّغَط والثرثرة والخوض في كل قيل وقال .
عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت قال رسول الله r : " كلام بن آدم عليه لا له ، إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله " .[131]
[ الضابط لترك ما لا يعني :
لا بد أن يكون الضابط لهذه القضية الشرع ، لا اتباع الهوى وحظوظ النفس ، لذلك جعله النبي r من حسن إسلام المرء ، لأن البعض قد يُخطئ فهم الحديث فيترك كثيراً من الأمور الواجبة ، أو المستحبة ظاناً أن هذا مما لا يعني ، كما يترك البعض النصح للآخرين ، وهذا لا شك مخالف لكثير من النصوص ، التي تحث على النصح للمسلمين ، وقد يتدخل البعض في كثير من الأمور ظاناً أن هذا مما يعنيه ][132] .
[ نماذج مما لا يعني المسلم :
1 ـ حفظ اللسان من لغو الكلام ومما لا فائدة فيه .
قال بعض العارفين : ” إذا تكلمت فاذكر سمع الله لك ، وإذا سكت فاذكر نظره إليه “ .[133]
وقال عمر بن عبد العزيز : ” من عدّ كلامه من عمله ، قلّ كلامه إلا فيما يعنيه “ .[134]
وقد نفى الله الخير عن كثير مما يتناجى به الناس بينهم ، فقال : ] لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس [[135] .
2 ـ أنواع اللهو واللعب التي تصدُّ عن ذكر الله .
3 ـ كثير من الهوايات المضيعة للوقت والمال .
4 ـ قراءة القصص والروايات والمقالات الرديئة التي تثير الغرائز بالطرق المحرمة .
5 ـ التدخل في خصوصيات الآخرين وشؤونهم مما لا يصادم الشريعة الإسلامية ، وليس مجالاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولما عرف السلف حدود السؤال والتدخل، ارتقت حياتهم الاجتماعية إلى مستويات لم يعرفها العالم من قبل.
فهذا سعيد بن المسيب – رحمه الله – لما زوج ابنته الجميلة الفقيهة من تلميذه الفقير ، ثم سأله بعد شهر من تزويجه : ما حال ذلك الإنسان ؟ قلت : خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو ، قال : إن رابك شيء فالعصا .[136]ولم يتدخل سعيد أكثر من ذلك .
والتدخل في شؤون الغير له أحوال :
1 ـ يكون واجباً : مثل التدخل لتغيير المنكر ، ويأثم لو لم يتدخل وهو يستطيع .
2 ـ يكون مستحباً : مثل التدخل لتحسين وضع أخيك في طريقة كلامه مثلاً .
3 ـ ويكون مباحاً : كسؤال إنسان هل سافر أم لا .
4 ـ ويكون مكروهاً : مثل سؤال رجل يتحرج في الجواب في أمر خاص به .
5 ـ ويكون محرماً ، مثل التجسس على المسلم .] [137].
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ أن الدين الإسلامي كله محاسن .[138]
2 ـ أن الأعمال في نظر الإسلام تتفاوت ، منها ما هو حسن ومنها ما ليس بحسن[139] .
3 ـ أن من صفات المسلم الاشتغال بمعالي الأمور، والبعد عن السَفاسِفِ ومُحَقِّرَات الشؤون[140].
4 ـ وفيه : تأديب للنفس وتهذيب لها عن الرذائل والنقائص، وترك ما لا جدوى منه ولا نفع فيه[141].
5 ـ من حسن وكمال إسلام المرء تركه ما لا تتعلق عنايته به[142] ، والاهتمام بما يعنيه .[143]
6ـ أن عدم ترك الإنسان لما لا يعنيه يدل على أن إسلامه ليس بحسن .
قال الغزالي : ” بين بهذا الخبر أن حرص الإنسان على معرفة ما لا حاجة له به علاجه أن يعلم أن الموت بين يديه وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أنفاسه رأس ماله وأن لسانه شبكته يقدر على أن يقتنص بها الحور العين وإهماله وتضييعه خسران مبين هذا علاجه من حيث العلم وأما علاجه من حيث العمل فالعزلة ولزوم السكون “ .[144]
وقال الحسن : ” من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه “ .[145]
وقال معروف الكرخي : ” كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى “ .[146]
وقال مالك بن دينار : إذا رأيت قساوة في قلبك ووهناً في بدنك وحرماناً في رزقك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك .[147]
وقيل للقمان : ” ما بلغ بك ما نرى ؟ قال : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني“.[148]
[ وقال يونس بن عبيد : ” ترك كلمة فيما لا يعني أفضل من صوم يوم “.
وقال الشافعي : ” ثلاثة تزيد في العقل : مجالسة العلماء ، ومجالسة الصالحين ، وترك الكلام فيما لا يعني “ ، وقال أيضاً : ” من أراد أن ينور الله قلبه فليترك الكلام فيما لا يعنيه “ ][149].
7 ـ الفضول مذموم .
8 ـ ينبغي للمسلم أن ينشغل بما يعنيه وينفعه .[150]
9 ـ اغتنام الحياة بالعمل الصالح . [151]
10 ـ أن الإيمان يزيد وينقص . [152]
الحديث الثالث عشر:
أُخُوَّةُ الإِيمَانِ واْلإسْلاَمِ
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-تماسك المجتمع المسلم والمحبة والود فيه 2-الإيمان الكامل) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي حَمْزَةَ أَنسِ بنِ مالكٍ t ـ خادِم رسولِ الله r ـ عن النبي r قال : "لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حتى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسه". رَواهُ البُخاري ومُسلم.[153]
ترجمة الراوي :
هو أنس بن مالك بن النَّضر الخزرجي الأنصاري t ، ذهبت به أمه ـ أم سليم رضي الله عنها ـ إلى الرسول r لما قدم المدينة ، فقالت : يا رسول الله ، خذ هذا غلاماً يخدمك ، فقَبِله r بين عينيه ودعا له : ( اللهم أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ له فِيمَا أَعْطَيْتَهُ )[154] ، وكان عمره حينئذ عشر سنين ، واستمر في خدمته إلى أن توفي r وهو عنه راضٍ ، وكان يصلي فيطيل القيام حتى تقطر قدماه دماً ، وكان إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته ودعا لهم ، وغزا مع النبي r ثمان غزوات ، وأقام بالمدينة وشهد الفتوح ثم قطن البصرة ومات بها سنة ( 90 هـ ) وقيل : سنة ( 91 هـ ) ، وعاش ( 99 ) سنة ، وقيل : تجاوز المئة ، قال ثابت البُناني : (قال لي أنس بن مالك : هذه شعرةٌ من شعر رسول الله r فضعها تحت لساني ) قال : ( فوضعتها تحت لسانه ، فدُفن وهي تحت لسانه ) [155]، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة ، رُوي له ( 2286 ) حديثاً[156] .
أهمية الحديث : هذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام ، والمقصود منه المساواة التي بها تحصل المحبة وتدوم الألفة بين الناس وتنتظم أحوالهم[157] .
مفردات الحديث : لا يؤمن : الإيمان الكامل[158] ، وهذا دليل على وجوب مابعدها. أحدكم : من يدعي الإيمان والإسلام منكم بعده . لأخيه : المسلم والمسلمة، وقيل : لأخيه الإنسان. ما يحب لنفسه : مثل الذي يحبه لنفسه من الخير والصلاح في الدين ، وأما الدنيا فمحبته لأخيه مستحبة .
المعنى العام: تماسك المجتمع المسلم والمحبة والود فيه : يهدف الإسلام أن يعيش الناس جميعاً متوادين ومتحابين، يسعى كل فرد منهم في مصلحة الجميع وسعادة المجتمع، حتى تسود العدالة، وتنتشر الطمأنينة في النفوس، ويقوم التعاون والتضامن فيما بينهم، ولا يتحقق ذلك كله إلا إذا أراد كل فرد في المجتمع لغيره ما يريده لنفسه من السعادة والخير والرخاء، ولذا نجده r يربط ذلك بالإيمان، ويجعله خَصْلَة من خِصَاله.
الإيمان الكامل: إن أصل الإيمان يتحقق بتصديق القلب الجازم، وإذعانه لربوبية الله عز وجل، والاعتقاد ببقية الأركان، من الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر، ولا يتوقف أصل الإيمان على شيء سوى ذلك. وفي هذا الحديث يبين لنا رسول الله r أن الإيمان لا ترسخ جذوره في النفس، ولا يتمكن من القلب، ولا يكمل في صدر المسلم، إلا إذا أصبح إنسان خير، بعيداً عن الأنانية والحقد، والكراهية والحسد ، ومما يحقق هذا الكمال في نفس المسلم : أن يحب لغيره من الخير المباح وفعل الطاعات ما يحبه لنفسه، وأن يبغض لهم من الشر والمعصية ما يبغضه لنفسه أيضاً ، وأن يجتهد في إصلاح أخيه المسلم، إذا رأى منه تقصيراً في واجبه، أو نقصاً في دينه.
روى مسلم عن النبي r قال : " فمن أحبَّ أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنَّة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه ، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقةَ يده وثمرةَ قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخرُ ينازعه فاضربوا عنقَ الآخر " .[159]
من كمال الإيمان في المسلم أن لا يقتصر في حب الخير لغيره وبغض الشر له على المسلم فحسب، بل يحب ذلك لغير المسلم أيضاً، ولا سيما الإيمان، فيحب للكافر أن يسلم ويؤمن، ويكره فيه ويبغض له الكفر والفسوق ، قال r : "وأَحِبَّ للناس ما تُحبُّ لنفسكَ تكنْ مسلماً " رواه الترمذي .[160]
ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحباً . في هذا الحديث حثُّ منه r لكل مسلم، أن يحمل نفسه على حب الخير للناس، ليكون ذلك برهاناً منه على صدق إيمانه وحسن إسلامه. وهكذا تسري المحبة بين الناس جميعاً، وينتشر بينهم الخير.
أما المجتمع غير الإيماني فهو مجتمع أناني بغيض : إذا ذبل الإيمان في القلوب وانتفى كماله وانتفت محبة الخير للناس من النفوس، وحل محلَّها الحسدُ ونية الغش، وتمكنت الأنانية في المجتمع، وأصبح الناس ذئاباً بشرية، وانطبق على مثل هذا المجتمع قول الله عز وجل: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}[161] فهذا المجتمع إلى خراب وزوال .
[ أمثلة :
عن أبي ذر t قال : قال لي رسول الله e : ( يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي ، لا تَأَمَّرَنَّ على اثنين ، ولا تَوَلَّيَنَّ مال يتيم ) رواه مسلم .[162]
قال ابن رجب رحمه الله :” وإنما نهاه عن ذلك لما رأى من ضعفه وهو e يحب هذا لكل ضعيف“.[163]
قال الشافعي : ” وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا يُنسب إليّ منه شيء “ .[164]
فقوله : [ وددت ] دليل على محبته الخير للناس .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ” إني لأَمُرُّ على الآية من كتاب الله فأودُّ أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم “ .[165]
وشكا بعضهم كثرة الفأر في داره فقيل له لو اقتنيت هرا فقال أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي .[166]
وفي كلام بعضهم : ارضَ للناس ما تحب لنفسك .[167]
وقيل للأحنف وكان أحلم الناس : ممن تعلمت الحلم ؟ قال : من نفسي ، قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : كنت إذا كرهت شيئاً من غيري لم أفعل بأحد مثله . [168]
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ أن من خصال الإيمان أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه[169] .
وقد جاء في الحديث عن يزيد بن أسد : قال : قال لي رسول الله e : ( أتحب الجنة ؟ قلت : نعم ، قال : فأحب لأخيك ما تحب لنفسك ) رواه أحمد .[170]
2 ـ الحث على ائتلاف قلوب الناس، والعمل على انتظام أحوالهم، وهذا من أهم ما جاء الإسلام من أجله وسعى إليه .
3 ـ التنفير من الحسد، لأنه يتنافى مع كمال الإيمان، فإن الحاسد يكره أن يفوقه أحد في خير أو يُساويه فيه، بل ربما تمنى زواله عنه ولو لم يصل إليه.
4 ـ أنَّ الإيمان يتفاضل و يزيد وينقص[171]: تزيده الطاعة وتنقصه المعصية[172].
5 ـ وجوب محبة الخير للغير كما تحبه لنفسك[173] .
6 ـ يدخل في هذا الباب الإيثار وهو قسمان : أ ـ الإيثار في القُرَبِ وهو مكروه لأنه يُخالف المسارعة في الخيرات . ب ـ الإيثار في أمور الدنيا وهو مستحب .
7 ـ الحديث يدل على ذمِّ الأنانية[174] .
الحديث الرابع عشر:
حُرْمَةُ دمِ المُسْلِم
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-القصاص وما يُستثنى منه 2-حد الرِّدَّة 3-تارك الصلاة 4 – القتل بغير الثلاث المذكورة ) ، ما يستفاد من الحديث
عن ابْنِ مَسْعُودٍ t[175] قالَ: قالَ رسُولُ الله r: "لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أنْ لاَ إله إلاّ الله وأَنِّي رَسُولُ الله إلاّ بإحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي والمفارق لدينه التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ ". رَوَاهُ البخاري ومسلم وغيرهما ، وهذا لفظ البخاري [176].
أهمية الحديث :
إذا أصبحت حياة الفرد خطراً على حياة الجماعة ، فأصابه المرض وانحرف عن الصحة الإنسانية والسلامة الفطرية، وأصبح جرثومة خبيثة، تَفْتِك في جسم الأمة، وتُفْسِد عليها دينها وأخلاقها وأعراضها، وتنشر فيها الشر والضلال، فقد سقط حقه في الحياة، وأُهدر وجوده، ووجب استئصاله، ليحيا المجتمع الإسلامي في أمن ورخاء. وهذا الحديث من القواعد الخطيرة لتعلقه بأخطر الأشياء وهو الدماء، وبيان ما يحل وما لا يحل، وإن الأصل فيها العصمة.
مفردات الحديث:
لا يحل دم : أي لا تحل إراقته، والمراد: القتل. امْرِئٍ مُسْلِمٍ :( يشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله ) عند البخاري ومسلم وأبي داوود والترمذي والنسائي.
الثيِّب الزاني : الثيب: من ليس ببكر، يطلق على الذكر والأنثى، يقال: رجل ثيب، وامرأة ثيب، وإطلاقه على المرأة أكثر، و ( المراد هنا المحصن ، من تزوج ووطئ في نكاح صحيح )[177] والزاني هو في اللغة : الفاجر ، وشرعاً : وطء الرجل المرأة الحية في قُبُلِها من غير نكاح ( أي عقد شرعي ) .
التارك لدينه : هو الخارج من الدين بالارتداد، والمراد بالدين: الإسلام.
المفارق للجماعة : التارك لجماعة المسلمين بالرِّدَّة .
المعنى العام: إنَّ مَن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فأقرّ بوجوده سبحانه ووَحْدانيته، وصدَّق بنبوة خاتم الرسل r واعترف برسالته، فقد عصم دمه وصان نفسه وحفظ حياته، ولا يجوز لأحد ولا يَحِل له أن يُرِيق دمه أو يُزْهِق نفسه، وتبقى هذه العصمة ملازمة للمسلم، إلا إذا اقترف إحدى جنايات ثلاث:
1- قتل النفس عمداً بغير حق. 2- الزنا بعد الإحصان، وهو الزواج.
3- الرِّدَّة. أجمع المسلمون على أن حدَّ زنى الثيب ( المحصن ) الرجم حتى يموت ، لأنه اعتدى على عرض غيره ، وارتكب فاحشة الزنا ، بعد أن أنعم الله عز وجل عليه بالمتعة الحلال ، فَعَدل عن الطيب إلى الخبيث ، وجنى على الإنسانية بخلط الأنساب وإفساد النسل ، وتنكَّر لنهي الله عز وجل : {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا}[178].
وقد ثبت الرجم من قول رسول الله r وفعله ، فقد روى الجماعة أنه رجم ماعزاً ، وروى مسلم وغيره أنه r أمر برجم الغامدية .[179]
وكان الرجم في القرآن الذي نُسِخَ لفظه: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم".[180]
القصاص : أجمع المسلمون على أن من قتل مسلماً عمداً فقد استحق القصاص وهو القتل ، قال الله تعالى : {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[181] ، وذلك حتى يأمن النَّاسُ على حياتهم ، وقال الله تعالى : {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}[182] ، ويسقط القصاص إذا عفا أولياء المقتول .
(( ويُستثنى من القصاص :
1 ـ الوالد إذا قتل ولده ، لا يُقتل به ، هذا ما ذهب إليه الجمهور ، وحجتهم في ذلك قوله r : (لا يُقتل الوالد بالولد )[183] قال ابن عبد البر : هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق ، مستفيض عندهم ، وهو عمل أهل المدينة ، ومروي عن عمر t .
2 ـ المسلم إذا قتل كافراً ، فإنه لا يُقتل ، فإن كان الكافر المقتول حربياً ؛ لا يُقتل بلا خلاف ، وإن كان ذِمِّياً أو معاهِداً ؛ ففيه خلاف ؛ فالجمهور ذهبوا إلى القول بعدم قتله ؛ حجتهم في ذلك قوله r : ( لا يُقتل مسلم بكافر )[184] وهذا هو الراجح والله أعلم .
3 ـ الحُرُّ إذا قتل العبدَ لا يُقتل ، وذلك لأنَّ الله عز وجل قال : { الحرُّ بالحرِّ }[185] قال السيد سابق : وهذا التعبير يفيد الحصر ، فيكون معناه : ( أنَّه لا يُقتل الحرُّ بغير الحرِّ ) .[186]
وإذا كان لا يُقتل به فإنه يلزمه قيمته ، بالغة ما بلغت ، وإن جاوزت دية الحرِّ ؛ هذا إذا قتل عبد غيره[187]، وإذا قَتَلَ الحرُّ عبدَه ، فعقوبته كما في الحديث عَنْ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال : قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَمْدًا مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ رسول اللَّهِ r مِائَةً وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ من الْمُسْلِمِينَ " رواه ابن ماجه[188] ، "ولم يَقُدْه به[189] وأمره أن يُعتق رقبة " رواه البيهقي[190] ، وإلى هذا ذهب الجمهور منهم مالك وأحمد والشافعي))[191] .
حد الرِّدَّة : أجمع المسلمون على أن الرجل إذا ارتد ، وأصر على الكفر ، ولم يرجع إلى الإسلام بعد الاستتابة ، أنه يُقتل ، روى البخاري وأصحاب السنن : عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله r قال: "مَنْ بَدَّلَ دينَه فاقتلُوه " . [192]
تارك الصلاة : وأجمع المسلمون على أن من ترك الصلاة جاحداً بها فقد كفر واعتُبِر مرتداً ، وأقيم عليه حدُّ الرِّدة .
وأما إذا تركها كسلاً وهو يعترف بفرضيتها فقد اختلفوا في ذلك : فذهب الجمهور إلى أنه يُستتاب فإن لم يتب قتل حداً لا كفراً، وذهب الإمام أحمد وبعض المالكية إلى أنه يقتل كفراً، وقال الحنفية: يُحْبَس حتى يصلي أو يموت، ويُعَزَّر في حبسه بالضرب وغيره. قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ}[193] وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}[194]. وقال رسول الله r : " إِنَّ بين الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ ". رواه مسلم.[195]
( القتل بغير الثلاث المذكورة في الحديث :
قد يُقتل المسلم بغير الثلاث المذكورة في الحديث ، وقد تندرج هذه الأمور ضمنياً تحت الثلاث وهي : 1 ـ اللواط : يُقتل بسببه المسلم سواءٌ كان محصناً أو غير محصن ، ذهب إلى ذلك أبو بكر وعبد الله بن الزبير وابن عباس وجابر والزهري ومالك وإسحاق بن راهويه وأحمد والشافعي رحمهم الله ورضي عنهم ، وحجتهم في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) .[196]
2 ـ قتل من أراد أن يشُقَّ عصا المسلمين : وذلك لقوله r : ( من أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ على رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أو يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ ) رواه مسلم[197]، ولقوله r : ( إذا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا ) رواه مسلم[198] .
3 ـ الإفساد في الأرض ، وقطع الطريق : قال الله تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم }[199].
وللعلماء في شرح هذه الآية كلام يطول ذكره ،[200] ولكن إذا قَتَلَ قُطَّاع الطريق يَتحتمُ قَتْلُهُم جميعاً . 4 ـ تارك الصلاة : وسبق بيان ذلك . 5 ـ من طلب أخذ مال إنسان أو حريمه بغير حق . 6 ـ [ الساحر : يُقتل ، قال بذلك أحمد ومالك وأبو حنيفة وعمر بن عبد العزيز وهؤلاء يقولون بكفره بسحره ، ويكون حكمه حكم المرتد ؛ كما رُوي عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وجندب بن عبد الله وجندب بن كعب وقيس بن سعد ، والشافعي يرى إذا بلغ سحره الكفر يُقتل ، كما يشهد لذلك ما رواه مالك في الموطأ عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة : أنَّه بلغه أنَّ حفصةَ زوجَ النبي r قَتَلَتْ جاريةً لها ؛ سَحَرَتْهَا ، وقد كانت دَبَّرَتْهَا [201]، فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ .[202]
قال مالك[203] : الساحر الذي يعمل السحر ، ولم يعمل ذلك له غيره ؛ هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه : {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق }[204] فأرى أن يُقتل ، إذا عمل ذلك هو نفسه ][205] .
ما يستفاد من الحديث: 1 ـ احترام المسلم وأنه معصوم الدم[206] . 2 ـ أن الدين المعتبر هو ما عليه جماعة المسلمين، وهم الغالبية العظمى منهم.
3 ـ الحث على التزام جماعة المسلمين وعدم الشذوذ عنهم.
4 ـ التنفير من هذه الجرائم الثلاثة (الزنا، والقتل، والردة ) ، والتحذير من الوقوع فيها.
5 ـ تربية المجتمع على الخوف من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن قبل تنفيذ الحدود.
6 ـ الحدود في الإسلام رادعة، ويقصد منها الوقاية والحماية.
7 ـ وجوب رجم الزاني المحصن لقوله r : (( الثيب الزاني ))[207] .
8 ـ القصاص لا يكون إلا بالسيف عند الحنفية، وقال الشافعية: يُقتل القاتل بمثل ما قَتل به، وللولي أن يَعْدِل إلى السيف.
9 ـ جواز القصاص ولكن الإنسان مخير ـ أعني من له القصاص ـ بين أن يقتص أو يعفو إلى الدية أو يعفو مجاناً[208] .
10 ـ وجوب قتل المرتد إذا لم يتب[209] . 11 ـ استباحة الدم للحاكم فقط .
12 ـ لو كان في بلد لا تحكم بالإسلام فلا يُستباح الدم أيضاً ، إلا إذا جاء فقال : طهرني ، بشرط أن يكون دون القتل .
13 ـ حفظ الأعراض والأنساب من التلوث ، وحفظ النفس من الاعتداء عليها ، وحفظ الدين من التبديل والانحراف[210].
الحديث الخامس عشر:
من خِصَال الإيمَان القول الحسن ورعاية حق الضيف والجار
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-من آداب الكلام 2 - استشكال 3-العناية بالجار والوصاية به 4 – مراتب الجيران 5-من وسائل الإحسان إلى الجار 6 ـ حدود الجار 7-إكرام الضيف) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[211]: أنَّ رسُولَ اللهِ r قال : "مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُل خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ فَلا يؤذِ جارَهُ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ". رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ مسلم .[212]
أهمية الحديث : هذا الحديث حديث عظيم تتفرع منه آداب الخير وقيل فيه : إنه نصف الإسلام ، لأن الأحكام إما أن تتعلق بالحق أو الخلق وهذا أفاد الثاني ، إذ المقصود منه أن من كان كامل الإيمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله تعالى قولاً بالخير أو سكوتاً عن الشر أو فعلاً لما ينتفع به أو تركاً لما يضر[213] .
مفردات الحديث:
يؤمن : المقصود بالإيمان هنا : الإيمان الكامل ، وأصل الإيمان التصديق والإذعان .
اليوم الآخر : يوم القيامة. يصمت : يسكت. فليكرم[214] جاره : يُحَصِّل له الخير، ويَكُفّ عنه الأذى والشر. فليكرم ضيفه : يقدم له الضيافة (من طعام أو شراب) ويحسن إليه.
المعنى العام: يحثنا رسول الله r في الحديث على أعظم خصال الخير وأنفع أعمال البِرّ، فهو يُبَيِّن لنا أن من كمال الإيمان وتمام الإسلام، أن يتكلم المسلم في الشؤون التي تعود عليه بالنفع في دنياه أو آخرته ، ومن ثَمّ تعود على المجتمع بالسعادة والهناء، وأن يلتزم جانب الصمت في كل ما من شأنه أن يسبب الأذى أو يجلب الفساد، فيستلزم غضب الله سبحانه وتعالى وسخطه.
روى الإمام أحمد في مسنده: عن أنس t، عن النبي r قال : "لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " .[215]
والخوض في الكلام سبب الهلاك وقد مرّ قوله r : "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" [ انظر الحديث رقم : 12] ، والمعنى أن الكلام فيما لا يعني قد يكون سبباً لإحباط العمل والحرمان من الجنة. فعلى المسلم إذا أراد أن يتكلم أن يفكر قبل أن يتكلم: فإن كان خيراً تكلم به، وإن كان شراً أمسك عنه، لأنه محاسب عن كل كلمة يلفظ بها. قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[216]. وقال رسول الله r : " كل كلام ابن آدم عليه لا له .... "[217] وقال : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ، ما يلقي لها بالاً ، يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ، لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم " . رواه الإمام أحمد [218]
ومن آداب الكلام :
الإمساك عن الكلام المحرَّم في أي حال من الأحوال. وعن اللغو و هو الكلام الباطل، كالغيبة والنميمة والطعن في أعراض الناس ونحو ذلك.
عدم الإكثار من الكلام المباح ، لأنه قد يجر إلى المحرم أو المكروه ، قال رسول الله r : " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوةٌ للقلب ، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي " رواه الترمذي[219].
استشكال : (( قال الحافظ رحمه الله : استشكل التخيير الذي في قوله : ( فليقل خيراً أو ليصمت ) لأن المباح إذا كان في أحد الشقين لزم أن يكون مأموراً به فيكون واجباً أو منهياً فيكون حراماً .
والجواب عن ذلك : أنَّ صيغة ( افعل ) في قوله : ( فليقل ) وفي قوله : ( ليصمت ) لمطلق الإذن الذي هو أعمُّ من المباح وغيره ، نعم يلزم من ذلك أن يكون المباح حسناً لدخوله في الخير ))[220] .
العناية بالجار والوصاية به :
ومن كمال الإيمان وصدق الإسلام الإحسان إلى الجار والبرُّ به والكفُّ عن أذاه ، فالإحسان إلى الجار وإكرامه أمر مطلوب شرعاً، بل لقد وصلت العناية بالجار في الإسلام، إلى درجة لم يعهد لها مثيل في تاريخ العلاقات الاجتماعية، قال رسول الله r: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". رواه البخاري.[221]
إن إيذاء الجار خلل في الإيمان يسبب الهلاك : وهو محرم في الإسلام ، ومن الكبائر التي يعظم إثمها ويشتد عقابها عند الله عز وجل .
عن النبي r قال : " والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من لا يأمن جاره بوائقه" رواه البخاري[222]، أي : لا يَسْلَم من شروره وأذاه .
والمراد بقوله : "لا يؤمن"، أي الإيمان الكامل المنجي عند الله عز وجل .
(( مراتب الجيران : 1 ـ الجار المسلم ذو الرحم : فهذا له حق الجوار والإسلام والقرابة .
2 ـ الجار المسلم : فهذا له حق الجوار والإسلام . 3 ـ الجار الغير مسلم : وهذا له حق الجوار ، وذلك لعموم النصوص كما حمل ابن عمر الجار على عمومه ، بحيث يشمل المسلم وغيره ، ولذلك لما ذبح شاة أمر أن يُهدي منها لجاره اليهودي ، وكما هو واضح في قصة رسول الله r مع جاره اليهودي ))[223] .
من وسائل الإحسان إلى الجار: 1 ـ مواساته عند حاجته، روى الحاكم عن النبي r : "ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم".
2 ـ مساعدته وتحصيل النفع له، وإن كان في ذلك تنازل عن حق لا يضر التنازل عنه.
3 ـ الإهداء له، ولا سيما في المناسبات.
حدود الجار : ( قال النووي رحمه الله : الجار يقع على أربعة : 1 ـ الساكن معك في البيت . 2 ـ ويقع على من لاصق لبيتك . 3 ـ ويقع على أربعين داراً من كل جانب .
4 ـ ويقع على من يسكن معك في البلد . )[224] .
[ آثار إيذاء الجار :
أولاً : أن إيذاء الجار ليس من الإيمان ، لحديث أبي شُرَيْحٍ أَنَّ النبي r قال : " والله لا يُؤْمِنُ والله لا يُؤْمِنُ والله لا يُؤْمِنُ " ، قِيلَ : وَمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال : " الذي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه " [225].
ثانياً : أن عدم إيذاء الجار من الإيمان ، قال e : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ) . متفق عليه [226]
ثالثاً : أن أذى الجار سبب في دخول النار ، عن أبي هريرة t قال : ( قال رجل : يا رسول الله إنَّ فلانة يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، قال : هي في النار ، قال : يا رسول الله فإنَّ فلانة يُذكر من قِلَّةِ صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تَصَدَّقُ بالأتوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها ؛ قال : هي في الجنة ) رواه أحمد[227] ] [228].
إكرام الضيف من الإيمان ومن مظاهر حسن الإسلام :
يبين لنا رسول الله r في الحديث : أن من التزم شرائع الإسلام، وسلك مسلك المؤمنين الأخيار، لزمه إكرام من نزل عنده من الضيوف والإحسان إليهم، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه".
[ هل الضيافة حق واجب أم إحسان مستحب ؟
ذهب الليث إلى أنها واجبة مطلقاً ، قال النووي : ” واحتج بحديث : ( ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم )[229] وبحديث عقبة بن عامر قال : قال رسول الله e : ( إن نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا فَإِنْ لم يَفْعَلُوا فَخُذُوا منهم حَقَّ الضَّيْفِ ) “ . رواه البخاري[230] ][231]، وذهب أحمد إلى أنها واجبة يوماً وليلة ، لقوله e : ( من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ ،قالوا : وما جَائِزَتُهُ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال : يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ وَالضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فما كان وَرَاءَ ذلك فَهُوَ صَدَقَةٌ عليه ، وقال : من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ ) . رواه مسلم [232]
قال ابن حجر : ” وخصه أحمد بأهل البوادي دون القرى “[233] ، قال النووي : ” وقد جاء في حديث : ( الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر ) لكنَّ هذا الحديث عند أهل المعرفة موضوع“ وقال : ” ولأنَّ المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواضع النزول “[234]، والجمهور على أن الضيافة مستحبة وسنة مؤكدة ، ومن باب مَكَارِمِ الأخلاق ، وليست بواجبة ،[235] [ قال النووي :” وهو قول عامة الفقهاء“.[236]
وقال ابن حجر : ” وقال الجمهور الضيافة سنة مؤكدة “ .[237]
وأجاب الجمهور عن حديث عقبة السابق بأمور :[238]
1 ـ أنه محمول على المضطرين فإن ضيافتهم واجبة .
2ـ أن ا لمراد أن لكم أن تأخذوا من أعراضهم بألسنتكم وتذكروا للناس لؤمهم وبخلهم والعيب عليهم وذمهم .
3 ـ أن ذلك كان في أول الإسلام إذ كانت المواساة واجبة فلما اتسع الإسلام نُسِخَ ذلك ، قال النووي رحمه الله : ( هكذا حكاه القاضي وهو تأويل ضعيف أو باطل لأن هذا الذي ادعاهُ قَائِلُهُ لا يُعْرَفُ ) .
4ـ أنه محمول على من مَرَّ بأهل الذمة الذين شُرِطَ عليهم ضيافةُ من يَمُرُّ بهم من المسلمين ، قال النووي : ( وهذا أيضاً ضعيف ) .
5 ـ أن هذا خاص بالعمال المبعوثين لمقتضى الصدقات من جهة الإمام .
والراجح أنها واجبة ، لأمر النبي e : ( فليكرم ... ) .[239]] [240]. ومن أدب الضيافة وكرمها البِشْر والبشاشة في وجه الضيف، وطيب الحديث معه، والمبادرة بإحضار ما تيسر عنده من طعام وشراب، وأما الضيف فمن أدبه أن لا يضيق على مزوره ولا يزعجه، ومن التضييق أن يمكث عنده وهو يشعر أنه ليس عنده ما يضيفه به.
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ إن العمل بما عرفناه من مضمون هذا الحديث بالغ الأهمية، لأنه يحقق وحدة الكلمة، ويؤلف بين القلوب، ويذهب الضغائن والأحقاد، وذلك أن الناس جميعاً يجاور بعضهم بعضاً، وغالبهم ضيف أو مضيف، فإن أكرم كل جار جاره، وكل مضيف ضيفه، صلح المجتمع، واستقام أمر الناس، وسادت الأُلفة والمحبة، ولا سيما إذا التزم الكل أدب الحديث، فقال حسناً أو سكت.
2 ـ في الحديث بيان سمات الإيمان وكلها واجبة ، وهي : أ ـ التحدث بالخير أو الصمت ، ومنه أنَّ أشد شيء يُحفظ هو اللسان .
ب ـ إكرام الجار وعدم أذيته . ج ـ إكرام الضيف[241] . 3 ـ أهمية التفكر قبل التكلم[242] .
4 ـ يستحسن النطق في موضعه كما يستحسن السكوت في وقته[243] .
5 ـ لا يجوز السكوت عن الحق[244] ، قال النووي رحمه الله : ونُقِل عن أبي القاسم القشيري رحمه الله قال : سمعت أبا علي الدقاق يقول :من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس ، وكذا نقله في حلية العلماء عن غير واحد .[245]
6 ـ عدم التكلم فيما لا يعني[246] .
7 ـ [ ينبغي على العبد مراقبة لسانه ، فإنه كما قال e : ( ... وهل يَكُبُّ الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم )[247] ، قال ابن عباس : ” رحم الله عبداً قال خيراً فَغَنِمَ ، أو سَكَتَ عن شَرٍّ فَسَلِمَ “[248] ].[249]
8 ـ الاهتمام بشؤون الجار[250] ، وتحريم إلحاق الأذى به .
9 ـ إكرام الجار غير المسلم[251] .
10 ـ الكلام الطيب مع الضيف والبشر في وجهه والاجتهاد في خدمته[252] .
11 ـ أنه يصح نفي الإيمان لانتفاء كماله لقوله r : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر " .
ونفي الإيمان ينقسم إلى قسمين :
أ ـ نفي مطلق : وهو الذي يكون الإنسان به كافراً كفراً مخرجاً عن الملَّة .
ب ـ مطلق نفي : وهو الذي يكون به الإنسان كافراً في هذه الخصلة التي فرَّط فيها ، لكنه معه أصل الإيمان ـ أي كفراً أصغر ـ ، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة ؛ أن الإنسان قد يجتمع فيه خصال الإيمان وخصال الكفر[253] .
12 ـ فيه الحث على حسن معاشرة الآخرين[254] .
الحديث السادس عشر:
لا تَغْضَبْ وَلَكَ الجَنَّة[255]
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-آثار الغضب 2-دفع الغضب ومعالجته 3- فائدة) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[256] أنَّ رَجُلاً قال لِلنَّبِّي r: أَوصِني، قالَ: "لا تَغْضَب"، فَرَدَّدَ مِرَاراً، قال: "لا تَغْضَب". رواه البخاري[257] .
أهمية الحديث : هذا الحديث من جوامع كلمه r لأنه جمع بين خيري الدنيا والآخرة[258] .
مفردات الحديث:
رجلاً : قيل : هو أبو الدرداء t ، وقيل : جاريةُ بن قُدَامة t[259] . أوصني : دلني على عمل ينفعني ، والوصية : هي الدلالة على الخير .
لا تغضب : اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لما يجلبه.، ولا تغضب إذا أتت دواعي الغضب .[260]
فردد مراراً : كرر طلبه للوصية أكثر من مرة[261].
المعنى العام :
المسلم إنسان يتصف بمكارم الأخلاق ، يتجمل بالحلم والحياء ، ويَلْبَس ثوب التواضع والتودد إلى الناس ، وتظهر عليه ملامح الرجولة ، من الاحتمال وكف الأذى عن الناس ، والعفو عند المقدرة ، والصبر على الشدائد ، وكظم الغيظ إذا اعْتُدِيَ عليه أو أُثير ، وطلاقة الوجه والبشر في كل حال من الأحوال .
وهذا ما وَجَّه إليه رسول الله r ذلك الصحابيَّ المستنصِحَ ، عندما طلب منه أن يوصيه بما يبلغه المقصود ويحقق له المطلوب بتلك العبارة الموجزة ، الجامعة لكل خير ، المانعة لكل شر : " لا تغضب " .
أي تخلق بالأخلاق الرفيعة، أخلاق النبوة، أخلاق القرآن، أخلاق الإيمان، فإنك إذا تخلقت بها وصارت لك عادة، وأصبحت فيك طبعاً وسجية، اندفع عنك الغضب حين وجود أسبابه، وعرفت طريقك إلى مرضاة الله عز وجل وجنته .
يُروى أن عيسى عليه السلام قال ليحيى بن زكريا عليه السلام : ( إني معلمك علماً نافعاً : لا تغضب ، فقال : وكيف لي أن لا أغضب ؟ قال : إذا قِيلَ لك ما فيك ، فقل : ذَنْبٌ ذُكِّرْتَهُ اِستغفرِ الله منه ، وإن قِيلَ لك ما ليس فيك ، فاحمد الله إذ لم يجعل فيك ما عُيِّرْتَ به وهي حسنةٌ سِيقَتْ إليك )[262] .
الحلم وضبط النفس سبيل الفوز والرضوان : إذا غلب الطبع البشري، وثارت فيك قوى الشر، أيها المسلم الباحث عن النجاة، فإياك أن تعطي نفسك هواها، وتدع الغضب يتمكن منك فيكون الآمر والناهي لك، فترتكب ما نهاك الله عنه، بل جاهد نفسك على ترك مقتضى الغضب، وتذكر خُلُق المسلم التقي والمؤمن النقي، الذي وصفك الله تعالى به بقوله : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[263].
إذا لم يغضب المرء فقد ترك الشر كله ، ومن ترك الشر كله ، فقد حصل الخير كله .
الغضب ضعف والحلم قوة : سرعة الغضب والانقياد له عنوان ضعف الإنسان ، ولو ملك السواعد القوية ، والجسم الصحيح .
روى البخاري ومسلم : عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : " ليس الشديد بالصُّرَعَة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " [264]، والصرعة هو الذي يَغْلِبُ الرِّجالَ ولا يَغْلِبُهُ الرِّجالُ .
آثار الغضب : الغضب خُلُقٌ مذموم وطبع سيء وسلاح فتاك، إذا استسلم له الإنسان وقع صريع آثاره السيئة، التي تضر بالفرد نفسه أولاً، وبالمجتمع ثانياً.
أما أضراره بالنفس ، فهي: جسمية مادية، وخلقية معنوية، وروحية دينية. وأما أضراره بالمجتمع : فهو يولد الحقد في القلوب، وإضمار السوء للناس، وهذا ربما أدى إلى إيذاء المسلمين وهجرهم.
دفع الغضب ومعالجته : أسباب الغضب كثيرة ومتنوعة، منها: الكبر والتعالي والتفاخر على الناس، والهزء والسخرية بالآخرين، وكثرة المزاح ولا سيما في غير حق، والجدل والتدخل فيما لا يعني.
وأما معالجة الغضب، فيكون بأمور كثيرة أرشدنا إليها الإسلام، منها:
1 ـ أن يروض نفسه ويدرِّبَها على التحلي بمكارم الأخلاق، كالحلم والصبر والتأني في التصرف والحكم.
2 ـ أن يضبط نفسه إذا أُغضب ويتذكر عاقبة الغضب وما يترتب عليه من المفاسد ، وفضل كظم الغيظ والعفو عن المسيء : {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[265].
روى أحمد عن النبي r : " وما من جرعة أحب إليَّ من جرعة غيظ يكظمها عبدٌ ، ما كظمها عبدٌ لله إلا ملأَ اللهُ جوفَهُ إيماناً " .[266]
3 ـ الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى : {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[267].
روى البخاري ومسلم : عن سليمان بن صرد قال : استبَّ رجلان عند النبي r، وأحدُهما يسبُّ صاحبَه مُغضباً قد احمَرَّ وجهُه، فقال النبي r: "إني لأعلمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يجد، لو قال: أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم".[268]
4 ـ تغيير الحالة التي هو عليها حال الغضب، فقد روى أحمد وأبو داود عن أبي ذر الغفاري t قال : قال لنا رسول الله r : "ذا غضبَ أحدُكم وهو قائم فليجلسْ ، فإن ذهبَ عنه الغضب ، وإلا فليضطجعْ " رواه أبو داود[269].
5 ـ ترك الكلام ، لأنه ربما تكلم بكلام قوبل عليه بما يزيد من غضبه ، أو تكلم بكلام يندم عليه بعد زوال غضبه ، وروى أحمد : " وإذا غضب أحدُكم فليسكتْ ". [270]
6 ـ الوضوء أو الاغتسال ، وذلك أن الغضب يُثير حرارة في الجسم ، والماء يبرده فيعود إلى طبعه ، روى أبو داود : أنه r قال : " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خُلق من النار ؛ وإنما تُطْفَأُ النارُ بالماءِ ؛ فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " .[271]
7 ـ أن يتذكر عظمة الله تعالى عليه وحلم الله تعالى على عباده[272] . 8 ـ مفارقة مكان المشكلة . 9 ـ [ من كتم غضبه فله الجنة .
فقد جاء في رواية عند الطبراني لهذا الحديث ( ... لا تغضب ولك الجنة )[273] ][274]. 10 ـ [ معرفة فضل من كتم غيظه .
قال تعالى : { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين }[275] .
وقال e : ( ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه .[276]
وقالe:( ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى)رواه الإمام أحمد[277]][278]
[ نماذج من كتم الغيظ وعدم الغضب :
1 ـ حكي أن جارية تصب الماء لعلي بن الحسين ، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه ، أي جرحه ، فرفع رأسه إليها ، فقالت له : إن الله يقول : { والكاظمين الغيظ } فقال لها : قد كظمت غيظي ، قالت : {والعافين عن الناس } قال لها : قد عفوت عنك ، قالت : { والله يحب المحسنين } ، قال : اذهبي فأنت حرة لوجه الله .[279]
2 - روي أن رجلاً قال لعمر t : إنك لا تقضي بالعدل ، ولا تعطي الحق . فغضب واحمر وجهه ، قيل له : يا أمير المؤمنين ، ألم تسمع أن الله يقول : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين }[280] وهذا جاهل ، فقال : صدقت ، فكأنما كان ناراً فأطفئت .[281]
3 - وحكي أن الفضيل بن غزوان كان إذا قيل له : إن فلاناً يقع في عرضك ، يقول : والله لأغيظن من أمره ، يعني : إبليس ، ثم يقول : اللهم إن كان صادقاً فاغفر لي ، وإن كان كاذباً فاغفر له .[282]][283].
الغضب لله تعالى : الغضب المذموم الذي يُطلب من المسلم أن يعالجه ويبتعد عن أسبابه ؛ هو ما كان انتقاماً للنفس، ولغير الله تعالى ونصرة دينه.
أما ما كان لله تعالى : بسبب التعدي على حرمات الدين، من تحدٍ لعقيدة، أو تهجم على خُلُق أو انتقاص لعبادة،فهو في هذه الحالة خلق محمود، وسلوك مطلوب.
وورد : أنه r كان لا يغضب لشيء ، فإذا انتُهكتْ حرمات الله عز وجل ، فحينئذ لا يقوم لغضبه شيء . رواه البخاري ومسلم.[284]
الغضبان مسؤول عن تصرفاته : إذا أتلف الإنسان، حال غضبه، شيئاً ذا قيمة لأحد، فإنه يضمن هذا المال ويغرم قيمته، وإذا قتل نفساً عمداً وعدواناً استحق القصاص، وإن تلفظ بالكفر حكم بردته عن الإسلام حتى يتوب. وإن حلف على شيء انعقد يمينه، وإن طلق وقع طلاقه.
فائدة : سئل النبي r الوصية فنوَّع الإجابة ، وهذا يُحمل على أمرين : أ ـ فيه مراعاة لحال السائل . ب ـ فيه تنويع لخصال الخير .
ما يستفاد من الحديث: 1 ـ حرص المسلم على النصيحة وتعرف وجوه الخير، والاستزادة من العلم النافع والموعظة الحسنة.
2 ـ كما أفاد الحث على الإقلال من القول، والإكثار من العمل، والتربية بالقدوة الحسنة. 3 ـ النهي ، والتحذير من الغضب ، فإنه جِماع الشر ، والتحرز منه جِماع الخير[285] .
4 ـ مراعاة حال المستفتي وإرشاده إلى ما يناسبه[286] .
الحديث السابع عشر :
عُمومُ الإِحْسَان
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-الإحسان في القتل 2-النهي عن التحريق بالنار 3-الإحسان في ذبح البهائم ) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ t عن رسولِ اللهِ r قال: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ على كل شَيْءٍ فإذا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وإذا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " . رواه مسلم.[287]
ترجمة الراوي :
هو أبو يعلى شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر t ، وهو ابن أخي حسان بن ثابت الأنصاري الخزرجي t [288] ، كان جامعاً بين العلم والحكمة ، وإذا دخل الفراش يتقلب عليه ولا يأتيه النوم فيقول : اللهم إنَّ النار قد أسهرتني وأذهبت عني النوم ، ثمَّ يقوم فيصلي حتى يُصبح ، ثمَّ إنَّ شداد سكن بيت المقدس ووُلد به وتُوفي فيه سنة ( 58 هـ ) عن ( 75 ) سنة ، رُوي له ( 50 ) حديثاً[289] .
أهمية الحديث : هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين الهامة ، ويتضمن إتقان جميع تعاليم الإسلام ، لأن الإحسان في الفعل يكون بإيقاعه كما طلب الشرع .
مفردات الحديث:
كتب : طلب و أوجب . الإحسان : مصدر أحسن إذا أتى بالحَسَن، ويكون بإتقان العمل. على كل شيء : يُحتمل معنيان : أ ـ أن تكون الكتابة قدرية . ب ـ أن تكون الكتابة شرعية ، وتكون ( على ) بمعنى ( في ) ، والاحتمال الثاني أظهر . القِتلة : بكسر القاف، طريقة القتل.
ليحد : يقال أَحَدَّ السكين، وحَدَّها، واستحدَّها بمعنى واحد . شفرته : السكين وما يذبح بها، وشفرتُها: حَدُّها.
المعنى العام :
ينص الحديث على وجوب الإحسان، وهو الإحكام والإكمال والتحسين في الأعمال المشروعة، وقد أمر الله به في كتابه العزيز فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}[290] وقال سبحانه: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[291]. وهو مطلوب عند الإتيان بالفرائض ، وفي ترك المحرمات ، وفي معاملة الخلق ، والإحسان فيها أن يأتي بها على غاية كمالها ، ويحافظ على آدابها المصححة والمتممة لها ، فإذا فعل قُبل عمله وكَثُر ثوابه .
[ فضائل الإحسان :
أولاً : أن من أحسن إلى الناس أحسن الله إليه، قال تعالى : {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}[292].
ثانياً : لهم في الدنيا حسنة ، قال تعالى :{للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة }[293] .
ثالثاً : رحمة الله قريبة من المحسنين ، قال تعالى :{إن رحمت الله قريب من المحسنين }[294].
رابعاً : لهم الجنة ونعيمها ، قال تعالى : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة }[295].
خامساً : تبشير المحسنين ، قال تعالى : {وبشر المحسنين }[296] .
سادساً : أن الله معهم ، قال تعالى : {وإن الله لمع المحسنين }[297].
سابعاً : إن الله يحب المحسنين ، قال تعالى : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين }[298] .
ثامناً : إن الله لا يضيع أجر المحسنين ، قال تعالى : {إن الله لا يضيع أجر المحسنين }[299] .
تاسعاً : الإحسان سبب في دخول الجنة ، قال تعالى : {آخذين ما أتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين }[300].
عاشراً : الكافر إذا رأى العذاب تمنى أن لو أحسن في الدنيا ، قال تعالى : {أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكــون من المحسنين}[301] .] [302]. الإحسان في القتل: وهو تحسين هيئة القتل بآلة حادة، ويكون بالإسراع في قتل النفوس التي يُباح قتلها على أسهل الوجوه، والقتل المباح إما أن يكون في الجهاد المشروع ، وإما أن يكون قِصاصاً أو حَدّاً من حدود الله تعالى، وقد نهى النبي r عن المُثْلَةِ ، وهي قطع أجزاء من الجسد، سواء أكان ذلك قبل الموت أم بعده ، ففي صحيح البخاري أن النبي r : " نهى عن المُثْلة "[303] .
ولئن جاز للمسلمين أن يستخدموا الأسلحة النارية والمدفعية المدمرة من قبيل المعاملة بالمثل {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[304] ، فإنه لا يجوز لهم بحال من الأحوال أن يتجهوا في قتالهم بها إلى التعذيب والتشويه ، فالإسلام يرفض هذا المسلك المتوحش ، ويبقى منطلقه هو الإحسان إلى كل شيء، وخاصة الإنسان .
وأما القتل قصاصاً: فلا يجوز التمثيل بالمُقتص منه، بل يُقتل بالسيف، فإن كان القاتل المتعمد قد مَثـَّلَ بالمقتول، فقد ذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه إلى أنه يُقتل كما قَتَلَ ، وذهب أبو حنيفة وأحمد - في رواية عنه - إلى أنه لا يقتل إلا بالسيف .
وأما القتل حداً للكفر ، فأكثرُ العلماء على كراهة المثلة فيه أيضاً، سواء كان لكفر أصليٍّ أم لردة عن الإسلام.
ورجم الزاني المحصن مستثنى من الحديث ، أو يُقال : المراد بقوله r : " فأحسنوا القِتْلَةَ " موافقة الشرع ، وقتله بالرجم موافق للشرع . النهي عن التحريق بالنار: ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله r أَذِنَ بالتحريق بالنار ثم نهى عنه ، وروى البخاري عن ابن عباس أن النبي r قال : " لا تُعَذِّبُوا بعذابِ الله عز وجل " .[305]
وهذا يدل على أن تعاليم النبي الكريم تقدمت وسبقت ما اتفقت عليه الدول من منع القنابل المحرقة ، علماً بأن الدول الكبيرة والقوية لم تلتزم بهذا المنع، بل بقي حبراً على ورق . والنهي عن التحريق في الإسلام يشمل الحيوانات والهوام، ففي المسند عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال : " كنا مع النبي r فَمَرَرْنَا بِقَرْيَةِ نَمْلٍ فَأُحْرِقَتْ فقال النبي r : لاَ ينبغي لِبَشَرٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ عز وجل " .[306]
النهي عن صبر البهائم: وهو أن تُحبس البهيمة ثم تضرب بالنبل ونحوه حتى تموت. النهي عن اتخاذ شيء فيه الروح غرضاً: والغرضُ هو الذي يُرمى فيه بالسهام. أي يتخذونها هدفاً. الإحسان في ذبح البهائم: وفي الإسلام آداب يلتزم بها المسلم عند الذبح وهي بمجموعها تجسيد عملي للإحسان والرفق، فمن ذلك أن يحدَّ الشفرة ، ليكون الذبح بآلة حادة تريح الذبيحة بتعجيل زهوق روحها، ولا يحد السكين قبالتها ، ومن الآداب الرفق بالذبيحة، فتساق إلى الذبح سوقاً رفيقاً، وتواري السكين عنها، ولا يُظهرْ السكين إلا عند الذبح ، وأن يعرض عليها الماء قبل الذبح ، ولا يذبح اللبون ولا ذات الولد حتى يستغني عن اللبن ، ولا يقطع منها شيئاً حتى تموت ، كما يستحب أن لا يذبح ذبيحة بحضرة أخرى، ويوجه الذبيحة إلى القبلة، ويسمي عند الذبح، ويتركها إلى أن تبرد، ويستحضر نية القُرْبةَ، ويعترف لله تعالى بالمِنّة في ذلك، لأنه سبحانه سَخَّرَ لنا هذه البهائم وأنعم بها علينا.
ومن الإحسان لها أن لا تُحَمَّل فوق طاقتها، ولا تركب واقفة إلا لحاجة، ولا يُحلب منها إلا ما لا يضرُّ بولدها ، وأن لا يستقصي في الحلب ويقلم أظفاره عند الحلب[307] .
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ الرفق بالحيوان[308] . 2 ـ والحديث بعد هذا كله قاعدة من قواعد الإسلام الهامة، لأنه دعوة كريمة من النبي r إلى الإحسان في كل عمل.
3 ـ [ من أجل أنواع الإحسان : الإحسان إلى من أساء إليك بقول أو فعل .
قال تعالى : ] ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم [ [309].][310]
4 ـ النهي عن المثلة بالإنسان بعد قتله .[311]
5 ـ حسن التعامل مع المخلوقات .[312]
[1] ـ صحيح البخاري ج6/ص2658 حديث رقم : 6858 بلفظ : " دَعُونِي ما تَرَكْتُكُمْ إنما أهلك من كان قَبْلَكُمْ سؤالهم وَاخْتِلافِهِمْ على أَنْبِيَائِهِمْ فإذا نَهَيْتُكُمْ عن شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وإذا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ " ، وصحيح مسلم ج4/ص1830 حديث رقم : 1337 .
[2] ـ سنن ابن ماجه ج2/ص817 حديث رقم : 2445 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 5 / ص 445) : ضعيف .
[3] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[4] ـ صحيح مسلم ج2/ص975 حديث رقم : 1337 .
[5] ـ كما في سنن ابن ماجه ج2/ص963 حديث رقم : 2886 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 6 / ص 386) : صحيح .
[6] ـ انظر : مسند أحمد بن حنبل ج1/ص255 حديث رقم : 2304 .
[7] ـ انظر : سنن الدارقطني ج2/ص279 حديث رقم : 197 ، وكذا حديث رقم : 201 .
[8] ـ انظر : المستدرك على الصحيحين ج1/ص643 حديث رقم : 1728 .
[9] ـ راجع : روح المعاني ج7/ص39 .
[10] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 44 .
[11] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 44 .
[12] ـ وذلك لأن الأوامر كثيرة ، وتقول القاعدة : ( لا واجب مع العجز ) .
[13] ـ كما هو مذهب الإمام النووي رحمه الله ، ومن العلماء من يرى أنه لا يتيمم للباقي لأنه عمل بقوله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } .
[14] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 106 .
[15] ـ شرح النووي على الأربعين .
[16] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 105 .
[17] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 105 بنحوه .
[18] ـ البقرة: 173 .
[19] ـ البقرة: 185 .
[20] ـ الحج: 78 .
[21] ـ صحيح البخاري ج1/ص23 حديث رقم : 39 .
[22] ـ صحيح البخاري ج1/ص38 حديث رقم : 69 .
[23] ـ سنن الترمذي ج4:ص551 باب من اتقى المحارم فهو أعبد الناس حديث رقم : 2305 ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( ج 3 / ص 4 ) حديث رقم : 930 .
ونص الحديث : عن أبي هُرَيْرَةَ t قال : قال رسول اللَّهِ r : " من يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أو يُعَلِّمُ من يَعْمَلُ بِهِنَّ " ؟ فقال أبو هُرَيْرَةَ t فقلت : أنا يا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا ؛ وقال : " اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ الناس ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ الله لك تَكُنْ أَغْنَى الناس ، وَأَحْسِنْ إلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا ، ولا تُكْثِرْ الضَّحِكَ فإن كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ " .
[24] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص96 ، ورواه أبو يعلى مرفوعاً ، انظر : مسند أبي يعلى ج8/ص361 حديث رقم :4950.
[25] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص97 .
[26] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص96 .
[27] ـ صحيح البخاري ج5/ص2375 حديث رقم : 6108 .
[28] ـ النحل : 43 .
[29] ـ شعب الإيمان ج2/ص254 حديث رقم : 1665 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 1 / ص 296) : صحيح .
[30] ـ التوبة : 122 .
[31] ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم يسألون رسول الله r استهزاءً ، فيقول الرجل : من أبي ؟ ويقول الرجل تضِلُّ ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل الله هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم } . ( الفتح 17 / 23 ، 24 ) .
[32] ـ سنن أبي داود ج3:ص321 حديث رقم : 3656 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 8 / ص 156) : ضعيف .
[33] ـ انظر : عون المعبود ج10/ص64 وفيه أيضاً : ( نهى عن الغَلوطات ) بفتح الغين ، قال في النهاية : وفي رواية : ( الأغلوطات ) ؛ قال الهروي : الغلوطات تركت منها الهمزة كما تقول جاء الأحمر وجاء الحمر بطرح الهمزة وقد غلط من قال : إنها جمع غلوطة ، وقال الخطابي : يُقال : مسألة غلوط إذا كان يغلط فيها ؛ كما يُقال : شاة حلوب وفرس ركوب ، فإذا جعلتها اسماً زدت فيها الهاء ؛ فقلت : غلوطة ؛ كما يُقال : حلوبة وركوبة .
وفي ص65 قال : فأما ( الأغلوطات ) فهي جمع أغلوطة أفعولة من الغلط كالأحدوثة والأعجوبة . انتهى .
قال الخطابي : قال الأوزاعي : وهي شرار المسائل ، والمعنى أنه نهى أن يُعتَرَضَ العلماءُ بِصِعَابِ المسائِلِ التي يكثر فيها الغلط لِيُسْتَزَلوا بها ويَسْقُطَ رأيُهم فيها . انتهى .
قال المنذري : في إسناده عبد الله بن سعد ، قال أبو حاتم الرازي : مجهول .
[34] ـ ولهذا قال r : ( وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) . ( شرح النووي على الأربعين ) .
[35] ـ صحيح البخاري ج6:ص2658 حديث رقم : 6859 .
[36] ـ قال النووي رحمه الله : وهذا النهي خاص بزمانه r ، أما بعد أن استقرت الشريعة وأُمن من الزيادة ، زال النهي بزوال سببه .( قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 107 ) .
[37] ـ الأنبياء: 92 .
[38] ـ آل عمران: 105 .
[39] ـ الأنعام: 159 .
[40] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[41] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[42] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[43] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 45 .
[44] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[45] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[46] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 32 .
[47] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 32 .
[48] ـ النحل: 43 .
[49] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 46 .
[50] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[51] ـ المؤمنون: 51 .
[52] ـ البقرة: 172 .
[53] ـ صحيح مسلم ج2/ص703 حديث رقم : 1015 .
[54] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 33 .
[55] ـ فاطر: 10 .
[56] ـ المؤمنون : 51 .
[57] ـ البقرة : 57 .
[58] ـ سنن أبي داود ج2:ص89 حديث رقم : 1536 واللفظ له ، و سنن الترمذي ج4:ص314 حديث رقم : 1905 ، و سنن ابن ماجه ج2/ص1270 حديث رقم : 3862 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 4 / ص 36) : حسن .
[59] ـ صحيح مسلم ج4:ص2024 حديث رقم : 2622 ؛ باب فضل الضعفاء والخاملين .
[60] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري/49،50 بتصرف يسير .
[61] ـ سنن الترمذي ج5:ص556 حديث رقم : 3556 ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 8 / ص 56) حديث رقم : 3556 : صحيح .
[62] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 34 .
[63] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[64] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[65] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 49 .
[66] ـ المؤمنون : 51 .
[67] ـ البقرة : 172 .
[68] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[69] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[70] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[71] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[72] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[73] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[74] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 36 بنحوه .
[75] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 49 بنحوه.
[76] ـ البقرة : 172 .
[77] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[78] ـ البقرة : 255 .
[79] ـ سبأ : 23 .
[80] ـ النحل : 50 .
[81] ـ الأنعام : 18 .
[82] ـ فاطر : 10 .
[83] ـ الحجر : 9 .
[84] ـ مسند أبي يعلى ج2:ص391 حديث رقم : 1163 ، قال الشيخ حسين أسد : إسناده صحيح .
[85] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[86] ـ شبَّهه لسروره وفرحه به وإقبال نفسه عليه بريحانٍ طيب الرائحة ، تهش إليه النفس وترتاح له . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 51 ) .
[87] ـ سنن الترمذي ج4/ص668 حديث رقم : 2518 ، وسنن النسائي (المجتبى) ج8 : ص327 حديث رقم : 5711 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 6 / ص 18) : صحيح .
[88] ـ سنن الترمذي ج4/ص668 حديث رقم : 2518 ، وسنن البيهقي الكبرى ج5:ص335 حديث رقم : 10601 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 6 / ص 18) : صحيح .
[89] ـ صحيح ابن حبان ج2:ص498 حديث رقم : 722 ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، قال الذهبي في التلخيص : صحيح .
[90] ـ المستدرك على الصحيحين ج2:ص15 حديث رقم : 2169 .
[91] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[92] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[93] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 51 .
[94] ـ صحيح البخاري ج3:ص1371 حديث رقم : 3543 ، و ج5:ص2234 حديث رقم : 5648 .
[95] ـ راجع : جامع العلوم والحِكم / 103 ، 104 .
[96] ـ صحيح البخاري ج1:ص28 ، حديث رقم : 52 ، باب فضل من استبرأ لدينه .
[97] ـ المستدرك على الصحيحين ج1:ص170 حديث رقم : 314 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (ج 1 / ص 16) : صحيح لغيره .
[98] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1410 حديث رقم : 4217 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 9 / ص 217) حديث رقم : 4217 : صحيح .
[99] ـ صحيح البخاري ج2:ص857 حديث رقم : 2299 ، وصحيح مسلم ج2/ص752 حديث رقم : 1071 بلفظ : ( عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ النبي r وَجَدَ تَمْرَةً فقال : " لَوْلا أَنْ تَكُونَ من الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا " ) .
[100] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[101] ـ الدر المنثور ج1/ص61 .
[102] ـ الورع لابن أبي الدنيا ج1/ص57 ، وجامع العلوم والحكم ج1/ص110 .
[103] ـ تبيين الحقائق ج4/ص96 ، و المبسوط للسرخسي ج10/ص172 .
[104] ـ الكبائر ج1/ص120 ، و إحياء علوم الدين ج2/ص95 .
[105] ـ فيض القدير ج3/ص529
[106] ـ كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج29/ص315 .
[107] ـ لسان الميزان ج1/ص378 ، و جامع العلوم والحكم ج1/ص96 .
[108] ـ صحيح البخاري ج1:ص21 حديث رقم : 33 .
[109] ـ المائدة : 119 .
[110] ـ صحيح البخاري ج5:ص2261 حديث رقم : 5743 ، وصحيح مسلم ج4/ص2012 حديث رقم : 2607 .
[111] ـ صحيح مسلم ج4:ص2013 حديث رقم : 2607 .
[112] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[113] ـ كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج20/ص74 .
[114] ـ الفوائد ج1/ص149 .
[115] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[116] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 51 بنحوه.
[117] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[118] ـ ترك الخلاف يكون من الورع في المسائل المعضلة الكبيرة التي يعجز المرء من الوصول للحق فيها. ( قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 121 ) .
[119] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[120] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 36 .
[121] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[122] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[123] ـ تقدمت ترجمته في الحديث التاسع .
[124] ـ ( من ) تبعيضية أو بيانية ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 53 ) .
[125] ـ سنن الترمذي ج4:ص558 حديث رقم : 2317 .
[126] ـ قال الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح - (ج 3 / ص 49) حديث رقم : 4839 : ( صحيح ) ... رواه مالك وأحمد .
[127] ـ قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 317) : صحيح .
[128] ـ جامع العلوم والحكم ص 105 .
[129] ـ كنز العمال ج15/ص390 حديث رقم : 43593 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف الجامع الصغير (ج 11 / ص 378) : ضعيف جداً .
[130] ـ شرح الزرقاني ج4/ص317 .
[131] ـ المستدرك على الصحيحين ج2:ص557 حديث رقم : 3892 ، سكت عنه الذهبي في التلخيص .
[132] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 123 ، 124 .
[133] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص114 .
[134] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص115 .
[135] ـ النساء : 114 .
[136] ـ حلية الأولياء ج2/ص168 ، و سير أعلام النبلاء ج4/ص234 .
[137] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[138] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[139] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 37 بنحوه .
[140] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 124 بنحوه .
[141] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 124 بنحوه .
[142] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[143] ـ قال ابن رجب رحمه الله : ” فمن عبد الله عن استحضار قربه ومشاهدته بقلبه أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه ، فقد حسن إسلامه ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام ، ويشتغل بما يعنيه فيه ، فإنه يتولد من هذين المقامين الاستحياء من الله ، وترك كل ما يستحيى منه “ [ جامع العلوم والحكم ص 209 ].
[144] ـ فيض القدير ج6/ص117 ، وانظر : إحياء علوم الدين ج3/ص114 .
[145] ـ شرح الزرقاني ج4/ص317 .
[146] ـ حلية الأولياء ج8/ص361 .
[147] ـ فيض القدير ج1/ص287 ، و الفواكه الدواني ج1/ص316 .
[148] ـ تفسير القرطبي ج14/ص60 ، و أحكام القرآن لابن العربي ج3/ص528 ، و التمهيد لابن عبد البر ج9/ص200 ، و شرح الزرقاني ج4/ص317 .
[149] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد بتصرف يسير .
[150] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[151] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[152] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[153] ـ صحيح البخاري ج1:ص14 حديث رقم : 13 ، و صحيح مسلم ج1:ص68 حديث رقم : 45 بلفظ : " وَالَّذِي نَفْسِي بيده لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتى يُحِبَّ لِجَارِهِ أو قال لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ " .
[154] ـ صحيح البخاري ج5/ص2333 حديث رقم : 5975 .
[155] ـ الإصابة في تمييز الصحابة ج1/ص127 .
[156] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[157] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[158] ـ يُفسر هذا النهي رواية أحمد بلفظ : ( لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يُحب للناس ما يحب لنفسه من الخير ) ، وكثيراً ما يأتي هذا النفي لانتفاء بعض واجبات الإيمان وإن بقي أصله . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 55 ) .
[159] ـ صحيح مسلم ج3/ص1472 حديث رقم : 1844 .
[160] ـ سنن الترمذي ج4:ص551 حديث رقم : 2305 ، قال الترمذي : حديث غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 305) : حسن .
[161] ـ النحل: 21 .
[162] ـ صحيح مسلم ج3:ص1457 حديث رقم : 1826 .
[163] ـ جامع العلوم والحكم ص 221 .
[164] ـ فتح المغيث ج2/ص368 ، و جامع العلوم والحكم ج1/ص123 .
[165] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص123 .
[166] ـ إحياء علوم الدين ج2/ص213 .
[167] ـ فيض القدير ج1/ص124 .
[168] ـ الفواكه الدواني ج2/ص292 .
[169] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 56 .
[170] ـ مسند أحمد بن حنبل ج4:ص70 حديث رقم : 16706 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث حسن ، وهذا إسناد ضعيف لضعف روح بن عطاء بن أبي ميمونة .
[171] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 38 بنحوه .
[172] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 128 بنحوه .
[173] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 38 بنحوه .
[174] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 128.
[175] ـ سبقت ترجمته في الحديث الرابع .
[176] ـ صحيح البخاري ج6:ص2521 حديث رقم : 6484 ، و صحيح مسلم ج3:ص1303 حديث رقم : 1676 بنحوه ، و سنن أبي داود ج4:ص126 حديث رقم : 4352 بنحوه ، و سنن الترمذي ج4:ص19 حديث رقم : 1402 .
[177] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[178] ـ الإسراء: 32 .
[179] ـ صحيح مسلم ج3/ص1321 حديث رقم : 1695 .
[180] ـ مسند الطيالسي ج1/ص73 حديث رقم : 540 ، وجامع العلوم والحكم ج1/ص124 .
[181] ـ المائدة: 45 .
[182] ـ البقرة: 179 .
[183] ـ سنن الترمذي ج4:ص19 حديث رقم : 1401 ، و سنن ابن ماجه ج2:ص888 حديث رقم : 2662 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 3 / ص 401) : حسن .
[184] ـ صحيح البخاري ج1:ص53 حديث رقم : 111 .
[185] ـ البقرة : 178 .
[186] ـ فقه السنة - (ج 2 / ص 529) في شروط وجوب القصاص .
[187] ـ فقه السنة 2 / 526 .
[188] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص888 حديث رقم : 2664 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 6 / ص 164) : ضعيف جداً .
[189] ـ قلت : أي لم يقتله قصاصاً بسبب قتله لعبده .
[190] ـ سنن البيهقي الكبرى ج8:ص36 حديث رقم : 15729 .
[191] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 132 ، 133 بتصرف يسير .
[192] ـ صحيح البخاري ج3:ص1098 حديث رقم : 2853 .
[193] ـ الروم: 31 .
[194] ـ التوبة : 11 .
[195] ـ صحيح مسلم ج1/ص88 حديث رقم : 82 .
[196] ـ رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وغيرهم ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب - (ج 2 / ص 311) : صحيح .
[197] ـ صحيح مسلم ج3/ص1480 حديث رقم : 1852 .
[198] ـ صحيح مسلم ج3/ص1480 حديث رقم : 1853 .
[199] ـ المائدة : 33 .
[200] ـ انظره في : تفسير القرطبي ج6/ص148 وما بعدها .
[201] ـ أي قالت لها : أنتِ حُرَّةٌ بعدَ موتي .
[202] ـ موطأ مالك ج2/ص871 حديث رقم : 1562 .
[203] ـ موطأ مالك 2 / 871 .
[204] ـ البقرة : 102 .
[205] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 134 ، 135 .
[206] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 40 .
[207] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 41 بنحوه .
[208] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 41 .
[209] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 41 .
[210] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[211] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[212] ـ صحيح البخاري ج5/ص2376 حديث رقم : 6110 بلفظ : " فَلا يؤذِ جارَهُ " ، وصحيح مسلم ج1/ص68 حديث رقم : 47 .
[213] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[214] ـ هذه اللام لام الأمر ، ويجوز سكونها وكسرها لكونها بعد الفاء .( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري/59 ) .
[215] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص198 حديث رقم : 13071 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف .
[216] ـ ق: 18 .
[217] ـ سنن الترمذي ج4:ص608 حديث رقم : 2412 ولفظه : " كُلُّ كَلامِ بن آدَمَ عليه لا له إلا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أو نهى عن مُنْكَرٍ أو ذِكْرُ اللَّهِ " ، و سنن ابن ماجه ج2:ص1315 حديث رقم : 3974 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 412) : ضعيف .
[218] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص334 حديث رقم : 8392 ،قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح.
[219] ـ سنن الترمذي ج4:ص607 حديث رقم : 2411 ، قال الترمذي : حسن غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 411) : ضعيف .
[220] ـ الفتح ، كتاب الأدب 13 / 149 .
[221] ـ صحيح البخاري ج5:ص2239 حديث رقم : 5669 .
[222] ـ صحيح البخاري ج5:ص2240 حديث رقم : 5670 .
[223] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 141.
[224] ـ شرح النووي على الأربعين .
[225] ـ صحيح البخاري ج5:ص2240 حديث رقم : 5670 .
[226] ـ سبق تخريجه .
[227] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص440 حديث رقم: 9673 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
[228] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[229] ـ المعجم الكبير ج20/ص263 حديث رقم : 621 ولفظه : ( عَنِ الْمِقْدَامِ أبي كَرِيمَةَ الشَّامِيِّ قال : قال رسول اللَّهِ r : " لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ على كل مُسْلِمٍ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عليه إن شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ " ) .
[230] ـ صحيح البخاري ج2/ص868 حديث رقم : 2329 .
[231] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[232] ـ صحيح مسلم ج3/ص1352 حديث رقم : 48 .
[233] ـ فتح الباري ج5/ص108 .
[234] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص19 .
[235] ـ فتح الباري ج5/ص108 .
[236] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص18 .
[237] ـ فتح الباري ج5/ص108 .
[238] ـ انظر : شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص32 .
[239] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص32 .
[240] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد بتصرف .
[241] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[242] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[243] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[244] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[245] ـ شرح النووي على الأربعين .
[246] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[247] ـ المعجم الأوسط ج7:ص283 حديث رقم : 7503 .
[248] ـ تفسير الثعالبي ج2/ص310 .
[249] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[250] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[251] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[252] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[253] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 43 .
[254] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 144.
[255] ـ حديث في مسند الشاميين ج1:ص36 .
[256] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[257] ـ صحيح البخاري ج5/ص2267 حديث رقم : 5765 .
[258] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[259] ـ والقول بأنه جارية بن قدامة ؛ عارضه يحيى القطان بأنَّ جارية المذكور تابعي لا صحابي . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 63 ) .
[260] ـ قال النووي رحمه الله : وليس النهي راجعاً إلى نفس الغضب ؛ لأنه من طباع البشر ولا يمكن للإنسان دفعه . ( شرح النووي على الأربعين ) ، قال الشيخ السعدي رحمه الله : قوله : ( لا تغضب ) يتضمن أمرين :
أحدهما : الأمر بفعل الأسباب والتمرن على حسن الخلق والحلم والصبر .
الثاني : الأمر ـ بعد الغضب ـ أن لا يُنفذ غضبه ، فإنَّ الغضب غالباً لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده ، ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه ، فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال المحرمة التي يقتضيها الغضب . اهـ ( بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (ج 1 / ص 229) .
[261] ـ في رواية عثمان بن أبي شيبة بيان عددها ، فإنها بلفظ : ( لا تغضب ثلاث مرَّات ) . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 64 ) .
[262] ـ شرح النووي على الأربعين ، وبنحوه في فضائح الباطنية ج1/ص220 و مداراة الناس ج1/ص54.
[263] ـ آل عمران: 133-134 .
[264] ـ صحيح البخاري ج5:ص2267 حديث رقم : 5763 ، و صحيح مسلم ج4:ص2014 حديث رقم : 2609 .
[265] ـ آل عمران: 134 .
[266] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1/ص327 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف .
[267] ـ الأعراف : 200 .
[268] ـ صحيح البخاري ج3:ص1195 حديث رقم : 3108 ، و صحيح مسلم ج4:ص2015 حديث رقم : 2610 بنحوه .
[269] ـ سنن أبي داود ج4:ص249 حديث : 4782 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 1 / ص 2) : صحيح .
وقال r : ( إياكم والغضب ، فإنه جمرة تتوقد في فؤاد ابن آدم ، ألم تر إلى أحدكم إذا غضب كيف تحمرُّ عيناه وتنتفخ أوداجه ، وإذا أحسَّ أحدكم بشيء من ذلك فليضجع أو ليلصق بالأرض ) رواه الطبراني بإسنادين أحدهما صحيح .، انظر : المشكاة للألباني : 5114 .
[270] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص239حديث رقم : 2136، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حسن لغيره , وهذا إسناد ضعيف ، و مسند الطيالسي ج1:ص340 حديث رقم : 2608 .
وعن ابن عباس t قال : قال e : ( علموا ويسروا ولا تعسروا ، وإذا غضبت فاسكت ، وإذا غضبت فاسكت ، وإذا غضبت فاسكت ) مسند أحمد بن حنبل ج1:ص283 حديث رقم : 2556 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حسن لغيره , وهذا إسناد ضعيف .
[271] ـ سنن أبي داود ج4:ص249 حديث رقم : 4784 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 1 / ص 2) : ضعيف .
[272] ـ شرح النووي على الأربعين .
[273] ـ مسند الشاميين ج1:ص36 حديث رقم : 21 قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب - (ج 3 / ص 29) حديث رقم : 2749 : صحيح لغيره .
[274] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد
[275] ـ آل عمران : 134 .
[276] ـ صحيح البخاري ج5:ص2267 حديث رقم : 5763 ، و صحيح مسلم ج4:ص2014 حديث رقم : 2609 .
[277] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص128 حديث رقم: 6114 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح.
[278] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[279] ـ شعب الإيمان ج6/ص317 للبيهقي .
[280] ـ الأعراف : 199 .
[281] ـ فيض القدير ج1/ص522 .
[282] ـ بنحوه في إحياء علوم الدين ج3/ص314 .
[283] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[284] ـ صحيح البخاري ج6/ص2491 حديث رقم : 6404 ولفظه : " عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : ما خُيِّرَ النبي r بين أَمْرَيْنِ إلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا ما لم يَأْثَمْ فإذا كان الإِثْمُ كان أَبْعَدَهُمَا منه ، والله ما انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ يُؤْتَى إليه قَطُّ حتى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ " . وصحيح مسلم ج4/ص1814 حديث رقم : 2328 ولفظه : " عن عَائِشَةَ قالت : ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ r شيئا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ ، وما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل " .
[285] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 64 .
[286] ـ شرح النووي على الأربعين بنحوه .
[287] ـ صحيح مسلم ج3/ص1548 حديث رقم : 1955 .
[288] ـ أسد الغابة .
[289] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[290] ـ النحل : 90 .
[291] ـ البقرة : 195 .
[292] ـ الرحمن : 60 .
[293] ـ النحل : 30 .
[294] ـ الأعراف : 56 .
[295] ـ يونس : 26 .
[296] ـ الحج : 37 .
[297] ـ العنكبوت : 69 .
[298] ـ البقرة : 195 .
[299] ـ التوبة : 120 .
[300] ـ الذاريات : 16 .
[301] ـ الزمر : 58 .
[302] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[303] ـ صحيح البخاري ج2:ص875 حديث رقم : 2342 .
[304] ـ البقرة: 194 .
[305] ـ صحيح البخاري ج3:ص1098 حديث رقم : 2854 .
[306] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص423 حديث رقم : 4018 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح , وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم .
[307] ـ شرح النووي على الأربعين بنحوه .
[308] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، قال e : ( والشاة إن رحمتها رحمك الله ) [ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص436 حديث رقم : 15630 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد بن مخراق : وهو المُزَنِي ، فقد روى له البخاري في " الأدب المفرد " وأبو داود ] .
[309] ـ فصلت : 34 ـ 35 .
[310] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[311] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[312] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
الأَخذُ باليَسير وَتَركُ التَعْسِير و الطاعة وعدم التعنت سبيل النجاة
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، سبب الورود ، مفردات الحديث ، المعنى العام : 1- الميسور لا يسقط بالمعسور 2-الضرورات تبيح المحظورات 3-المشقة تجلب التيسير 4-التشديد في اجتناب المنهيات 5-من أسباب هلاك الأمم 6-السؤال وحكمه 7-التحذير من الاختلاف والحثّ على الوحدة والاتفاق ، فوائد الحديث .
عن أبي هُرَيْرةَ عَبْدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ t قال : سمِعْتُ رسولَ اللهِ r يَقُولُ: " ما نَهَيْتُكُمْ عنه فَاجْتَنِبُوهُ وما أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ من قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ على أَنْبِيَائِهِمْ " رَواهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ واللفظ لمسلم .[1]
ترجمة الراوي : هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي t، قدم المدينة سنة سبع للهجرة والرسول r بخيبر ، فسار إليه وأسلم على يديه ولازمه ملازمة تامَّة رغبة في العلم ، فلذا كان أكثر الصحابة رواية ، رُوي عنه ( 5374) حديثاً ، يتحدث عن نفسه t فيقول : ( نَشَأْتُ يَتِيمًا وَهَاجَرْتُ مِسْكِينًا وَكُنْتُ أَجِيرًا لِابْنَةِ غَزْوَانَ بِطَعَامِ بَطْنِي وَعُقْبَةِ رِجْلِي أَحْطِبُ لهم إذا نَزَلُوا وَأَحْدُو لهم إذا رَكِبُوا فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الذي جَعَلَ الدِّينَ قِوَامًا وَجَعَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ إِمَامًا )[2] ، وقيل : إن عمر t استعمله على البحرين ثم عزله ثم راوده على العمل فأبى ونَابَ عن الإمارة ، ولم يزل يسكن المدينة حتى توفي t سنة ( 57 هـ) وقيل : ( 59 هـ) في آخر خلافة معاوية t وله من العمر ( 78) سنة ودُفن بالبقيع[3] .
أهمية الحديث : إن هذا الحديث ذو أهمية بالغة وفوائد جلية، تجعله جديراً بالحفظ والبحث ، وهو من قواعد الإسلام المهمة، ومن جوامع الكَلِم التي أعطيها r، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام. وهو حديث عظيم من قواعد الدين وأركان الإسلام، فينبغي حفظه والاعتناء به.
سبب الورود :
سبب ورود هذا الحديث ما رواه مسلم في صحيحه ، عن أبي هريرة t قال: خطبنا رسول الله r فقال : " أَيُّهَا الناس قد فَرَضَ الله عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَحُجُّوا فقال رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَسَكَتَ حتى قَالَهَا ثَلاثًا ؛ فقال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : لو قلتُ : نعم ؛ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ، ثُمَّ قال : ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ من كان قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ على أَنْبِيَائِهِمْ فإذا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ وإذا نَهَيْتُكُمْ عن شَيْءٍ فَدَعُوهُ ".[4] وورد[5] أن السائل هو الأقرع بن حابس t ، [ قال ابن الهمام : هو الأقرع بن حابس وصرح به أحمد[6] والدارقطني [7]والحاكم في حديث صحيح رووه على شرط الشيخين[8] ] [9].
مفردات الحديث:
نهيتكم عنه : طلبت منكم الكَفَّ عن فعله ، والنهي : المَنْع . وهذا يشمل المحرَّم والمكروه .
فاجتنبوه : أي اتركوه ، ( وباعدوا منه حتماً في المحرم ، وندباً في المكروه )[10] .
فافعلوا منه : وجوباً في الواجب ، وندباً في المندوب .[11]
ما استطعتم : ما قدرتم عليه وتيسر لكم فعله دون كبير مشقة[12].
أهلك : صار سبب الهلاك .
كثرة مسائلهم : أسئلتهم الكثيرة، لا سيما فيما لا حاجة إليه ولا ضرورة.
المعنى العام: [ الميسور لا يسقط بالمعسور : قوله r : ( فافعلوا منه ما استطعتم ) ، استنبط العلماء من قوله هذه القاعدة : ( الميسور لا يسقط بالمعسور ) ، ومعناها : أنَّ المكلف في بعض الأحيان يشق عليه فعل واجب من الواجبات ، ولكن يتيسر له فعل بعضه ، ففي هذه الحالة يجب عليه فعل المتيسر له منه ، كمن وجد ماءً لا يكفي لرفع الحدث ؛ فعليه في هذه الحالة استعماله في بعض أعضائه ويتيمم للباقي[13] ، وكذلك من قدر على تغيير جزء من منكر أو تخفيفه ففي هذه الحالة يجب عليه فعل ما تيسر له ، وكذلك من عجز عن بعض أركان وشروط الصلاة فعليه أن يأتي بما يستطيع منها ، ولا تسقط عنه الصلاة بسبب عجزه عن بعضها .
ولكن هذه القاعدة ليست على إطلاقها ، فلا بدَّ من مراعاة ضوابطها ، فمثلاً من زال عنه مرض منعه عن الصيام في نهار رمضان ؛ لا يجب عليه الإمساك لباقي اليوم ، لأن صيام بعض اليوم ليس بِقُرْبَةٍ في نفسه كما بَيَّنَ العلماء ][14]، قال النووي رحمه الله : وهذا بخلاف ما إذا وجد بعض الرقبة ، فإنه لا يجب عتقه عن الكفارة ؛ لأنَّ الكفارة لها بدل وهو الصوم[15] .
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه : لقد ورد النهي في كتاب الله تعالى وسنة رسول الله r لمعان عدة ، والمراد به هنا التحريم والكراهة :
ـ نهي التحريم : من أمثلة ذلك: النهي عن الزنا وشرب الخمر وأكل الربا والسرقة وقتل النفس بغير حق ، فمثل هذه المنهيات يجب اجتنابها دفعة واحدة، ولا يجوز للمُكَلَّف فعل شيء منها، إلا إذا ألجأته إلى ذلك ضرورة، بقيود وشروط بيّنها شرع الله تعالى المحكم.
- نهي الكراهة أو التنزيه : ومن أمثلة ذلك: النهي عن أكل البصل أو الثوم النِّيْئ، لمن أراد حضور صلاة الجمعة أو الجماعة ، ( ومثل الكلام بعد العِشاء )[16] ، فمثل هذه المنهيات يجوز فعلها، سواء دعت إلى ذلك ضرورة أم لا، وإن كان الأليق بحال المسلم التقي اجتنابها، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً[17].
الضرورات تبيح المحظورات: قد يقع المسلم في ظروف تضطره إلى فعل المحرم، وتلجئه إلى إتيان المحظور، وإن هو امتنع عن ذلك ألقى بنفسه إلى التهلكة. وهنا نجد شرع الله تعالى الحكيم، يخفف عن العباد، ويبيح لهم في هذه الحالة فعل ما كان محظوراً في الأحوال العادية، ويرفع عنهم المؤاخذة والإثم. قال الله تعالى : {فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[18] .
ومن أمثلة ذلك : إباحة أكل الميتة لمن فقد الطعام ولم يقدر على غيرها، ولكن مما ينبغي التنبيه إليه، هو ما يقع فيه الكثير من الناس، عندما يأخذون هذه القاعدة على إطلاقها، دون تحديد لمعنى الضرورة، وحتى لا يقع المكلفون في هذا الخطأ، نجد الفقهاء حدَّدوا معنى الضرورة : بما يجعل الإنسان في خطر يهدده بالموت، أو بإتلاف عضو من أعضائه، أو زيادة مرض، ونحو ذلك مما يتعذر معه قيام مصالح الحياة، أو يجعلها في مشقة وعسر لا يُحتمل. وفي الوقت نفسه حدّدوا مدى الإباحة بما يندفع به الخطر، ويزول به الاضطرار، فوضعوا هذه القاعدة : (الضرورة تُقَدَّرُ بَقْدرِها). أخذاً من قوله تعالى: {غير باغ ولا عاد} أي غير قاصد للمخالفة والمعصية، وغير متعد حدود ما يدفع عنه الاضطرار.
فمن اضطر لأكل الميتة ليس له أن يمتلئ منها أو يدخر، ومن اضطر أن يسرق لِيُطْعِم عياله ليس له أن يأخذ ما يزيد عن حاجة يوم وليلة، وليس من الاضطرار في شيء التوسع في الدنيا، وتحصيل الكماليات، فمن كان ذا رأسمال قليل ليس مضطراً للتعامل بالربا ليوسع تجارته.
ومن كان له علاقات مع الناس، ليس مضطراً لأن يجلس معهم على موائد الخمر ويسكت عن منكرهم. ومن كانت ذات زوج متهاون، ليست مضطرة لأن تخلع لباس الحشمة وجلباب الحياء، فتترك الآداب الشرعية ولباس المؤمنات، لتحصل على إعجابه ورضاه.
المشقة تجلب التيسير: من المعلوم أن شرع الله عز وجل يهدف إلى تحقيق السعادة المطلقة للإنسان، في كلٍّ مِن دنياه وآخرته، ولذلك جاء بالتيسير على العباد ورفع الحرج عنهم، قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}[19] وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[20] وقال r في صحيح البخاري : "إن الدِّينَ يُسْرٌ "[21] و " يَسِّروا ولا تعسروا"[22] .
حدود المشقة التي تستدعي التيسير: هناك نوع من المشقة ملازم للتكاليف الشرعية، لا تنفك عنه في حال من أحوالها، لأنه من طبيعة التكليف، فمثل هذا النوع من المشقة لا أثر له في إسقاط الواجبات أو تخفيفها ، فليس لأحد أن يُفْطر في رمضان لشعوره بشدة الجوع، كما أنه ليس لأحد قَدَرَ على نفقات الحج، وهو صحيح البدن، أن لا يحج، لما في الحج من مشقة السفر والبعد عن الأهل والوطن!!
وهناك نوع من مشقة ليس من طبيعة التكليف، ويمكن أن تنفك عنه الواجبات في كثير من أحوالها، بل هو من الأمور الطارئة والعارضة، والزائدة عن القدر الذي تقتضيه التكاليف في الظروف العادية، وهذا النوع من المشقة على مرتبتين:
المرتبة الأولى: توقع المكلف في عسر وضيق خفيفين، كالسفر القصير والمرض الخفيف وفوات المنافع المادية، فمثل هذه المشقة لا أثر لها أيضاً في التزام الواجبات.
المرتبة الثانية: مشقة زائدة، تهدد المكلف بخطر في نفسه أو ماله أو عرضه، كمن قدر على الحج مثلاً، وعلم أن في الطريق قطاع طرق، أو خاف من إنسان يترقب غيابه ليسرق ماله أو يعتدي على أهله، ونحو ذلك، مما يعتبر حرجاً وضيقاً، في عرف ذوي العقل والدين. فمثل هذه المشقة هي المعتبرة شرعاً، وهي التي تؤثر في التكاليف، وتوجب الإسقاط أحياناً أو التخفيف. التشديد في اجتناب المنهيات واستئصال جذور الفساد : يسعى شرع الله عز وجل دائماً للحيلولة دون وقوع الشر، أو بزوغ بذور الفساد، ولذا نجد الاهتمام بأمر المنهيات ربما كان أبلغ من الاهتمام بالمأمورات، ولا يعني ذلك التساهل بالمأمورات، وإنما التشديد في اجتناب المنهيات عامة، والمحرمات على وجه الخصوص، لأن نهي الشارع الحكيم لم يَرِد إلا لما في المنهي عنه من فساد أكيد وضرر محتم، ولذا لم يُعْذَر أحد بارتكاب شيء من المحرمات، إلا حال الضرورة الملجِئة والحاجة المُلِحَّة،على ما قد علمت.
ومن هنا يتبين خطأ مسلك الكثير من المسلمين، لا سيما في هذه الأزمنة، التي شاع فيها التناقض في حياة الناس، عندما تجدهم يحرصون على فعل الطاعة والواجب ، وربما تشددوا في التزام المندوب والمستحب ، بينما تجدهم يتساهلون في المنهيات ، وربما قارفوا الكثير من المحرمات ، فنجد الصائم يتعامل بالربا ، والحاجّة المزكية تخرج سافرة متبرجة ، متعذرين بمسايرة الزمن وموافقة الركب . وهذا خلاف ما تقرر في شرع الله الحكيم ، من أن أصل العبادة اجتناب ما حرم الله عز وجل ، وطريق النجاة مجاهدة النفس والهوى ، وحملها على ترك المنهيات ، وأن ثواب ذلك يفوق الكثير من ثواب فعل الواجبات .
فهذا رسول الله r يقول : " اتق المحارِمَ تَكُنْ أَعَبَدَ الناس " رواه الترمذي .[23]
وهذه عائشة رضي الله عنها تقول : من سَّره أن يَسبِقَ الدائبَ المجتهدَ فليَكُفّ عن الذنوب . [24]
وهذا عمر ابن الخطاب t يُسأل عن قوم يشتهون المعصية ولا يعملون بها ، فيقول : أولئك قوم امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر عظيم .[25]
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى : ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار والتخليط فيما بين ذلك، ولكن التقوى أداء ما افترض الله وترك ما حرم الله، فإن كان مع ذلك عمل فهو خير إلى خير .[26]
من أسباب هلاك الأمم : لقد بين الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أن من أسباب هلاك الأمم وشق عصاها وتلاشي قوتها واستحقاقها عذاب الاستئصال - أحياناً - أمرين اثنين هما:
كثرة السؤال والتكلف فيه، والاختلاف في الأمور وعدم التزام شرع الله عز وجل. لقد نهى الرسول r أصحابه عامة أن يكثروا عليه من الأسئلة، خشية أن يكون ذلك سبباً في إثقالهم بالتكاليف، وسداً لباب التنَطُّع والتكلف والاشتغال بما لا يعني، والسؤال عما لا نفع فيه إن لم تكن مضرة .
روى البخاري عن المغيرة بن شعبة t قال : ( ... وكان يَنْهَى ـ r ـ عن قِيلَ وقال وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَمَنْعٍ وَهَاتِ وَعُقُوقِ الأُمَّهَاتِ وَوَأْدِ الْبَنَاتِ ) . [27]
السؤال وحكمه : إن السؤال على أنواع : مطلوب ومنهيٌّ عنه:
أ- أما المطلوب شرعاً، فهو على درجات: 1 ـ فرض عين على كل مسلم : بمعنى أنه لا يجوز لمسلم تركه والسكوت عنه، وهو السؤال عما يجهله من أمور الدين وأحكام الشرع، مما يجب عليه فعله ويطالَب بأدائه، كأحكام الطهارة والصلاة إذا بلغ، وأحكام الصوم إذا أدرك رمضان وكان صحيحاً مقيماً، وأحكام الزكاة والحج إذا ملك المال أو كان لديه استطاعة، وأحكام البيع والشراء والمعاملات إذا كان يعمل بالتجارة، وأحكام الزواج وما يتعلق به لمن أراد الزواج، ونحو ذلك مما يسأل عنه المكلف، وفي هذا يقول الله تعالى : {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[28]. وعليه حُمِل ما رواه البيهقي في "شعب الإيمان " ، من قوله r : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " .[29]
2 ـ فرض كفاية : بمعنى أنه لا يجب على كل مسلم، بل يكفي أن يقوم به بعضهم، وهو السؤال للتوسع في الفقه بالدين، ومعرفة أحكام الشرع وما يتعلق بها، لا للعمل وحده، بل ليكون هناك حَفَظَة لدين الله عز وجل، يقومون بالفتوى والقضاء، ويحملون لواء الدعوة إلى الله تعالى.
وفي هذا يقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[30].
3ـ مندوب: معنى أنه يستحب للمسلم أن يسأل عنه، وذلك مثل السؤال عن أعمال البِرِّ والقربات الزائدة عن الفرائض .
ب- سؤال منهي عنه، وهو على درجات أيضاً : حرام : أي يأثم المكلف به ، ومن ذلك :
1 - السؤال عما أخفاه الله تعالى عن عباده ولم يُطلعهم عليه، وأخبر أن علمه خاص به سبحانه، كالسؤال عن وقت قيام الساعة، وعن حقيقة الروح وماهيتها، وعن سر القضاء والقدر، ونحو ذلك. 2- السؤال على وجه العبث والتعنت والاستهزاء[31]. 3- سؤال المعجزات، وطلب خوارق العادات عناداً وتعنتاً، أو إزعاجاً وإرباكاً، كما كان يفعل المشركون وأهل الكتاب.
4- السؤال عن الأغاليط: روى أحمد وأبو داود :(عن معاوية t أن النبي r نهى عن الغَلوطات)[32] ، وهي المسائل التي يغالَط بها العلماء ليزِلّوا فيها، فيهيج بذلك شر وفتنة، وإنما نهى عنها لأنها غير نافعة في الدين ولا تكاد تكون إلا فيما لا يقع ، ومثله قول بن مسعود : أنذرتكم صِعَابَ المنطق ، يريد المسائل الدقيقة الغامضة .[33]
5- السؤال عما لا يحتاج إليه، وليس في الجواب عنه فائدة عملية، وربما كان في الجواب ما يسوء السائل .
6- السؤال عما سكت عنه الشرع من الحلال والحرام ، ولم يبين فيه طلباً أو نهياً ، فإن السؤال عنه ربما كان سبباً للتكليف به مع التشديد فيه ، فيترتب على ذلك وقوع المسلمين في حرج ومشقة ، كان السائل سبباً فيها . [34]
[ ولذا قال r : " إن أعظم المسلمين جُرماً من سأل عن شيء لم يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ من أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ"[35]] وهذا في زمن نزول الوحي[36].
والذي يتعين على المسلم أن يهتم به ويعتني هو: أن يبحث عما جاء عن الله تعالى ورسوله r ثم يجتهد في فهم ذلك والوقوف على معانيه، فإن كان من الأمور العلمية صدق به واعتقده، وإن كان من الأمور العملية بذل وسعه في الاجتهاد في فعل ما يستطيعه من الأوامر واجتناب ما ينهى عنه، فمن فعل ذلك حصل السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة.
التحذير من الاختلاف والحث على الوحدة والاتفاق : لقد وصف الله تعالى الجماعة المسلمة والفئة المؤمنة بأنها أُمَّة واحدة، فقال سبحانه : {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِي}[37]. فينبغي على المسلمين أن يحرصوا على هذه الوحدة، حتى يكونوا قوة متماسكة أمام قوى الشر والبغي والكفر المتكاثرة .
ولقد حذرنا الله تعالى ورسوله المصطفى r أشد التحذير من الاختلاف، وكذلك يقرر القرآن أن هذا شأن الذين كفروا من أهل الكتاب، قال تعالى : {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[38].
إن من أهم الأسباب التي تفرق الأمة وتشتت شملها أن يُفْتَحَ عليها باب الجدل في العلم والمِراء في الدين ، فتختلف في الأساس. والبلية كل البلية أن يكون الحامل على الاختلاف في الدين المصالح والأهواء، والعناد والبغي، ولذا نجد كتاب الله تعالى يخرج أمثال هؤلاء الناس الذين يُثيرون الخلاف في الدين ويريدون أن يجعلوا المسلمين شِيَعاً وفرقاً وأحزاباً، نجده يخرجهم من دائرة الإسلام، ويبرئ منهم نبيه المصطفى r فيقول: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[39]. والخطر إنما يكمن في هذا النوع من الاختلاف، الذي لا يحتكم إلى برهان ولا ينصاع إلى حجة، وهذا الاختلاف هو الذي كان سبب هلاك الأمم، وإليه يشير رسول الله r بقوله : " إنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ".
أما الخلاف الناشئ عن دليل، ويستند إلى أصل، فليس هو المقصود في الباب، لأنه خلاف في الفروع وليس في الأصول، وخلاف ليس من شأنه أن يحدث الفرقة والشتات في صفوف الأمة، بل هو عنوان مرونة التشريع وحرية الرأي فيه ضمن قواعده وأسسه .
فوائد الحديث : 1 ـ الامتثال لا يحصل إلا بترك جميع المنهيات[40] .
2 ـ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها[41] . 3 ـ لا يسقط الميسور بالمعسور[42] ، بل يؤتى منه بقدر المستطاع .
4 ـ لا يجوز فعل بعض المنهي عنه بل يجب اجتنابه كله ، ومحل ذلك ما لم يكن هناك ضرورة تبيح فعله .
5 ـ وجوب فعل ما أمر به ، ومحل ذلك ما لم يقم دليل على أنَّ الأمر للاستحباب . 6 ـ أن النهي أشدُّ من الأمر ، إذ لم يُرخَّص في ارتكاب شيء منه[43] . 7 ـ يسر الشريعة . 8 ـ المشقة تجلب التيسير[44] . 9 ـ ينبغي للمسلم اتباع النبي r [45].
10 ـ لا ينبغي للإنسان كثرة المسائل لأن كثرة المسائل ولا سيما في زمن الوحي ربما يوجب تحريم شيء لم يُحرَّم أو إيجاب شيء لم يجب ، وإنما يقتصر الإنسان في السؤال على ما يحتاج إليه فقط[46] .
11 ـ أن كثرة المسائل والاختلاف على الأنبياء من أسباب الهلاك ، كما هلك بذلك من كان قبلنا[47]، وقد قسَّم العلماء رحمهم الله السؤال إلى قسمين : القسم الأول : ما كان على وجه التعليم لما يحتاج إليه من أمر الدين ، فهذا مأمور به لقوله تعالى : {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }[48] ، وعلى هذا النوع تتنزل أسئلة الصحابة y عن الأنفال والكلالة وغيرها.
القسم الثاني : ما كان على وجه التعنت والتكلف ، وهذا هو المنهي عنه[49] .
الحديث العاشر:
الحَلال الطَّيِّبُ شَرطُ القَبول
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام (1-الطيب المقبول 2-كيف يكون العمل مقبولاً 3-كيف يخرج المسلم من الحرام 4-أسباب إجابة الدعاء 5-ما يمنع من إجابة الدعاء ) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[50] قال: قاَل رسُولُ الله r : "إنَ الله طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلا طَيِّباً، وإنَّ الله أَمَرَ المُؤمِنينَ بِمَا أَمَرَ به المُرْسَلينَ فقال تعالى: {يا أَيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيَّباتِ واعمَلُوا صالحاً}[51] وقال تعالى : { يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[52] ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ يا رَبُّ يا رَبُّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْربُهُ حَرَامٌ، ومَلْبَسُه حرام ، وغُذِيَ بالحَرَامِ، فأَنَّى يُسْتَجَابُ لذلك ". رَوَاهُ مُسْلمٌ.[53]
أهمية الحديث :
هذا الحديث من الأحاديث التي عليها قواعد الإسلام ومباني الأحكام، وعليه العمدة في تناول الحلال وتجنب الحرام، وما أعمَّ نفعه وأعظمه في إيجاد المجتمع المؤمن الذي يحبُّ فيه الفرد لأخيه ما يحب لنفسه، يكره لأخيه ما يكره لنفسه، ويقف عند حدود الشرع مكتفياً بالحلال المبارك الطيب، فيحيا هو وغيره في طمأنينة ورخاء .
مفردات الحديث :
إن الله طيب : أي طاهر منزه عن النقائص والخبائث فيكون بمعنى القدوس .
لا يقبل إلا طيباً : لا يقبل ولا يحب ولا يرضى ولا يثيب من الأعمال والأموال إلا ما كان خالصاً من المفسدة ، أو حلالاً .
أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين : سوَّى بينهم في الخطاب بوجوب أكل الحلال .
واعملوا صالحاً : فيه دليل على أن الأكل الطيب من آثاره العمل الصالح .
أشعث : جَعْد شعر الرأس لعدم تمشيطه .
أغبر: غَيَّر الغبار لون شعره لطول سفره في الطاعات كحج وجهاد .
يمد يديه إلى السماء : يرفع يديه إلى السماء داعياً وسائلاً الله تعالى .
فأنى يُستجاب له : كيف ومن أين يُستجاب لمن كانت هذه صفته .
المعنى العام: ( إنَّ الله طيب ) : طيب في ذاته ، وطيب في صفاته ، وطيب في أفعاله ، ولا يقبل إلا طيباً في ذاته وفي كسبه[54] .
1- الطيب المقبول: يشمل الأعمال والأموال والأقوال والاعتقادات:
فهو سبحانه وتعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيباً طاهراً من المفسدات كلها كالرياء والعجب ، ولا يقبل من الأموال إلا ما كان طيباً حلالاً. ولا يصعد إليه من الكلام إلا ما كان طيباً، قال الله تعالى : {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[55].
والمؤمن كله طيب قلبه ولسانه وجسده بما يسكن في قلبه من الإيمان، وظهر على لسانه من الذكر ، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هي ثمرة الإيمان . كيف يكون العمل مقبولاً طيباً : إن من أعظم ما يجعل عمل المؤمن طيباً مقبولاً طِيْبُ مَطْعَمِه وحِلّهِ ، وفي الحديث دليل على أن العمل لا يُقبل إلا بأكل الحلال ، وأن الحرام يُفسد العمل ويمنع قَبوله .
وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال الله تعالى : {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}[56] وقال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم}[57] . ومعنى هذا أن الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال وبالعمل الصالح.
"لا يقبل إلا طيباً" فالمقصود هنا نفي الكمال المستوجب للأجر والثواب في هذه الأعمال، مع أنها مقبولة من حيث سقوط الفرض بها من الذمة.
كيف يخرج المسلم من الحرام : يتخلص المسلم من المال الحرام بعد العجز عن معرفة صاحبه أو العثور عليه بالتصدق به، والأجر لمالكه.
أسباب إجابة الدعاء:
1ـ إطالة السفر: ومجرد السفر يقتضي إجابة الدعاء، فقد روى أبو داود وابن ماجه والترمذي بألفاظ مختلفة من حديث أبي هريرة عن النبي r قال: " ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْوَالِدِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ".[58] والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء .
2ـ [ رثاثة الهيئة : ومن ثمَّ قال النبي r : ( رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبرَّهُ)[59]][60].
3ـ مد اليدين إلى السماء: وهو من آداب الدعاء ، فعن سلمان الفارسي t عن النبي r قال : (إنَّ الله حَيِيّ كريم يستحي إذا رفع الرجلُ إليه يديه أنْ يَرُدَّهُمَا صفراً خائبتين ) رواه الترمذي".[61]
ورفع اليدين له ثلاث صفات :
ـ بالأصبع ، وهذه للخطيب يوم الجمعة .
ب ـ ورفعها حتى تبين الإبطين ، وهذه عند الاستسقاء والكرب .
ج ـ ورفعها حذو الثديين ، وهذه لسائر الدعاء .
4 ـ الإلحاح على الله عز وجل: وذلك بتكرير ذكر ربوبيته سبحانه وتعالى ، ( يا رب يا رب ). 5 ـ إطابة المطعم والمشرب والملبس . ما يمنع إجابة الدعاء : أشار r في هذا الحديث إلى أن التوسع في الحرام أكلاً وشرباً ولبساً وتغذية يمنع إجابة الدعاء .
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ وصف الله تعالى بالطيب ذاتاً وصفاتٍ وأفعالاً[62] .
2 ـ تنزيه الله تعالى عن كل نقص[63] .
3 ـ من الأعمال ما يقبله الله تعالى ومنها ما لا يقبله[64] .
4 ـ يرشد الحديث إلى الحث على الإنفاق من الحلال، والنهي عن الإنفاق من غيره[65].
5 ـ أن الشكر هو العمل الصالح ، لقوله تعالى : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}[66] وقال للمؤمنين : {كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا له }[67] ، فدل هذا على أن الشكر هو العمل الصالح[68] .
6 ـ أن من أراد الدعاء لزمه أن يعتني بالحلال في مأكله وملبسه حتى يُقبل دعاؤه .
7 ـ يَقْبَل الله من المؤمنين الإنفاق من الطيب ويُنَمِّيه، ويُبَارِك لهم فيه .
8 ـ الطيب ما طيبه الشرع[69] .
9 ـ دعاء المسافر مستجاب[70] .
10 ـ دعاءُ المنكسرِ قلبُهُ مستجابٌ[71] .
11ـ من أسباب إجابة الدعاء التوسل إلى الله تعالى بالربوبية لأنها هي التي بها الخلق والتدبير[72].
12 ـ الرسل عليهم السلام مكلفون بالعبادات كما أن المؤمنين مكلفون بها[73] .
13 ـ وجوب العمل بالأسباب التي يحصل بها المطلوب ، والبعد عن الموانع التي تمنعه[74] .
14 ـ الأمر بالإخلاص لله تعالى[75] .
15 ـ [ وجوب الشكر لله على نعمه ، لقوله تعالى : { واشكروا لله }[76] ][77] .
16 ـ [ إثبات علو الله .
وهو ينقسم إلى قسمين :
الأول : علو صفة : وهذا متفق عليه بين جميع أهل القبلة .
فصفات الله كلها عليا وحسنى .
الثاني : علو ذات . وهذا متفق عليه عند أهل السنة .
وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع :
قال تعالى : { وهو العلي العظيم }[78] . وقال تعالى : { وهو العلي الكبير }[79] . وقال تعالى : {يخافون ربهم من فوقهم }[80] . وقال سبحانه : { وهو القاهر فوق عباده }[81] . وقال سبحانه:{ إليه يصعد الكلم الطيب }[82]. وقال سبحانه : { إنا نحن نزلنا الذكر ... }[83] . وقال e : ( لا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ؟ ) [84] ] . [85]
ويشمل أيضاً علوَّ قهره وعلوَّ شأنه سبحانه وتعالى .
الحديث الحادي عشر:
الأَخذ باليَقِينِ والبُعْدُ عَن الشُّبُهات ( الورع )
ترجمة الراوي ، درجة الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-تعارض الشك واليقين 2-الصدق طمأنينة والكذب ريبة ) ، ما يستفاد من الحديث
عَنْ أَبي مُحمَّدٍ الحسَنِ بْنِ عليّ بْنِ أبي طَالِب، سِبْطِ رَسُولِ اللهِ r وَرَيْحَانَتِهِ[86] رضيَ اللهُ عنهُما، قالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ الله r: "دَعْ ما يَرِيبُكَ إلى مَا لاَ يَرِيُبكَ" روَاهُ التِّرْمِذيُّ وَالنَّسَائي، وقالَ التِّرْمِذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.[87]
وعند الترمذي وغيره زيادة في هذا الحديث وهي : ( فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة )[88] وعند ابن حبان:( الخيرُ طمأنينةٌ والشَّرُّ رِيبَةٌ )[89] وفي المستدرك : ( فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة).[90]
ترجمة الراوي :هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أبو محمد ، ابن فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، وُلد بالمدينة سنة ثلاث من الهجرة وهو أكبر من أخيه الحسين بعام ، حجَّ خمساً وعشرين مرَّةً ، وتولى الخلافة بعد أبيه ، واستمر في الخلافة نحو ستة أشهر بالحجاز واليمن والعراق وخراسان ، ثم دعاه كرمه وحلمه وورعه إلى تركها لمعاوية t رفقاً بالمسلمين ، كان الحسن t قد أحصن بسبعين امرأة ، وكان الحسن قلّما تفارقه أربع حرائر ، فكان صاحب ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري وعنده امرأة من بني أسد من آل جهم ، فطلقهما ، وبعث إلى كلِّ واحدة منهما بعشرة آلاف وزقاقٍ من عسل متعة ، وقال لرسوله يسار بن أبي سعيد بن يسار وهو مولاه: ( احفظ ما تقولان لك ) فقالت الفزارية :( بارك الله فيه وجزاه خيراً ) وقالت الأسدية :( متاع قليل من حبيب مفارقٍ ) فرجع فأخبره ، فراجع الأسدية وترك الفزارية ، روى عن النبي r ( 13 ) حديثاً ، ومات مسموماً سنة ( 50 هـ ) [91].
درجة الحديث : حسن صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 3377 ) .
أهمية الحديث : هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين وأصل في الورع الذي عليه مدار اليقين ، وقد استوعب كل ما قيل في تجنب الشبهات[92] .
مفردات الحديث :
سبط رسول الله r : ابن ابنته فاطمة رضي الله عنها[93] .
دع ما يَرِيبك : دع ما تشك فيه من الشبهات .
إلى ما لا يَرِيبك : إلى ما لا تشك فيه من الحلال البَيِّن .
المعنى العام :
إن ترك الشبهات في العبادة والمعاملات والمناكحات وسائر أبواب الأحكام، والتزام الحلال في كل ذلك، يؤدي بالمسلم إلى الورع، وقد سبق في الحديث السادس أن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، وأن الحلال المتيقَّن لا يحصل للمؤمن في قلبه منه شك أو ريب، أما الشبهات فيرضى بها الإنسان ظاهراً، ولو كَشَفْنَا ما في قلبه لوجدنا القلق والاضطراب والشك، ويكفيه هذا العذاب النفسي خسارة معنوية، والخسارة الكبرى والهلاك الأعظم أن يعتاد الشبهات ثم يجترئ على الحرام، لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه.
تعارض الشك واليقين : إذا تعارض الشك مع اليقين، أخذنا باليقين وقدمناه وأعرضنا عن الشك .
أما من يخوض في المُحَرَّمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشُّبَه، فإن ورعه هذا ثقيل ومظلم، ويجب علينا أن نُنْكِر عليه ذلك، وأن نُطالبه بالكَفّ عن الحرام الظاهر أولاً، ولذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين، وسمعت النبي r يقول : " هما رَيحانتاي من الدنيا " رواه البخاري[94] .
وسأل رجل بشير بن الحارث عن رجل له زوجة وأُمُّه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بَرَّ أُمَّه في كل شيء ولم يَبْقَ من بِرّها إلا طلاق زوجته فليفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته ثم يقوم بعد ذلك إلى أُمِّه فيضربها فلا يفعل[95].
[ للورع فضائل :
أولاً : أنه سبب لاستبراء العرض والدين ، كما في حديث : ( فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه)[96].
ثانياً : أنه خير خصال الدين ، قال e : ( وخير دينكم الورع ) رواه الحاكم .[97]
ثالثاً : من علامات العبادة ، قال e : ( يا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ الناس وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ الناس وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَأَحْسِنْ جِوَارَ من جَاوَرَكَ تَكُنْ مُسْلِمًا وَأَقِلَّ الضَّحِكَ فإن كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ ) رواه ابن ماجه .[98]
رابعاً : أنه من هدي النبي e وخلقه ، عن أنس t قال : مَرَّ النبي r بِتَمْرَةٍ في الطَّرِيقِ قال : " لَوْلا أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ من الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا " متفق عليه .[99]
خامساً : أنه سبب للنجاة ، كما في حديث الباب : ( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ) .] .[100]
من أقوال السلف في الورع :
قال الحسن : ” ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيراً من الحلال مخافة الحرام “ .[101]
وقال حسان بن أبي سنان : ” ما شيء هو أهون من الورع ، إذا رابك شيء فدعه “ .[102]
وقال عبد الله بن مسعود t : ” كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الحرام “ .[103]
وقال عمر t : " كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام " . [104]
وقال العسكري : ” لو تأملتِ الحذَّاقُ هذا الحديث لَتَيَقَّنُوا أَنَّه قد استوعبَ كُلَّ ما قيل في تَجَنُّبِ الشبهات“.[105]، وقال شيخ الإسلام : ” الورع من قواعد الدين “ .[106]
وقال عبد الله بن عمر t : " لَرَدُّ دانقٍ من حرام أفضلُ عند الله من إنفاق مائة ألف في سبيل الله".[107]
الصدق طمأنينة والكذب ريبة: وعلامة الصدق أن يطمئن به القلب، وعلامة الكذب أن تحصل به الشكوك فلا يسكن القلب له بل ينفر منه .
[ فضائل الصدق :
أولاً : أنه سبب للطمأنينة ، كما في حديث الباب : ( فإن الصدق طمأنينة ) .
ثانياً : هو المميز بين المؤمن والمنافق ، قال e : ( آية المنافق ثلاث : إذا حَدَّثَ كَذَبَ ... ) الحديث رواه البخاري.[108]
ثالثاً : لا ينفع يوم القيامة إلا الصدق : قال تعالى : { هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم }[109] .
رابعاً : الصدق أصل كل بِرٍّ ، قال e : ( إن الصدق يهدي إلى البر ) متفق عليه .[110]
خامساً : أن مجاهدة النفس على تحري الصدق توصلها إلى مرتبة الصديقية . قال e : ( .. ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً )[111] ] [112].
[ فائدة : والصدق يشمل الصدق في الأقوال – والصدق في الأعمال – والصدق في النية [ أن تكون خالصة لله ].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ” فصل الصدق أساس الحسنات وجماعها ، والكذب أساس السيئات ونظامها“.[113]
علامات الصدق :
أولاً : أنه يورث السكينة والطمأنينة .
ثانياً : الزهد في الدنيا والتأهب للقاء الله .
ثالثاً : سلامة القلب ، فان المؤمن الصادق لا يحمل في قلبه غشاً للمسلمين ولا شراً .
رابعاً : الزهد في ثناء الناس ومدحهم بل وكراهة ذلك .
قال ابن القيم : ” فصل لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضَبُّ والحوتُ ، فإذا حَدَّثَتْكَ نفسك بطلب الإخلاص فَأَقْبِلْ على الطمع أولاً فأذبحه بسكين اليأس وأَقْبِلْ على المدح والثناء فازهد فيهما زُهْدَ عَشَّاقِ الدنيا في الآخرة ؛ فإذا استقام لك ذَبْحُ الطمعِ والزهدُ في الثناءِ والمدحِ سَهُلَ عليكَ الإخلاص “ .[114]
خامساً : الشعور بالتقصير والانشغال بإصلاح النفس عن غيرها ] [115].
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ أن نبني أحكامنا وأمور حياتنا على اليقين[116]، ومن الحديث قاعدة : ( اليقين لا يزول بالشك).
2 ـ وأن الحلال والحق والصدق طمأنينة ورضا، والحرام والباطل والكذب ريبة وقلق ونفور .
3 ـ يُسن الخروج عن اختلاف العلماء[117] ، والعمل بالأحوط إذا لم يتبين الدليل[118] .
4 ـ الحث على الورع[119] .
5 ـ الإنسان مأمور باجتناب ما يدعو إلى القلق[120] .
6 ـ فضل اتقاء الشبهات .[121]
7 ـ فضل الصدق وأنه سبب للطمأنينة .[122]
الحديث الثاني عشر :
الاشتغالُ بِمَا يُفيد
درجة الحديث ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :ما يعني الإنسان وما لا يعنيه ، الضابط لترك ما لا يعني ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[123] قالَ: قالَ رسُولُ الله r: "مِنْ[124] حُسْنِ إسْلاَمِ الْمَرءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ". حديث حسن ، رواه الترمذي[125] وغيره هكذا[126] .
درجة الحديث : الحديث مرسل وله شواهد كثيرة فهو حسن لغيره ، وصححه الألباني .[127]
أهمية الحديث : قال ابن رجب الحنبلي : هذا الحديث أصل عظيم من أُصول الأدب[128].
مفردات الحديث:
من حسن إسلام المرء : من كمال إسلامه وتمامه، وعلامات صدق إيمانه، والمرء يُراد به الإنسان، ذكراً كان أم أنثى.
ما لا يعنيه : ما لا يهمه من أمر الدين والدنيا.
المعنى العام: يحرص الإسلام على سلامة المجتمع، وأن يعيش الناس في وئام ووفاق، لا منازعات بينهم ولا خصومات، كما يحرص على سلامة الفرد وأن يعيش في هذه الدنيا سعيداً، يَألف ويُؤلف، يُكْرَم ولا يُؤذَى، ويخرج منها فائزاً رابحاً، وأكثر ما يثير الشقاق بين الناس، ويفسد المجتمع، ويورد الناس المهالك تَدَخُّل بعضهم في شؤون بعض، وخاصة فيما لا يعنيهم من تلك الشؤون، ولذا كان من دلائل استقامة المسلم وصدق إيمانه تركه التدخل فيما لا يخصه من شؤون غيره.
والمسلم مسؤول عن كل عمل يقوم به، فإذا اشتغل الإنسان بكل ما حوله، وتدخل في شؤون لا تعنيه، شغله ذلك عن أداء واجباته، والقيام بمسؤولياته، فكان مؤاخذاً في الدنيا ومعاقباً في الآخرة، وكان ذلك دليل ضعف إدراكه، وعدم تمكن الخُلُق النبوي من نفسه. وروي أنه r قال لأبي ذر t : " وكفى بالمرء عيباً أن يكون فيه ثلاث خصال أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه ويستحيي لهم مما هو فيه ويؤذي جليسه ، يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حَسَبَ كحسن الخلق " [129]
وإذا أدرك المسلم واجبه، وَعقَل مسؤوليته، فإنه يشتغل بنفسه، ويحرص على ما ينفعه في دنياه وآخرته، فَيُعْرِض عن الفضول، ويبتعد عن سَفَاسِفِ الأمور، ويلتفت إلى ما يعنيه من الأحوال والشؤون.
والمسلم الذي يعبد الله عز وجل كأنه يراه، ويستحضر في نفسه أنه قريب من الله تعالى والله تعالى قريب منه، يشغله ذلك عما لا يعنيه، ويكون عدم اشتغاله بما لا يعنيه دليل صدقه مع الله تعالى وحضوره معه، ومن اشتغل بما لا يعنيه دل ذلك على عدم استحضاره القرب من الله تعالى، وعدم صدقه معه، وحَبِط عمله، وكان من الهالكين.
رُوي عن الحسن البصري أنه قال: من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه .[130]
ما يعني الإنسان من الأمور وما لا يعنيه : والذي يعني الإنسان من الأمور هو: ما يتعلق بضرورة حياته في معاشه، من طعام وشراب وملبس ومسكن ونحوها، وما يتعلق بسلامته في معاده وآخرته، وما عدا هذا من الأمور لا يعنيه: فمما لا يعني الإنسان الأغراض الدنيوية الزائدة عن الضرورات والحاجيات: كالتوسع في الدنيا، والتنوع في المطاعم والمشارب، وطلب المناصب والرياسات، ولا سيما إذا كان فيها شيء من المماراة والمجاملة على حساب دينه.
الفضول في الكلام مما لا يعني ، وقد يجر المسلم إلى الكلام المُحَرَّم، ولذلك كان من خُلُق المسلم عدم اللَّغَط والثرثرة والخوض في كل قيل وقال .
عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت قال رسول الله r : " كلام بن آدم عليه لا له ، إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله " .[131]
[ الضابط لترك ما لا يعني :
لا بد أن يكون الضابط لهذه القضية الشرع ، لا اتباع الهوى وحظوظ النفس ، لذلك جعله النبي r من حسن إسلام المرء ، لأن البعض قد يُخطئ فهم الحديث فيترك كثيراً من الأمور الواجبة ، أو المستحبة ظاناً أن هذا مما لا يعني ، كما يترك البعض النصح للآخرين ، وهذا لا شك مخالف لكثير من النصوص ، التي تحث على النصح للمسلمين ، وقد يتدخل البعض في كثير من الأمور ظاناً أن هذا مما يعنيه ][132] .
[ نماذج مما لا يعني المسلم :
1 ـ حفظ اللسان من لغو الكلام ومما لا فائدة فيه .
قال بعض العارفين : ” إذا تكلمت فاذكر سمع الله لك ، وإذا سكت فاذكر نظره إليه “ .[133]
وقال عمر بن عبد العزيز : ” من عدّ كلامه من عمله ، قلّ كلامه إلا فيما يعنيه “ .[134]
وقد نفى الله الخير عن كثير مما يتناجى به الناس بينهم ، فقال : ] لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس [[135] .
2 ـ أنواع اللهو واللعب التي تصدُّ عن ذكر الله .
3 ـ كثير من الهوايات المضيعة للوقت والمال .
4 ـ قراءة القصص والروايات والمقالات الرديئة التي تثير الغرائز بالطرق المحرمة .
5 ـ التدخل في خصوصيات الآخرين وشؤونهم مما لا يصادم الشريعة الإسلامية ، وليس مجالاً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولما عرف السلف حدود السؤال والتدخل، ارتقت حياتهم الاجتماعية إلى مستويات لم يعرفها العالم من قبل.
فهذا سعيد بن المسيب – رحمه الله – لما زوج ابنته الجميلة الفقيهة من تلميذه الفقير ، ثم سأله بعد شهر من تزويجه : ما حال ذلك الإنسان ؟ قلت : خيراً يا أبا محمد على ما يحب الصديق ويكره العدو ، قال : إن رابك شيء فالعصا .[136]ولم يتدخل سعيد أكثر من ذلك .
والتدخل في شؤون الغير له أحوال :
1 ـ يكون واجباً : مثل التدخل لتغيير المنكر ، ويأثم لو لم يتدخل وهو يستطيع .
2 ـ يكون مستحباً : مثل التدخل لتحسين وضع أخيك في طريقة كلامه مثلاً .
3 ـ ويكون مباحاً : كسؤال إنسان هل سافر أم لا .
4 ـ ويكون مكروهاً : مثل سؤال رجل يتحرج في الجواب في أمر خاص به .
5 ـ ويكون محرماً ، مثل التجسس على المسلم .] [137].
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ أن الدين الإسلامي كله محاسن .[138]
2 ـ أن الأعمال في نظر الإسلام تتفاوت ، منها ما هو حسن ومنها ما ليس بحسن[139] .
3 ـ أن من صفات المسلم الاشتغال بمعالي الأمور، والبعد عن السَفاسِفِ ومُحَقِّرَات الشؤون[140].
4 ـ وفيه : تأديب للنفس وتهذيب لها عن الرذائل والنقائص، وترك ما لا جدوى منه ولا نفع فيه[141].
5 ـ من حسن وكمال إسلام المرء تركه ما لا تتعلق عنايته به[142] ، والاهتمام بما يعنيه .[143]
6ـ أن عدم ترك الإنسان لما لا يعنيه يدل على أن إسلامه ليس بحسن .
قال الغزالي : ” بين بهذا الخبر أن حرص الإنسان على معرفة ما لا حاجة له به علاجه أن يعلم أن الموت بين يديه وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أنفاسه رأس ماله وأن لسانه شبكته يقدر على أن يقتنص بها الحور العين وإهماله وتضييعه خسران مبين هذا علاجه من حيث العلم وأما علاجه من حيث العمل فالعزلة ولزوم السكون “ .[144]
وقال الحسن : ” من علامة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه “ .[145]
وقال معروف الكرخي : ” كلام العبد فيما لا يعنيه خذلان من الله تعالى “ .[146]
وقال مالك بن دينار : إذا رأيت قساوة في قلبك ووهناً في بدنك وحرماناً في رزقك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك .[147]
وقيل للقمان : ” ما بلغ بك ما نرى ؟ قال : صدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وترك ما لا يعنيني“.[148]
[ وقال يونس بن عبيد : ” ترك كلمة فيما لا يعني أفضل من صوم يوم “.
وقال الشافعي : ” ثلاثة تزيد في العقل : مجالسة العلماء ، ومجالسة الصالحين ، وترك الكلام فيما لا يعني “ ، وقال أيضاً : ” من أراد أن ينور الله قلبه فليترك الكلام فيما لا يعنيه “ ][149].
7 ـ الفضول مذموم .
8 ـ ينبغي للمسلم أن ينشغل بما يعنيه وينفعه .[150]
9 ـ اغتنام الحياة بالعمل الصالح . [151]
10 ـ أن الإيمان يزيد وينقص . [152]
الحديث الثالث عشر:
أُخُوَّةُ الإِيمَانِ واْلإسْلاَمِ
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-تماسك المجتمع المسلم والمحبة والود فيه 2-الإيمان الكامل) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي حَمْزَةَ أَنسِ بنِ مالكٍ t ـ خادِم رسولِ الله r ـ عن النبي r قال : "لا يُؤمِنُ أحَدُكُمْ حتى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسه". رَواهُ البُخاري ومُسلم.[153]
ترجمة الراوي :
هو أنس بن مالك بن النَّضر الخزرجي الأنصاري t ، ذهبت به أمه ـ أم سليم رضي الله عنها ـ إلى الرسول r لما قدم المدينة ، فقالت : يا رسول الله ، خذ هذا غلاماً يخدمك ، فقَبِله r بين عينيه ودعا له : ( اللهم أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَبَارِكْ له فِيمَا أَعْطَيْتَهُ )[154] ، وكان عمره حينئذ عشر سنين ، واستمر في خدمته إلى أن توفي r وهو عنه راضٍ ، وكان يصلي فيطيل القيام حتى تقطر قدماه دماً ، وكان إذا ختم القرآن جمع ولده وأهل بيته ودعا لهم ، وغزا مع النبي r ثمان غزوات ، وأقام بالمدينة وشهد الفتوح ثم قطن البصرة ومات بها سنة ( 90 هـ ) وقيل : سنة ( 91 هـ ) ، وعاش ( 99 ) سنة ، وقيل : تجاوز المئة ، قال ثابت البُناني : (قال لي أنس بن مالك : هذه شعرةٌ من شعر رسول الله r فضعها تحت لساني ) قال : ( فوضعتها تحت لسانه ، فدُفن وهي تحت لسانه ) [155]، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة ، رُوي له ( 2286 ) حديثاً[156] .
أهمية الحديث : هذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام ، والمقصود منه المساواة التي بها تحصل المحبة وتدوم الألفة بين الناس وتنتظم أحوالهم[157] .
مفردات الحديث : لا يؤمن : الإيمان الكامل[158] ، وهذا دليل على وجوب مابعدها. أحدكم : من يدعي الإيمان والإسلام منكم بعده . لأخيه : المسلم والمسلمة، وقيل : لأخيه الإنسان. ما يحب لنفسه : مثل الذي يحبه لنفسه من الخير والصلاح في الدين ، وأما الدنيا فمحبته لأخيه مستحبة .
المعنى العام: تماسك المجتمع المسلم والمحبة والود فيه : يهدف الإسلام أن يعيش الناس جميعاً متوادين ومتحابين، يسعى كل فرد منهم في مصلحة الجميع وسعادة المجتمع، حتى تسود العدالة، وتنتشر الطمأنينة في النفوس، ويقوم التعاون والتضامن فيما بينهم، ولا يتحقق ذلك كله إلا إذا أراد كل فرد في المجتمع لغيره ما يريده لنفسه من السعادة والخير والرخاء، ولذا نجده r يربط ذلك بالإيمان، ويجعله خَصْلَة من خِصَاله.
الإيمان الكامل: إن أصل الإيمان يتحقق بتصديق القلب الجازم، وإذعانه لربوبية الله عز وجل، والاعتقاد ببقية الأركان، من الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقضاء والقدر، ولا يتوقف أصل الإيمان على شيء سوى ذلك. وفي هذا الحديث يبين لنا رسول الله r أن الإيمان لا ترسخ جذوره في النفس، ولا يتمكن من القلب، ولا يكمل في صدر المسلم، إلا إذا أصبح إنسان خير، بعيداً عن الأنانية والحقد، والكراهية والحسد ، ومما يحقق هذا الكمال في نفس المسلم : أن يحب لغيره من الخير المباح وفعل الطاعات ما يحبه لنفسه، وأن يبغض لهم من الشر والمعصية ما يبغضه لنفسه أيضاً ، وأن يجتهد في إصلاح أخيه المسلم، إذا رأى منه تقصيراً في واجبه، أو نقصاً في دينه.
روى مسلم عن النبي r قال : " فمن أحبَّ أن يُزحزح عن النار ويدخل الجنَّة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يُؤتى إليه ، ومن بايع إماماً فأعطاه صفقةَ يده وثمرةَ قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخرُ ينازعه فاضربوا عنقَ الآخر " .[159]
من كمال الإيمان في المسلم أن لا يقتصر في حب الخير لغيره وبغض الشر له على المسلم فحسب، بل يحب ذلك لغير المسلم أيضاً، ولا سيما الإيمان، فيحب للكافر أن يسلم ويؤمن، ويكره فيه ويبغض له الكفر والفسوق ، قال r : "وأَحِبَّ للناس ما تُحبُّ لنفسكَ تكنْ مسلماً " رواه الترمذي .[160]
ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحباً . في هذا الحديث حثُّ منه r لكل مسلم، أن يحمل نفسه على حب الخير للناس، ليكون ذلك برهاناً منه على صدق إيمانه وحسن إسلامه. وهكذا تسري المحبة بين الناس جميعاً، وينتشر بينهم الخير.
أما المجتمع غير الإيماني فهو مجتمع أناني بغيض : إذا ذبل الإيمان في القلوب وانتفى كماله وانتفت محبة الخير للناس من النفوس، وحل محلَّها الحسدُ ونية الغش، وتمكنت الأنانية في المجتمع، وأصبح الناس ذئاباً بشرية، وانطبق على مثل هذا المجتمع قول الله عز وجل: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}[161] فهذا المجتمع إلى خراب وزوال .
[ أمثلة :
عن أبي ذر t قال : قال لي رسول الله e : ( يا أبا ذر إني أراك ضعيفاً وإني أحب لك ما أحب لنفسي ، لا تَأَمَّرَنَّ على اثنين ، ولا تَوَلَّيَنَّ مال يتيم ) رواه مسلم .[162]
قال ابن رجب رحمه الله :” وإنما نهاه عن ذلك لما رأى من ضعفه وهو e يحب هذا لكل ضعيف“.[163]
قال الشافعي : ” وددت أن الناس تعلموا هذا العلم ولا يُنسب إليّ منه شيء “ .[164]
فقوله : [ وددت ] دليل على محبته الخير للناس .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ” إني لأَمُرُّ على الآية من كتاب الله فأودُّ أن الناس كلهم يعلمون منها ما أعلم “ .[165]
وشكا بعضهم كثرة الفأر في داره فقيل له لو اقتنيت هرا فقال أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي .[166]
وفي كلام بعضهم : ارضَ للناس ما تحب لنفسك .[167]
وقيل للأحنف وكان أحلم الناس : ممن تعلمت الحلم ؟ قال : من نفسي ، قيل له : وكيف ذلك ؟ قال : كنت إذا كرهت شيئاً من غيري لم أفعل بأحد مثله . [168]
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ أن من خصال الإيمان أن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه[169] .
وقد جاء في الحديث عن يزيد بن أسد : قال : قال لي رسول الله e : ( أتحب الجنة ؟ قلت : نعم ، قال : فأحب لأخيك ما تحب لنفسك ) رواه أحمد .[170]
2 ـ الحث على ائتلاف قلوب الناس، والعمل على انتظام أحوالهم، وهذا من أهم ما جاء الإسلام من أجله وسعى إليه .
3 ـ التنفير من الحسد، لأنه يتنافى مع كمال الإيمان، فإن الحاسد يكره أن يفوقه أحد في خير أو يُساويه فيه، بل ربما تمنى زواله عنه ولو لم يصل إليه.
4 ـ أنَّ الإيمان يتفاضل و يزيد وينقص[171]: تزيده الطاعة وتنقصه المعصية[172].
5 ـ وجوب محبة الخير للغير كما تحبه لنفسك[173] .
6 ـ يدخل في هذا الباب الإيثار وهو قسمان : أ ـ الإيثار في القُرَبِ وهو مكروه لأنه يُخالف المسارعة في الخيرات . ب ـ الإيثار في أمور الدنيا وهو مستحب .
7 ـ الحديث يدل على ذمِّ الأنانية[174] .
الحديث الرابع عشر:
حُرْمَةُ دمِ المُسْلِم
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام :(1-القصاص وما يُستثنى منه 2-حد الرِّدَّة 3-تارك الصلاة 4 – القتل بغير الثلاث المذكورة ) ، ما يستفاد من الحديث
عن ابْنِ مَسْعُودٍ t[175] قالَ: قالَ رسُولُ الله r: "لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أنْ لاَ إله إلاّ الله وأَنِّي رَسُولُ الله إلاّ بإحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ وَالثَّيِّبُ الزَّانِي والمفارق لدينه التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ ". رَوَاهُ البخاري ومسلم وغيرهما ، وهذا لفظ البخاري [176].
أهمية الحديث :
إذا أصبحت حياة الفرد خطراً على حياة الجماعة ، فأصابه المرض وانحرف عن الصحة الإنسانية والسلامة الفطرية، وأصبح جرثومة خبيثة، تَفْتِك في جسم الأمة، وتُفْسِد عليها دينها وأخلاقها وأعراضها، وتنشر فيها الشر والضلال، فقد سقط حقه في الحياة، وأُهدر وجوده، ووجب استئصاله، ليحيا المجتمع الإسلامي في أمن ورخاء. وهذا الحديث من القواعد الخطيرة لتعلقه بأخطر الأشياء وهو الدماء، وبيان ما يحل وما لا يحل، وإن الأصل فيها العصمة.
مفردات الحديث:
لا يحل دم : أي لا تحل إراقته، والمراد: القتل. امْرِئٍ مُسْلِمٍ :( يشهد ألا إله إلا الله وأني رسول الله ) عند البخاري ومسلم وأبي داوود والترمذي والنسائي.
الثيِّب الزاني : الثيب: من ليس ببكر، يطلق على الذكر والأنثى، يقال: رجل ثيب، وامرأة ثيب، وإطلاقه على المرأة أكثر، و ( المراد هنا المحصن ، من تزوج ووطئ في نكاح صحيح )[177] والزاني هو في اللغة : الفاجر ، وشرعاً : وطء الرجل المرأة الحية في قُبُلِها من غير نكاح ( أي عقد شرعي ) .
التارك لدينه : هو الخارج من الدين بالارتداد، والمراد بالدين: الإسلام.
المفارق للجماعة : التارك لجماعة المسلمين بالرِّدَّة .
المعنى العام: إنَّ مَن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فأقرّ بوجوده سبحانه ووَحْدانيته، وصدَّق بنبوة خاتم الرسل r واعترف برسالته، فقد عصم دمه وصان نفسه وحفظ حياته، ولا يجوز لأحد ولا يَحِل له أن يُرِيق دمه أو يُزْهِق نفسه، وتبقى هذه العصمة ملازمة للمسلم، إلا إذا اقترف إحدى جنايات ثلاث:
1- قتل النفس عمداً بغير حق. 2- الزنا بعد الإحصان، وهو الزواج.
3- الرِّدَّة. أجمع المسلمون على أن حدَّ زنى الثيب ( المحصن ) الرجم حتى يموت ، لأنه اعتدى على عرض غيره ، وارتكب فاحشة الزنا ، بعد أن أنعم الله عز وجل عليه بالمتعة الحلال ، فَعَدل عن الطيب إلى الخبيث ، وجنى على الإنسانية بخلط الأنساب وإفساد النسل ، وتنكَّر لنهي الله عز وجل : {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا}[178].
وقد ثبت الرجم من قول رسول الله r وفعله ، فقد روى الجماعة أنه رجم ماعزاً ، وروى مسلم وغيره أنه r أمر برجم الغامدية .[179]
وكان الرجم في القرآن الذي نُسِخَ لفظه: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالاً من الله، والله عزيز حكيم".[180]
القصاص : أجمع المسلمون على أن من قتل مسلماً عمداً فقد استحق القصاص وهو القتل ، قال الله تعالى : {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[181] ، وذلك حتى يأمن النَّاسُ على حياتهم ، وقال الله تعالى : {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}[182] ، ويسقط القصاص إذا عفا أولياء المقتول .
(( ويُستثنى من القصاص :
1 ـ الوالد إذا قتل ولده ، لا يُقتل به ، هذا ما ذهب إليه الجمهور ، وحجتهم في ذلك قوله r : (لا يُقتل الوالد بالولد )[183] قال ابن عبد البر : هو حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق ، مستفيض عندهم ، وهو عمل أهل المدينة ، ومروي عن عمر t .
2 ـ المسلم إذا قتل كافراً ، فإنه لا يُقتل ، فإن كان الكافر المقتول حربياً ؛ لا يُقتل بلا خلاف ، وإن كان ذِمِّياً أو معاهِداً ؛ ففيه خلاف ؛ فالجمهور ذهبوا إلى القول بعدم قتله ؛ حجتهم في ذلك قوله r : ( لا يُقتل مسلم بكافر )[184] وهذا هو الراجح والله أعلم .
3 ـ الحُرُّ إذا قتل العبدَ لا يُقتل ، وذلك لأنَّ الله عز وجل قال : { الحرُّ بالحرِّ }[185] قال السيد سابق : وهذا التعبير يفيد الحصر ، فيكون معناه : ( أنَّه لا يُقتل الحرُّ بغير الحرِّ ) .[186]
وإذا كان لا يُقتل به فإنه يلزمه قيمته ، بالغة ما بلغت ، وإن جاوزت دية الحرِّ ؛ هذا إذا قتل عبد غيره[187]، وإذا قَتَلَ الحرُّ عبدَه ، فعقوبته كما في الحديث عَنْ عَمْرِو بن شُعَيْبٍ عن أبيه عن جَدِّهِ قال : قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَمْدًا مُتَعَمِّدًا فَجَلَدَهُ رسول اللَّهِ r مِائَةً وَنَفَاهُ سَنَةً وَمَحَا سَهْمَهُ من الْمُسْلِمِينَ " رواه ابن ماجه[188] ، "ولم يَقُدْه به[189] وأمره أن يُعتق رقبة " رواه البيهقي[190] ، وإلى هذا ذهب الجمهور منهم مالك وأحمد والشافعي))[191] .
حد الرِّدَّة : أجمع المسلمون على أن الرجل إذا ارتد ، وأصر على الكفر ، ولم يرجع إلى الإسلام بعد الاستتابة ، أنه يُقتل ، روى البخاري وأصحاب السنن : عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله r قال: "مَنْ بَدَّلَ دينَه فاقتلُوه " . [192]
تارك الصلاة : وأجمع المسلمون على أن من ترك الصلاة جاحداً بها فقد كفر واعتُبِر مرتداً ، وأقيم عليه حدُّ الرِّدة .
وأما إذا تركها كسلاً وهو يعترف بفرضيتها فقد اختلفوا في ذلك : فذهب الجمهور إلى أنه يُستتاب فإن لم يتب قتل حداً لا كفراً، وذهب الإمام أحمد وبعض المالكية إلى أنه يقتل كفراً، وقال الحنفية: يُحْبَس حتى يصلي أو يموت، ويُعَزَّر في حبسه بالضرب وغيره. قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ}[193] وقال سبحانه: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}[194]. وقال رسول الله r : " إِنَّ بين الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ ". رواه مسلم.[195]
( القتل بغير الثلاث المذكورة في الحديث :
قد يُقتل المسلم بغير الثلاث المذكورة في الحديث ، وقد تندرج هذه الأمور ضمنياً تحت الثلاث وهي : 1 ـ اللواط : يُقتل بسببه المسلم سواءٌ كان محصناً أو غير محصن ، ذهب إلى ذلك أبو بكر وعبد الله بن الزبير وابن عباس وجابر والزهري ومالك وإسحاق بن راهويه وأحمد والشافعي رحمهم الله ورضي عنهم ، وحجتهم في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله r : ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) .[196]
2 ـ قتل من أراد أن يشُقَّ عصا المسلمين : وذلك لقوله r : ( من أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ على رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أو يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ ) رواه مسلم[197]، ولقوله r : ( إذا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا ) رواه مسلم[198] .
3 ـ الإفساد في الأرض ، وقطع الطريق : قال الله تعالى : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يُقتَّلوا أو يُصلَّبوا أو تُقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم }[199].
وللعلماء في شرح هذه الآية كلام يطول ذكره ،[200] ولكن إذا قَتَلَ قُطَّاع الطريق يَتحتمُ قَتْلُهُم جميعاً . 4 ـ تارك الصلاة : وسبق بيان ذلك . 5 ـ من طلب أخذ مال إنسان أو حريمه بغير حق . 6 ـ [ الساحر : يُقتل ، قال بذلك أحمد ومالك وأبو حنيفة وعمر بن عبد العزيز وهؤلاء يقولون بكفره بسحره ، ويكون حكمه حكم المرتد ؛ كما رُوي عن عمر وعثمان وابن عمر وحفصة وجندب بن عبد الله وجندب بن كعب وقيس بن سعد ، والشافعي يرى إذا بلغ سحره الكفر يُقتل ، كما يشهد لذلك ما رواه مالك في الموطأ عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة : أنَّه بلغه أنَّ حفصةَ زوجَ النبي r قَتَلَتْ جاريةً لها ؛ سَحَرَتْهَا ، وقد كانت دَبَّرَتْهَا [201]، فَأَمَرَتْ بِهَا فَقُتِلَتْ .[202]
قال مالك[203] : الساحر الذي يعمل السحر ، ولم يعمل ذلك له غيره ؛ هو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه : {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق }[204] فأرى أن يُقتل ، إذا عمل ذلك هو نفسه ][205] .
ما يستفاد من الحديث: 1 ـ احترام المسلم وأنه معصوم الدم[206] . 2 ـ أن الدين المعتبر هو ما عليه جماعة المسلمين، وهم الغالبية العظمى منهم.
3 ـ الحث على التزام جماعة المسلمين وعدم الشذوذ عنهم.
4 ـ التنفير من هذه الجرائم الثلاثة (الزنا، والقتل، والردة ) ، والتحذير من الوقوع فيها.
5 ـ تربية المجتمع على الخوف من الله تعالى ومراقبته في السر والعلن قبل تنفيذ الحدود.
6 ـ الحدود في الإسلام رادعة، ويقصد منها الوقاية والحماية.
7 ـ وجوب رجم الزاني المحصن لقوله r : (( الثيب الزاني ))[207] .
8 ـ القصاص لا يكون إلا بالسيف عند الحنفية، وقال الشافعية: يُقتل القاتل بمثل ما قَتل به، وللولي أن يَعْدِل إلى السيف.
9 ـ جواز القصاص ولكن الإنسان مخير ـ أعني من له القصاص ـ بين أن يقتص أو يعفو إلى الدية أو يعفو مجاناً[208] .
10 ـ وجوب قتل المرتد إذا لم يتب[209] . 11 ـ استباحة الدم للحاكم فقط .
12 ـ لو كان في بلد لا تحكم بالإسلام فلا يُستباح الدم أيضاً ، إلا إذا جاء فقال : طهرني ، بشرط أن يكون دون القتل .
13 ـ حفظ الأعراض والأنساب من التلوث ، وحفظ النفس من الاعتداء عليها ، وحفظ الدين من التبديل والانحراف[210].
الحديث الخامس عشر:
من خِصَال الإيمَان القول الحسن ورعاية حق الضيف والجار
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-من آداب الكلام 2 - استشكال 3-العناية بالجار والوصاية به 4 – مراتب الجيران 5-من وسائل الإحسان إلى الجار 6 ـ حدود الجار 7-إكرام الضيف) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[211]: أنَّ رسُولَ اللهِ r قال : "مَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُل خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ فَلا يؤذِ جارَهُ، ومَنْ كانَ يُؤمِنُ باللهِ والْيوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ". رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ مسلم .[212]
أهمية الحديث : هذا الحديث حديث عظيم تتفرع منه آداب الخير وقيل فيه : إنه نصف الإسلام ، لأن الأحكام إما أن تتعلق بالحق أو الخلق وهذا أفاد الثاني ، إذ المقصود منه أن من كان كامل الإيمان فهو متصف بالشفقة على خلق الله تعالى قولاً بالخير أو سكوتاً عن الشر أو فعلاً لما ينتفع به أو تركاً لما يضر[213] .
مفردات الحديث:
يؤمن : المقصود بالإيمان هنا : الإيمان الكامل ، وأصل الإيمان التصديق والإذعان .
اليوم الآخر : يوم القيامة. يصمت : يسكت. فليكرم[214] جاره : يُحَصِّل له الخير، ويَكُفّ عنه الأذى والشر. فليكرم ضيفه : يقدم له الضيافة (من طعام أو شراب) ويحسن إليه.
المعنى العام: يحثنا رسول الله r في الحديث على أعظم خصال الخير وأنفع أعمال البِرّ، فهو يُبَيِّن لنا أن من كمال الإيمان وتمام الإسلام، أن يتكلم المسلم في الشؤون التي تعود عليه بالنفع في دنياه أو آخرته ، ومن ثَمّ تعود على المجتمع بالسعادة والهناء، وأن يلتزم جانب الصمت في كل ما من شأنه أن يسبب الأذى أو يجلب الفساد، فيستلزم غضب الله سبحانه وتعالى وسخطه.
روى الإمام أحمد في مسنده: عن أنس t، عن النبي r قال : "لا يستقيم إيمانُ عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه " .[215]
والخوض في الكلام سبب الهلاك وقد مرّ قوله r : "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" [ انظر الحديث رقم : 12] ، والمعنى أن الكلام فيما لا يعني قد يكون سبباً لإحباط العمل والحرمان من الجنة. فعلى المسلم إذا أراد أن يتكلم أن يفكر قبل أن يتكلم: فإن كان خيراً تكلم به، وإن كان شراً أمسك عنه، لأنه محاسب عن كل كلمة يلفظ بها. قال الله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[216]. وقال رسول الله r : " كل كلام ابن آدم عليه لا له .... "[217] وقال : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ، ما يلقي لها بالاً ، يرفعه الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ، لا يلقي لها بالاً ، يهوي بها في جهنم " . رواه الإمام أحمد [218]
ومن آداب الكلام :
الإمساك عن الكلام المحرَّم في أي حال من الأحوال. وعن اللغو و هو الكلام الباطل، كالغيبة والنميمة والطعن في أعراض الناس ونحو ذلك.
عدم الإكثار من الكلام المباح ، لأنه قد يجر إلى المحرم أو المكروه ، قال رسول الله r : " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله ، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله تعالى قسوةٌ للقلب ، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي " رواه الترمذي[219].
استشكال : (( قال الحافظ رحمه الله : استشكل التخيير الذي في قوله : ( فليقل خيراً أو ليصمت ) لأن المباح إذا كان في أحد الشقين لزم أن يكون مأموراً به فيكون واجباً أو منهياً فيكون حراماً .
والجواب عن ذلك : أنَّ صيغة ( افعل ) في قوله : ( فليقل ) وفي قوله : ( ليصمت ) لمطلق الإذن الذي هو أعمُّ من المباح وغيره ، نعم يلزم من ذلك أن يكون المباح حسناً لدخوله في الخير ))[220] .
العناية بالجار والوصاية به :
ومن كمال الإيمان وصدق الإسلام الإحسان إلى الجار والبرُّ به والكفُّ عن أذاه ، فالإحسان إلى الجار وإكرامه أمر مطلوب شرعاً، بل لقد وصلت العناية بالجار في الإسلام، إلى درجة لم يعهد لها مثيل في تاريخ العلاقات الاجتماعية، قال رسول الله r: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه". رواه البخاري.[221]
إن إيذاء الجار خلل في الإيمان يسبب الهلاك : وهو محرم في الإسلام ، ومن الكبائر التي يعظم إثمها ويشتد عقابها عند الله عز وجل .
عن النبي r قال : " والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل : من يا رسول الله ؟ قال : من لا يأمن جاره بوائقه" رواه البخاري[222]، أي : لا يَسْلَم من شروره وأذاه .
والمراد بقوله : "لا يؤمن"، أي الإيمان الكامل المنجي عند الله عز وجل .
(( مراتب الجيران : 1 ـ الجار المسلم ذو الرحم : فهذا له حق الجوار والإسلام والقرابة .
2 ـ الجار المسلم : فهذا له حق الجوار والإسلام . 3 ـ الجار الغير مسلم : وهذا له حق الجوار ، وذلك لعموم النصوص كما حمل ابن عمر الجار على عمومه ، بحيث يشمل المسلم وغيره ، ولذلك لما ذبح شاة أمر أن يُهدي منها لجاره اليهودي ، وكما هو واضح في قصة رسول الله r مع جاره اليهودي ))[223] .
من وسائل الإحسان إلى الجار: 1 ـ مواساته عند حاجته، روى الحاكم عن النبي r : "ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم".
2 ـ مساعدته وتحصيل النفع له، وإن كان في ذلك تنازل عن حق لا يضر التنازل عنه.
3 ـ الإهداء له، ولا سيما في المناسبات.
حدود الجار : ( قال النووي رحمه الله : الجار يقع على أربعة : 1 ـ الساكن معك في البيت . 2 ـ ويقع على من لاصق لبيتك . 3 ـ ويقع على أربعين داراً من كل جانب .
4 ـ ويقع على من يسكن معك في البلد . )[224] .
[ آثار إيذاء الجار :
أولاً : أن إيذاء الجار ليس من الإيمان ، لحديث أبي شُرَيْحٍ أَنَّ النبي r قال : " والله لا يُؤْمِنُ والله لا يُؤْمِنُ والله لا يُؤْمِنُ " ، قِيلَ : وَمَنْ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال : " الذي لا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه " [225].
ثانياً : أن عدم إيذاء الجار من الإيمان ، قال e : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ) . متفق عليه [226]
ثالثاً : أن أذى الجار سبب في دخول النار ، عن أبي هريرة t قال : ( قال رجل : يا رسول الله إنَّ فلانة يُذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها ، قال : هي في النار ، قال : يا رسول الله فإنَّ فلانة يُذكر من قِلَّةِ صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تَصَدَّقُ بالأتوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها ؛ قال : هي في الجنة ) رواه أحمد[227] ] [228].
إكرام الضيف من الإيمان ومن مظاهر حسن الإسلام :
يبين لنا رسول الله r في الحديث : أن من التزم شرائع الإسلام، وسلك مسلك المؤمنين الأخيار، لزمه إكرام من نزل عنده من الضيوف والإحسان إليهم، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه".
[ هل الضيافة حق واجب أم إحسان مستحب ؟
ذهب الليث إلى أنها واجبة مطلقاً ، قال النووي : ” واحتج بحديث : ( ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم )[229] وبحديث عقبة بن عامر قال : قال رسول الله e : ( إن نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأُمِرَ لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا فَإِنْ لم يَفْعَلُوا فَخُذُوا منهم حَقَّ الضَّيْفِ ) “ . رواه البخاري[230] ][231]، وذهب أحمد إلى أنها واجبة يوماً وليلة ، لقوله e : ( من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ ،قالوا : وما جَائِزَتُهُ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قال : يَوْمُهُ وَلَيْلَتُهُ وَالضِّيَافَةُ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ فما كان وَرَاءَ ذلك فَهُوَ صَدَقَةٌ عليه ، وقال : من كان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أو لِيَصْمُتْ ) . رواه مسلم [232]
قال ابن حجر : ” وخصه أحمد بأهل البوادي دون القرى “[233] ، قال النووي : ” وقد جاء في حديث : ( الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر ) لكنَّ هذا الحديث عند أهل المعرفة موضوع“ وقال : ” ولأنَّ المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواضع النزول “[234]، والجمهور على أن الضيافة مستحبة وسنة مؤكدة ، ومن باب مَكَارِمِ الأخلاق ، وليست بواجبة ،[235] [ قال النووي :” وهو قول عامة الفقهاء“.[236]
وقال ابن حجر : ” وقال الجمهور الضيافة سنة مؤكدة “ .[237]
وأجاب الجمهور عن حديث عقبة السابق بأمور :[238]
1 ـ أنه محمول على المضطرين فإن ضيافتهم واجبة .
2ـ أن ا لمراد أن لكم أن تأخذوا من أعراضهم بألسنتكم وتذكروا للناس لؤمهم وبخلهم والعيب عليهم وذمهم .
3 ـ أن ذلك كان في أول الإسلام إذ كانت المواساة واجبة فلما اتسع الإسلام نُسِخَ ذلك ، قال النووي رحمه الله : ( هكذا حكاه القاضي وهو تأويل ضعيف أو باطل لأن هذا الذي ادعاهُ قَائِلُهُ لا يُعْرَفُ ) .
4ـ أنه محمول على من مَرَّ بأهل الذمة الذين شُرِطَ عليهم ضيافةُ من يَمُرُّ بهم من المسلمين ، قال النووي : ( وهذا أيضاً ضعيف ) .
5 ـ أن هذا خاص بالعمال المبعوثين لمقتضى الصدقات من جهة الإمام .
والراجح أنها واجبة ، لأمر النبي e : ( فليكرم ... ) .[239]] [240]. ومن أدب الضيافة وكرمها البِشْر والبشاشة في وجه الضيف، وطيب الحديث معه، والمبادرة بإحضار ما تيسر عنده من طعام وشراب، وأما الضيف فمن أدبه أن لا يضيق على مزوره ولا يزعجه، ومن التضييق أن يمكث عنده وهو يشعر أنه ليس عنده ما يضيفه به.
ما يستفاد من الحديث : 1 ـ إن العمل بما عرفناه من مضمون هذا الحديث بالغ الأهمية، لأنه يحقق وحدة الكلمة، ويؤلف بين القلوب، ويذهب الضغائن والأحقاد، وذلك أن الناس جميعاً يجاور بعضهم بعضاً، وغالبهم ضيف أو مضيف، فإن أكرم كل جار جاره، وكل مضيف ضيفه، صلح المجتمع، واستقام أمر الناس، وسادت الأُلفة والمحبة، ولا سيما إذا التزم الكل أدب الحديث، فقال حسناً أو سكت.
2 ـ في الحديث بيان سمات الإيمان وكلها واجبة ، وهي : أ ـ التحدث بالخير أو الصمت ، ومنه أنَّ أشد شيء يُحفظ هو اللسان .
ب ـ إكرام الجار وعدم أذيته . ج ـ إكرام الضيف[241] . 3 ـ أهمية التفكر قبل التكلم[242] .
4 ـ يستحسن النطق في موضعه كما يستحسن السكوت في وقته[243] .
5 ـ لا يجوز السكوت عن الحق[244] ، قال النووي رحمه الله : ونُقِل عن أبي القاسم القشيري رحمه الله قال : سمعت أبا علي الدقاق يقول :من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس ، وكذا نقله في حلية العلماء عن غير واحد .[245]
6 ـ عدم التكلم فيما لا يعني[246] .
7 ـ [ ينبغي على العبد مراقبة لسانه ، فإنه كما قال e : ( ... وهل يَكُبُّ الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم )[247] ، قال ابن عباس : ” رحم الله عبداً قال خيراً فَغَنِمَ ، أو سَكَتَ عن شَرٍّ فَسَلِمَ “[248] ].[249]
8 ـ الاهتمام بشؤون الجار[250] ، وتحريم إلحاق الأذى به .
9 ـ إكرام الجار غير المسلم[251] .
10 ـ الكلام الطيب مع الضيف والبشر في وجهه والاجتهاد في خدمته[252] .
11 ـ أنه يصح نفي الإيمان لانتفاء كماله لقوله r : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر " .
ونفي الإيمان ينقسم إلى قسمين :
أ ـ نفي مطلق : وهو الذي يكون الإنسان به كافراً كفراً مخرجاً عن الملَّة .
ب ـ مطلق نفي : وهو الذي يكون به الإنسان كافراً في هذه الخصلة التي فرَّط فيها ، لكنه معه أصل الإيمان ـ أي كفراً أصغر ـ ، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة ؛ أن الإنسان قد يجتمع فيه خصال الإيمان وخصال الكفر[253] .
12 ـ فيه الحث على حسن معاشرة الآخرين[254] .
الحديث السادس عشر:
لا تَغْضَبْ وَلَكَ الجَنَّة[255]
أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-آثار الغضب 2-دفع الغضب ومعالجته 3- فائدة) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي هُرَيْرَةَ t[256] أنَّ رَجُلاً قال لِلنَّبِّي r: أَوصِني، قالَ: "لا تَغْضَب"، فَرَدَّدَ مِرَاراً، قال: "لا تَغْضَب". رواه البخاري[257] .
أهمية الحديث : هذا الحديث من جوامع كلمه r لأنه جمع بين خيري الدنيا والآخرة[258] .
مفردات الحديث:
رجلاً : قيل : هو أبو الدرداء t ، وقيل : جاريةُ بن قُدَامة t[259] . أوصني : دلني على عمل ينفعني ، والوصية : هي الدلالة على الخير .
لا تغضب : اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لما يجلبه.، ولا تغضب إذا أتت دواعي الغضب .[260]
فردد مراراً : كرر طلبه للوصية أكثر من مرة[261].
المعنى العام :
المسلم إنسان يتصف بمكارم الأخلاق ، يتجمل بالحلم والحياء ، ويَلْبَس ثوب التواضع والتودد إلى الناس ، وتظهر عليه ملامح الرجولة ، من الاحتمال وكف الأذى عن الناس ، والعفو عند المقدرة ، والصبر على الشدائد ، وكظم الغيظ إذا اعْتُدِيَ عليه أو أُثير ، وطلاقة الوجه والبشر في كل حال من الأحوال .
وهذا ما وَجَّه إليه رسول الله r ذلك الصحابيَّ المستنصِحَ ، عندما طلب منه أن يوصيه بما يبلغه المقصود ويحقق له المطلوب بتلك العبارة الموجزة ، الجامعة لكل خير ، المانعة لكل شر : " لا تغضب " .
أي تخلق بالأخلاق الرفيعة، أخلاق النبوة، أخلاق القرآن، أخلاق الإيمان، فإنك إذا تخلقت بها وصارت لك عادة، وأصبحت فيك طبعاً وسجية، اندفع عنك الغضب حين وجود أسبابه، وعرفت طريقك إلى مرضاة الله عز وجل وجنته .
يُروى أن عيسى عليه السلام قال ليحيى بن زكريا عليه السلام : ( إني معلمك علماً نافعاً : لا تغضب ، فقال : وكيف لي أن لا أغضب ؟ قال : إذا قِيلَ لك ما فيك ، فقل : ذَنْبٌ ذُكِّرْتَهُ اِستغفرِ الله منه ، وإن قِيلَ لك ما ليس فيك ، فاحمد الله إذ لم يجعل فيك ما عُيِّرْتَ به وهي حسنةٌ سِيقَتْ إليك )[262] .
الحلم وضبط النفس سبيل الفوز والرضوان : إذا غلب الطبع البشري، وثارت فيك قوى الشر، أيها المسلم الباحث عن النجاة، فإياك أن تعطي نفسك هواها، وتدع الغضب يتمكن منك فيكون الآمر والناهي لك، فترتكب ما نهاك الله عنه، بل جاهد نفسك على ترك مقتضى الغضب، وتذكر خُلُق المسلم التقي والمؤمن النقي، الذي وصفك الله تعالى به بقوله : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[263].
إذا لم يغضب المرء فقد ترك الشر كله ، ومن ترك الشر كله ، فقد حصل الخير كله .
الغضب ضعف والحلم قوة : سرعة الغضب والانقياد له عنوان ضعف الإنسان ، ولو ملك السواعد القوية ، والجسم الصحيح .
روى البخاري ومسلم : عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : " ليس الشديد بالصُّرَعَة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " [264]، والصرعة هو الذي يَغْلِبُ الرِّجالَ ولا يَغْلِبُهُ الرِّجالُ .
آثار الغضب : الغضب خُلُقٌ مذموم وطبع سيء وسلاح فتاك، إذا استسلم له الإنسان وقع صريع آثاره السيئة، التي تضر بالفرد نفسه أولاً، وبالمجتمع ثانياً.
أما أضراره بالنفس ، فهي: جسمية مادية، وخلقية معنوية، وروحية دينية. وأما أضراره بالمجتمع : فهو يولد الحقد في القلوب، وإضمار السوء للناس، وهذا ربما أدى إلى إيذاء المسلمين وهجرهم.
دفع الغضب ومعالجته : أسباب الغضب كثيرة ومتنوعة، منها: الكبر والتعالي والتفاخر على الناس، والهزء والسخرية بالآخرين، وكثرة المزاح ولا سيما في غير حق، والجدل والتدخل فيما لا يعني.
وأما معالجة الغضب، فيكون بأمور كثيرة أرشدنا إليها الإسلام، منها:
1 ـ أن يروض نفسه ويدرِّبَها على التحلي بمكارم الأخلاق، كالحلم والصبر والتأني في التصرف والحكم.
2 ـ أن يضبط نفسه إذا أُغضب ويتذكر عاقبة الغضب وما يترتب عليه من المفاسد ، وفضل كظم الغيظ والعفو عن المسيء : {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[265].
روى أحمد عن النبي r : " وما من جرعة أحب إليَّ من جرعة غيظ يكظمها عبدٌ ، ما كظمها عبدٌ لله إلا ملأَ اللهُ جوفَهُ إيماناً " .[266]
3 ـ الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى : {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[267].
روى البخاري ومسلم : عن سليمان بن صرد قال : استبَّ رجلان عند النبي r، وأحدُهما يسبُّ صاحبَه مُغضباً قد احمَرَّ وجهُه، فقال النبي r: "إني لأعلمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يجد، لو قال: أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم".[268]
4 ـ تغيير الحالة التي هو عليها حال الغضب، فقد روى أحمد وأبو داود عن أبي ذر الغفاري t قال : قال لنا رسول الله r : "ذا غضبَ أحدُكم وهو قائم فليجلسْ ، فإن ذهبَ عنه الغضب ، وإلا فليضطجعْ " رواه أبو داود[269].
5 ـ ترك الكلام ، لأنه ربما تكلم بكلام قوبل عليه بما يزيد من غضبه ، أو تكلم بكلام يندم عليه بعد زوال غضبه ، وروى أحمد : " وإذا غضب أحدُكم فليسكتْ ". [270]
6 ـ الوضوء أو الاغتسال ، وذلك أن الغضب يُثير حرارة في الجسم ، والماء يبرده فيعود إلى طبعه ، روى أبو داود : أنه r قال : " إن الغضب من الشيطان ، وإن الشيطان خُلق من النار ؛ وإنما تُطْفَأُ النارُ بالماءِ ؛ فإذا غضب أحدكم فليتوضأ " .[271]
7 ـ أن يتذكر عظمة الله تعالى عليه وحلم الله تعالى على عباده[272] . 8 ـ مفارقة مكان المشكلة . 9 ـ [ من كتم غضبه فله الجنة .
فقد جاء في رواية عند الطبراني لهذا الحديث ( ... لا تغضب ولك الجنة )[273] ][274]. 10 ـ [ معرفة فضل من كتم غيظه .
قال تعالى : { والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين }[275] .
وقال e : ( ليس الشديد بالصرعة ، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) متفق عليه .[276]
وقالe:( ما تجرع عبد جرعة أفضل عند الله من جرعة غيظ يكظمها ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى)رواه الإمام أحمد[277]][278]
[ نماذج من كتم الغيظ وعدم الغضب :
1 ـ حكي أن جارية تصب الماء لعلي بن الحسين ، فسقط الإبريق من يدها على وجهه فشجه ، أي جرحه ، فرفع رأسه إليها ، فقالت له : إن الله يقول : { والكاظمين الغيظ } فقال لها : قد كظمت غيظي ، قالت : {والعافين عن الناس } قال لها : قد عفوت عنك ، قالت : { والله يحب المحسنين } ، قال : اذهبي فأنت حرة لوجه الله .[279]
2 - روي أن رجلاً قال لعمر t : إنك لا تقضي بالعدل ، ولا تعطي الحق . فغضب واحمر وجهه ، قيل له : يا أمير المؤمنين ، ألم تسمع أن الله يقول : { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين }[280] وهذا جاهل ، فقال : صدقت ، فكأنما كان ناراً فأطفئت .[281]
3 - وحكي أن الفضيل بن غزوان كان إذا قيل له : إن فلاناً يقع في عرضك ، يقول : والله لأغيظن من أمره ، يعني : إبليس ، ثم يقول : اللهم إن كان صادقاً فاغفر لي ، وإن كان كاذباً فاغفر له .[282]][283].
الغضب لله تعالى : الغضب المذموم الذي يُطلب من المسلم أن يعالجه ويبتعد عن أسبابه ؛ هو ما كان انتقاماً للنفس، ولغير الله تعالى ونصرة دينه.
أما ما كان لله تعالى : بسبب التعدي على حرمات الدين، من تحدٍ لعقيدة، أو تهجم على خُلُق أو انتقاص لعبادة،فهو في هذه الحالة خلق محمود، وسلوك مطلوب.
وورد : أنه r كان لا يغضب لشيء ، فإذا انتُهكتْ حرمات الله عز وجل ، فحينئذ لا يقوم لغضبه شيء . رواه البخاري ومسلم.[284]
الغضبان مسؤول عن تصرفاته : إذا أتلف الإنسان، حال غضبه، شيئاً ذا قيمة لأحد، فإنه يضمن هذا المال ويغرم قيمته، وإذا قتل نفساً عمداً وعدواناً استحق القصاص، وإن تلفظ بالكفر حكم بردته عن الإسلام حتى يتوب. وإن حلف على شيء انعقد يمينه، وإن طلق وقع طلاقه.
فائدة : سئل النبي r الوصية فنوَّع الإجابة ، وهذا يُحمل على أمرين : أ ـ فيه مراعاة لحال السائل . ب ـ فيه تنويع لخصال الخير .
ما يستفاد من الحديث: 1 ـ حرص المسلم على النصيحة وتعرف وجوه الخير، والاستزادة من العلم النافع والموعظة الحسنة.
2 ـ كما أفاد الحث على الإقلال من القول، والإكثار من العمل، والتربية بالقدوة الحسنة. 3 ـ النهي ، والتحذير من الغضب ، فإنه جِماع الشر ، والتحرز منه جِماع الخير[285] .
4 ـ مراعاة حال المستفتي وإرشاده إلى ما يناسبه[286] .
الحديث السابع عشر :
عُمومُ الإِحْسَان
ترجمة الراوي ، أهمية الحديث ، مفردات الحديث ، المعنى العام:(1-الإحسان في القتل 2-النهي عن التحريق بالنار 3-الإحسان في ذبح البهائم ) ، ما يستفاد من الحديث
عن أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ t عن رسولِ اللهِ r قال: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ على كل شَيْءٍ فإذا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وإذا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ " . رواه مسلم.[287]
ترجمة الراوي :
هو أبو يعلى شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر t ، وهو ابن أخي حسان بن ثابت الأنصاري الخزرجي t [288] ، كان جامعاً بين العلم والحكمة ، وإذا دخل الفراش يتقلب عليه ولا يأتيه النوم فيقول : اللهم إنَّ النار قد أسهرتني وأذهبت عني النوم ، ثمَّ يقوم فيصلي حتى يُصبح ، ثمَّ إنَّ شداد سكن بيت المقدس ووُلد به وتُوفي فيه سنة ( 58 هـ ) عن ( 75 ) سنة ، رُوي له ( 50 ) حديثاً[289] .
أهمية الحديث : هذا الحديث قاعدة من قواعد الدين الهامة ، ويتضمن إتقان جميع تعاليم الإسلام ، لأن الإحسان في الفعل يكون بإيقاعه كما طلب الشرع .
مفردات الحديث:
كتب : طلب و أوجب . الإحسان : مصدر أحسن إذا أتى بالحَسَن، ويكون بإتقان العمل. على كل شيء : يُحتمل معنيان : أ ـ أن تكون الكتابة قدرية . ب ـ أن تكون الكتابة شرعية ، وتكون ( على ) بمعنى ( في ) ، والاحتمال الثاني أظهر . القِتلة : بكسر القاف، طريقة القتل.
ليحد : يقال أَحَدَّ السكين، وحَدَّها، واستحدَّها بمعنى واحد . شفرته : السكين وما يذبح بها، وشفرتُها: حَدُّها.
المعنى العام :
ينص الحديث على وجوب الإحسان، وهو الإحكام والإكمال والتحسين في الأعمال المشروعة، وقد أمر الله به في كتابه العزيز فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}[290] وقال سبحانه: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[291]. وهو مطلوب عند الإتيان بالفرائض ، وفي ترك المحرمات ، وفي معاملة الخلق ، والإحسان فيها أن يأتي بها على غاية كمالها ، ويحافظ على آدابها المصححة والمتممة لها ، فإذا فعل قُبل عمله وكَثُر ثوابه .
[ فضائل الإحسان :
أولاً : أن من أحسن إلى الناس أحسن الله إليه، قال تعالى : {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}[292].
ثانياً : لهم في الدنيا حسنة ، قال تعالى :{للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة }[293] .
ثالثاً : رحمة الله قريبة من المحسنين ، قال تعالى :{إن رحمت الله قريب من المحسنين }[294].
رابعاً : لهم الجنة ونعيمها ، قال تعالى : {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة }[295].
خامساً : تبشير المحسنين ، قال تعالى : {وبشر المحسنين }[296] .
سادساً : أن الله معهم ، قال تعالى : {وإن الله لمع المحسنين }[297].
سابعاً : إن الله يحب المحسنين ، قال تعالى : { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين }[298] .
ثامناً : إن الله لا يضيع أجر المحسنين ، قال تعالى : {إن الله لا يضيع أجر المحسنين }[299] .
تاسعاً : الإحسان سبب في دخول الجنة ، قال تعالى : {آخذين ما أتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين }[300].
عاشراً : الكافر إذا رأى العذاب تمنى أن لو أحسن في الدنيا ، قال تعالى : {أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكــون من المحسنين}[301] .] [302]. الإحسان في القتل: وهو تحسين هيئة القتل بآلة حادة، ويكون بالإسراع في قتل النفوس التي يُباح قتلها على أسهل الوجوه، والقتل المباح إما أن يكون في الجهاد المشروع ، وإما أن يكون قِصاصاً أو حَدّاً من حدود الله تعالى، وقد نهى النبي r عن المُثْلَةِ ، وهي قطع أجزاء من الجسد، سواء أكان ذلك قبل الموت أم بعده ، ففي صحيح البخاري أن النبي r : " نهى عن المُثْلة "[303] .
ولئن جاز للمسلمين أن يستخدموا الأسلحة النارية والمدفعية المدمرة من قبيل المعاملة بالمثل {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[304] ، فإنه لا يجوز لهم بحال من الأحوال أن يتجهوا في قتالهم بها إلى التعذيب والتشويه ، فالإسلام يرفض هذا المسلك المتوحش ، ويبقى منطلقه هو الإحسان إلى كل شيء، وخاصة الإنسان .
وأما القتل قصاصاً: فلا يجوز التمثيل بالمُقتص منه، بل يُقتل بالسيف، فإن كان القاتل المتعمد قد مَثـَّلَ بالمقتول، فقد ذهب مالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه إلى أنه يُقتل كما قَتَلَ ، وذهب أبو حنيفة وأحمد - في رواية عنه - إلى أنه لا يقتل إلا بالسيف .
وأما القتل حداً للكفر ، فأكثرُ العلماء على كراهة المثلة فيه أيضاً، سواء كان لكفر أصليٍّ أم لردة عن الإسلام.
ورجم الزاني المحصن مستثنى من الحديث ، أو يُقال : المراد بقوله r : " فأحسنوا القِتْلَةَ " موافقة الشرع ، وقتله بالرجم موافق للشرع . النهي عن التحريق بالنار: ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله r أَذِنَ بالتحريق بالنار ثم نهى عنه ، وروى البخاري عن ابن عباس أن النبي r قال : " لا تُعَذِّبُوا بعذابِ الله عز وجل " .[305]
وهذا يدل على أن تعاليم النبي الكريم تقدمت وسبقت ما اتفقت عليه الدول من منع القنابل المحرقة ، علماً بأن الدول الكبيرة والقوية لم تلتزم بهذا المنع، بل بقي حبراً على ورق . والنهي عن التحريق في الإسلام يشمل الحيوانات والهوام، ففي المسند عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال : " كنا مع النبي r فَمَرَرْنَا بِقَرْيَةِ نَمْلٍ فَأُحْرِقَتْ فقال النبي r : لاَ ينبغي لِبَشَرٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ عز وجل " .[306]
النهي عن صبر البهائم: وهو أن تُحبس البهيمة ثم تضرب بالنبل ونحوه حتى تموت. النهي عن اتخاذ شيء فيه الروح غرضاً: والغرضُ هو الذي يُرمى فيه بالسهام. أي يتخذونها هدفاً. الإحسان في ذبح البهائم: وفي الإسلام آداب يلتزم بها المسلم عند الذبح وهي بمجموعها تجسيد عملي للإحسان والرفق، فمن ذلك أن يحدَّ الشفرة ، ليكون الذبح بآلة حادة تريح الذبيحة بتعجيل زهوق روحها، ولا يحد السكين قبالتها ، ومن الآداب الرفق بالذبيحة، فتساق إلى الذبح سوقاً رفيقاً، وتواري السكين عنها، ولا يُظهرْ السكين إلا عند الذبح ، وأن يعرض عليها الماء قبل الذبح ، ولا يذبح اللبون ولا ذات الولد حتى يستغني عن اللبن ، ولا يقطع منها شيئاً حتى تموت ، كما يستحب أن لا يذبح ذبيحة بحضرة أخرى، ويوجه الذبيحة إلى القبلة، ويسمي عند الذبح، ويتركها إلى أن تبرد، ويستحضر نية القُرْبةَ، ويعترف لله تعالى بالمِنّة في ذلك، لأنه سبحانه سَخَّرَ لنا هذه البهائم وأنعم بها علينا.
ومن الإحسان لها أن لا تُحَمَّل فوق طاقتها، ولا تركب واقفة إلا لحاجة، ولا يُحلب منها إلا ما لا يضرُّ بولدها ، وأن لا يستقصي في الحلب ويقلم أظفاره عند الحلب[307] .
ما يستفاد من الحديث :
1 ـ الرفق بالحيوان[308] . 2 ـ والحديث بعد هذا كله قاعدة من قواعد الإسلام الهامة، لأنه دعوة كريمة من النبي r إلى الإحسان في كل عمل.
3 ـ [ من أجل أنواع الإحسان : الإحسان إلى من أساء إليك بقول أو فعل .
قال تعالى : ] ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم [ [309].][310]
4 ـ النهي عن المثلة بالإنسان بعد قتله .[311]
5 ـ حسن التعامل مع المخلوقات .[312]
[1] ـ صحيح البخاري ج6/ص2658 حديث رقم : 6858 بلفظ : " دَعُونِي ما تَرَكْتُكُمْ إنما أهلك من كان قَبْلَكُمْ سؤالهم وَاخْتِلافِهِمْ على أَنْبِيَائِهِمْ فإذا نَهَيْتُكُمْ عن شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ وإذا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ " ، وصحيح مسلم ج4/ص1830 حديث رقم : 1337 .
[2] ـ سنن ابن ماجه ج2/ص817 حديث رقم : 2445 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 5 / ص 445) : ضعيف .
[3] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[4] ـ صحيح مسلم ج2/ص975 حديث رقم : 1337 .
[5] ـ كما في سنن ابن ماجه ج2/ص963 حديث رقم : 2886 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 6 / ص 386) : صحيح .
[6] ـ انظر : مسند أحمد بن حنبل ج1/ص255 حديث رقم : 2304 .
[7] ـ انظر : سنن الدارقطني ج2/ص279 حديث رقم : 197 ، وكذا حديث رقم : 201 .
[8] ـ انظر : المستدرك على الصحيحين ج1/ص643 حديث رقم : 1728 .
[9] ـ راجع : روح المعاني ج7/ص39 .
[10] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 44 .
[11] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 44 .
[12] ـ وذلك لأن الأوامر كثيرة ، وتقول القاعدة : ( لا واجب مع العجز ) .
[13] ـ كما هو مذهب الإمام النووي رحمه الله ، ومن العلماء من يرى أنه لا يتيمم للباقي لأنه عمل بقوله تعالى : { فاتقوا الله ما استطعتم } .
[14] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 106 .
[15] ـ شرح النووي على الأربعين .
[16] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 105 .
[17] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 105 بنحوه .
[18] ـ البقرة: 173 .
[19] ـ البقرة: 185 .
[20] ـ الحج: 78 .
[21] ـ صحيح البخاري ج1/ص23 حديث رقم : 39 .
[22] ـ صحيح البخاري ج1/ص38 حديث رقم : 69 .
[23] ـ سنن الترمذي ج4:ص551 باب من اتقى المحارم فهو أعبد الناس حديث رقم : 2305 ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( ج 3 / ص 4 ) حديث رقم : 930 .
ونص الحديث : عن أبي هُرَيْرَةَ t قال : قال رسول اللَّهِ r : " من يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أو يُعَلِّمُ من يَعْمَلُ بِهِنَّ " ؟ فقال أبو هُرَيْرَةَ t فقلت : أنا يا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا ؛ وقال : " اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ الناس ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ الله لك تَكُنْ أَغْنَى الناس ، وَأَحْسِنْ إلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ ما تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا ، ولا تُكْثِرْ الضَّحِكَ فإن كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ " .
[24] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص96 ، ورواه أبو يعلى مرفوعاً ، انظر : مسند أبي يعلى ج8/ص361 حديث رقم :4950.
[25] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص97 .
[26] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص96 .
[27] ـ صحيح البخاري ج5/ص2375 حديث رقم : 6108 .
[28] ـ النحل : 43 .
[29] ـ شعب الإيمان ج2/ص254 حديث رقم : 1665 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه (ج 1 / ص 296) : صحيح .
[30] ـ التوبة : 122 .
[31] ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم يسألون رسول الله r استهزاءً ، فيقول الرجل : من أبي ؟ ويقول الرجل تضِلُّ ناقته : أين ناقتي ؟ فأنزل الله هذه الآية : { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم } . ( الفتح 17 / 23 ، 24 ) .
[32] ـ سنن أبي داود ج3:ص321 حديث رقم : 3656 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 8 / ص 156) : ضعيف .
[33] ـ انظر : عون المعبود ج10/ص64 وفيه أيضاً : ( نهى عن الغَلوطات ) بفتح الغين ، قال في النهاية : وفي رواية : ( الأغلوطات ) ؛ قال الهروي : الغلوطات تركت منها الهمزة كما تقول جاء الأحمر وجاء الحمر بطرح الهمزة وقد غلط من قال : إنها جمع غلوطة ، وقال الخطابي : يُقال : مسألة غلوط إذا كان يغلط فيها ؛ كما يُقال : شاة حلوب وفرس ركوب ، فإذا جعلتها اسماً زدت فيها الهاء ؛ فقلت : غلوطة ؛ كما يُقال : حلوبة وركوبة .
وفي ص65 قال : فأما ( الأغلوطات ) فهي جمع أغلوطة أفعولة من الغلط كالأحدوثة والأعجوبة . انتهى .
قال الخطابي : قال الأوزاعي : وهي شرار المسائل ، والمعنى أنه نهى أن يُعتَرَضَ العلماءُ بِصِعَابِ المسائِلِ التي يكثر فيها الغلط لِيُسْتَزَلوا بها ويَسْقُطَ رأيُهم فيها . انتهى .
قال المنذري : في إسناده عبد الله بن سعد ، قال أبو حاتم الرازي : مجهول .
[34] ـ ولهذا قال r : ( وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها ) . ( شرح النووي على الأربعين ) .
[35] ـ صحيح البخاري ج6:ص2658 حديث رقم : 6859 .
[36] ـ قال النووي رحمه الله : وهذا النهي خاص بزمانه r ، أما بعد أن استقرت الشريعة وأُمن من الزيادة ، زال النهي بزوال سببه .( قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 107 ) .
[37] ـ الأنبياء: 92 .
[38] ـ آل عمران: 105 .
[39] ـ الأنعام: 159 .
[40] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[41] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[42] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[43] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 45 .
[44] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[45] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[46] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 32 .
[47] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 32 .
[48] ـ النحل: 43 .
[49] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 46 .
[50] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[51] ـ المؤمنون: 51 .
[52] ـ البقرة: 172 .
[53] ـ صحيح مسلم ج2/ص703 حديث رقم : 1015 .
[54] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 33 .
[55] ـ فاطر: 10 .
[56] ـ المؤمنون : 51 .
[57] ـ البقرة : 57 .
[58] ـ سنن أبي داود ج2:ص89 حديث رقم : 1536 واللفظ له ، و سنن الترمذي ج4:ص314 حديث رقم : 1905 ، و سنن ابن ماجه ج2/ص1270 حديث رقم : 3862 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 4 / ص 36) : حسن .
[59] ـ صحيح مسلم ج4:ص2024 حديث رقم : 2622 ؛ باب فضل الضعفاء والخاملين .
[60] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري/49،50 بتصرف يسير .
[61] ـ سنن الترمذي ج5:ص556 حديث رقم : 3556 ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 8 / ص 56) حديث رقم : 3556 : صحيح .
[62] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 34 .
[63] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[64] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[65] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 49 .
[66] ـ المؤمنون : 51 .
[67] ـ البقرة : 172 .
[68] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[69] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[70] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[71] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[72] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[73] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[74] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 36 بنحوه .
[75] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 49 بنحوه.
[76] ـ البقرة : 172 .
[77] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 35 .
[78] ـ البقرة : 255 .
[79] ـ سبأ : 23 .
[80] ـ النحل : 50 .
[81] ـ الأنعام : 18 .
[82] ـ فاطر : 10 .
[83] ـ الحجر : 9 .
[84] ـ مسند أبي يعلى ج2:ص391 حديث رقم : 1163 ، قال الشيخ حسين أسد : إسناده صحيح .
[85] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[86] ـ شبَّهه لسروره وفرحه به وإقبال نفسه عليه بريحانٍ طيب الرائحة ، تهش إليه النفس وترتاح له . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 51 ) .
[87] ـ سنن الترمذي ج4/ص668 حديث رقم : 2518 ، وسنن النسائي (المجتبى) ج8 : ص327 حديث رقم : 5711 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 6 / ص 18) : صحيح .
[88] ـ سنن الترمذي ج4/ص668 حديث رقم : 2518 ، وسنن البيهقي الكبرى ج5:ص335 حديث رقم : 10601 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 6 / ص 18) : صحيح .
[89] ـ صحيح ابن حبان ج2:ص498 حديث رقم : 722 ، قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، قال الذهبي في التلخيص : صحيح .
[90] ـ المستدرك على الصحيحين ج2:ص15 حديث رقم : 2169 .
[91] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[92] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[93] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 51 .
[94] ـ صحيح البخاري ج3:ص1371 حديث رقم : 3543 ، و ج5:ص2234 حديث رقم : 5648 .
[95] ـ راجع : جامع العلوم والحِكم / 103 ، 104 .
[96] ـ صحيح البخاري ج1:ص28 ، حديث رقم : 52 ، باب فضل من استبرأ لدينه .
[97] ـ المستدرك على الصحيحين ج1:ص170 حديث رقم : 314 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب (ج 1 / ص 16) : صحيح لغيره .
[98] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص1410 حديث رقم : 4217 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 9 / ص 217) حديث رقم : 4217 : صحيح .
[99] ـ صحيح البخاري ج2:ص857 حديث رقم : 2299 ، وصحيح مسلم ج2/ص752 حديث رقم : 1071 بلفظ : ( عن أَنَسِ بن مَالِكٍ أَنَّ النبي r وَجَدَ تَمْرَةً فقال : " لَوْلا أَنْ تَكُونَ من الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُهَا " ) .
[100] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[101] ـ الدر المنثور ج1/ص61 .
[102] ـ الورع لابن أبي الدنيا ج1/ص57 ، وجامع العلوم والحكم ج1/ص110 .
[103] ـ تبيين الحقائق ج4/ص96 ، و المبسوط للسرخسي ج10/ص172 .
[104] ـ الكبائر ج1/ص120 ، و إحياء علوم الدين ج2/ص95 .
[105] ـ فيض القدير ج3/ص529
[106] ـ كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج29/ص315 .
[107] ـ لسان الميزان ج1/ص378 ، و جامع العلوم والحكم ج1/ص96 .
[108] ـ صحيح البخاري ج1:ص21 حديث رقم : 33 .
[109] ـ المائدة : 119 .
[110] ـ صحيح البخاري ج5:ص2261 حديث رقم : 5743 ، وصحيح مسلم ج4/ص2012 حديث رقم : 2607 .
[111] ـ صحيح مسلم ج4:ص2013 حديث رقم : 2607 .
[112] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[113] ـ كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في الفقه ج20/ص74 .
[114] ـ الفوائد ج1/ص149 .
[115] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[116] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 51 بنحوه.
[117] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[118] ـ ترك الخلاف يكون من الورع في المسائل المعضلة الكبيرة التي يعجز المرء من الوصول للحق فيها. ( قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 121 ) .
[119] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[120] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 36 .
[121] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[122] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[123] ـ تقدمت ترجمته في الحديث التاسع .
[124] ـ ( من ) تبعيضية أو بيانية ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 53 ) .
[125] ـ سنن الترمذي ج4:ص558 حديث رقم : 2317 .
[126] ـ قال الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح - (ج 3 / ص 49) حديث رقم : 4839 : ( صحيح ) ... رواه مالك وأحمد .
[127] ـ قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 317) : صحيح .
[128] ـ جامع العلوم والحكم ص 105 .
[129] ـ كنز العمال ج15/ص390 حديث رقم : 43593 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف الجامع الصغير (ج 11 / ص 378) : ضعيف جداً .
[130] ـ شرح الزرقاني ج4/ص317 .
[131] ـ المستدرك على الصحيحين ج2:ص557 حديث رقم : 3892 ، سكت عنه الذهبي في التلخيص .
[132] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 123 ، 124 .
[133] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص114 .
[134] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص115 .
[135] ـ النساء : 114 .
[136] ـ حلية الأولياء ج2/ص168 ، و سير أعلام النبلاء ج4/ص234 .
[137] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[138] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[139] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 37 بنحوه .
[140] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 124 بنحوه .
[141] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 124 بنحوه .
[142] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[143] ـ قال ابن رجب رحمه الله : ” فمن عبد الله عن استحضار قربه ومشاهدته بقلبه أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه ، فقد حسن إسلامه ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام ، ويشتغل بما يعنيه فيه ، فإنه يتولد من هذين المقامين الاستحياء من الله ، وترك كل ما يستحيى منه “ [ جامع العلوم والحكم ص 209 ].
[144] ـ فيض القدير ج6/ص117 ، وانظر : إحياء علوم الدين ج3/ص114 .
[145] ـ شرح الزرقاني ج4/ص317 .
[146] ـ حلية الأولياء ج8/ص361 .
[147] ـ فيض القدير ج1/ص287 ، و الفواكه الدواني ج1/ص316 .
[148] ـ تفسير القرطبي ج14/ص60 ، و أحكام القرآن لابن العربي ج3/ص528 ، و التمهيد لابن عبد البر ج9/ص200 ، و شرح الزرقاني ج4/ص317 .
[149] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد بتصرف يسير .
[150] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[151] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[152] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[153] ـ صحيح البخاري ج1:ص14 حديث رقم : 13 ، و صحيح مسلم ج1:ص68 حديث رقم : 45 بلفظ : " وَالَّذِي نَفْسِي بيده لا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حتى يُحِبَّ لِجَارِهِ أو قال لأَخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ " .
[154] ـ صحيح البخاري ج5/ص2333 حديث رقم : 5975 .
[155] ـ الإصابة في تمييز الصحابة ج1/ص127 .
[156] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[157] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[158] ـ يُفسر هذا النهي رواية أحمد بلفظ : ( لا يبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يُحب للناس ما يحب لنفسه من الخير ) ، وكثيراً ما يأتي هذا النفي لانتفاء بعض واجبات الإيمان وإن بقي أصله . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 55 ) .
[159] ـ صحيح مسلم ج3/ص1472 حديث رقم : 1844 .
[160] ـ سنن الترمذي ج4:ص551 حديث رقم : 2305 ، قال الترمذي : حديث غريب ، وقال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 305) : حسن .
[161] ـ النحل: 21 .
[162] ـ صحيح مسلم ج3:ص1457 حديث رقم : 1826 .
[163] ـ جامع العلوم والحكم ص 221 .
[164] ـ فتح المغيث ج2/ص368 ، و جامع العلوم والحكم ج1/ص123 .
[165] ـ جامع العلوم والحكم ج1/ص123 .
[166] ـ إحياء علوم الدين ج2/ص213 .
[167] ـ فيض القدير ج1/ص124 .
[168] ـ الفواكه الدواني ج2/ص292 .
[169] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 56 .
[170] ـ مسند أحمد بن حنبل ج4:ص70 حديث رقم : 16706 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث حسن ، وهذا إسناد ضعيف لضعف روح بن عطاء بن أبي ميمونة .
[171] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 38 بنحوه .
[172] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 128 بنحوه .
[173] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 38 بنحوه .
[174] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 128.
[175] ـ سبقت ترجمته في الحديث الرابع .
[176] ـ صحيح البخاري ج6:ص2521 حديث رقم : 6484 ، و صحيح مسلم ج3:ص1303 حديث رقم : 1676 بنحوه ، و سنن أبي داود ج4:ص126 حديث رقم : 4352 بنحوه ، و سنن الترمذي ج4:ص19 حديث رقم : 1402 .
[177] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[178] ـ الإسراء: 32 .
[179] ـ صحيح مسلم ج3/ص1321 حديث رقم : 1695 .
[180] ـ مسند الطيالسي ج1/ص73 حديث رقم : 540 ، وجامع العلوم والحكم ج1/ص124 .
[181] ـ المائدة: 45 .
[182] ـ البقرة: 179 .
[183] ـ سنن الترمذي ج4:ص19 حديث رقم : 1401 ، و سنن ابن ماجه ج2:ص888 حديث رقم : 2662 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 3 / ص 401) : حسن .
[184] ـ صحيح البخاري ج1:ص53 حديث رقم : 111 .
[185] ـ البقرة : 178 .
[186] ـ فقه السنة - (ج 2 / ص 529) في شروط وجوب القصاص .
[187] ـ فقه السنة 2 / 526 .
[188] ـ سنن ابن ماجه ج2:ص888 حديث رقم : 2664 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه - (ج 6 / ص 164) : ضعيف جداً .
[189] ـ قلت : أي لم يقتله قصاصاً بسبب قتله لعبده .
[190] ـ سنن البيهقي الكبرى ج8:ص36 حديث رقم : 15729 .
[191] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 132 ، 133 بتصرف يسير .
[192] ـ صحيح البخاري ج3:ص1098 حديث رقم : 2853 .
[193] ـ الروم: 31 .
[194] ـ التوبة : 11 .
[195] ـ صحيح مسلم ج1/ص88 حديث رقم : 82 .
[196] ـ رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وغيرهم ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب - (ج 2 / ص 311) : صحيح .
[197] ـ صحيح مسلم ج3/ص1480 حديث رقم : 1852 .
[198] ـ صحيح مسلم ج3/ص1480 حديث رقم : 1853 .
[199] ـ المائدة : 33 .
[200] ـ انظره في : تفسير القرطبي ج6/ص148 وما بعدها .
[201] ـ أي قالت لها : أنتِ حُرَّةٌ بعدَ موتي .
[202] ـ موطأ مالك ج2/ص871 حديث رقم : 1562 .
[203] ـ موطأ مالك 2 / 871 .
[204] ـ البقرة : 102 .
[205] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 134 ، 135 .
[206] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 40 .
[207] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 41 بنحوه .
[208] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 41 .
[209] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 41 .
[210] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[211] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[212] ـ صحيح البخاري ج5/ص2376 حديث رقم : 6110 بلفظ : " فَلا يؤذِ جارَهُ " ، وصحيح مسلم ج1/ص68 حديث رقم : 47 .
[213] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[214] ـ هذه اللام لام الأمر ، ويجوز سكونها وكسرها لكونها بعد الفاء .( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري/59 ) .
[215] ـ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص198 حديث رقم : 13071 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف .
[216] ـ ق: 18 .
[217] ـ سنن الترمذي ج4:ص608 حديث رقم : 2412 ولفظه : " كُلُّ كَلامِ بن آدَمَ عليه لا له إلا أَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ أو نهى عن مُنْكَرٍ أو ذِكْرُ اللَّهِ " ، و سنن ابن ماجه ج2:ص1315 حديث رقم : 3974 ، قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي (ج 5 / ص 412) : ضعيف .
[218] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص334 حديث رقم : 8392 ،قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح.
[219] ـ سنن الترمذي ج4:ص607 حديث رقم : 2411 ، قال الترمذي : حسن غريب ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي - (ج 5 / ص 411) : ضعيف .
[220] ـ الفتح ، كتاب الأدب 13 / 149 .
[221] ـ صحيح البخاري ج5:ص2239 حديث رقم : 5669 .
[222] ـ صحيح البخاري ج5:ص2240 حديث رقم : 5670 .
[223] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 141.
[224] ـ شرح النووي على الأربعين .
[225] ـ صحيح البخاري ج5:ص2240 حديث رقم : 5670 .
[226] ـ سبق تخريجه .
[227] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص440 حديث رقم: 9673 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده حسن .
[228] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[229] ـ المعجم الكبير ج20/ص263 حديث رقم : 621 ولفظه : ( عَنِ الْمِقْدَامِ أبي كَرِيمَةَ الشَّامِيِّ قال : قال رسول اللَّهِ r : " لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ وَاجِبٌ على كل مُسْلِمٍ فَإِنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عليه إن شَاءَ اقْتَضَاهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ " ) .
[230] ـ صحيح البخاري ج2/ص868 حديث رقم : 2329 .
[231] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[232] ـ صحيح مسلم ج3/ص1352 حديث رقم : 48 .
[233] ـ فتح الباري ج5/ص108 .
[234] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص19 .
[235] ـ فتح الباري ج5/ص108 .
[236] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص18 .
[237] ـ فتح الباري ج5/ص108 .
[238] ـ انظر : شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص32 .
[239] ـ شرح النووي على صحيح مسلم ج12/ص32 .
[240] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد بتصرف .
[241] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[242] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[243] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[244] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[245] ـ شرح النووي على الأربعين .
[246] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[247] ـ المعجم الأوسط ج7:ص283 حديث رقم : 7503 .
[248] ـ تفسير الثعالبي ج2/ص310 .
[249] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[250] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[251] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[252] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[253] ـ التعليقات على الأربعين النووية للعثيمين / 43 .
[254] ـ قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 144.
[255] ـ حديث في مسند الشاميين ج1:ص36 .
[256] ـ سبقت ترجمته في الحديث التاسع .
[257] ـ صحيح البخاري ج5/ص2267 حديث رقم : 5765 .
[258] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين .
[259] ـ والقول بأنه جارية بن قدامة ؛ عارضه يحيى القطان بأنَّ جارية المذكور تابعي لا صحابي . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 63 ) .
[260] ـ قال النووي رحمه الله : وليس النهي راجعاً إلى نفس الغضب ؛ لأنه من طباع البشر ولا يمكن للإنسان دفعه . ( شرح النووي على الأربعين ) ، قال الشيخ السعدي رحمه الله : قوله : ( لا تغضب ) يتضمن أمرين :
أحدهما : الأمر بفعل الأسباب والتمرن على حسن الخلق والحلم والصبر .
الثاني : الأمر ـ بعد الغضب ـ أن لا يُنفذ غضبه ، فإنَّ الغضب غالباً لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده ، ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه ، فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال المحرمة التي يقتضيها الغضب . اهـ ( بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (ج 1 / ص 229) .
[261] ـ في رواية عثمان بن أبي شيبة بيان عددها ، فإنها بلفظ : ( لا تغضب ثلاث مرَّات ) . ( التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 64 ) .
[262] ـ شرح النووي على الأربعين ، وبنحوه في فضائح الباطنية ج1/ص220 و مداراة الناس ج1/ص54.
[263] ـ آل عمران: 133-134 .
[264] ـ صحيح البخاري ج5:ص2267 حديث رقم : 5763 ، و صحيح مسلم ج4:ص2014 حديث رقم : 2609 .
[265] ـ آل عمران: 134 .
[266] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1/ص327 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده ضعيف .
[267] ـ الأعراف : 200 .
[268] ـ صحيح البخاري ج3:ص1195 حديث رقم : 3108 ، و صحيح مسلم ج4:ص2015 حديث رقم : 2610 بنحوه .
[269] ـ سنن أبي داود ج4:ص249 حديث : 4782 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود - (ج 1 / ص 2) : صحيح .
وقال r : ( إياكم والغضب ، فإنه جمرة تتوقد في فؤاد ابن آدم ، ألم تر إلى أحدكم إذا غضب كيف تحمرُّ عيناه وتنتفخ أوداجه ، وإذا أحسَّ أحدكم بشيء من ذلك فليضجع أو ليلصق بالأرض ) رواه الطبراني بإسنادين أحدهما صحيح .، انظر : المشكاة للألباني : 5114 .
[270] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص239حديث رقم : 2136، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حسن لغيره , وهذا إسناد ضعيف ، و مسند الطيالسي ج1:ص340 حديث رقم : 2608 .
وعن ابن عباس t قال : قال e : ( علموا ويسروا ولا تعسروا ، وإذا غضبت فاسكت ، وإذا غضبت فاسكت ، وإذا غضبت فاسكت ) مسند أحمد بن حنبل ج1:ص283 حديث رقم : 2556 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حسن لغيره , وهذا إسناد ضعيف .
[271] ـ سنن أبي داود ج4:ص249 حديث رقم : 4784 ، قال الشيخ الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (ج 1 / ص 2) : ضعيف .
[272] ـ شرح النووي على الأربعين .
[273] ـ مسند الشاميين ج1:ص36 حديث رقم : 21 قال الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترغيب والترهيب - (ج 3 / ص 29) حديث رقم : 2749 : صحيح لغيره .
[274] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد
[275] ـ آل عمران : 134 .
[276] ـ صحيح البخاري ج5:ص2267 حديث رقم : 5763 ، و صحيح مسلم ج4:ص2014 حديث رقم : 2609 .
[277] ـ مسند أحمد بن حنبل ج2:ص128 حديث رقم: 6114 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : حديث صحيح.
[278] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[279] ـ شعب الإيمان ج6/ص317 للبيهقي .
[280] ـ الأعراف : 199 .
[281] ـ فيض القدير ج1/ص522 .
[282] ـ بنحوه في إحياء علوم الدين ج3/ص314 .
[283] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[284] ـ صحيح البخاري ج6/ص2491 حديث رقم : 6404 ولفظه : " عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : ما خُيِّرَ النبي r بين أَمْرَيْنِ إلا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا ما لم يَأْثَمْ فإذا كان الإِثْمُ كان أَبْعَدَهُمَا منه ، والله ما انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ يُؤْتَى إليه قَطُّ حتى تُنْتَهَكَ حُرُمَاتُ اللَّهِ فَيَنْتَقِمُ لِلَّهِ " . وصحيح مسلم ج4/ص1814 حديث رقم : 2328 ولفظه : " عن عَائِشَةَ قالت : ما ضَرَبَ رسول اللَّهِ r شيئا قَطُّ بيده ولا امْرَأَةً ولا خَادِمًا إلا أَنْ يُجَاهِدَ في سَبِيلِ اللَّهِ ، وما نِيلَ منه شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ من صَاحِبِهِ إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ من مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل " .
[285] ـ التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثاً النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 64 .
[286] ـ شرح النووي على الأربعين بنحوه .
[287] ـ صحيح مسلم ج3/ص1548 حديث رقم : 1955 .
[288] ـ أسد الغابة .
[289] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين بنحوه .
[290] ـ النحل : 90 .
[291] ـ البقرة : 195 .
[292] ـ الرحمن : 60 .
[293] ـ النحل : 30 .
[294] ـ الأعراف : 56 .
[295] ـ يونس : 26 .
[296] ـ الحج : 37 .
[297] ـ العنكبوت : 69 .
[298] ـ البقرة : 195 .
[299] ـ التوبة : 120 .
[300] ـ الذاريات : 16 .
[301] ـ الزمر : 58 .
[302] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[303] ـ صحيح البخاري ج2:ص875 حديث رقم : 2342 .
[304] ـ البقرة: 194 .
[305] ـ صحيح البخاري ج3:ص1098 حديث رقم : 2854 .
[306] ـ مسند أحمد بن حنبل ج1:ص423 حديث رقم : 4018 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : صحيح , وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم .
[307] ـ شرح النووي على الأربعين بنحوه .
[308] ـ تعليقات الأنصاري على الأربعين ، قال e : ( والشاة إن رحمتها رحمك الله ) [ مسند أحمد بن حنبل ج3:ص436 حديث رقم : 15630 ، قال الشيخ شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد بن مخراق : وهو المُزَنِي ، فقد روى له البخاري في " الأدب المفرد " وأبو داود ] .
[309] ـ فصلت : 34 ـ 35 .
[310] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[311] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
[312] ـ شرح الأربعين النووية للشيخ سليمان بن محمد اللهيميد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق